أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد صالح سلوم - سلاح الكرامة والسيادة في مواجهة نفق الدولة الفاشلة














المزيد.....

سلاح الكرامة والسيادة في مواجهة نفق الدولة الفاشلة


احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية

(Ahmad Saloum)


الحوار المتمدن-العدد: 8523 - 2025 / 11 / 11 - 19:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثمة حقيقة لا تُقبل تأويلاً: إن المقاومة، تلك الروح الثائرة التي تتسلح بالإيمان والسلاح معاً، هي الضمان الوحيد لكرامة الأمم المقهورة. تخيّل لو أن المقاومة الفلسطينية أو اللبنانية، في لحظة ضعف أو إغراء، ألقت سلاحها جانباً، متخلية عن درعها الذي يحمي الوجود ذاته. في تلك اللحظة بالذات، ستتحول إلى مجرد قطعان تابعة، تُدار كالدمى في أيدي عباس ودحلان وجعجع والجولاني وأردوغان، أولئك الذين يبيعون الوطن بثمن بخس، ويغلفون خيانتهم ببريق السلطة الزائفة. لا قيمة لهم، لا وزن، حتى لو امتلأت جراجاتهم بسيارات الدفع الرباعي اللامعة، وتكدست خزائنهم بأموال لا تأكلها النيران، فتلك الثروة مجرد سراب في صحراء الخيانة، تذروها رياح الشعب الغاضب.

شعبية المقاومة المسلحة ضد العدو الصهيوني تتجاوز الثمانين بالمئة، رغم فقرها المدقع، رغم أن أبناءها يعيشون على فتات الخبز والأمل، يقاتلون ببنادق صدئة وبإرادة حديدية. هذه الشعبية ليست صدفة، بل هي شهادة حية على أن الكرامة لا تُشترى بالذهب، وأن الشعوب تُقدّر من يدافع عن أرضها بدمه، لا من يبيعها في أسواق السياسة الدولية. أما عباس، ذلك الرجل الذي يجلس في قصره المحاط بسفارات الغرب، محاطاً بسيارات الدفع الرباعي التي تُقلّه إلى مفاوضات تكرّس الاحتلال في الضفة المحتلة، فشعبيته لا تتجاوز الخمسة بالمئة، وهي نسبة تُحسب بالكراهية أكثر مما تُحسب بالحب. مشروعه الوطني، إن جاز تسميته كذلك، هو مجرد غطاء لاستمرار الاحتلال، يُقدّم التنازلات تلو التنازلات، مقابل كرسي يتآكل تحت وطأة الزمن والخيانة.

في هذا السياق، يأتي استقبال الداعشي الجولاني، ذلك الذي يُقدّم نفسه كلاعب كرة سلة أو فارس على فرس مسروقة، دليلاً دامغاً على تناقضات الدولة العميقة، تلك الدولة التي تُعتبر مصدر الإرهاب العالمي، لكنها ترفض الاعتراف الرسمي بداعشي مثل الجولاني. إنها تستخدمه كأداة، كسيف مأجور في لعبة الشطرنج الجيوسياسية، لكن القانون الشكلي، ذلك الغطاء الرقيق للوحشية، يمنعها من الاعتراف به علانية. الرئيس الفعلي لسورية يظل بشار الأسد، حتى إجراء انتخابات حقيقية، لا تلك المسرحيات التي تُرتب خلف الكواليس. فسورية، أرض الحضارات، ليست لعبة في يد عصابات الإرهاب.

وفي أوروبا، حيث تُبنى الجدران ضد المهاجرين والأفكار الثائرة، يُصنّف اليوم كل من اعتبر استيلاء عصابات داعش والإخوان المسلمين والقاعدة على السلطة ديمقراطية، وفرح بذلك كأنه انتصار للحرية، يُصنّف كخطر حقيقي على المجتمعات الأوروبية. هؤلاء، الذين يحملون جنسيات أوروبية، يجب أن يُطردوا ويُسلموا إلى سيدهم الجولاني، فهم داعمون للإرهاب الداعشي بامتياز. إنهم جزء من الآلة التي تُدمر الدول، تُحولها إلى فوضى، كما حدث في ليبيا، تلك الدولة التي مُسح اسمها عن خريطة الدول ذات السيادة، بعد أن غرقت في نفق الفشل، حيث تتقاتل الميليشيات على الغنائم، والشعب يعاني الجوع والموت.

الآن، وفق الأجندات المرسومة في الغرف المظلمة، يُطلب من الجولاني ووزير داخليته تنفيذ خطة خلال ستة أشهر فقط، خطة تُجعلهم جزءاً من ماكينة إعادة الهيكلة الشاملة لسورية، لإكمال مهمة إدخالها إلى نفق الدولة الفاشلة. إنها عملية مدروسة، تستهدف تفكيك الجيش، وتشتيت المؤسسات، وإغراق البلاد في فوضى لا تنتهي، حتى يصبح الشعب السوري مجرد أرقام في تقارير المنظمات الدولية، يتوسل المساعدات، بينما تُقسم الأرض بين المتنفذين.

لكن في خضم هذه الظلمة، تظل المقاومة شعلة لا تنطفئ. فالذين يتخلون عن سلاحهم يصبحون ألعوبة في يد الآخرين، يُستخدمون ثم يُرمون كالنفايات. أما المقاومون، رغم فقرهم، فهم أصحاب الشعبية الحقيقية، لأنهم يمثلون الضمير الحي للأمة. في فلسطين، يرى الشعب في المقاومة درعه ضد الاستيطان والتهجير، وفي لبنان، هي السيف الذي يردع العدوان. أما الخونة، فهم مجرد أصنام فارغة، تُعبد في قصورهم، لكن الشعب يبصق عليها.

تخيل سورية بعد ستة أشهر من حكم الجولاني: مدن مدمرة، اقتصاد منهار، شباب يهربون إلى المنافي، وميليشيات تتقاسم السلطة. هذا هو المصير المرسوم لدولة كانت رمزاً للصمود. لكن التاريخ يعلّم أن الشعوب لا تموت، بل تنهض من تحت الرماد. الدولة العميقة، بكل أدواتها، قد تستخدم الداعشيين اليوم، لكنها ستتخلص منهم غداً، كما فعلت مع غيرهم. أما الشعب، فسيظل يبحث عن مقاوميه الحقيقيين.

المقاومة ليست خياراً، بل ضرورة وجودية. من يتخلى عنها يفقد كل شيء، حتى لو امتلك العالم. أما من يمسك بها، رغم الفقر والألم، فيكتب التاريخ باسمه، ويحفر اسمه في قلوب الشعوب. هكذا هي القوانين الموضوعية لتحولات الشعوب نحو الصعود أو الانتحار الجماعي في الأرض: الضعيف المسلح بالحق أقوى من القوي الخائن.



#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «الجنجويد والدعم السريع: استعمار جديد في السودان»..ملخص كتاب ...
- من تأسيس الكيان الوهابي الى غرف الموك وخلايا التجسس في اليمن
- خرافة الاقتصاد الإسلامي: أسطورة خليجية في خدمة الإمبراطورية ...
- فخ أوكرانيا: دروس التاريخ تتحدث، والناتو يستمع بصمت
- خيانة مقنعة: رفع العقوبات ودورة النهب الاستعماري
- خوارزميات الاحتكارات الأمريكية: حرب منهجية على الوعي الاجتما ...
- محميات الخليج: بيادق وول ستريت في مسرح العرائس الصهيوني وفشل ...
- طوفان الأقصى وانهيار الهوية الاقتصادية الإسرائيلية: هزيمة اس ...
- زهران ممداني: رمز الاشتراكية عالمية الطابع وفرصة أمريكا الأخ ...
- الإبادة الجماعية في غزة: حفلة تنكرية للأشرار الكبار
- العناصر النادرة: سيف الصين الأخلاقي أمام فظاعة الإبادة الجما ...
- كيف تحول ملوك سومر وبابل إلى أنبياء في الروايات اللاحقة
- انهيار الإمبراطورية الأمريكية وانسحابها من عرش العالم..بداية ...
- بلجيكا على حافة الهاوية: حكومة دي ويفر تواجه غضب الشعب وتهدي ...
- الإبادة الجماعية في غزة: تقرير الأمم المتحدة يكشف تواطؤ ستين ...
- كتيب : تشريح النظام العالمي: الجذور الخفية للهيمنة وخريطة ال ...
- آليات الهدم - تشريح أدوات تدمير الدول
- تشريح النظام العالمي - الجذور الخفية للهيمنة
- حصان طروادة في قلب الأمة: محميات الخليج الصهيوأمريكية ودورها ...
- كيف تحولت واشنطن إلى بائعة خردة عالمية تبيع حلفاءها بالكيلو ...


المزيد.....




- فرنسا تقلد يسرا وسام -جوقة الشرف- من رتبة فارس
- انتخابات العراق: ما الذي ينتظره العراقيون من مجلس النواب الج ...
- الانتخابات العراقية.. لماذا أثار تصريح إيراني كل هذا الجدل؟ ...
- -أجب عن الأسئلة الموجهة إليك دون أي تعليق-.. القاضي يلجم غضب ...
- العاصفة الاستوائية -فونغ وونغ- تقترب من تايوان مصحوبة برياح ...
- -لن نتخلى عن سلاحنا-.. حزب الله يلوّح بـ-وضع حد- لإسرائيل
- من التطوع إلى الإلزام .. نقاش ساخن حول مستقبل الجيش الألماني ...
- بسبب لامين يامال .. عودة الجدل بين برشلونة والاتحاد الإسباني ...
- العراق.. ماذا عن نسبة الإقبال والمشاركة في الانتخابات التشري ...
- خالد حسين من دير البلح يحول ركام الحرب إلى أعمال فنية تروي م ...


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد صالح سلوم - سلاح الكرامة والسيادة في مواجهة نفق الدولة الفاشلة