أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد مهدي غلام - ( مَسَافَاتُ النُّورِ الْخَفِيِّ ) (العبور إلى المجهول)














المزيد.....

( مَسَافَاتُ النُّورِ الْخَفِيِّ ) (العبور إلى المجهول)


سعد محمد مهدي غلام

الحوار المتمدن-العدد: 8524 - 2025 / 11 / 12 - 20:48
المحور: الادب والفن
    


التقدمة :
هذه القصيدة ليست حكاية زمنٍ ماضٍ ولا استعادةً لسير الملوك؛
إنها ارتحال رؤيوي في تضاريس الذاكرة الجريحة، حيث يتحوّل الفرد إلى مرآةٍ للكون، ويتداخل الخاص بالجمعي، والتاريخي بالميتافيزيقي.
هنا، لا يسافر الشاعر في المكان فحسب، بل يخترق حدود الأزمنة في صعودٍ باطني نحو النور الخفي.
يكتب بلحم الغياب خارطةً للضياع والانبعاث، ويستحضرُ في نزيف الصعود صدى الأسلاف، حيث تتحوّل الحكاية الفردية إلى كونية رمزية.
إنها قصيدة الصعود الأخير:

صعود الجرح،
صعود الغربة،
وصعود النبوءة المؤجلة.
القصيدة :
1
سَأُغْرِقُ خُطْوَيَّ فِي نِدَاءِ الضَّوْءِ،
وَأَمْضِي فِي انتِشَاءِ غَمَامَةٍ سَوْدَاءِ،
أَسِيرُ عَلَى مَدًى يَشْتَدُّ فِي صَدْرِي،
وَأَلُفُّ نُجُومَ أَحْلَامِي عَلَى رِيحٍ تُدَاعِبُهَا السُّهُوبُ.

2
أُرَاوِغُ سَاعَةَ الْفَنَاءِ، وَأَسْتَبْقِي
شُظَايَا الْوَقْتِ فِي أَكُفٍّ تَبْسُمُ الْأَفْلَاكُ فَوْقَ رَيَّاهَا.

3
يَذُوبُ صَدْرِي فِي مُرُوجِ الْمَاءِ،
وَيَصْحُو فَوْقَهُ صَوْتٌ مِنَ الْغَيْبِ،
يُسَافِرُ فِي جَنَاحِ الْحُلْمِ مُسْتَنْفِرًا كَوَاكِبَ السُّدُومِ.

4
لِأَقْرَعَ أَبْوَابَ الْغُيُوبِ، وَأَنْسُجَ
مِنَ الْيَأْسِ الْقَدِيمِ قُبَّةً أُخْفِي بِهَا وُجُوهَ الْكَوَاكِبِ.

5
يَا أَيُّهَا الصَّوْتُ الَّذِي يَأْتِي عَلَى ظِلِّي،
غَيِّرْ نِدَاءَكَ، لِيَفْتَحَ جُرْحُنَا أُغْنِيَّتَهُ الْمَرْسُومَةَ.

6
وَرَجَعَتِ الْقَافِلَةُ مِنْ بَحْرِ الرَّمَادِ،
وَأَشَارَ السِّرَاجُ إِلَى وَجْهِ الْفَتَى،
فَخَافَ الْخُطْوَةَ، وَارْتَدَّ إِلَى الظِّلِّ،
فَاقْتَادُوهُ، وَقَطَعُوا عُنُقَهُ فِي السُّحُبِ،
وَمَضَيْتُ أَجُرُّ وَجْهَ دَمِي، وَأَحْفَظُ حُلْمَهُ.

7
مَضَيْتُ كَالرِّيحِ الَّتِي تَجْتَازُ أَجْفَانَ الصَّدَى،
تَخُطُّ عَلَى ضُلُوعِ الْغَيْبِ أُغْنِيَةَ النُّدُوبِ.
8
قَطَعْتُ صَحَارِيَ الْيَأْسِ، أَحْمِلُ ظِلَّنَا الْمَجْرُوحَ،
يَرْتَفِعُ الْحِصَانُ عَلَى شُرُفَاتِ نَجْمٍ مُشْرِقٍ طَلِقٍ.

9
لَوْ أَنَّنِي أَمْلِكُ زَمَانَ النُّبُوَّةِ،
لَسَجَّيْتُ الطُّفُولَةَ فِي بُسْتَانِ اللَّوْزِ،
وَحَوَّلْتُ حُرَّاسَ الظِّلَالِ طُيُورَ أَمَانٍ تَطِيرُ.

10
يَا أَرْضُ، خُذِينِي إِلَيْكِ كَيْ أَسْكُبَ أَسْمَاءَ الْفَقِيدِينَ فِي نَبْضِكِ الْخَفِيِّ.

11
أَصْعَدُ كَالْجِذْوَةِ الْعَاتِيَةِ فِي وَقْدَةِ النَّهْرِ،
وَأُشْعِلُ فِي دَمَائِي وُجُوهَ أَيَّامِي الْقَدِيمَةِ.
12
يَرْفَعُنِي الْيَأْسُ كَهَزِيمَةٍ نَبِيلَةٍ،
وَيَغْسِلُنِي الْوَعْيُ كَمَطَرِ الْخَرِيفِ الْمُشْرِقِ.
13
لَسْتُ نَجْمًا وَلَا نَبِيًّا مُعَدَّدًا،
بَلْ سَاكِنُ الْخَلْقِ فِي مَتَاهَةِ الْجَسَدِ الْمُقَفَّرِ،
أَنْحِتُ مَصَائِرِي عَلَى أَكُفِّ الرِّيحِ، وَأَنْتَظِرُ الرُّجُوعَ.

14
فِي صَدْرِ هَذَا الْكَوْنِ أُشْعِلُ أَلْفَ نَشِيدٍ،
وَطَنِي نُقْطَةُ دَمٍ عَلَى جَبِينِ الرِّيحِ الرَّؤُوفِ.

الكودا:

فِي الْمُنْتَهَى
يَبْقَى الظِّلُّ ظِلًّا،
وَتَبْقَى الْخُطَى فِي الرِّيحِ عَلَامَةً لَا تُمْحَى
فِي مَسَافَاتِ النُّورِ الْخَفِيِّ
يَصْغُرُ الْمَلَكُوتُ فِي صَدْرِي،
وَتَتَّسِعُ الْعُزْلَةُ حَدَّ الْكَوْنِ
أَنَا النَّازِفُ فِي جُبَّةِ الْغَيْبِ،
السَّابِحُ فِي مَرَايَا السُّدُومِ،
الْمَطْرُودُ مِنْ يَقِينِ الْحَشُودِ؛
أَكْتُبُ بِالدَّمِ رِسَالَتِي الْأَخِيرَةَ:
-وَطَنِي لَا يَسْكُنُ الْخَرَائِطَ؛
وَطَنِي هُوَ النَّازِفُ فِي نُقْطَةِ الضَّوْءِ،
يَنْبُضُ كُلَّمَا أَضَاعَهُ الزَّمَنُ في صمت الخراب، يهمس الضوء،
يقول لي: «هذا هو العبور».
كل رماد، كل سقوط، يولد صدىً جديدًا،
والظلّ يصبح وجه الحقيقة.



#سعد_محمد_مهدي_غلام (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (مِرْآةُ القَندِيلِ: من الغيابِ إلى دهشةِ العرشِ)
- (الرَّمادُ والرُّمّانُ)
- )قراءة جديدة لقصيدة سابقة (
- (مَجازُ الطِّين)
- (صَهِيلُ النُّبُوءةِ)
- (لا تُشْعِلْ مِلْحَكَ في الطِّين)
- (سِفْرُ التَّبَدُّدِ)
- (مارْشٌ، رَصاصَةٌ، أُفْعى، أَفْيونٌ)
- (تجَلٍّ في المِرآة) (وَصَيْدُ عُرْيِ الرُّوحِ)
- (القلق شعرية بين الرمز والتلقي والسيمياء - قراءة في قصيدة شل ...
- (رَغبةٌ تُراوِغُ شكلَها)
- (ماءُ الْآهِ)
- (الجِهةُ البَاهِتةُ مِنَ الكَوْكب)
- (في البدءِ كانتِ المدينةُ نارًا)
- ( الأَمَلُ: شَجرَةٌ )
- (فِرَاقُ غَمَامَةِ الفَجْرِ)
- (الجسد والمكان والزمن في رؤيا آلهة الطوفان: قراءة ثقافية تكا ...
- (من الشكل إلى الدلالة: التأويل البصري والبنية التناصية في قص ...
- ( كَأَنَّنِي فِي مَجَازِ الكَوْنِ: أُغْنِيَةٌ)
- (موجوعَةٌ قَدَمي، وكُلِّي أنا وَجَعُ)


المزيد.....




- الفنان المغترب سعدي يونس : مثلت مع مائدة نزهت، وقدمت مسرحية ...
- لبنان.. تقليد الفنان صلاح تيزاني -أبو سليم- وسام الاستحقاق
- فيلم -ذا رَننغ مان-.. نبوءة ستيفن كينغ تتحوّل إلى واقع سينما ...
- -العطر والدولة- لكمال القصير يبحث في تناقضات وتحولات الوعي ا ...
- مؤسسة منتدى أصيلة تفوز بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون ...
- فيلم ”نسور الجمهورية” في مهرجان ستوكهولم السينمائي
- هل انتهى عصر الألعاب حقًا؟.. الشاشات هي العدو في الإعلان الت ...
- -شر البلاد من لا صديق بها-.. علاقة الإنسان بالإنسان في مرآة ...
- غانا تسترجع آثارا منهوبة منذ الحقبة الاستعمارية
- سرقة قطع أثرية ذهبية من المتحف الوطني في دمشق


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد مهدي غلام - ( مَسَافَاتُ النُّورِ الْخَفِيِّ ) (العبور إلى المجهول)