أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد مهدي غلام - (أَحْلَامُ صَعْلُوكٍ)














المزيد.....

(أَحْلَامُ صَعْلُوكٍ)


سعد محمد مهدي غلام

الحوار المتمدن-العدد: 8481 - 2025 / 9 / 30 - 14:11
المحور: الادب والفن
    


"لعل ارتيادي في البلاد وبُغيتي وشَدّي حيازيم المطية بالرُّحلِ

سيدفعني يومًا إلى ربّ هجمةٍ يُدافعُ عنها بالعُقوق وبالبخلِ"
"عروة بن الورد"

1
أستوطِنُكِ وما زلتُ صعلوكَ القفارِ،
مَطوَّلاً عامَيْنِ يَثقُلُهُمَا الغُبارُ
عَلِّليني بوَعْدٍ كسيرِ الأهدابِ،
دَعيني أَسدُرَ في قميصٍ قد شَرِخَ بالنَّهارِ
تُوجِعُني حَسْرَةُ القَطا، فاتَهُ سِرْبُهُ المُهاجِرُ،
يَستَوحِشُ الفَجْرَ السَّرابَ،
وَيَضيعُ عِطرُ الدَّربِ
تُهاجِرينَ،
وَيَبقى طَيفُكِ نَقشَ ماءٍ في كُثبانِ الرِّمالِ
2
هَبّي لي مِن لِمَاكِ رَشيفَةً،
أيقونةً، تَعويذَةً،
تُنيرُ لَيلي المُتَجَمِّدَ الجَبينِ
3
كاشِفيني:
عَطشُ الدَّبورِ إِلَى الصَّبّارِ يَذبُلُ،
جاءَت مَواسِمُ السُّباتِ
ضُمِّيني:
فَصلي الخامِسُ المَصلوبُ بالإقراضِ يَحتَضِرُ
شَمِّليني:
قُبَلَةً سَرَقْتُها جَذوَةَ غَفوةٍ
حَريقُ الثَّلجِ لَثِمَ ظِلَّ سَحْنَتِهِ،
وَنَواجِذُ شَفَتَيَّ نَشِبَت بِخُيُوطِ سِبالٍ
طَعمُ سُلافِهِ ذاتُ غَيْبوبَةٍ،
أَنينُهُ أَفاقَ
4
عَصيُّ الصَومِ هذا اللِّسانُ،
اِقرَأي في مُقلَتَيَّ شَمعةَ الرُّكونِ،
بَلاغَةَ الجَوابِ
5
هَشَّمْتِني… غادَرْتِني…
انبِذي وَجهَكِ المَستُورَ،
أَطفِئي النُّورَ،
أُبصِرُكِ بِجَلاءٍ
6
الانْتِظارُ شَهيقٌ مُلازِمٌ لِلشَّوقِ،
وَالغِيابُ… ليسَ لَهُ سِوَى النِّسيانِ يَطفِئُهُ
7
تَرَكْتُ خُزامى خاطِرٍ سابِحٍ،
عِطرُكِ مِشطُ كُحْلٍ لِحاظي،
تَأبَّطْتُهُ فَراشَةَ طَيْفِ الفِراقِ،
وَالتحَفْتُ عَتْمَةَ مِشكاةِ أَمْسي
8
الغُرابُ أَعلَمُ: تَبورُ أَعمارُكُمْ،
أَشُمُّها… حَزينَةً؟
كَفكِفوا دَمعَ المَلائِكَةِ…
ذاكَ أَرَقُّ قابيلَ
9
رُؤيا ميلادٍ قَبَّلْتُها فَمًّا لِفَمٍ،
انفَجَرَتْ شَظاياها،
نَبَتَتْ في قَلْبي سَكاكينُ
صِرْتُ يَنابيعَ أَسْئِلَةٍ حُمْرًا،
أَصيحُ: إِلى مَتى نَذرِفُ عَصارَةَ الرّوحِ؟
فَتُومِئُ المَجرى: دَعْهُ يَسِيرْ
تَوَحَّدْنا مُكبَّلينِ مِن أَفواهِنا،
واحِدًا بِالآخَرِ، في مَسدِ الغَباشِ
قَهْوَتُنا حَبّاتُ جَمرٍ سَفَفْناها،
احتَسَيْنا خَواءَ الفَناجينِ
رَمْلُ السِّنينَ الماضِيَةِ،
وَقادِمُ الغَيْبِ يَتَسَرْبَلُ بِالعَارِ الشَّفيفِ،
شالُهُ… لا عَناوينَ
10
أَشباحُ البارِحَةِ البَعيدَةِ بُعِثَتْ،
تَنفُثُ عاصِفَةَ اليَبابِ
بِوَجهِ بَراعِمِ الحُلْمِ
تُمطِرُ جَماجِمَ جَمرٍ شائِبٍ
تَتَهَدَّلُ الرُّموشُ،
رَمادٌ فَشا،
سُقمٌ يَسكُنُ حُروفَ السُّكونِ
تُطارِدُهُ رَصاصاتُ غَدْرِ الغَدِ الطَّائِشَةِ،
مَأواها: تَجاعيدُ الجَبينِ
11
دَجَّنْتُ القُبْلَةَ،
دَسَسْتُها شَغَفَ شَوْقٍ
تَعالَي نَرتَدِي الحُضْنَ،
نَخنُقُ وَجَعَ الفِراقِ
بِعِناقٍ بِخُشوعٍ ثَمِلٍ
12
عِطرُكِ شَذَرْوانٌ، نَرجِسٌ، رَذاذُ يَدي،
فَإِذا لامَسَ وَجهي… ازدَهَرْتُ كالنَّدى

الكودا
13
أبعِدي طَيْفَكِ،
سَباني ماكِرٌ،
سَلَبَ الحُلْمَ مِنِّي،
فما عَادَ فَضاءُ الصدرِ يسعُ ظلًّا يتكسرُ
اِكتفيتُ أن أُعرّي الليلَ حتى يبقى صوتُ الرمادِ
وحده يُرتّلُ:
"كنتِ… ثم لم تعودي"


بروفايل القصيدة
( بالأبيض والأسود )

نصُّ "أحلام صعلوك" يُعيد إلى الواجهة ذاكرة الشعر التفعيليّ الحرّ، القادر على حمل كثافة الرؤيا دون أن يُفقد الإيقاع أنفاسَه. هي انكسار "صعلوك" يعيش في مهادن الرمال والغياب، فتتكاثر الصور كأنها شرخٌ في قميص النهار، ويظلّ الضوء الأخير – كما بقايا نارٍ في فناجين – هو ما يُبقي على قيظ القصيدة.
منذ اللحظة الأولى يستحوذ المكانُ على الجسد: قفارٌ، سرابٌ، كثبانٌ، رمادُ سنين. لكنّ المفاجأة أنّ هذا المكان ليس خارجيّاً فحسب؛ إنه داخلُ الشاعر / الصعلوك / المتكلم أيضاً، فيُفكّك عطشه، ويُصلب فصله الخامس، ويُشعل فيه سكاكين الرؤيا. فإذا باللغة – كما النار – تلتهم الذات والموضوع معاً، لتُخرج قصيدةً لا تُحكى بل تُحترق في صيفها .
يتنقّل المقطع بالمقطع بين رجفة الحسّ وبرودة التأمّل، بين لذعة الجمر وريشة الثلج، فتتناثر أزمنةُ سوافي القصيدة :
(الماضي البعيد،
الغد الطائش،
لحظة الانتظار)
في نسيجٍ موسيقيّ يُذكّرنا أنّ الشعر ما زال يقدر على صهر الزمن في آنيةٍ واحدةٍ من الكلمة. وإذا كان الصعلوك في التراث هو من لا وطن له، فها هنا الوطنُ الممكن هو اللغة نفسها، والمأوى الأخير هو القُبلةُ التي دُجّنت ودُسّت شغفاً. هنا الصعلوك لا يقاتل من أجل البقاء بل يقارع غيلان الصحراء لأجل الصحراء :-الحرية- ماء وجوده ومداد قصيده ...
يُمكن للقارئ أن يمرّ على هذه الأحلام كما يمرّ على طيفٍ نقشَه الماء في الرمل، لكنّه سيخرج وقد علق بثيابه رمادُ السؤال: إلى متى نذرف عصارة الروح؟، وسيجد أنّ الإجابة – كما المجرى – لا تزال تُوشّح صمتَها بعبارة واحدة:
دعه يَسِر،
ليعبر مفترق فصله الخامس .



#سعد_محمد_مهدي_غلام (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (حُلْمُ النُّهوض)
- 4//الدِكّاكُ أَرائِكَ المَنامْ والسَّماءُ تَقطُرُ ياقوتا
- 3//الدِكّاكُ أَرائِكَ المَنامْ والسَّماءُ تَقطُرُ ياقوتا
- (المدينة التي تأكل خيالها)
- 2//الدِكّاكُ أَرائِكَ المَنامْ والسَّماءُ تَقطُرُ ياقوتا
- (على تخوم الشَّمال ومَراتِع الخُزامى: نَزْوة)
- 1//الدِكّاكُ أَرائِكَ المَنامْ والسَّماءُ تَقطُرُ ياقوتا
- (سيميولوجيا الأهواء وتجلياتها في قصيدة -أنثى الرمّان وآلهة ا ...
- (هَلْ مُمْكِنٌ؟)
- (قبسات من وجهها في الليل المتحرك:تواقيع شوارِد سماء رصاصية)
- (مجازُ الانطفاءِ العظيم)
- (وقفة تفكيكية/ثقافية لقصيدة -أنثى الرمّان في رؤيا آلهة الطوف ...
- (وطنٌ نُنشِّقُهُ كمِسْكِ الجِراحِ)
- (وَجْدٌ عَلى جَناحِ نُورس)
- (صَليلُ الذَّاكِرةِ:جَدَلُ الأَجْفانِ الحافيةِ)
- ( مع جُذورُ الحَيْرةِ في مَرافئِ الرَّماد ،حارَتْ إِليَّ وأَ ...
- (رُهابُ الزَّهرةِ: تَراسيمُ الكادابول)
- (بَناتُ الأَفْكارِ – رَقيم)
- (شِباكٌ في العَتْمَة:الشَّيْخُ وَالبَحْرُ)
- (تاجُ بَلقيسَ وَفَسْقيَّةُ المَرْجان)


المزيد.....




- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
- روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
- تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار
- عزف الموسيقى في سن متأخرة يعزز صحة الدماغ
- درويش والشعر العربي ما بعد الرحيل
- -غزة صوت الحياة والموت-.. وثيقة سينمائية من قلب الكارثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد مهدي غلام - (أَحْلَامُ صَعْلُوكٍ)