|
|
خرافة الاقتصاد الإسلامي: أسطورة خليجية في خدمة الإمبراطورية الصهيوأمريكية
احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية
(Ahmad Saloum)
الحوار المتمدن-العدد: 8521 - 2025 / 11 / 9 - 11:48
المحور:
كتابات ساخرة
في أروقة الدعاية الخليجية، حيث تتدفق أنهار البترودولار تحت أضواء البريق الزائف، يتردد صدى خرافة قديمة جديدة: "الاقتصاد الإسلامي"، ذلك النموذج السحري الذي يُزعم أنه سيطر على العالم لقرون، قبل أن ينهار بفعل عوامل اجتماعية وسياسية، لا اقتصادية. هذه الرواية، التي يرددها قطعان المحميات الخليجية الصهيوأمريكية بكل صفاقة البلادة العقلية، ليست سوى غطاء رقيق لمراحل العبودية التاريخية، أو ما يُعرف بنمط الإنتاج الآسيوي، أو أشكال قطاعية مشوهة تُقدم كبديل إسلامي. ووراء هذا الستار، يقف صانعو الإسلام السياسي الحديث، أمثال زبيغنيو بريجينسكي وهنري كيسنجر، في دوائر الاستعمار الأمريكي والبريطاني، ينسجون خيوط السيطرة على شعوب المنطقة.
يبدأ الأمر بتصريح جريء، يُنسب إلى أحد دعاة هذه الخرافة في المحميات الخليجية: "الاقتصاد الإسلامي كان مسيطراً على العالم لقرون عديدة قبل وجود ما يسمى بروسيا. عوامل انهيار العالم الإسلامي، الذي بدأ في القرن السابع عشر و رافقه صعود غربي، كان بسبب عوامل اجتماعية وقرارات سياسية، ولم يكن بسبب عوامل اقتصادية". هكذا يُقدم التاريخ كحكاية بطولية، حيث يُنسب الانهيار إلى "قرارات سياسية" غامضة، متجاهلاً الجوهر الاقتصادي الذي يفضح الوهم. فالمجتمعات البدائية، التي لم تعرف الربا، استمرت لعشرات الآلاف من السنين قبل ظهور روسيا أو العرب، وهذا ليس حجة في سياق نماذج اقتصادية قادرة على دعم تنمية حضارية حديثة. إنها مجرد تكرار لدورات الرعي والزراعة الكفافية، لا أكثر.
يأتي الرد الحاسم من الاقتصادي الروسي نزاروف، الذي يفكك الخرافة دون تردد: "ما يُسمى بالاقتصاد الإسلامي هو رأسمالية تقليدية تعتمد على الفائدة، والتي تُزيّن ظاهرياً بقوس كُتب عليه الصيرفة الإسلامية . مع أن الصيرفة الإسلامية، في جوهرها، لا تختلف عن الصيرفة الرأسمالية. على سبيل المثال، يحدد بنك الدولة في المملكة العربية السعودية سعر فائدة؛ ويبلغ حالياً 4.5%. إن حظر الفائدة أشبه بإعادتك إلى القرن الثامن لرعي الأغنام والعيش على زراعة الكفاف". هذا التحليل يضرب في الصميم، مكشفاً أن "الصيرفة الإسلامية" ليست سوى واجهة لنظام رأسمالي يعتمد الفائدة تحت مسميات أخرى، مثل "الربح" أو "المشاركة"، بينما يظل الجوهر نفسه: استغلال رأس المال لصالح النخب.
لكن الخرافة لا تقتصر على الاقتصاد وحده؛ إنها امتداد لسلسلة من المسميات الزائفة التي تُفرض على الشعوب العربية لإعدام البديل الوحيد الحقيقي: النموذج الشيوعي على الطريقة الصينية، مع خصائص عربية محلية. فالاقتصاد الإسلامي، والأدب الإسلامي، والفن الإسلامي، والطبخ الإسلامي، والبنوك الإسلامية، كلها أدوات لسد الطريق أمام أي تحول جذري يهدد مصالح الإمبراطورية. في غياب هذه الخرافات، كانت الشعوب العربية قد تتجه نحو نموذج يرفض التبعية، يعتمد على التخطيط المركزي والعدالة الاجتماعية، مستلهماً من التجربة الصينية التي حوّلت بلداً زراعياً إلى قوة عظمى دون الوقوع في فخاخ الرأسمالية المتوحشة.
بدلاً من ذلك، يتم توجيه الفوائد الطائلة من أرصدة الخليج في بنوك روتشيلد وروكفلر وغيرها من الاحتكارات المالية الفاشية، لتمويل جرائم الإبادة الجماعية. هذه الأموال، التي كان يمكن أن تُرفض فائدتها كشكل من أشكال المقاومة، تُحول إلى وقود للحروب ضد غزة ولبنان وسورية ومصر والشعوب العربية بأكملها. ليس آخرها تمويل مجمعات السلاح التصنيعي الداعمة لإسرائيل، مثل بوينغ ولوكهيد مارتن، بستة تريليونات دولار، بالإضافة إلى مئة مليار دولار قدمت لدونالد ترامب من عبيد المحميات الخليجية الصهيوأمريكية. هكذا، يمر أبشع عمليات التوحش الرأسمالي تحت شعارات إسلامية براقة، تحول الدين إلى غطاء للاستغلال والخيانة.
تاريخياً، يعود جذور هذه الخرافة إلى سبعينيات القرن الماضي، عندما أنقذ البترودولار الخليجي الولايات المتحدة من استنزاف حرب فيتنام. في تلك الفترة، فرضت أمريكا، مع ربيبتها إسرائيل، نظام البترودولار: شراء النفط بالدولار فقط، مما ربط اقتصادات الخليج بالنظام المالي الأمريكي. كانت هذه أكبر عملية اندماج استهلاكي في المنطقة العربية مع المنظومة العالمية الاستعمارية. قبل ذلك، كانت أموال النفط تتدفق بحرية، لكن بعد اتفاقات كيسنجر مع آل سعود، أصبحت الخزائن الخليجية خزانة احتياطية للإمبراطورية. وفي كل هبوط لأسعار الأسهم أو السندات، تُسرق أموال المحميات لإنقاذ وول ستريت، كما في فضيحة بنك الاعتماد الدولي، حيث تبخرت مليارات تحت غطاء "الاستثمار الإسلامي".
هذه الآلية ليست جديدة؛ إنها امتداد لنمط الإنتاج الآسيوي، حيث تُدار الموارد من قبل نخبة تابعة لقوى خارجية، مقابل حماية عرشها. في الخليج، تُقدم هذه النخبة كحماة للإسلام، بينما تُموّل الإرهاب تحت راياته. فمن الإخوانجية إلى القاعدة وداعش، يردد القطيع أن هناك "اقتصاداً إسلامياً" و"بنوكاً إسلامية" و"أمجاداً إسلامية وهابية"، متجاهلين أن الوهابية نفسها وليدة الاستعمار البريطاني، صُممت لتقسيم الأمة العربية وإضعافها.
في العمق، يكشف التحليل أن "الاقتصاد الإسلامي" ليس نظاماً متكاملاً، بل تجميعاً لممارسات تقليدية تُزيّن بالدين لتبرير التبعية. فحظر الربا، الذي يُروج كميزة، يُحول في الواقع إلى آليات أخرى تحقق الفائدة نفسها، كالمضاربة أو المرابحة، التي ترفع التكاليف على الفقراء. وفي السعودية، كما أشار نزاروف، يحدد البنك المركزي سعر فائدة رسمياً، مما يجعل الادعاء بالحظر مجرد كذبة. هذا النظام لا يدعم التنمية؛ بل يعيد الشعوب إلى دورات الاعتماد على الخارج، حيث تُباع الموارد الطبيعية مقابل أسلحة ورفاهية للنخبة.
أما البديل الشيوعي العربي، المستلهم من الصين، فيُقمع بشدة لأنه يهدد هذا الترتيب. تخيل لو رفضت الخليج فوائد بنوك الغرب، ووجهت أموالها نحو بناء صناعات محلية، تعليم عام، وصحة مجانية، مع تخطيط مركزي يضمن العدالة. لكان ذلك تحولاً جذرياً، لكنه يُمنع باسم "الإسلام"، الذي صُمم في مختبرات بريجينسكي وكيسنجر ليكون أداة طيعة. ففي تقارير مجلس الأمن القومي الأمريكي في السبعينيات، كان الإسلام السياسي سلاحاً ضد الشيوعية، يُموّل عبر الخليج ليحارب الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، ثم يُعاد توجيهه ضد الشعوب العربية نفسها.
اليوم، يستمر الوهم مع تمويل إسرائيل بتريليونات، بينما يعاني الفقراء في الخليج من ارتفاع الأسعار والبطالة. فضيحة بنك الاعتماد الدولي في التسعينيات، حيث خسرت الخزائن الخليجية مليارات في عمليات احتيال، كانت مجرد حلقة في سلسلة. ومع اندماج البترودولار، أصبحت الخليج جزءاً من المنظومة الرأسمالية العالمية، تدفع فواتير حروب أمريكا وإسرائيل. مئة مليار دولار لترامب ليست صدقة؛ بل استثماراً في استمرار السيطرة.
في الختام، تظل خرافة الاقتصاد الإسلامي أداة لإدامة العبودية، تُقدم مراحل تاريخية قديمة كإنجاز حديث، بأمر من صانعيها في واشنطن ولندن. القطيع في المحميات يردد الأمجاد الوهابية، بينما يُموّل الإبادة في غزة. الطريق الوحيد للخلاص هو رفض هذه الخرافات، والتوجه نحو بديل حقيقي يبني استقلالاً اقتصادياً، مستلهماً من تجارب ناجحة كالصين، بعيداً عن أوهام الصهيوأمريكية. فالتاريخ لا يكذب: الانهيار لم يكن اجتماعياً أو سياسياً فحسب، بل اقتصادياً جوهرياً، ناتجاً عن التبعية التي تُزيّن اليوم باسم الإسلام.
ملحق تحليلي: قانون القيمة الرأسمالي كمحدد وحيد للواقع الاقتصادي العالمي، ومحاولات فك الارتباط كبديل استراتيجي
في قلب أي نقاش اقتصادي جاد، يبرز قانون القيمة الرأسمالي كالمحور الذي تدور حوله كل المنظومات المعاصرة، سواء أقرت بذلك أم تظاهرت بالنكران. هذا القانون، الذي يحكم إنتاج السلع وتوزيعها بناءً على وقت العمل الاجتماعي الضروري، أصبح اليوم قانون العولمة الرأسمالية بامتياز، يفرض نفسه على كل اقتصاد وطني مهما حاول التملص. لا يوجد، في الواقع الموضوعي، قانون قيمة "إسلامي" منفصل أو "شيوعي" مستقل يعمل خارج هذا الإطار؛ كل ما نراه هو درجات متفاوتة من الاندماج أو المقاومة داخل المنظومة الرأسمالية العالمية. وبالتالي، يتحدد الموقف السياسي والاقتصادي لأي كيان بناءً على دوره في خدمة هذا النظام أو محاولة فك الارتباط عنه.
من جهة، تقف الأقلية المالية الأوليغارشية الغربية، مدعومة بأدواتها الكومبرادورية في العالم العربي والإسلامي، كمحرك رئيسي لتوسع النظام الرأسمالي المتوحش. هنا، تبرز محميات الخليج الصهيوأمريكية، إلى جانب أردوغان والإخوان المسلمين والقاعدة وداعش والجولاني، كأمثلة حية على الاندماج الكامل تحت شعارات إسلامية براقة. هذه القوى لا تقاوم قانون القيمة الرأسمالي؛ بل تعمل كوسيط محلي لتعزيزه، تحول الموارد الطبيعية إلى وقود للآلة الإمبريالية، وتستخدم الدين كغطاء لتبرير التبعية. في الخليج، يتحول البترودولار إلى سندات أمريكية، ثم إلى أسلحة توجه ضد الشعوب العربية نفسها، بينما ترفع شعارات "الصيرفة الإسلامية" لإخفاء آليات الفائدة المقنعة. أما في تركيا أو سوريا المحتلة جزئياً، فيصبح الإسلام السياسي أداة لإعادة تدوير رأس المال الغربي عبر مشاريع إعادة إعمار أو تجارة حدودية، كلها تخضع لقانون القيمة العالمي دون أي محاولة للخروج منه.
على الجانب الآخر، يقف نموذج فك الارتباط كما يجسده النظام الصيني تحت قيادة الحزب الشيوعي، كمحاولة منهجية لبناء بديل تدريجي. هنا، لا يُنكر قانون القيمة الرأسمالي، لكنه يُحاصر ويُوجه نحو خلق قانون قيمة اشتراكي على المدى المتوسط أو البعيد، من خلال آليات التنمية المتمركزة على الذات. يبدأ الأمر باستقلالية التعليم، حيث تبني الصين جامعاتها ومراكز بحوثها لتمثيل التكنولوجيا الغربية أولاً، ثم تجاوزها باقتصاد الإبداع الذي يركز على الابتكار المحلي والملكية الفكرية الوطنية. يتبع ذلك عدم تعويم العملة، مما يحمي الاقتصاد من تقلبات السوق العالمية ويمنع تدفق رأس المال المضاربي، بالإضافة إلى منع تطبيقات أمريكية مثل فيسبوك وغوغل من تدمير الوعي الاجتماعي، محافظاً على تماسك المجتمع وتوجيهه نحو أهداف وطنية. هذه الآليات مجتمعة تخلق درعاً دفاعياً يسمح بإعادة استثمار الفائض الاقتصادي داخلياً، بدلاً من تصديره كما في النموذج الكومبرادوري.
الفرق جوهري: في النموذج الأول، يصبح الاقتصاد أداة لتوسيع الاستغلال العالمي، حيث تُستخدم الشعارات الإسلامية لتجنيد القطيع وتبرير التحالف مع الأوليغارشية الغربية، مما يعمق التبعية ويمنع أي تنمية حقيقية. أما في النموذج الثاني، فيُعامل قانون القيمة كعدو يُحارب بالتخطيط المركزي والاستقلال التكنولوجي، مما يفتح الباب لتحول اشتراكي يعيد توزيع القيمة لصالح الشعب. في النهاية، لا مفر من الاعتراف بأن العالم اليوم رأسمالي بالكامل، لكن الموقف من هذا الواقع هو ما يحدد المصير: خدمة التوسع المتوحش أم بناء فك ارتباط يمهد لقانون قيمة جديد.
…….
المادة الساخرة :
الاقتصاد الإسلامي: أسطورة خليجية أكبر من فيلم هوليوودي، وأقل مصداقية من إعلان كريم تخسيس
تخيلوا معي لو سمحتم: رجل يرتدي ثوباً أبيض ناصعاً، يقف أمام قصر من الذهب الخالص، يلوح بورقة مكتوب عليها "الاقتصاد الإسلامي"، ويصرخ في السماء: "كنا نحكم العالم قبل أن يخترع الروس الثلج!" ثم يسقط فجأة في بركة بترول، ويخرج مبتسماً وهو يقول: "هذا ليس رباً، هذا ربح مشاركة!" مرحباً بكم في عالم الخرافات الخليجية الصهيوأمريكية، حيث يتحول نمط الإنتاج الآسيوي إلى "إعجاز اقتصادي"، ويصبح رعي الأغنام في القرن الثامن برنامجاً تنموياً متكاملاً، وكل ذلك بإشراف مباشر من زبيغنيو بريجينسكي وهنري كيسنجر، اللذين يجلسان في مكتب سري تحت البيت الأبيض، يضحكان حتى البكاء وهما يشاهدان القطيع يردد: "لا ربا، لا ربا، بس 4.5% فايدة!"
دعونا نبدأ بالبطل الأسطوري لهذه الملحمة، الشيخ الوهمي الذي يقول بكل جدية: "الاقتصاد الإسلامي سيطر على العالم لقرون قبل روسيا!" يا سلام! يعني قبل ما يولد بوتين، كان العرب يسيطرون على الاقتصاد العالمي بفضل... ماذا؟ التمر والإبل؟ طبعاً، لأن المجتمعات البدائية كانت تعيش بدون ربا لعشرات الآلاف من السنين، وهذا دليل قاطع على أن نموذج "رعي الغنم + صلاة الجمعة" هو الطريق إلى التنمية المستدامة. تخيلوا لو قال أحدهم: "الفراعنة بنوا الأهرام بدون فوائد بنكية!" نعم، وبدون كهرباء أيضاً، فهل هذا يعني أن نموذج "العبيد + الشمس" هو بديل للرأسمالية؟ بالطبع لا، لكن في عالمنا الخليجي، كل شيء ممكن طالما كتبنا عليه "إسلامي".
ثم يأتي الاقتصادي الروسي نزاروف، الذي يبدو وكأنه خرج لتوه من فيلم جيمس بوند، يحمل ملفاً سرياً بعنوان "الحقيقة المرة"، ويقول: "ما تسمونه اقتصاداً إسلامياً هو رأسمالية تقليدية، مزينة بلافتة كتب عليها صيرفة إسلامية بخط الثلث!" يا إلهي، كأنه يكشف مؤامرة عالمية! ويضيف ضاحكاً: "البنك المركزي السعودي يحدد فائدة 4.5%، فإذا كان حظر الربا يعيدنا إلى القرن الثامن، فأنتم بالفعل تعيشون هناك، بس مع آيفون وطيارات خاصة!" تخيلوا المشهد: شيخ يصرخ "لا ربا!" وهو يوقّع عقد مرابحة بفائدة مقنعة، ثم يركب اللامبورغيني ويغني "يا مالكاً مقتدراً".
لكن الجميل في الأمر أن الخرافة لا تقتصر على الاقتصاد. لا يا سادة! لدينا أدب إسلامي (كتب بدون حبكة درامية لأن "الحرام")، فن إسلامي (دوائر ونجوم لأن الوجوه "تشبيه")، طبخ إسلامي (كبسة بدون خمر، بس مع صلصة سرية من بوينغ)، وبنوك إسلامية (تأخذ فلوسك، تعطيك ورقة مكتوب عليها "مشاركة في الربح"، ثم تربح هي وحدة). كل هذا لسبب نبيل جداً: إعدام البديل الشيوعي الصيني العربي! لأنه لو سمحنا للشعوب بالتفكير في تخطيط مركزي، تعليم مجاني، صحة للجميع، لانهارت الإمبراطورية! فماذا نفعل؟ نطلق "الإسلامي" على كل شيء، مثلما نضع ملصق "عضوي" على برجر ماكدونالدز.
والأجمل؟ الفلوس التي كان يمكن رفض فائدتها في بنوك روتشيلد وروكفلر (يا سلام على المقاومة!) تذهب مباشرة إلى تمويل إبادة غزة ولبنان وسوريا. تخيلوا: شيخ يقول "لا آكل الربا!" ثم يحول مليارات إلى بوينغ ولوكهيد مارتن ليشتروا قنابل "حلال" تسقط على أطفال "حرام". ستة تريليونات دولار لمجمع السلاح الصهيوني، ومئة مليار لترامب شخصياً! يعني ترامب يصحو كل صباح، يرى التحويلة من "عبيد المحميات"، ويضحك: "هؤلاء يدفعون لي عشان أحميهم من... أنفسهم؟"
تذكروا فضيحة بنك الاعتماد الدولي؟ مليارات الخليج تتبخر في عملية احتيال، والشيوخ يقولون: "هذا استثمار إسلامي!" كأن الاحتيال صار حلالاً إذا كتبنا عليه "بسم الله". والبترودولار؟ أكبر عملية إنقاذ في التاريخ! أمريكا غارقة في فيتنام، كيسنجر يزور الرياض، يقول للملك: "خلينا نشتري نفطكم بالدولار بس، وأنتم تشترون سنداتنا". الملك يوافق، وفجأة تصبح الخزائن الخليجية بنك احتياطي لأمريكا. كل ما تنخفض الأسهم في وول ستريت، يرن الجرس في قصر اليمامة: "يا ولد، حولوا 50 مليار عشان ننقذ الاقتصاد العالمي!" والشعب؟ يغني "الحمد لله على نعمة البترودولار".
وفي الخلفية، الإخوانجية والقاعدة وداعش يرددون: "هناك اقتصاد إسلامي!" بينما يفجرون أنفسهم بفلوس خليجية. يا إلهي، لو كان هناك اقتصاد إسلامي حقاً، لكانوا يفجرون البنوك الربوية، لا الناس! لكن لا، هم جزء من اللعبة: يخيفون الشعوب عشان تقبل بالنموذج "الإسلامي" كبديل عن الشيوعية. بريجينسكي يكتب في مذكراته: "أفضل طريقة لمحاربة الشيوعية هي إختراع إسلام سياسي يموّله الخليج". وكيسنجر يضيف: "وإذا فشل، نرسل داعش!"
تخيلوا لو طبّقنا البديل الصيني العربي: مصانع، جامعات، مستشفيات، تخطيط مركزي، عدالة اجتماعية. لكن لا! هذا "كفر"، لأنه يعني أن الشيخ لن يملك 17 قصراً و30 زوجة. بدلاً من ذلك، لدينا "صيرفة إسلامية" تأخذ فلوسك، تضعها في سندات أمريكية، ترجع لك ربحاً "حلالاً" بعد خصم "رسوم إدارية" تعادل فائدة بنك سويسري. والزبون يخرج مبتسماً: "الحمد لله، ما أكلت ربا!" بينما البنك يضحك في الخلف: "أكلنا فلوسه، بس بطريقة إسلامية".
يبقى السؤال: لماذا نستمر في هذه المهزلة؟ لأن القطيع في المحميات مدرب على ترديد "أمجاد إسلامية وهابية" بينما يدفع فاتورة إبادة إخوانه. الشيخ يقول "كنا نحكم العالم!" والواقع يقول: أنتم تحكمون... لا شيء، بس تدفعون لمن يحكمكم. نزاروف يضحك في موسكو، بريجينسكي يبتسم في قبره، وكيسنجر يهمس: "أفضل استثمار في التاريخ: إسلام مزيف، يموّله أغبياء، يخدم أعداءهم". أما نحن؟ نكتب هذا المقال، ونضحك حتى البكاء، لأن الحقيقة أطرف من أي كوميديا: الاقتصاد الإسلامي ليس نظاماً، بل نكتة كبيرة، والضحكة الأخيرة لأمريكا وإسرائيل. فإذا أردتم التنمية، اتركوا الأغنام في القرن الثامن، وابدأوا بالتخطيط في القرن الحادي والعشرين. وإلا، استمروا في ترديد "لا ربا!" وأنتم تدفعون 4.5%... حلالاً طبعاً!
ملحق ساخر: قانون القيمة الرأسمالي، أو كيف يرقص العالم على إيقاع وول ستريت ويغني "إسلامي" بالعربي
تخيلوا لو سمحتم مسرحية كوميدية عالمية بعنوان "قانون القيمة يحكم الكون"، حيث يرتدي الجميع بدلة واحدة مكتوب عليها "رأسمالية"، لكن بعضهم يضع عمامة فوقها ويصرخ "هذا إسلامي!"، وبعضهم يرتدي قبعة حمراء ويقول "شيوعي!"، والجميع يدور في حلقة مفرغة يديرها دي جي من وول ستريت يدعى "الأوليغارشية". هذا هو الواقع يا سادة: قانون القيمة الرأسمالي هو الملك الوحيد، يجلس على عرش العولمة، يلوح بصولجان الفائدة، ويضحك على كل من يدّعي وجود "قانون قيمة إسلامي" أو "شيوعي". لا يوجد يا أعزائي، لا يوجد إلا هذا القانون الوحشي، وكل الباقي مجرد ملابس تنكرية في كرنفال التبعية!
دعونا نرحب بنجوم العرض الأوائل: محميات الخليج الصهيوأمريكية، أردوغان، الإخوان المسلمين، القاعدة، داعش، والجولاني! هؤلاء هم فرقة "الكومبرادور الإسلامي"، يرتدون ثياباً براقة مكتوب عليها "صيرفة حلال"، ويغنون أغنية "نحن نخدم الرأسمالية بس بطريقة شرعية!". تخيلوا الشيخ الخليجي يقف أمام بنك روتشيلد، يلوح بورقة "لا ربا!"، ثم يحول مليارات البترودولار إلى سندات أمريكية، ويهمس: "هذا استثمار مشاركة، يا جماعة!" بينما أردوغان في أنقرة يبيع أنابيب الغاز لأوروبا، يشتري طائرات إف-16، ويصرخ في الميكروفون: "نحن اقتصاد إسلامي قوي!" قوي؟ نعم، قوي في دفع فواتير الإمبريالية! أما الجولاني في إدلب، فيبيع النفط المسروق عبر تركيا، يشتري صواريخ، ويغني: "هذا جهاد اقتصادي!" يا سلام، جهاد يموّل بوينغ ولوكهيد مارتن، ويحصل على تصفيق من البنتاغون!
ثم يأتي دور الفرقة المنافسة: الصين تحت قيادة الحزب الشيوعي، الذين يرتدون بدلة "فك الارتباط"، ويحاولون الرقص خارج الدائرة. تخيلوا الراقص الصيني يقول لدي جي وول ستريت: "شكراً، بس نحن نرقص على إيقاعنا!" فيبني جامعاته بنفسه، يسرق التكنولوجيا الغربية أولاً (أو "يستعيرها" بأدب)، ثم يتفوق عليها باقتصاد إبداع ينتج هواوي وتيك توك محلي. لا يعوم اليوان، يمنع فيسبوك وغوغل من غسل أدمغة الشباب، ويوجه كل فلس لمصانع ومستشفيات. النتيجة؟ يخطط لقانون قيمة اشتراكي على المدى البعيد، بينما الآخرون يرقصون حتى الإرهاق ويغنون "إسلامي إسلامي" وهم يدفعون الفاتورة!
الفرق مضحك جداً: في معسكر الكومبرادور، يرفعون شعارات "الإسلام" ليبرروا بيع النفط بالدولار، تمويل إسرائيل، وشراء قصور في لندن. الشيخ يقول "نحن ضد الربا!" ثم يوقّع عقد مرابحة بفائدة 7% مقنعة، ويضحك: "هذا ربح، مش فايدة!" أما داعش، فيفجرون أنفسهم بفلوس خليجية، ثم يظهرون في فيديو: "هذا اقتصاد الخلافة!" نعم، خلافة تدفع ضرائب لأمريكا عبر النفط! بينما الصين تقول بهدوء: "نحن نأخذ التكنولوجيا، نمنع التطبيقات الأمريكية من تدمير وعينا، ونبني جيلاً يخترع بدلاً من يستهلك". يا إلهي، هذا كفر في عيون الشيوخ، لأنه يعني أن المليارات لن تذهب إلى ترامب أو نتنياهو!
في النهاية، يرفع دي جي وول ستريت الميكروفون ويعلن: "لا يوجد قانون قيمة إسلامي، ولا شيوعي! الكل يرقص على إيقاعي!" الخليج يصفق، أردوغان يرقص الدبكة، الجولاني يلوح بالسيف، والصين تبتسم في الزاوية وهي تبني قانونها الخاص. الجمهور؟ يضحك حتى البكاء، لأن المسرحية واضحة: من يخدم التوسع المتوحش يغني "إسلامي" ويدفع، ومن يفك الارتباط يبني صمتاً ويتقدم. فاختاروا دوركم في الكرنفال: راقص كومبرادور يرتدي عمامة، أم مهندس صيني يغلق الباب على فيسبوك ويفتح مصنعاً؟ الستار يسقط، والضحكة الأخيرة لمن يفهم أن القانون واحد، لكن الرقصة تختارها أنت!
#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)
Ahmad_Saloum#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فخ أوكرانيا: دروس التاريخ تتحدث، والناتو يستمع بصمت
-
خيانة مقنعة: رفع العقوبات ودورة النهب الاستعماري
-
خوارزميات الاحتكارات الأمريكية: حرب منهجية على الوعي الاجتما
...
-
محميات الخليج: بيادق وول ستريت في مسرح العرائس الصهيوني وفشل
...
-
طوفان الأقصى وانهيار الهوية الاقتصادية الإسرائيلية: هزيمة اس
...
-
زهران ممداني: رمز الاشتراكية عالمية الطابع وفرصة أمريكا الأخ
...
-
الإبادة الجماعية في غزة: حفلة تنكرية للأشرار الكبار
-
العناصر النادرة: سيف الصين الأخلاقي أمام فظاعة الإبادة الجما
...
-
كيف تحول ملوك سومر وبابل إلى أنبياء في الروايات اللاحقة
-
انهيار الإمبراطورية الأمريكية وانسحابها من عرش العالم..بداية
...
-
بلجيكا على حافة الهاوية: حكومة دي ويفر تواجه غضب الشعب وتهدي
...
-
الإبادة الجماعية في غزة: تقرير الأمم المتحدة يكشف تواطؤ ستين
...
-
كتيب : تشريح النظام العالمي: الجذور الخفية للهيمنة وخريطة ال
...
-
آليات الهدم - تشريح أدوات تدمير الدول
-
تشريح النظام العالمي - الجذور الخفية للهيمنة
-
حصان طروادة في قلب الأمة: محميات الخليج الصهيوأمريكية ودورها
...
-
كيف تحولت واشنطن إلى بائعة خردة عالمية تبيع حلفاءها بالكيلو
...
-
الولايات المتحدة: من العراق إلى غزة طليعة الانحطاط الهزلي
-
بروكسل تُغضب التنين وتُطفئ فرن ألمانيا: كيف تحول الكرواسون إ
...
-
اسرار حماية البيت الابيض لتجار المخدرات ومعاقبة من يمنعها في
...
المزيد.....
-
هل تحلم بأن تدفن بجوار الأديب الشهير أوسكار وايلد؟ يانصيب في
...
-
مصر.. انتقادات على تقديم العزاء للفنان محمد رمضان بوفاة والد
...
-
الإمارات.. جدل حكم -طاعة الزوج- ورضى الله وما قاله النبي محم
...
-
ساحة المرجة.. قلب دمشق النابض بتاريخ يتجدد
-
جلسة شعرية تحتفي بتنوع الأساليب في اتحاد الأدباء
-
مصر.. علاء مبارك يثير تفاعلا بتسمية شخصية من -أعظم وزراء الث
...
-
الفيلم الكوري -أخبار جيدة-.. حين تصنع السلطة الحقيقة وتخفي أ
...
-
بالاسم والصورة.. فيلم يكشف قاتل شيرين أبو عاقلة
-
السباق نحو أوسكار 2026 ينطلق مبكرًا.. تعرف على أبرز الأفلام
...
-
إطلاق الإعلان الترويجي الأول للفيلم المرتقب عن سيرة حياة -مل
...
المزيد.....
-
رسائل سياسية على قياس قبقاب ستي خدوج
/ د. خالد زغريت
-
صديقي الذي صار عنزة
/ د. خالد زغريت
-
حرف العين الذي فقأ عيني
/ د. خالد زغريت
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
المزيد.....
|