أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد مهدي غلام - (المدينة التي تأكل خيالها)














المزيد.....

(المدينة التي تأكل خيالها)


سعد محمد مهدي غلام

الحوار المتمدن-العدد: 8478 - 2025 / 9 / 27 - 20:23
المحور: الادب والفن
    


تقدمة
هذه القصيدة ليست هجاءً لمدينة بعينها، بل هي نشيدٌ حُرّ لزمنٍ تُنتج فيه المدن أوهامًا عن الحرية، ثم تبيعها في سوق الهواء.
كلّ شارعٍ في هذه المدن هو استعارة للقطيعة: بين الإنسان وجسده، بين اللغة وحرارتها، بين الطفل وما تبقّى من ترابه.
إنّها قصيدة تُسائل معنى المدينة، حيث يتحوّل الزجاج إلى قفص، والضوء إلى مشرط، والوقت إلى ماكيناتٍ بلا ذاكرة.

القصيدة:
1
في الكُتيّبِ،
تُرسَمُ الأرضُ فاكهةً نَهْديةً
لكنّ التُربةَ…
منديلُ ماءٍ على وجهِ الحديدْ
2
ليماسولُ،
مدينةٌ بأربعةِ أطرافَ،
تسحبُ ظلَّكَ
إلى محرقةٍ من المرايا،
وفي كلِّ اتّجاهٍ:
ضَجَّةٌ
ومأساةٌ تُسَنّ على مِقْصلةٍ مِن بلّور
3
ليماسولُ،
امرأةٌ بوجهِ نافذةٍ
وفي يدٍ: لافتةٌ تقول "حرية"،
وفي الأخرى:
مِلقاطٌ يشدُّ شَعْرَ الطفولةِ
من جبهتها حتى الرملْ
4
مَنْ قال إنّ الخريطةَ بيتٌ؟
هي بابٌ إلى نُزوحٍ باردٍ،
حيثُ لا يسمعُ الصوتَ
سوى ربٍّ تغطّى
بزجاجِ المكتبِ الهندسيّ
5
من قاعِ مِدفأةٍ مهجورة،
يخرجُ العُزَّلُ،
البائعونَ،
المرضى،
المعلّقونَ على خيطِ "الانتِظارِ"
ولا نافذة،
ولا شقٌّ للملحِ في الحكاية
6
جسرٌ؟
ليسَ إلا خيطَ محاسبةٍ
يصلُ بينَ فوكو وبورصةِ العسلِ،
بينَ قصيدةٍ تُباعُ في متجرٍ
ودمعةٍ تُعرَضُ ضمن باقةِ الإعلانات
7
نيقوسيا،
حيٌّ بلا أحدٍ،
من يسكنُ شقَّ الذكرى؟
مَنْ دفنَ رغبةً
في كيسِ قمامة؟
مَنْ قاسَ الحنينَ بمسطرةِ الطلاء؟
8
انفجري،
يا علبةَ الألوانِ القديمة،
تبعثري،
يا خطوطَ الطباشيرِ المنسيّة،
ولْيخرجْ من الوخزِ
أفقٌ غيرُ مخروم
9
هل في الزاويةِ
حوضٌ للعري؟
هل بينَ السّاقِ والسّاقِ
شيءٌ يضيء؟
أم أنّ الضوءَ…
وشمٌ في الظلامِ القديم؟
10
الحبلُ هناك،
والرقبةُ طينٌ مسلوقٌ،
والعقربُ يدقُّ الكآبةَ
في ساعةِ الرملِ
11
في السوق،
كلّ عملٍ يشبهُ الاستلقاء،
وكلّ راحةٍ
تصدرُ فاتورةً باسم التعبِ الوراثيّ
12
القلوبُ تُلفُّ بخَرَقِ النعناع،
والأصابعُ تتورّمُ…
من عدِّ الفراغات
13
تاريخٌ
يرتفع من قُمامةِ الزجاج،
وفي الهواء،
روائحُ الحبرِ والبارودِ والراتنجْ
14
لا شيء أعمى كالعَادة،
ولا شيء أخرسُ كالسُّؤالِ المُبرْمَج
15
الطرقُ
كلُّها مرايا ملتوية،
والشوارعُ
مجسّاتٌ لوجهِ ميدوزا الأخرى،
لا تصرخْ،
إنهم يصورونك!
16
سوقُ الأجناسِ واحدٌ،
يتغيّرُ فقط نوعُ العُملةِ
وصوتُ المذيع
17
البشرُ… نباتاتٌ
في صوبةٍ رمادية،
مغموسون في ضوءٍ صناعيّ
وماءٍ يُعادُ تدويرُهُ كلَّ مساء
18
ضحايا يتكاثرونَ
كالشَّعرِ في الممرات،
والنهارُ
طبلٌ مُدَبْزَب،
والشمسُ… إعلانُ مَوتٍ جديد

كودا:

المدينةُ ليست موتًا،
لكنها تُعيدُ تشكيلَ الجسد
على مهلٍ
تسكبُ عينيكَ في كوبِ شاشة،
تثبّتُ قلبَك في لوحةِ تحكُّمٍ،
تدسُّ روحك
في رقمٍ سريّ

حين تصحو،
تكتشف أنك لم تنمْ،
وحين تحلم،
تعرف أنك في إعلان

هوامش

ليماسول / نيقوسيا: مدن من قبرص، ترمز هنا إلى الحداثة المعلّبة أو العالم المعزول عن ذاته

ميدوزا الأخرى: تحوير للأسطورة الإغريقية. المقصود هنا ليس ميدوزا بذاتها بل نسختها الحديثة: الكاميرا، الشاشة، النظام المراقِب

فوكو: الفيلسوف الفرنسي، يحضر كرمز للرقابة والسلطة المتخفية في الخطاب الحديث

بورصة العسل: استعارة للسوق الذي يسوّق حتى العاطفة والجمال

صوبة رمادية: غرفة زراعة صناعية، تعبير عن حياة مغلقة اصطناعية للبشر

العقرب / ساعة الرمل: رموز للزمن المميت والبطيء المتكرر

علبة الألوان: استعارة للخيال المحاصر في منظومات الطفولة القديمة

الحبل والرقبة والطين: صور تشريح الحياة اليومية كطقس بطيء للموت الرمزي



#سعد_محمد_مهدي_غلام (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 2//الدِكّاكُ أَرائِكَ المَنامْ والسَّماءُ تَقطُرُ ياقوتا
- (على تخوم الشَّمال ومَراتِع الخُزامى: نَزْوة)
- 1//الدِكّاكُ أَرائِكَ المَنامْ والسَّماءُ تَقطُرُ ياقوتا
- (سيميولوجيا الأهواء وتجلياتها في قصيدة -أنثى الرمّان وآلهة ا ...
- (هَلْ مُمْكِنٌ؟)
- (قبسات من وجهها في الليل المتحرك:تواقيع شوارِد سماء رصاصية)
- (مجازُ الانطفاءِ العظيم)
- (وقفة تفكيكية/ثقافية لقصيدة -أنثى الرمّان في رؤيا آلهة الطوف ...
- (وطنٌ نُنشِّقُهُ كمِسْكِ الجِراحِ)
- (وَجْدٌ عَلى جَناحِ نُورس)
- (صَليلُ الذَّاكِرةِ:جَدَلُ الأَجْفانِ الحافيةِ)
- ( مع جُذورُ الحَيْرةِ في مَرافئِ الرَّماد ،حارَتْ إِليَّ وأَ ...
- (رُهابُ الزَّهرةِ: تَراسيمُ الكادابول)
- (بَناتُ الأَفْكارِ – رَقيم)
- (شِباكٌ في العَتْمَة:الشَّيْخُ وَالبَحْرُ)
- (تاجُ بَلقيسَ وَفَسْقيَّةُ المَرْجان)
- (على تخوم الشَّمال ومَراتِع الخُزامى:نَزْوة)
- (مَرْثِيةُ آيْلان – كُورانُ الرَّمادِ)
- الأنوثة المبدعة بين الزمن والرمز: قراءة سيميائية في قصيدتي - ...
- (قِيَام نَوافِل) (تَهَيُّؤات)


المزيد.....




- ماكي صال يُحيّي ذكرى بن عيسى -رجل الدولة- و-خادم الثقافة بل ...
- الأمير بندر بن سلطان عن بن عيسى: كان خير العضيد ونعم الرفيق ...
- -للقصة بقية- يحقق أول ترشّح لقناة الجزيرة الإخبارية في جوائز ...
- الكاتبة السورية الكردية مها حسن تعيد -آن فرانك- إلى الحياة
- إصفهان، رائعة الفن والثقافة الزاخرة
- سينمائيون إسبان يوقعون بيانًا لدعم فلسطين ويتظاهرون تنديدا ب ...
- وفاة الفنانة التركية غُللو بعد سقوطها من شرفة منزلها
- ديمة قندلفت تتألق بالقفطان الجزائري في مهرجان عنابة السينمائ ...
- خطيب جمعة طهران: مستوى التمثيل الإيراني العالمي يتحسن
- أعداء الظاهر وشركاء الخفاء.. حكاية تحالفات الشركات العالمية ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد مهدي غلام - (المدينة التي تأكل خيالها)