أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل الْغَيْبِيّ عَنْ مُرُونَة الْكَيْنُونَة وَصِرَاع الْإِرَادَات الْوُجُودِيَّة -الْجُزْءُ السَّادِسُ و الثَّلَاثُون-















المزيد.....


السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل الْغَيْبِيّ عَنْ مُرُونَة الْكَيْنُونَة وَصِرَاع الْإِرَادَات الْوُجُودِيَّة -الْجُزْءُ السَّادِسُ و الثَّلَاثُون-


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8531 - 2025 / 11 / 19 - 15:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


_ السحر والسببية الدائرية: الإيمان كسبب والمستقبل كمعزز للماضي

تتجاوز العلاقة بين السحر والسببية الدائرية (Circular Causality) مجرد الملاحظة السطحية للأحداث؛ بل تمثل تحليلاً فلسفياً عميقاً يمس جوهر الكينونة (Being) وطبيعة الزمان (Time) ذاتها. فإذا كانت السببية التقليدية خطية، حيث يسبق السبب (A) النتيجة (B) في تسلسل زمني صارم (-$-A -to B-$-)، فإن مفهوم السببية الدائرية يطرح حلقة مغلقة من التأثير المتبادل (-$-A -leftrightarrow B-$-)، حيث تصبح النتيجة هي نفسها جزءاً من تغذية وإستدامة السبب الأصلي. في إطار الممارسة السحرية والفلسفات المتعلقة بها، يمكن تفسير عمل السحر عبر نموذج السببية الدائرية بطرق متعددة. فبدلاً من أن يكون الفعل السحري (التعويذة، الطقس) هو السبب الوحيد والنهائي للنتيجة (الشفاء، الحظ، التأثير على إرادة الآخر)، فإن النتيجة نفسها تعود لتثبيت وتعزيز الأساس الذي انطلق منه الفعل. أحد أهم جوانب هذه الدائرية يكمن في مجال الوعي والإيمان. عندما يمارس الساحر طقساً معيناً، فإنه ينطلق من نية قوية و إعتقاد راسخ بفاعلية هذا الطقس (السبب). إذا حدثت النتيجة المرجوة (التأثير)، فإن هذه النتيجة لا تثبت فقط نجاح الطقس، بل تغذي بشكل دوري الوعي الأولي للساحر و الشخص المتلقي، مُعزِّزةً إعتقاده بفاعلية قواه وقوة الطقس في المستقبل. يصبح الإيمان بالنجاح السابق هو السبب الجديد للنجاحات اللاحقة، مما يخلق دائرة إيجابية أو سلبية من السببية المعرفية؛ الإعتقاد يؤدي إلى النتيجة، والنتيجة تعزز الإعتقاد. على مستوى أكثر عمقاً، يُنظر إلى السحر على أنه تلاعب بالطاقة أو الكيانات غير المادية. يمكن أن يُفهم الطقس السحري على أنه سبب يُطلق نوعاً من الطاقة المُنظمة. عندما تنجح هذه الطاقة في تحقيق النتيجة، فإن هذا النجاح يمثل أيضاً إرتداداً للطاقة يعود إلى مصدره (الساحر أو المجال المحيط بالطقس)، مُعيداً شحن هذا المصدر أو مُثبِّتاً للنمط الطاقي الذي أُطلق منه. هنا، النتيجة هي فعل إرتدادي يعزز النظام الطاقي للسبب. إن تبني نموذج السببية الدائرية في السحر له تأثير جذري على كينونة الزمان المُدركة والمُجرَّبة، متجاوزاً المفهوم الخطي للزمان Past -to Present -to Futur. في السببية الخطية، لا يمكن للمستقبل (النتيجة) أن يؤثر على الماضي (السبب). لكن في السببية الدائرية، يُمكن للنتيجة التي تقع في المستقبل الزمني للطقس أن تُرسِّخ أو تُغيِّر من طبيعة السبب الذي وُجِدَ في الماضي. هذا لا يعني بالضرورة السفر عبر الزمن بالمعنى الفيزيائي، بل يعني تداخلاً بين الأزمنة على المستوى الكينوني. فالإيمان المُعزَّز بالنجاح المُستمد من النتيجة المُستقبلية يُعيد صياغة قيمة وفعالية الطقس الذي حدث بالفعل في الماضي. يصبح الماضي والمستقبل متشابكين؛ حيث يصبح الماضي مكتملاً فقط من خلال النتيجة المُستقبلية. يُمكن النظر إلى الفعل السحري ضمن السببية الدائرية كأنه يخلق مجالاً أو دائرة زمنية تكون فيها الأحداث غير مرتبة بشكل متسلسل، بل متزامنة كينونياً. الطقس و النتيجة ليسا مجرد حدثين متتاليين، بل هما جانبان مُتكاملان لحالة واحدة؛ الشيء الذي خُلق سحرياً هو النية التي تحققَت، وهذا الكيان لا يخضع للتقسيم الخطي المعتاد للزمان. هذا يفتح الباب للتفكير في الزمان كنسيج يمكن ثنيه أو لفه كما في النموذج السيبرنيطيقي للسببية الدائرية بدلاً من كونه سهماً أحادي الإتجاه. بالنسبة للساحر الذي يعيش ضمن إطار السببية الدائرية، فإن كينونته لا تعود مجرد وجود يمر عبر الزمن، بل تصبح كائناً مُتضخِّماً، حيث يصبح كل فعل سحري ناجح دليل وجود وتجلي لقوته. هذا التعزيز المستمر يخلق ما يمكن تسميته بـالكينونة المرجعية الذاتية؛ حيث الذات هي سبب ذاتها ونتيجتها في دائرة سحرية مغلقة. في هذا الفضاء، لا يقتصر تأثير السحر على تغيير العالم الخارجي، بل على تغيير طبيعة الوجود الفردي ليصبح أكثر إنسجاماً أو تداخلاً مع الزمكان غير الخطي الذي يعتقد أنه يتلاعب به. وبذلك، فإن تأثير السحر على كينونة الزمان ليس خارجياً، بل متجذراً في طبيعة الذات المُدرِكة و المُنفِّذة للفعل السحري.

_ السحر كنظام تشفير كينوني: تحويل النية إلى رسالة رمزية عبر وسيط مادي

يمكن تحليل مفهوم السحر بوصفه تقنية لتشفير رسائل موجهة إلى كينونات أخرى، بشرية أو غير بشرية، عبر وسيط مادي، في إطار فلسفي عميق يلامس جوهر الكينونة (Being) والوساطة (Mediation). هذا التصور يُخرج السحر من كونه مجرد فعل إرادي مباشر، ويدخله في حقل السيميائية الكينونية (Ontological Semiotics)، حيث يتحول الطقس والمادة المستخدمة إلى لغة مشفرة تتجاوز الأبعاد الفيزيائية المعتادة. في جوهره، يُعد السحر تحويلاً للنية والإرادة الداخلية للساحر من حالة عقلية غير مادية إلى شكل رمزي ومادي قابل للإرسال. هذا التحويل هو عملية التشفير بحد ذاتها. تبدأ العملية برغبة أو أمر واضح ومحدد (الشفاء، الجذب، التأثير) يمثل الرسالة الخام. هذه الرسالة غير قابلة للتداول في العالم المادي مباشرةً. يقوم الساحر بإستخدام طقوس، رموز مثل الأحرف، الأشكال الهندسية، و مواد محددة (أعشاب، معادن، سوائل) لتكون بمثابة خوارزمية التشفير. هذه العناصر تُحمِّل النية بالمعاني و القوى، محولةً إياها إلى رسالة سحرية مشفرة قابلة للتفاعل مع وسيطها. العنصر المادي المُستخدم (التعويذة المكتوبة، التمثال الصغير، المشروب، إلخ) ليس مجرد أداة، بل هو الوسيط المادي (Medium) الذي يحتضن الرسالة المشفرة. إنه بمثابة كابل النقل الذي يحمل الرسالة السحرية من مجال نية الساحر إلى مجال الكينونة المُستهدفة. الرسالة السحرية المشفرة لا تُرسل إلى فراغ؛ بل تُوجه إلى كينونات مستهدفة يُفترض أنها قادرة على فك تشفير هذه اللغة الرمزية والرد عليها. عندما يُوجه السحر لشخص آخر، فإن الرسالة المشفرة على شكل تمائم، أو إيحاءات، أو حتى طاقات موجهة تستهدف في الغالب اللاوعي الجمعي أو الفردي للمتلقي. الوسيط المادي أو حتى الفعل السحري غير المرئي يعمل على تجاوز الدفاعات العقلية الواعية، ليتمكن اللاوعي من فك التشفير الرمزي للنية، مما يُحدث التغيير النفسي أو السلوكي المرجو. في النظم السحرية التقليدية، تُرسل الرسائل المشفرة مباشرة إلى كينونات غير بشرية تُعتبر عامل إستجابة. الطقس هنا ليس مجرد رمز، بل هو بروتوكول إتصال تستخدمه هذه الكينونات لفهم الرسالة المشفرة (الطلب، الأمر، التضرع) والإستجابة لها عبر تغيير في العالم المادي (النتيجة السحرية). هذا يتطلب أن تكون اللغة السحرية المشفرة مفهومة ضمن المنظومة الكينونية لتلك الكيانات. إن الإشكالية الكبرى تكمن في دور الوسيط المادي في هذا التشفير. فالسحر، بخلاف الصلاة الخالصة التي قد تُعتبر رسالة غير مُشفرة ومباشرة، يتطلب مادة مُشبعة بالرمز. هذا الوسيط المادي له وظيفة كينونية عميقة. الوسيط المادي الذي يحمل الرسالة المشفرة يُجذِّر النية العابرة و المجردة في كينونة العالم، مما يمنحها ثباتاً وإستمرارية في الزمان والمكان. إنه يحوّل الإرادة الفورية إلى كائن إرادي يواصل البث. المادة المشفرة تعمل كجسر أنطولوجي بين عالم الساحر الداخلي (النية) وعالم الكينونة المستهدفة سواء كانت طبيعية أو روحية. الوسيط هو النقطة التي تتداخل فيها المادة مع الرمز، والفيزيائي مع الماورائي. إن إستخدام المادة لتشفير الرسالة يفرض تأثيراً متبادلاً على كينونة المادة ذاتها. فالمادة بعد أن تُشفر تُصبح مُحمَّلة بـصفة سحرية، و تتغير علاقتها بالواقع؛ لم تعد مجرد مادة خام، بل أصبحت حاملاً للقوة و نقطة وصول للرسالة المشفرة، مما يعزز فكرة أن السحر ليس مجرد تلاعب بالظواهر، بل هو تغيير في الحالة الكينونية للأشياء. بهذا التحليل، يصبح السحر ليس مجرد فعل، بل نظام إتصال (Communication System) متكامل، يستخدم التشفير الرمزي والوساطة المادية لتجاوز الحدود التقليدية بين الذات والآخر، و بين المادي وغير المادي، مما يؤكد أن الرسالة السحرية هي رسالة كينونية بإمتياز.

_ فلسفة وآلية الإستحواذ المؤقت: التداخل الكينوني و التحميل البرمجي الآمن

تطرح إشكالية الإستحواذ المؤقت (Temporary Possession) من قبل كيان غير بشري على كينونة الإنسان دون إحداث ضرر دائم، تحدياً فلسفياً وتقنياً في سياق العلاقة بين السحر والكينونة. الفهم الفلسفي لهذه الآلية يعتمد على تصور الكينونة البشرية كبنية مركبة يمكن إختراق بعض طبقاتها دون تدمير الجوهر أو المركز الإرادي بشكل كامل. هذا الإستحواذ ليس تملكاً كلياً، بل تداخل أو سيطرة جزئية و محدودة المدة، تعتمد على آليات تقنية لتجنب الإنهيار الكينوني الدائم. لفهم كيفية حدوث الإستحواذ المؤقت دون ضرر دائم، يجب أولاً تصور الكينونة البشرية ليس كوحدة صماء، بل كنظام متعدد الطبقات أو المجالات الطاقية النفسية، يمكن إختراق طبقة واحدة منها دون الأخرى. تُظهر عملية الإستحواذ المؤقت تفاعلاً مُنظَّماً بين أربع طبقات للكينونة: يظل جوهر الذات (Self-Core / الروح)، وهو مركز الوعي والذاكرة والإرادة الأساسية، مُغلَقاً و مُحصَّناً للحفاظ على بقاء الذات. في المقابل، يُمثّل المجال النفسي (Psychic Field)، الذي يشمل العواطف والإدراك و اللغة والذاكرة السطحية، نقطة الدخول الرئيسية حيث يسيطر الكيان على هذه الطبقة للتعبير. أما الجسد المادي (Physical Vessel)، المسؤول عن الأداء الحركي والصوت والتفاعلات العصبية، فيُستخدم كواجهة (Interface) لتنفيذ أوامر الكيان المؤقتة. ويتم تسهيل العملية بأكملها عبر المجال الأثيري (Aura/Etheric Field)، أو الطاقة الحيوية، الذي يعمل كجسـر (The Bridge) يتم إضعافه لتسهيل دخول الكيان و عودته. التقنية لا تتمثل في إستبدال الجوهر البشري الذي يؤدي إلى الموت أو الجنون الدائم، بل في التجاوز المؤقت لآليات التحكم في الواجهة النفسية و الجسدية. الكيان غير البشري يستغل الثغرات في المجال الأثيري والمجال النفسي فقط ليقوم بـتحميل (Uploading) برنامج التشغيل الخاص به (إرادته، لغته، حركته) على المعالج البشري المؤقت، مع الحفاظ على البرنامج الأساسي (الذات) في حالة تعليق (Suspension) أو صمت (Muting). لضمان عدم حدوث ضرر دائم، يُفترض أن الكيان، إما بـإرادته لتجنب الإرتباط الدائم والمكلف بالطاقة، أو بـقيود الطقس السحري الذي سهَّل الدخول، يتبع بروتوكول إخلاء يعتمد على توقيت محدد أو شرط طاقي. بمجرد إنتهاء مهمته، يتراجع الكيان، مما يسمح لجوهر الذات البشري المُعلَّق بإستعادة السيطرة على الواجهة النفسية و الجسدية بالتدريج، كـإعادة تشغيل النظام (System Reboot). فلسفياً، يمكن تفسير الإستحواذ المؤقت ضمن مفهوم الإعارة الكينونية أو الإيجار الطاقي. يتم التعامل مع الكينونة البشرية (الجسد والوعي السطحي) كأداة محايدة يمكن لأي قوة واعية إستخدامها مؤقتاً. الكيان غير البشري لا يدمر الملكية (الروح)، بل يستخدم المركبة لفترة محددة. هذا يتطلب أن يكون الكيان قادراً على محاكاة وظائف النظام البشري دون تعديل جوهري في شفرته الأساسية. هناك عتبة أو حد أقصى للمدة والقوة التي يمكن للكيان غير البشري ممارستها قبل أن تبدأ الروابط الكينونية التي تربط الروح بالجسد في التآكل بشكل دائم. الإستحواذ المؤقت يضمن بقاء الكيان تحت هذه العتبة، معتمداً على الإستهلاك الطاقي الآمن. أي أن الإستحواذ يسحب الطاقة اللازمة للعمل (لتحريك الجسد والتحدث)، ولكنه يتجنب سحب الطاقة اللازمة لربط الروح بالجسد بشكل دائم. يُمكن إعتبار الساحر في هذا السياق إذا كان الإستحواذ طوعياً هو المهندس الذي يُخفِّف من حدة الدخول وشدة الكيان. يستخدم الساحر رموزاً وأدوات (تعويذات، تحصينات) تعمل كـمرشحات طاقية أو مُعدِّلات تردد لضمان أن الطاقة الغريبة للكيان تتناسب مؤقتاً مع السعة الكينونية للإنسان دون إحداث صدمة أو إنصهار يؤدي إلى التلف الدائم. في الختام، فإن التقنية المزعومة للإستحواذ المؤقت هي مجموعة من القيود المنهجية (Ritual Constraints) و التعديلات الطاقية التي تضمن أن يتفاعل الكيان مع الواجهة البشرية (الجهاز العصبي، الحركي) بينما يتجنب الوصول للجوهر الإرادي للحفاظ على سلامة نظام التشغيل البشري بعد إنتهاء المهمة المؤقتة.

_شجرة العائلة الروحية كشبكة تقنية: تحليل فلسفي لإستغلال السحر للروابط الكينونية المتوارثة

يُمكن تحليل فكرة إستغلال الممارسات السحرية للروابط التقنية في شجرة العائلة الروحية للتأثير على نسل الكينونة (الأجيال اللاحقة) كإطار فلسفي عميق يلامس مفاهيم التوريث الكينوني وإستمرارية الذات عبر الزمن البيولوجي و الروحي. هذه الروابط لا تُفهم هنا بالمعنى البيولوجي المباشر، بل كشبكة طاقية روحية مترابطة تشترك فيها الكينونات المنحدرة من أصل واحد، مما يجعلها نقطة ضعف قابلة للإستهداف السحري. في السياق الفلسفي و السحري، لا تُعتبر شجرة العائلة مجرد سجل جيني؛ بل هي بنية تقنية روحية (A Techno-Spiritual Construct) تُنشئ مجال إرتباط مُشترك بين الأفراد. يُفترض أن كل فرد في النسل يحمل بصمة طاقية أو شفرة كينونية (Ontological Code) مُشتقة من الأصول. هذه البصمة تتضمن أنماطاً سلوكية، نقاط ضعف، و إستعدادات طاقية متراكمة عبر الأجيال. إنها بمثابة قاعدة بيانات مشتركة (Shared Database) تتأثر بأفعال السلف. تتكون هذه الشجرة من وصلات أو خيوط طاقية تربط بين الكينونات الحية والراحلين. هذه الخيوط تسمح بتدفق التأثيرات، سواء كانت بركات (طاقات إيجابية) أو لعنات (طاقات سلبية). تُعتبر هذه الوصلات هي الآلية التقنية التي يمكن للساحر إستغلالها؛ فبدلاً من إستهداف فرد واحد، يقوم الساحر بـإدخال فيروس عبر نقطة ضعف في هذه الشبكة الروحية. تستغل الممارسات السحرية هذه الروابط التقنية عبر آليات محددة تستهدف طبيعة الترابط. بدلاً من توجيه السحر لشخص محدد في الجيل الحالي، يُركز الساحر على كينونة الأصول (الجد الأكبر أو الأب/الأم الذي يعتبر نقطة الإرسال في الشجرة). يتم توجيه رسالة سلبية مُشفرة إلى هذا الإرتباط الكينوني الأصلي. هذا الفعل لا يؤثر بالضرورة على الأصول في حد ذاتها، بل يُعدِّل من طبيعة الرمز أو الشفرة التي تنتقل إلى الأجيال اللاحقة. إنها تقنية تغيير إعدادات الشبكة الأم (Root Network Configuration). يُمكن للسحر أن يعمل على تخريب فلتر حماية كان يحمي النسل. هذا الفلتر قد يكون ناتجاً عن بركات أو أفعال صالحة للأسلاف. السحر هنا يقوم بـإلغاء تفعيل هذا الحصن، مما يجعل الأجيال اللاحقة أكثر عرضة لتأثيرات سلبية عامة أو خاصة. يُعتقد أن الأفراد في شجرة العائلة يميلون إلى التزامن في تجربة أنماط معينة (الأمراض، المشاكل المالية، العلاقات). السحر يستغل هذه الأنماط المُبرمجة كأهداف سهلة. فبدلاً من إختراق نظام فرعي جديد، يعمل الساحر على تفعيل وتسريع النمط السلبي الموجود سلفاً في الشفرة الكينونية المشتركة. إن تأثير السحر على النسل عبر شجرة العائلة الروحية هو، فلسفياً، مسألة توريث طاقي وليس بيولوجي. لا يُغير السحر بالضرورة المصير المكتوب، ولكنه يُشوه القدر المُحتمل (Potential Destiny) للنسل، جاعلاً الطريق نحو النجاح أو الصحة أكثر وعورة بكثير. يتلقى الجيل الجديد إرثاً طاقياً مثقلاً بالطاقة السلبية المشفرة، مما يؤثر على قراراتهم ومستوياتهم ينتقل هذا التأثير ليصبح جزءاً من الذاكرة الجسدية للكينونة. قد يظهر التأثير السحري على شكل أمراض مزمنة لا تفسير لها أو عوائق نفسية متوارثة، لأن الكينونة الروحية المشتركة تفرض نمطاً من المعاناة المُتكررة على الجسد المادي و النفس. بشكل أساسي، يُنظر إلى شجرة العائلة الروحية على أنها شبكة مُوصّلة (Connected Network) تسمح للقوة السحرية بالإنتشار من نقطة دخول واحدة (الأسلاف) عبر الروابط الروحية إلى جميع العُقد (Nodes) في هذه الشبكة (الأحفاد)، مما يؤكد أن السحر يستهدف إستمرارية الكينونة عبر الزمان وليس مجرد الكينونة الفردية.

_ هندسة الوعي السحري: بناء المعرفة التقنية كجوهر كينوني للساحر

يتم بناء المعرفة التقنية السحرية داخل عقل الساحر ليصبح جزءاً من كينونته من خلال عملية فلسفية عميقة تدمج بين الإدراك المُتحوّل (Transformed Cognition) والتجربة المُجسَّدة (Embodied Experience). السحر هنا ليس مجرد مجموعة من التعليمات، بل هو هندسة للوعي تهدف إلى إعادة توصيل العقل البشري ليتفاعل مع الواقع بطريقة غير تقليدية. تتحول المعرفة السحرية من معلومات خارجية إلى آلية إدراكية داخلية تُشكل الوجود (الكينونة) الفردي للساحر.
1. تقنية التشفير الداخلي (Internal Encoding of Knowledge): يبدأ البناء المعرفي للسحر بتحويل المعرفة الرمزية و الطقسية إلى شفرة مُدمجة في الهيكل المعرفي للساحر. يتعلم الساحر رموزاً، لغات قديمة، و أشكالاً هندسية مثل سيجل (Sigils) و ماندالات (Mandalas). هذه ليست مجرد رسومات، بل هي برامج إدراكية مُصممة لتجاوز اللغة العادية و الوصول مباشرة إلى اللاوعي. يتم تشفير النية داخل هذه الرموز. ومع التكرار والتأمل، يصبح الرمز مفتاح تشغيل (Activation Key) داخل العقل، حيث يربط بين نية الساحر والطاقة المُطلقة بشكل أسرع وأكثر كفاءة. الممارسة المتكررة للطقوس (السببية الدائرية) تُحوّل الإجراءات الواعية والمُجهِدة عقلياً إلى إجراءات تلقائية مُضمرة في الذاكرة الإجرائية للساحر. هذا التكرار يخلق مسارات عصبية سحرية جديدة، حيث يصبح الجسد والعقل متزامنين مع إيقاع الطقس. تتحول المعرفة التقنية من شيء يفعله الساحر إلى طريقة وجود الساحر في العالم.
2. الدمج الكينوني: تحويل المعرفة إلى طبيعة: النقطة الفاصلة هي تحويل المعرفة المُشفرة إلى جزء أصيل من كينونة الساحر (The Sorcerer s Being). هذا هو جوهر البناء المعرفي. تصبح المعرفة السحرية مُجسَّدة في الساحر. فمثلاً، لا يكتفي الساحر بمعرفة كيفية إلقاء تعويذة الحماية، بل يُصبح الحماية ذاتها. هذا التحوّل يعني أن الفعل السحري لم يعد يتطلب جهداً ذهنياً كبيراً لإستدعاء المعلومات، بل يصبح إستجابة طبيعية وكينونية للبيئة. هذا الدمج يُشبه كيف أن الموسيقي البارع لا يفكر في أماكن الأصابع على الآلة، بل تُصبح حركة الأصابع جزءاً من إرادته. المعرفة السحرية تمنح الساحر فلتر إدراكي جديداً للواقع. بدلاً من رؤية العالم كأشياء مادية منفصلة، يراه كشبكة من الطاقة والرموز والصلات. هذه النظرة ليست مجرد إعتقاد، بل إطار تشغيلي (Operational Framework) يُحوّل كيفية تفسير الدماغ للمدخلات الحسية. عندما يرى الساحر العالم سحرياً، فإنه يُفعِّل المعرفة التقنية بشكل مستمر في كل لحظة إدراك، مما يعزز كينونته كفاعل سحري.
3. النتيجة: الكينونة المُتسامية سحرياً: عندما يكتمل البناء المعرفي، ينتج كيان يُعرف بـالساحر الكينوني. يصل الساحر إلى مرحلة لا يعود فيها معتمداً على النصوص والكتب، بل يصبح مصدر المعرفة التقنية ذاته. تتولد التعاويذ والحلول السحرية بشكل حدسي ومباشر من كينونته المُعاد هندستها. يُصبح عقل الساحر متوافقاً مع قوانين العالم السحري الذي يعتقد به، مما يزيد من فعالية أفعاله. لا يعود السحر شيئاً يُمارَس، بل هو الحالة الأصلية التي يتواجد بها. هذا التوافق يُفسر قوة الساحر على التأثير في الواقع بجهد أقل، لأن عقله مُبرمج للنجاح السحري، جاعلاً المعرفة التقنية بمثابة الجوهر الثاني لكينونته.



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...


المزيد.....




- تفاصيل إطلالة ميلانيا ترامب في العشاء الرسمي مع وليّ العهد ا ...
- كيف وصل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى السلطة؟
- سقوط 9 قتلى وعشرات الجرحى في هجمات روسية ليلية بمسيرات على ع ...
- مسؤول أممي: فظاعات دارفور وقعت في ظل شعور بـ-إفلات تام من ال ...
- -فلسطيني للبيع-.. صور استفزازية تكشف وحشية جنود الاحتلال بغز ...
- ألمانيا تعيد الخدمة العسكرية اعتبارا من 2026 بنظام يجمع بين ...
- أزمة في الجيش الإسرائيلي بعد مئات الطلبات لإنهاء الخدمة والت ...
- مقال في هآرتس: نتنياهو يقود -آلة السمّ- لترهيب الصحفيين
- صحيفتان غربيتان: حركة ماغا تفرض سطوتها على زعيمها ترامب
- عقار جديد يخفض الكوليسترول الضار بنسبة 60%


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل الْغَيْبِيّ عَنْ مُرُونَة الْكَيْنُونَة وَصِرَاع الْإِرَادَات الْوُجُودِيَّة -الْجُزْءُ السَّادِسُ و الثَّلَاثُون-