سعد محمد مهدي غلام
الحوار المتمدن-العدد: 8527 - 2025 / 11 / 15 - 16:50
المحور:
الادب والفن
تقدّمة:
يستيقظ النصُّ هنا على ضوءٍ خفيفٍ يشبه الخطوة الأولى في دربٍ من ندى،
وينهضُ من بين أطيافٍ مُتشظّيةٍ تبحث عن ماءٍ يبرّر هذا العطش العميق.
في هذه المقاطع، تتصدّع الحقيقة
على الجسر الفاصل بين ضفّتين تُسميان الحيرة والميلاد.
إنه مرورٌ رقيقٌ في عتمةٍ تتفتّح ببطء، ودفقةُ روحٍ تتعلّم أن تمشي
على خيطِ الضوءِ دون أن تنكسر.
النص:
1
جَفناتُ وَمْضٍ
يَهطُلنَ عَناقيدًا
دانياتٍ
لِسِنيني الباقيَةْ.
وَيُمَرِّرُ الفجرُ
أَجْفانًا
مِنْ مَلَكٍ
يَسْقي خُطاها الرائِحَةْ.
2
كانَ كونٌ
كُلُّهُ أَثْمٌ،
يَحْسِبُ النَّهرُ
ضِفّاتِ الظِّلِّ
لِصَدى واحِدٍ…
فَاِمزَعوا عَقْلَ العُصْفورِ،
مِنْ جِسْرٍ
يَفْصِلُ ما بَيْنَ
ضِفَّتَينِ مُعَذَّبَتَيْنْ.
وَتَدَفَّقَ في وهجِ الرُّوحِ
صوتٌ
كانَ يَخبِّئ
سِرَّ الموجَةِ الأولى.
3
أَزْهَرَتْ شَجَرَةُ لَوزٍ،
فَتَنادَى الغُرابُ:
«كَفِّنُوها…»
وَصَدَى الدُّوريِّ قالَ:
«إنَّها العَرُوسُ
تَنْثُرُ الرّوحَ
عَلى أَسْرارِها…»
وَتَهامَسَ الظِّلُّ
فوقَ الأغصانِ:
«كُلُّ زَهورِ اللَّوزِ
تولَدُ مِنْ جُرْحِ الماءْ.»
4
خِزانَةُ الشَّوْقِ
مَهْدودَةٌ،
وَمِعْطَفي
فَوقَ شِباكِ المَدى…
أُعَلِّقُ الصَّقْعَ
على مِشْجَبِ ماءٍ
يَسْرُقُ البُرْهَةَ
مِنَ الرُّوحِ العَجْلاءْ.
يَقيني:
أنَّ الأمّةَ
حَيّةٌ،
وَقِيامَ السُّنَّةِ
لا يَخْتَنُهُ
طُولُ الرُّقادِ…
وَيَدُ اللهِ
تَمُدُّ ظِلالًا
للأيامِ
إِذَا ضاعتْ
أَوْ ضَلَّتْ أنفاسُ الرَّحْلَةْ.
5
اللَّيْلَةَ
زارَني الطَّيرُ،
طاوِيًا مَسافةَ الحدِّ
بِلا أَوْراقِ ثُبوتْ.
قالَ،
وَأَعْطانِي عِطْرَ
كُمِّكِ المائيِّ:
«إنَّها في البابِ
تَرْجو
نَفْحَ نَوْماتِ السَّحَرْ».
وَتَرَقَّبَ في صَوتِهِ
خَوْفٌ
كانَ يُخَبِّئُ
قلبًا يَبْحَثُ
عن نافذةٍ
لا تُغلِقُ بابَ الحُلْمِ.
6
أَسْكَرُ الرَّذاذَ
الآتي من جَفْنِكِ،
وَدَقُّ الشِّغافِ
يَهطِلُ في عَيْنِي
كَنَدَى الرُّوحِ
المَسكونَةِ.
وَيَهُمِسُ في نَبْضي
صَوْتٌ:
«هَذَا العِشْقُ
لا يَسكُنُ
إِلَّا في جُرْحِكَ…»
7
فانوسُ الانتظارِ
مُمْسٌ باليَةٌ،
لَمْ يُخْفِ عُمْرَهُ
شالُ ضَبَابٍ
يُغَطّي
وَجْهَ لَيْلٍ
يَتَهاوى.
وَيَجُرُّ خُطاياهُ
نحوَ رُصيفٍ
كانَ يُنادي
أَوَّلَ نَبْرةِ
في ضَوْءِ الغائبِ.
كودا
يا ابنَ الضوء،
كُلُّ مَنْ سارَ على جُرْحِهِ
أشرقَ،
وإنْ طالَ الطريقُ.
#سعد_محمد_مهدي_غلام (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟