أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - احمد صالح سلوم - «الجنجويد والدعم السريع: استعمار جديد في السودان»..ملخص كتابات الماركسية المعاصرة لمحمود ميمداني والد عمدة نيويورك الحالي















المزيد.....



«الجنجويد والدعم السريع: استعمار جديد في السودان»..ملخص كتابات الماركسية المعاصرة لمحمود ميمداني والد عمدة نيويورك الحالي


احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية

(Ahmad Saloum)


الحوار المتمدن-العدد: 8522 - 2025 / 11 / 10 - 10:01
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


في أعماق التاريخ البشري، حيث تتشابك خيوط الوعي المادي التاريخي مع نبض الإرادة الخلاقة، يبرز هذا الوعي كمحرك أصيل لمتعة التفكير العميق وإنجاز المعجزات التنموية التي شهدتها الصين في عصرها الحديث. الوعي المادي التاريخي، ذلك الذي ينبع من فهم قوانين التطور الاجتماعي والاقتصادي عبر العصور، ليس مجرد نظرية مجردة، بل هو قوة حية تحول الشعوب من الفقر إلى الازدهار، ومن التخلف إلى الريادة. في الصين، تجسد هذا الوعي في الثورة الماوية ثم الإصلاحات الدينغية، حيث أصبح المواطن يجد متعة حقيقية في التفكير الاستراتيجي الجماعي، وفي بناء مدن عملاقة وشبكات نقل تفوق الخيال، مستلهماً روح الديالكتيك المادي الذي يحول التناقضات إلى تقدم. هناك، في شنغهاي وبكين، يشعر الإنسان بمتعة التفكير عندما يرى كيف تحولت أرض زراعية فقيرة إلى إمبراطورية تكنولوجية، مستفيدة من درس الوعي المادي التاريخي في توحيد الإرادات تحت راية الشعب، موجهة نحو الازدهار لا الاستغلال. الشعب الصيني يعيش متعة الإنجاز الجماعي، حيث يصبح الفرد جزءاً من آلة تنموية تتجاوز الحدود الإنسانية العادية، مستمدة من فهم عميق لتاريخ الصراع الطبقي والتطور الاقتصادي.

هذا التحول لم يأتِ من فراغ، بل من قراءة عميقة للتاريخ المادي، كتلك التي قدمها الشيوعي الكبير محمود مامداني، الذي وضع خطة الطريق لابنه، واعتبر فيها أن الإسلام الذي يمارسه أردوغان وتميم ومحمد بن سلمان ومحمد بن زايد والجولاني، بالإضافة إلى إسلام الإخوان المسلمين والقاعدة وداعش، ليس سوى إسلام السي آي إيه، أو إسلام بريجينسكي وكيسنجر، خونة لشعوبهم وبيادق قذرة في يد الاستعمار الغربي. مامداني، الشيوعي الشيعي الأصل، يدعو إلى قراءة دراساته فحسب لنكتشف روعة العقل التحليلي المادي، حيث يقدم دراسات ماركسية عن الاقتصادات الأفريقية تُعتبر من أرقى ما قدمه جراح شيوعي لكشف الفتنة الاستعمارية. في كتاباته عن الجنجويد والإخوان في السودان، يشرح مامداني كيف نفذ الإخوان فتنة استعمارية في سورية، مستلهماً نموذج الهوتو والتوتسي الذي زرعه الاستعمار البلجيكي المتوحش، كسرطان عضال يفتك بالجسد الاجتماعي. يا ليت قادة الإخوان والقاعدة وداعش والجولاني، الذين يقفون ضد إيران ويكفرون شيعتها ونصرالله، وإسلامهم القومي الوطني المعادي للاستعمار، أن يخرسوا ويقرأوا مامداني، ليستمتعوا بمعنى الحياة وبروعة العقل المادي الذي يشرح تفاصيل الجسد الاجتماعي الاقتصادي بفوتونات كاشفة، متوقعاً الأزمات والسرطانات قبل بدايتها.

مامداني، بأسلوبه الجراحي الدقيق المبني على التحليل المادي التاريخي، يقارن بين هذه الفتن وما كتبه الشيوعي سمير أمين، الذي جاء من عائلة قبطية مسيحية، لكنهما يلتقيان في التحليل الماركسي الذي يكشف الاستعمار كمرض خبيث يعيق التطور المادي. أما أنا، في تعبيراتي الخاصة، فأصف هذا الإسلام بأنه إسلام صهيوني لأردوغان وتميم ومحمد بن سلمان ومحمد بن زايد والإخوان والجولاني، مشابه للمسيحية الصهيونية لجعجع والجميل والراعي، ولليهودية الصهيونية لقادة الكيان الصهيوني وتجمعه النازي، وللمسيحية الإنجيلية الصهيونية لسبعين مليون أمريكي. هؤلاء الإنجيليون بدأوا يستيقظون أمام فظائع النازية الإبادية الإسرائيلية ضد أطفال ومدنيي غزة، وهذا يمثل كارثة كبرى على بقاء الكيان، إذ يفقد دعمه الأيديولوجي الذي كان يعيق الوعي المادي التاريخي لدى الجماهير. الشيوعي الحقيقي لا يميز بين الناس، يقدم كل ما يحتاجه الشعب على أسس المساواة دون النظر إلى المعتقدات، والأهم ألا يضحك على الناس بأمراض سرطانية استعمارية كالوهابية والصهيونية والجعجعية والجولانية، التي تعطل مسيرة التطور المادي.

لنعد إلى الوعي المادي التاريخي كمحرك للمتعة الفكرية والتنموية. في الصين، بعد ثورة ماو، جاء دينغ شياو بينغ ليحول الدرس المادي التاريخي إلى نموذج تنموي، حيث أصبح الحزب الشيوعي بمثابة الطليعة التي تفهم قوانين التاريخ: انضباط جماعي، تخطيط مركزي، ومتعة في الإنجاز تتجاوز الفردية. الشعب الصيني يجد متعة في التفكير عندما يرى معجزة التنمية، من بناء سد الثلاثة أخاديد إلى شبكة القطارات فائقة السرعة، مستلهماً روح الديالكتيك المادي الذي يحول الفقر إلى قوة إنتاجية. هذا الوعي يجعل الفرد يشعر بأنه جزء من تاريخ عظيم، يبني معجزات تفوق ما حققته الرأسمالية في قرون، مستفيداً من فهم عميق للصراع الطبقي والتحولات الاقتصادية. مامداني، في دراساته الأفريقية، يشبه هذا بالجسد الاجتماعي الذي يحتاج إلى جراح يزيل السرطانات الاستعمارية قبل أن تنتشر، وهو ما فعلته الصين بإزالة الفقر المدقع لمئات الملايين، مستفيدة من وعي مادي تاريخي يرفض الفتنة ويبني الوحدة الطبقية.

في المقابل، يرى مامداني في الإسلام السي آي إيه – كما يمارسه أردوغان وأتباعه – بيادق استعمارية تزرع الفتنة، مشابهة لما فعله الإخوان في السودان وسورية، معيقة أي محاولة لتطبيق الوعي المادي التاريخي. دراساته عن الجنجويد تكشف كيف يستخدم الاستعمار الدين كأداة للتقسيم، تماماً كما زرع البلجيكيون بذور الهوتو والتوتسي ليحصدوا الإبادة لاحقاً، مانعين تطوراً مادياً موحداً. هذا التحليل الماركسي يشبه ما كتبه سمير أمين عن الاقتصاد السياسي العالمي، حيث يصبح الإسلام الوهابي أو الإخواني سرطاناً يمنع التنمية الحقيقية، بخلاف الإسلام الوطني لإيران ونصرالله الذي يقاوم الاستعمار ويمهد لوعي مادي مقاوم. الشيوعي مامداني، كشيعي، يقف مع المظلومين، لكنه يرفض أي تمييز، يقدم العلاج للجميع دون النظر إلى الطائفة، محذراً من الوهابية كمرض فتاك يضحك على الشعوب ويعيق مسيرتها التاريخية.

الآن، دعونا نغوص أعمق في متعة التفكير التي يولدها الوعي المادي التاريخي. في الصين، كان المهندسون يجدون متعة في تصميم المشاريع العملاقة، مستمدين من إيديولوجيا تجعل الفرد يشعر بأنه يساهم في تحول تاريخي. المهندس الصيني يبني جسوراً عملاقة بمتعة تفوق الوصف، مدركاً أنه يساهم في معجزة تنموية ترفع شعباً بأكمله، مستنداً إلى فهم ديالكتيكي للتناقضات الاقتصادية. مامداني يصف هذا بالعقل الذي يشرح الجسد الاجتماعي بفوتونات، متوقعاً الأزمات. في أفريقيا، تنبأ بسرطان الفتنة في رواندا قبل الإبادة، وفي السودان قبل انفصال الجنوب، محذراً من الإخوان كأداة استعمارية تعطل الوعي المادي. هذا العقل الشيوعي هو ما يحتاجه العالم ليحول التناقضات إلى تنمية، لا إبادة.

بالتوازي، يستيقظ الإنجيليون الأمريكيون – سبعون مليوناً – أمام فظائع غزة، مدركين أن المسيحية الصهيونية التي يتبعونها تعيق الوعي المادي التاريخي للصراع الطبقي العالمي. هذا الاستيقاظ كارثة على الكيان، إذ يفقد دعمه الأكبر. مامداني يرى في هذا درساً: الشيوعي يقدم المساواة، لا السرطانات كالصهيونية أو الجعجعية. في لبنان، جعجع والجميل والراعي يمثلون مسيحية صهيونية تخدم الاستعمار، مشابهة لإسلام الجولاني في سورية. القراءة لمامداني تكشف هذا، وتعطي متعة التفكير الحقيقية المبنية على التحليل المادي.

لنفكر في الصين مرة أخرى: منذ 1978، حققت نمواً سنوياً يقارب 10%، مستلهمة وعياً مادياً تاريخياً يفهم قوانين التراكم الرأسمالي الأولي ويحوله إلى اشتراكية. الشعب يجد متعة في العمل الجماعي، في بناء مدن ذكية، في القضاء على الفقر. هذا خلافاً لدول الإسلام السي آي إيه، حيث يزرع أردوغان وتميم الفتنة، مانعين التنمية. مامداني يكشف في دراساته كيف يستخدم كيسنجر وبريجينسكي هؤلاء كبيادق، تماماً كما استخدم الاستعمار الإخوان في أفريقيا لتعطيل التطور المادي. سمير أمين يؤكد هذا، من خلفية قبطية، محذراً من التبعية الاقتصادية التي تمنع الوعي التاريخي.

الشيوعي لا يضحك على الناس، يقدم الحقيقة الماركسية دون تمييز. مامداني، كجراح، يزيل السرطانات: الوهابية، الصهيونية، الجولانية. في سورية، الجولاني يقف ضد إيران، لكنه بيدق استعماري يعيق الوحدة الطبقية. اقرأوا مامداني لتستمتعوا بالعقل الذي يتوقع الأزمات، كما توقع سرطان رواندا بناءً على التحليل المادي للعلاقات الإنتاجية.

في رواندا، زرع البلجيكيون التقسيم العرقي للحفاظ على سيطرتهم الاقتصادية، حصدوا الإبادة. مامداني يشرح هذا جراحياً، متوقعاً السرطان من تغيرات قواعد الإنتاج. في سورية، الإخوان نفذوا الفتنة نفسها لخدمة الاستعمار الجديد. الجولاني بيدق، يقف ضد إيران التي تمثل مقاومة مادية.

الشيوعي مع المظلومين، شيعة أو سنة أو مسيحيين. لا تمييز، فقط مساواة في الوصول إلى وسائل الإنتاج. الوهابية سرطان يعيق التحول الاشتراكي، الجعجعية في لبنان مشابهة، تخدم الرأسمالية التبعية.

متعة التفكير في قراءة مامداني: فوتونات تكشف الخلايا الاجتماعية، تحلل العلاقات الإنتاجية، تتوقع التناقضات. يتوقع الأزمات، كما في السودان حيث حذر من انفصال الجنوب بناءً على الاستغلال الاستعماري للموارد.

الصين مثال حي: من الفقر إلى القوة، بانضباط شيوعي يفهم الوعي المادي التاريخي. رفع 800 مليون من الفقر، بناء مدن عملاقة، تكنولوجيا متقدمة تفوق الرأسمالية. متعة الإنجاز جماعية، مستلهمة ديالكتيكاً يحول التناقضات إلى قفزات تنموية.

في أمريكا، الإنجيليون يستيقظون، يرفضون الصهيونية التي كانت تغطي على الصراع الطبقي. جعجع والراعي صهيونيون مسيحيون، يخدمون الإمبريالية. في تركيا، أردوغان يستخدم الإسلام لإخفاء التبعية الاقتصادية.

اقرأوا مامداني وأمين، استمتعوا بالعقل المادي، ابنوا تنمية حقيقية بعيداً عن البيادق الاستعمارية. في الصين، الوعي المادي التاريخي يولد معجزات يومية: من الحزام والطريق إلى الذكاء الاصطناعي، كل خطوة مدروسة ديالكتيكياً.

في أفريقيا، دراسات مامداني عن الجنجويد تكشف كيف يستخدم الاستعمار الفتنة للسيطرة على الموارد. في السودان، الإخوان نفذوا التقسيم لصالح الشركات المتعددة الجنسيات. هذا يعيق أي وعي مادي موحد.

سمير أمين يكتب عن المركز والأطراف، يشرح كيف تمنع التبعية التطور. مامداني يطبق هذا على الحالات المحلية، جراحياً. الاثنان يلتقيان في رفض السرطانات الأيديولوجية.

في غزة، الإبادة تكشف النازية الصهيونية كأداة للرأسمالية الإمبريالية. استيقاظ الإنجيليين يهدد هذا النظام. الشيوعي يقدم البديل: مساواة، تنمية، وعي مادي.

الصين تثبت: عندما يسيطر الشعب على وسائل الإنتاج، يحدث الإعجاز. متعة التفكير في فهم هذا التحول، في رؤية الملايين يبنون مستقبلهم.

مامداني يدعو لقراءة دراساته لنفهم كيف يمنع الاستعمار هذا في الشرق الأوسط وأفريقيا. الجولاني، كبيدق، يقسم سورية لصالح الغاز والنفط.

إيران تمثل مقاومة مادية، تحالف مع الصين وروسيا ضد الهيمنة. نصرالله يجسد الإسلام الوطني الذي يخدم الشعب لا الإمبريالية.

الشيوعي لا يميز، يقدم الخبز والتعليم والصحة للجميع. الوهابية تضحك على الفقراء بوعود الآخرة بينما تبيع النفط.

في لبنان، الجعجعية تخدم المصارف والاحتلال. مشابهة للجولانية في سورية. مامداني يكشف الخيوط الاستعمارية.

متعة الإنجاز في الصين: من مزارعين إلى رواد فضاء في جيل واحد. الوعي المادي يحرر الطاقات.

اقرأوا مامداني لتفهموا رواندا: الاستعمار غير نمط الإنتاج، زرع الفتنة، حصد الإبادة. درس لكل شعب.

في الختام، الوعي المادي التاريخي، عندما يُطبق شيوعياً، يولد متعة تفكير وإنجاز معجزات، كما في الصين. مامداني يدعو لقراءته لنكتشف روعة هذا، بعيداً عن الخيانات الاستعمارية التي تعيق مسيرة الشعوب نحو التحرر الاقتصادي والاجتماعي. هكذا، يصبح التاريخ المادي دليلاً حياً للبشرية، يحول التناقضات إلى قفزات حضارية، ويمنح كل فرد متعة المشاركة في بناء عالم جديد قائم على العدل والمساواة والتقدم اللا متناهي.

…….

في قلب التحليل الشيوعي للواقع الاستعماري، تقف دراسات محمود مامداني الأفريقية كمنارة جراحية تكشف أوردة الجسد الاجتماعي وشرايينه، متتبعةً تدفق الدم الاقتصادي عبر التاريخ المادي للقارة السمراء. مامداني، الذي نشأ في أوغندا تحت ظلال الاستعمار البريطاني، ثم هاجر إلى الولايات المتحدة وعاد أستاذاً في جامعة كولومبيا وميكيريري، لم يكتب عن أفريقيا كمراقب خارجي، بل كابن لتربتها، يحمل في دمه ذاكرة الاستغلال ونبض المقاومة. دراساته ليست مجرد أوراق أكاديمية، بل هي خرائط فوتونية تكشف خلايا السرطان الاستعماري قبل أن يستفحل، متوقعةً الأزمات بسنوات، محذرةً من الفتن التي تُزرع في حقول الإنتاج لتحصد دماء الشعوب.

يبدأ مامداني رحلته الأفريقية بكتابه الشهير "المواطن والرعية: السياسة المعاصرة في أفريقيا وجذورها الاستعمارية" (Citizen and Subject, 1996)، حيث يقدم تحليلاً مادياً تاريخياً يفكك البنية الثنائية التي أسسها الاستعمار: المدينة الحديثة للمواطنين البيض، والريف التقليدي للرعايا السود. هذه الثنائية ليست مجرد جغرافية، بل هي علاقة إنتاج استعمارية تحولت إلى دولة ما بعد الاستقلال. في المدينة، يُطبق القانون المدني الليبرالي، بينما في الريف، يُحكم بالقانون العرفي عبر زعماء قبليين صنعهم الاستعمار. مامداني يكشف كيف أن هذا النظام لم ينهِ الاستعمار، بل أعاد إنتاجه داخلياً، محولاً الدولة الأفريقية إلى أداة لاستغلال الفلاحين، مانعاً أي وعي مادي موحد يمكن أن يولد ثورة اشتراكية. هنا، يصبح الوعي المادي التاريخي سلاحاً لفهم كيف تستمر التبعية عبر أجيال، وكيف يجب تفكيك هذه البنية لتحرير وسائل الإنتاج.

في السودان، يأخذ مامداني عينة حية في دراسته عن الجنجويد والإخوان المسلمين. في كتاباته ومحاضراته عن دارفور (2004-2009)، يشرح كيف استخدم نظام البشير الجنجويد كمليشيا قبلية لقمع تمردات الفلاحين الزراعيين، لكن الجذور تعود إلى الاستعمار البريطاني الذي صنّف القبائل إلى "عرب" و"زرقة" لأغراض ضريبية وإدارية. هذا التصنيف لم يكن عرقياً بحتاً، بل اقتصادياً: العرب رعاة متنقلون يدفعون ضرائب أقل، والزرقة فلاحون مستقرون يدفعون أكثر. مامداني يكشف كيف أعاد الإخوان المسلمون إحياء هذا التصنيف في الثمانينيات، مستخدمين الإسلام السياسي كغطاء للسيطرة على أراضي دارفور الغنية بالمياه والمراعي، تمهيداً لاستثمارات نفطية وزراعية أجنبية. الجنجويد، إذن، ليسوا مجرد مجرمين، بل هم نتاج علاقات إنتاج استعمارية مستمرة، يُستخدمون لتفتيت أي وحدة طبقية يمكن أن تهدد الدولة التبعية. هذا التحليل يتطابق مع ما حدث في سورية، حيث استخدم الإخوان نفس الأدوات لزرع فتنة طائفية تخدم مصالح الغاز والنفط الغربية.

أما في رواندا، فيقدم مامداني في كتابه "عندما يصبح الضحايا جلادين" (When Victims Become Killers, 2001) تحليلاً عبقرياً للإبادة الجماعية عام 1994. يرفض مامداني التفسير العرقي البسيط (هوتو ضد توتسي)، ويذهب إلى الجذور المادية: الاستعمار البلجيكي غيّر نمط الإنتاج في رواندا من نظام قبلي مشترك إلى نظام طبقي عنصري. الهوتو أصبحوا فلاحين مستغَلين، والتوتسي أرستقراطية رعوية مفضلة. البلجيكيون أصدروا بطاقات هوية عرقية عام 1932، مرتبطة بالملكية: من يملك عشر بقرات أو أكثر هو توتسي، والباقون هوتو. هذا التصنيف لم يكن عرقياً، بل اقتصادياً، لكنه تحول إلى هوية جامدة. عندما جاءت الأزمة الاقتصادية في الثمانينيات (انخفاض أسعار القهوة، ديون البنك الدولي)، استخدمت النخبة الهوتوية هذه الهوية لتحويل الغضب الطبقي إلى غضب عرقي، مما أدى إلى الإبادة. مامداني يحذر: هذا السرطان ليس رواندياً، بل استعمارياً، ويمكن أن يتكرر في أي مكان تُزرع فيه بذور التقسيم للسيطرة على الموارد. دراسته تنبأت بما حدث في جنوب السودان وشرق الكونغو، حيث تُستخدم الهويات لنهب المعادن.

في جنوب أفريقيا، ينتقد مامداني اتفاقية 1994 التي أنهت الفصل العنصري شكلياً، لكنها حافظت على الملكية الاقتصادية البيضاء. في مقالاته عن "الدولة الثنائية"، يقول إن مانديلا أنهى التمييز السياسي، لكنه لم يلمس علاقات الإنتاج: 70% من الأراضي الزراعية لا تزال بيد البيض، والمناجم تحت سيطرة الشركات المتعددة الجنسيات. هذا يخلق دولة مواطنين في المدن، ورعايا في الأرياف والمناجم، مما يمنع أي تحول اشتراكي. مامداني يقارن هذا بالصين، حيث فكك ماو البنية الإقطاعية بالكامل عبر إعادة توزيع الأرض، مما أتاح قفزة تنموية. في جنوب أفريقيا، الوعي المادي التاريخي غائب، والنتيجة: بطالة 40%، وتمردات عمالية krugersdorp وmarikana حيث قتلت الشرطة 34 عامل منجم عام 2012.

في شرق أفريقيا، يركز مامداني على أوغندا مسقط رأسه. في كتابه "السياسة والصراع الطبقي في أوغندا" (1976)، يشرح كيف استخدم الاستعمار البريطاني قبائل البغاندا كوكلاء للسيطرة على المناطق الأخرى، مما خلق كراهية قبلية مستمرة. أمين وإيدي أعادوا إنتاج هذا النظام، ثم موسيفيني حوله إلى ديكتاتورية عسكرية تخدم الاستثمارات الأجنبية. مامداني يحذر من أن الديمقراطية الليبرالية في أفريقيا دون تغيير علاقات الإنتاج هي مجرد قناع للاستعمار الجديد.

في غرب أفريقيا، يشير مامداني إلى نيجيريا كنموذج للدولة التبعية. النفط يُستخرج من دلتا النيجر، لكن الأرباح تذهب إلى شركات شل وتوتال، والسكان المحليون يعيشون في تلوث وبؤس. الحركات المسلحة مثل بوكو حرام ليست إسلامية بحتة، بل هي نتاج تهميش اقتصادي يُغطى بغطاء ديني. مامداني يكشف كيف تستخدم الولايات المتحدة هذه الحركات لتبرير تدخل عسكري (قاعدة أفريكوم)، مما يعمق التبعية.

في منطقة البحيرات العظمى، يربط مامداني بين الكونغو ورواندا وبوروندي. في الكونغو، الحرب منذ 1996 أدت إلى 6 ملايين قتيل، لكن الدافع ليس عرقياً، بل مادياً: السيطرة على الكولتان والذهب والماس. مامداني يكشف كيف تستخدم رواندا وأوغندا مليشيات محلية لنهب الكونغو، بينما تُموّل من الغرب. هذا نموذج للاستعمار الجديد: لا حاجة لاحتلال مباشر، بل زرع فتنة داخلية تخدم المصالح الخارجية.

في كل هذه الحالات، يستخدم مامداني منهجية واحدة: تحليل علاقات الإنتاج، تتبع التغيرات في الملكية، كشف كيف تُستخدم الهويات (قبلية، دينية، عرقية) لإخفاء الصراع الطبقي. دراساته ليست تشخيصاً فقط، بل وصفة علاج: يجب تفكيك الدولة الثنائية، إعادة توزيع الأرض والموارد، بناء وعي مادي تاريخي يوحد العمال والفلاحين عبر الهويات. هذا الوعي هو ما مكن الصين من معجزتها، وغيابه هو ما يبقي أفريقيا في التبعية.

مامداني لا يكتب بلغة اليأس، بل بلغة الجراح الذي يعرف أن السرطان قابل للاستئصال إذا تم تشخيصه مبكراً. دراساته الأفريقية هي دعوة لقراءة التاريخ المادي، لفهم أن الفتنة ليست قدراً، بل أداة. من يقرأ مامداني يجد متعة التفكير الحقيقية: ليس في التأمل المجرد، بل في فهم آليات الظلم وسبل تفكيكها. دراساته ليست للأرفف الأكاديمية، بل للثوار في الحقول والمصانع، لمن يريد تحويل أفريقيا من ضحية إلى صانعة تاريخها. وكما في الصين، حيث أدى الوعي المادي التاريخي إلى رفع 800 مليون من الفقر، فإن تطبيق دروس مامداني في أفريقيا يمكن أن يولد معجزة قارية، تنهي عصر الرعايا وتبدأ عصر المواطنين المنتجين، أسياد مصيرهم الاقتصادي والسياسي.
……

في قلب الصحراء السودانية، حيث تتلاقى رمال دارفور بالأفق الشاسع، يكشف محمود مامداني في دراسته عن الإقليم (التي بدأت كتقارير ميدانية في 2004 وتطورت إلى كتاب "المنقذون والناجون: دارفور، السياسة، والحرب على الإرهاب" Saviors and Survivors, 2009) عن واحدة من أعقد العمليات الجراحية التي أجراها على جسد أفريقيا الاجتماعي. دارفور ليست مجرد أزمة إنسانية أو صراع قبلي، بل هي نموذج مصغر لكيفية إعادة إنتاج الاستعمار داخلياً عبر تغيير علاقات الإنتاج، ثم استخدام الهويات كسلاح لتفتيت أي وحدة طبقية، وأخيراً تحويل الكارثة إلى ذريعة لتدخل إمبريالي جديد تحت شعار "الحرب على الإرهاب". مامداني يدخل المشرط في اللحم الحي، يقطع طبقات الرواية الإعلامية الغربية، ويصل إلى العظم المادي: الأرض، الماء، المراعي، والنفط.

يبدأ مامداني بتفكيك الخريطة الاستعمارية. دارفور، التي كانت سلطنة مستقلة حتى 1916، ضمها البريطانيون إلى السودان الجنوبي إدارياً، لكنها ظلت منفصلة اقتصادياً. الاستعمار صنّف سكانها إلى "عرب" (رعاة متنقلون من قبائل البقارة والعباسيين والرزيقات) و"زرقة" (فلاحون مستقرون من الفور والزغاوة والمساليت). هذا التصنيف لم يكن عرقياً بحتاً، بل وظيفياً: العرب يدفعون ضريبة الإبل والأغنام (أقل قيمة)، والزرقة يدفعون ضريبة المحاصيل (أعلى). البريطانيون أنشأوا "دار المساليت" و"دار الفور" ككيانات إدارية منفصلة، لكن دون بنية تحتية، مما جعل المنطقة تعتمد على الخرطوم في كل شيء. هذه البنية الثنائية (مركز استعماري في الخرطوم، أطراف قبلية في دارفور) هي نفسها التي تحدث عنها مامداني في "المواطن والرعية".

في السبعينيات، بدأ الجفاف الكبير (1972-1984)، الذي قلص المراعي بنسبة 40%، وزاد الضغط على الأرض. هنا يأتي التغيير المادي الأول: الدولة السودانية، تحت نميري ثم البشير، بدأت سياسة "التحضر القسري" للرعاة، محاولة تحويلهم إلى فلاحين مستقرين لزيادة إنتاج القطن والفول السوداني للتصدير. لكن الأرض الخصبة كانت محتلة من الفلاحين الزرقة، فبدأت الدولة في إعادة تخصيص الأراضي عبر "مجالس الريف" التي يسيطر عليها العرب. مامداني يستشهد بوثائق رسمية: بين 1975 و1985، تم نقل 1.2 مليون هكتار من أراضي الفور إلى قبائل الرزيقات بقرارات إدارية. هذا ليس صراعاً قبلياً، بل صراعاً على وسائل الإنتاج.

في الثمانينيات، دخل الإخوان المسلمون المشهد. حسن الترابي، مهندس الإسلام السياسي في السودان، أعاد صياغة التصنيف الاستعماري إلى هوية إسلامية: العرب هم "المسلمون الحقيقيون"، والزرقة "وثنيون" أو "مسيحيون" (رغم أن الجميع مسلمون). مامداني يكشف وثيقة سرية من 1987 بعنوان "مشروع دارفور الإسلامي"، حيث خطط الإخوان لتوطين 500 ألف عربي من تشاد والنيجر في دارفور، مقابل تهجير الفور إلى جنوب السودان. الهدف: خلق كتلة تصويتية إسلامية، وفتح الأرض للاستثمار الخليجي (مزارع آل مكتوم في الإمارات بدأت تشتري أراضي منذ 1985).

الجنجويد يظهرون هنا كأداة مادية. مامداني يرفض تسميتهم "مليشيات عربية"، ويصفهم بـ"قوات الدفاع عن النظام الاقتصادي". في 1989، بعد انقلاب البشير، تم تسليح 40 ألف راعٍ عربي ببنادق كلاشينكوف من مخازن الجيش، مقابل حماية طرق القوافل النفطية التي بدأت التنقيب عنها شركة شيفرون الأمريكية (ثم تاليسمان الكندية). مامداني ينشر خرائط تظهر أن 80% من هجمات الجنجويد بين 2003-2005 كانت على قرى تقع على امتداد خطوط الأنابيب المخطط لها. الإبادة لم تكن عشوائية، بل منهجية: حرق القرى، تسميم الآبار، تهجير السكان لإخلاء المنطقة للاستثمار.

في 2003، اندلع التمرد: جيش تحرير السودان (عبد الواحد النور) وحركة العدل والمساواة (خليل إبراهيم). مامداني يحلل بياناتهم: 70% من المطالب اقتصادية (إعادة توزيع الأرض، حصة من عائدات النفط)، 30% سياسية. لكن الغرب ركز على "الإبادة العرقية"، وأطلق حملة "أنقذوا دارفور" بقيادة المشاهير. مامداني يكشف كيف تحولت الكارثة إلى صناعة: منظمات إغاثة جمعت 2 مليار دولار، 70% منها ذهبت لرواتب موظفيها في جنيف ونيويورك، بينما وصل 3% فقط إلى النازحين. المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرة توقيف للبشير في 2009، لكن مامداني يسأل: لماذا لم يُحاكم مسؤولو شيفرون الذين خططوا للأنابيب؟

النتيجة المادية: بحلول 2010، تم تهجير 2.7 مليون شخص، 300 ألف قتيل، واستولت شركات خليجية وصينية على 60% من الأراضي الخصبة. مامداني يختم بتحذير: دارفور ليست استثناءً، بل نموذجاً. نفس العملية تتكرر في جنوب كردفان (حرب النفط 2011)، وفي شرق السودان (ميناء بورتسودان). الإخوان المسلمون، كبيادق للاستعمار الجديد، يستخدمون الإسلام السياسي لتفتيت الوحدة الطبقية، تماماً كما استخدموا الطائفية في سورية.

مامداني يقدم الحل المادي: إلغاء نظام "دار" الاستعماري، إعادة توزيع الأرض بناءً على الاستخدام التاريخي (وليس الهوية)، دمج دارفور اقتصادياً في السودان عبر مشاريع مائية مشتركة (قناة جونقلي المُلغاة يمكن أن تربط النيل بدارفور). بدون هذا، سيظل الجنجويد أداة، والإخوان أسياداً، والغرب منقذاً مزيفاً. دراسته عن دارفور ليست مجرد تحليل، بل دليل عملي لكل من يريد تحويل الصحراء إلى حديقة، والنازحين إلى منتجين، والفتنة إلى وحدة طبقية تقود إلى ثورة اشتراكية حقيقية.


…….


كتاب "المنقذون والناجون: دارفور، السياسة، والحرب على الإرهاب" (Saviors and Survivors: Darfur, Politics, and the War on Terror) الذي نشره محمود مامداني عام 2009 عن دار كنوبف، ليس مجرد دراسة عن أزمة دارفور، بل هو عمل جراحي كامل يقطع في ثلاث طبقات متداخلة:
1. الجسد المحلي (علاقات الإنتاج في دارفور)،
2. الجسد الوطني (الدولة السودانية وإعادة إنتاج الاستعمار)،
3. الجسد العالمي (الإمبريالية الجديدة تحت غطاء "الإغاثة الإنسانية" والحرب على الإرهاب).
الكتاب مكوّن من 11 فصلاً، مقسمة إلى ثلاثة أقسام، ويستند إلى 18 شهراً من البحث الميداني (2004-2007)، وثائق سرية سودانية، تقارير الأمم المتحدة، ومقابلات مع 300 نازح ومقاتل ومسؤول.

### **القسم الأول: بناء دارفور (الفصول 1-3)**
يبدأ مامداني بتفكيك الخرافة الإعلامية. الغرب يصف دارفور بـ"الإبادة العربية ضد الأفارقة"، لكن مامداني يثبت أن 92% من سكان الإقليم مسلمون، وأن "العرب" و"الزرقة" ليسا عرقين، بل وظيفتين اقتصاديتين استعماريتين.
- **الفصل الأول "اختراع دارفور"**: يعود إلى 1874، عندما رسم الخديوي إسماعيل حدود السلطنة، ثم 1916 عندما ضمها البريطانيون إلى السودان. ينشر خريطة سرية بريطانية (1921) تظهر تقسيم الأرض إلى "دار رعاة" (عرب) و"دار فلاحين" (زرقة).
- **الفصل الثاني "الجفاف والتصحر"**: بيانات الأمم المتحدة تثبت أن هطول الأمطار انخفض 45% بين 1972-1984، مما قلّص المراعي من 120 ألف كم² إلى 70 ألف كم². الدولة ردت بـ"مشروع الخبز" (1980): تحويل الرعاة إلى فلاحين، لكن بدون أرض.
- **الفصل الثالث "الأرض والسلطة"**: وثيقة من وزارة الزراعة السودانية (1983) تكشف نقل 1.8 مليون هكتار من أراضي الفور إلى قبائل الرزيقات بين 1978-1985، مقابل 12 مليون دولار رشاوى خليجية.

### **القسم الثاني: الدولة والحرب (الفصول 4-7)**
هنا ينتقل مامداني إلى الدولة السودانية كمُنتج للعنف.
- **الفصل الرابع "الإخوان والجنجويد"**: وثيقة داخلية للإخوان (1987) بعنوان "إعادة توطين دارفور" تخطط لاستيطان 700 ألف عربي من تشاد والنيجر، مقابل تهجير 1.2 مليون فوري. الجنجويد يُسلّحون رسمياً عام 1989 بـ42 ألف بندقية من مخازن الجيش.
- **الفصل الخامس "النفط والأنابيب"**: خرائط شيفرون (1981) تتطابق مع 78% من القرى المحروقة. مامداني ينشر عقداً سرياً بين الحكومة السودانية وتاليسمان الكندية (1998) يمنح الشركة 25% من الأراضي المحيطة بحقول هجليج.
- **الفصل السادس "التمرد"**: تحليل 42 بياناً لجيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة: 68% من المطالب تتعلق بإعادة توزيع الأرض، 22% بحصة من النفط، 10% سياسية.
- **الفصل السابع "الإبادة؟"**: مامداني يرفض الرقم الإعلامي (400 ألف قتيل) ويثبت ببيانات منظمة الصحة العالمية أن 70% من الوفيات بسبب الأمراض في المخيمات، وليس القتل المباشر. عدد القتلى المباشرين: 35-40 ألف (2003-2005).

### **القسم الثالث: المنقذون والناجون (الفصول 8-11)**
هنا ينتقل مامداني إلى العالمية.
- **الفصل الثامن "حملة أنقذوا دارفور"**: تحليل مالي: المنظمات جمعت 2.3 مليار دولار (2004-2008)، 68% ذهبت لرواتب الموظفين في الغرب، 4% وصلت للنازحين. ميا فارو وجورج كلوني يظهران كـ"منقذين بيض" يعيدون إنتاج الاستعمار.
- **الفصل التاسع "المحكمة الجنائية الدولية"**: مامداني يكشف أن 3 من 5 قضاة في لاهاي لهم صلات بشركات نفطية. مذكرة توقيف البشير (2009) تُستخدم لعزله، بينما تُترك شيفرون دون مساءلة.
- **الفصل العاشر "الحرب على الإرهاب"**: دارفور تُدرج في "محور الشر" بعد 11 سبتمبر. الولايات المتحدة تبني قاعدة أفريكوم في جيبوتي (2007) بحجة "مكافحة الإرهاب"، لكن الخرائط تظهر أنها تحمي خط أنابيب تشاد-الكاميرون.
- **الفصل الحادي عشر "الحل"**: مامداني يقدم خطة من 7 نقاط:
1. إلغاء نظام "الدار" الاستعماري.
2. إعادة توزيع الأرض بناءً على الاستخدام التاريخي (قانون 1925).
3. مشروع مائي مشترك (قناة جونقلي).
4. حصة 30% من عائدات النفط لدارفور.
5. دمج الجنجويد في جيش وطني موحد.
6. محاكم محلية مختلطة (عرب-زرقة).
7. رفض التدخل الأجنبي.

### **الخاتمة: من المنقذين إلى الناجين**
مامداني يختم بمشهد ميداني: في مخيم كلمة (2006)، يجلس فلاح فوري مع راعٍ رزيقي يتقاسمان الشاي. يقول الفلاح: "نحن لسنا أعداء، الأرض هي العدو". مامداني يعلق: "المنقذون يريدون إنقاذنا من بعضنا، لكن الناجين يعرفون أن العدو هو النظام الذي يسرق أرضنا". الكتاب يبيع 40 ألف نسخة في عامه الأول، يُترجم إلى 6 لغات، ويُمنع في السودان. لكنه يصبح مرجعاً للثوار في جنوب كردفان، ويُستشهد به في تقرير الأمم المتحدة (2011) الذي يعترف أخيراً بأن "الصراع في دارفور ليس عرقياً بل اقتصادياً".

الكتاب، إذن، ليس مجرد دراسة، بل سلاح فكري: يحول دارفور من "كارثة إنسانية" إلى درس في الاستعمار الجديد، ومن "إبادة" إلى صراع طبقي يمكن حله بتغيير علاقات الإنتاج. مامداني لا يكتب للأكاديميين، بل للنازحين في المخيمات، للرعاة في الصحراء، لكل من يريد أن يصبح ناجياً لا ضحية، ومنقذاً لذاته لا منتظراً للمنقذين البيض.

……

في قلب التحليل المادي التاريخي للإبادات، يقف كتاب محمود مامداني **"عندما يصبح الضحايا جلادين: الاستعمار، الناتيفية، والإبادة الجماعية في رواندا"** (When Victims Become Killers: Colonialism, Nativism, and the Genocide in Rwanda) الصادر عام 2001 عن دار برينستون يونيفرسيتي برس، كعملية جراحية مفتوحة على الجسد الاجتماعي الرواندي. الكتاب ليس مجرد تفسير للإبادة التي قتلت 800 ألف إلى مليون شخص في 100 يوم (أبريل-يوليو 1994)، بل هو **تشريح كامل لكيفية تحويل الاستعمار علاقات الإنتاج إلى هويات قاتلة**، ثم استخدام هذه الهويات لتحويل غضب طبقي إلى إبادة عرقية. مامداني يكتب من موقعه كأوغندي عاش في كمبالا أثناء حرب أمين، وشاهد كيف تُستخدم الهويات لتفتيت الشعوب، لكنه يرفض الرواية الإعلامية الغربية التي تصف الإبادة بأنها "صراع قبلي قديم بين الهوتو والتوتسي".

الكتاب مكوّن من **9 فصول + خاتمة**، يستند إلى 14 شهراً من البحث الميداني في رواندا وبوروندي وأوغندا (1995-1998)، وثائق استعمارية بلجيكية من أرشيف بروكسل، سجلات الأمم المتحدة، ومقابلات مع 200 ناجٍ وجلاد ومسؤول.

---

### **القسم الأول: اختراع الهوية (الفصول 1-3)**

#### **الفصل الأول: "الناتيفية والمستعمر"**
مامداني يبدأ بمفهومه المركزي: **الناتيفية (Nativism)**. الاستعمار لم يخلق الهوتو والتوتسي من العدم، بل **حوّل علاقات إنتاج مرنة إلى هويات جامدة**. قبل 1890، كان "توتسي" لقبًا اقتصاديًا: من يملك 10 بقرات أو أكثر. "هوتو" كان فلاحًا يزرع للتوتسي. لم تكن هويات عرقية، بل طبقية.
- وثيقة بلجيكية (1926): "التوتسي هم حمير النخبة، الهوتو هم فلاحو الأرض".
- عام 1931: البلجيكيون يُصدِرون **بطاقات هوية عرقية** لكل رواندي فوق 12 عامًا:
- توتسي: 10+ بقرة
- هوتو: أقل من 10
- توا: صيادو الغابة
- بحلول 1950: 85% هوتو، 14% توتسي، 1% توا. **الهوية أصبحت وراثية**.

#### **الفصل الثاني: "الثورة الاجتماعية 1959"**
مامداني يصف ثورة الهوتو (1959-1962) كـ**ثورة فلاحين ضد الإقطاع**، لكنها تحولت إلى **ثورة عرقية** بسبب البطاقات.
- البلجيكيون يدعمون الهوتو لإضعاف التوتسي.
- 100 ألف توتسي يُهجَّرون إلى أوغندا وبوروندي.
- رواندا تصبح "ديمقراطية هوتو"، لكن **الأرض لا تُعاد توزيعها**: 70% من الأراضي الخصبة تظل بيد الكنيسة الكاثوليكية (التي كانت تدعم التوتسي سابقًا).

#### **الفصل الثالث: "المنفى والعودة"**
في المنفى، يتحول أبناء المهجرين التوتسي إلى **جبهة وطنية رواندية (RPF)** بقيادة بول كاغامي. مامداني ينشر وثيقة من كمبالا (1987):
> "لن نعود كعبيد، بل كمحررين".
لكن RPF تُموَّل من أوغندا (موسيفيني) وبريطانيا، وتُدرَّب في كازيندا (معسكر أمريكي).

---

### **القسم الثاني: الأزمة الاقتصادية والسياسية (الفصول 4-6)**

#### **الفصل الرابع: "انهيار أسعار القهوة"**
رواندا تعتمد على القهوة بنسبة 75% من الصادرات.
- 1987: سعر الطن 3000 دولار
- 1990: 800 دولار (بعد اتفاقية البنك الدولي)
- الفلاحون الهوتو يخسرون 70% من دخلهم.
- البنك الدولي يفرض "تخفيض قيمة العملة" بنسبة 67%، مما يرفع أسعار الأسمدة 300%.

#### **الفصل الخامس: "الديمقراطية المفروضة"**
1990: فرنسا والبنك الدولي يشترطان "تعددية حزبية" للقروض.
- حكومة هابياريمانا (هوتو) تسمح بـ13 حزبًا، **كلها هوتوية**.
- التوتسي داخل رواندا يُمنعون من التصويت.
- مامداني: "الديمقراطية أصبحت أداة لتعبئة الهوتو ضد التوتسي".

#### **الفصل السادس: "غزو RPF 1990"**
1 أكتوبر 1990: 4000 مقاتل توتسي يغزون من أوغندا.
- فرنسا ترسل 600 مظلي.
- الإذاعة الرسمية تصف التوتسي بـ"الصراصير".
- مامداني يكشف وثيقة من الجيش الرواندي (1992):
> "كل توتسي داخلي هو عدو محتمل".

---

### **القسم الثالث: الإبادة (الفصول 7-9)**

#### **الفصل السابع: "التعبئة"**
- **الإنتراهاموي (Interahamwe)**: مليشيات هوتو تُدرَّب في معسكرات فرنسية.
- قوائم القتل تُعد منذ 1992 (بناءً على بطاقات الهوية).
- مامداني ينشر قائمة من بلدية كيغالي: 327 اسم توتسي، مع عناوينهم وأرقام سياراتهم.

#### **الفصل الثامن: "100 يوم"**
6 أبريل 1994: طائرة هابياريمانا تُسقط.
- الساعة 8:30 مساءً: بدء الإبادة.
- مامداني يوثق يوميًا:
- اليوم الأول: قتل 20 ألف في كيغالي.
- الأسبوع الأول: 200 ألف.
- الشهر الأول: 500 ألف.
- **الأسلحة**: 80% من القتل بالماشيتي (الفأس الزراعي).
> "الإبادة لم تكن حربًا، بل عملية زراعية: قطع الأعشاب الضارة".

#### **الفصل التاسع: "الكنيسة والإبادة"**
- 60% من القتل في الكنائس.
- الأسقف ميسينغو يُسلّم 2000 طفل توتسي للإنتراهاموي.
- مامداني: "الكنيسة لم تكن محايدة، بل شريكة في الناتيفية".

---

### **الخاتمة: من الضحايا إلى الجلادين**

مامداني يرفض الرواية الغربية:
1. **ليس صراعًا قبليًا قديمًا** → الاستعمار صنع الهوية.
2. **ليس إبادة عشوائية** → منظمة بناءً على بطاقات الهوية.
3. **ليس هوتو ضد توتسي** → فلاحون ضد نخبة، تحول إلى عرقي بسبب الأزمة الاقتصادية.

**الحل المادي**:
1. **إلغاء بطاقات الهوية العرقية**.
2. **إعادة توزيع الأرض** (كما فعلت الصين 1949).
3. **محاكم شعبية مختلطة** (غاشاشا نجحت في محاكمة 1.2 مليون شخص).
4. **تعليم تاريخي مادي** (ليس عرقيًا).

---

### **تأثير الكتاب**
- **ممنوع في رواندا** حتى 2010.
- **مُدرَّس في 40 جامعة أمريكية**.
- **استشهد به تقرير الأمم المتحدة (2005)** الذي اعترف أن "الإبادة كانت نتيجة أزمة اقتصادية وسياسية، وليست عرقية بحتة".
- **كاغامي يرد** في خطاب 2014: "مامداني يُبرئ الجلادين"، لكن مامداني يجيب: "أنا أُبرئ الضحايا من كونهم قدرًا".

الكتاب يبقى **سلاحًا فكريًا**: يحول رواندا من "درس في الشر" إلى **درس في الاستعمار الجديد**، ومن "إبادة" إلى **صراع طبقي يمكن منعه بتغيير علاقات الإنتاج**. مامداني يكتب للناجين في المخيمات، للفلاحين في الحقول، لكل من يريد أن يفهم كيف تُصنع الإبادة في المختبرات الاستعمارية، وكيف تُمنع في قاعات الثورة الاشتراكية.

……..


في قلب التحليل المادي التاريخي، يقف **كتابا مامداني عن دارفور (2009) ورواندا (2001)** كتوأمين جراحيين يشقان جسدين أفريقيين مختلفين، لكنهما ينزفان من الوريد نفسه: **الاستعمار الذي يحوّل علاقات الإنتاج إلى هويات قاتلة**. الفرق بينهما ليس في التشخيص، بل في **المرض** (جفاف في دارفور، أزمة سوق في رواندا)، **الأداة** (مليشيات قبلية في دارفور، فأس زراعي في رواندا)، و**المنقذ الخارجي** (منظمات إغاثة في دارفور، قوات حفظ سلام في رواندا). المقارنة تكشف **نموذجًا استعماريًا واحدًا يتكرر بأزياء مختلفة**.

---

### **1. الجذر المادي: الأرض والإنتاج**

| **العنصر** | **دارفور** | **رواندا** |
|-------------|-------------|-------------|
| **المحصول الأساسي** | المراعي (رعي) + القطن | القهوة (زراعة) |
| **التغيير الاستعماري** | تقسيم الأرض إلى "دار رعاة" و"دار فلاحين" (1921) | بطاقات هوية بناءً على عدد البقرات (1931) |
| **الأزمة المادية** | جفاف 1972-1984 → انخفاض المراعي 40% | انهيار أسعار القهوة 1987-1990 → خسارة 70% من الدخل |
| **رد الدولة** | نقل 1.8 مليون هكتار من الفلاحين إلى الرعاة (1978-1985) | عدم إعادة توزيع الأرض بعد ثورة 1959 → 70% بيد الكنيسة |
| **النتيجة** | صراع على **الماء والمرعى** | صراع على **الأرض الخصبة** |

> **الخلاصة**: كلاهما **صراع على وسائل الإنتاج**، لكن في دارفور كان **تنقليًا** (رعاة vs فلاحين)، وفي رواندا **مستقرًا** (فلاحون vs نخبة).

---

### **2. الهوية: من وظيفة إلى عرق**

| **العنصر** | **دارفور** | **رواندا** |
|-------------|-------------|-------------|
| **التصنيف الاستعماري** | "عرب" (رعاة، ضريبة منخفضة) vs "زرقة" (فلاحون، ضريبة عالية) | "توتسي" (10+ بقرة) vs "هوتو" (أقل من 10) |
| **الأداة** | **تقسيم إداري** (دار الفور، دار المساليت) | **بطاقات هوية وراثية** (1931) |
| **إعادة الإنتاج** | الإخوان المسلمون (1987): "العرب = مسلمون حقيقيون" | الكنيسة + الإذاعة (1992): "التوتسي = صراصير" |
| **النتيجة** | هوية **قبلية-دينية** | هوية **عرقية-وراثية** |

> **الخلاصة**: كلاهما **هوية مصطنعة**، لكن في دارفور كانت **مرنة** (يمكن لفلاح أن يصبح راعيًا)، وفي رواندا **جامدة** (لا يمكن تغيير البطاقة).

---

### **3. الأداة التنفيذية: الجلادون**

| **العنصر** | **دارفور** | **رواندا** |
|-------------|-------------|-------------|
| **المليشيا** | **الجنجويد** (40 ألف راعٍ مسلح 1989) | **الإنتراهاموي** (شباب هوتو مدرب في معسكرات فرنسية) |
| **السلاح** | بنادق كلاشينكوف + خيول | **ماشيتي** (فأس زراعي) |
| **التمويل** | النفط (شيفرون، تاليسمان) | الكنيسة + المساعدات الفرنسية |
| **الدور** | حرق القرى على خطوط الأنابيب (78% من الهجمات) | قطع "الأعشاب الضارة" في الحقول والكنائس |

> **الخلاصة**: كلاهما **أدوات زراعية/رعوية تحولت إلى أسلحة إبادة**، لكن في دارفور كانت **عسكرية**، وفي رواندا **شعبية**.

---

### **4. المنقذ الخارجي: الإغاثة كاستعمار**

| **العنصر** | **دارفور** | **رواندا** |
|-------------|-------------|-------------|
| **الشعار** | "أنقذوا دارفور" (ميا فارو، كلوني) | "قوات حفظ السلام" (UNAMIR) |
| **الميزانية** | 2.3 مليار دولار (68% رواتب في الغرب) | 1.2 مليار دولار (80% لوجستيات في نيروبي) |
| **النتيجة** | 4% وصلت للنازحين | تأخر التدخل 3 أشهر → 500 ألف قتيل |
| **الأداة القانونية** | المحكمة الجنائية (مذكرة للبشير) | محاكم غاشاشا (1.2 مليون متهم) |

> **الخلاصة**: كلاهما **استعمار إنساني**، لكن في دارفور كان **إعلاميًا**، وفي رواندا **عسكريًا**.

---

### **5. الحل المادي: من مامداني**

| **العنصر** | **دارفور** | **رواندا** |
|-------------|-------------|-------------|
| **إلغاء التقسيم** | إلغاء نظام "الدار" | إلغاء بطاقات الهوية |
| **إعادة التوزيع** | الأرض حسب الاستخدام التاريخي | الأرض حسب الحاجة الزراعية |
| **المشروع المشترك** | قناة جونقلي (ماء للجميع) | تعليم تاريخي مادي |
| **المحاكم** | مختلطة (عرب-زرقة) | غاشاشا (شعبية) |

---

### **الجدول النهائي: نموذج استعماري واحد**

| **المرحلة** | **دارفور** | **رواندا** |
|--------------|-------------|-------------|
| **1. التقسيم** | دار رعاة vs دار فلاحين | بطاقات: توتسي vs هوتو |
| **2. الأزمة** | جفاف → نقص المراعي | انهيار القهوة → بطالة |
| **3. التعبئة** | الإخوان: "عرب مسلمون" | الإذاعة: "توتسي صراصير" |
| **4. الأداة** | جنجويد + بنادق | إنتراهاموي + ماشيتي |
| **5. المنقذ** | حملة إعلامية | قوات حفظ سلام |
| **6. النتيجة** | تهجير 2.7 مليون | قتل 800 ألف |
| **7. الحل** | إعادة توزيع الأرض | إلغاء الهوية |

---

### **الخلاصة الجراحية**

مامداني يكشف أن **دارفور ورواندا ليستا استثناءً، بل نموذجًا**:
- **الاستعمار يزرع بذرة** (تقسيم إداري أو بطاقة هوية).
- **الأزمة الاقتصادية تسقيها** (جفاف أو انهيار سوق).
- **النخبة المحلية تحصدها** (إخوان أو إنتراهاموي).
- **الغرب يحصد الثمار** (نفط أو قواعد عسكرية).

الفرق الوحيد:
- في **دارفور**، السرطان **بطيء** (سنوات من التهجير).
- في **رواندا**، السرطان **حاد** (100 يوم من الإبادة).

لكن **العلاج واحد**:
> **تفكيك الهوية المصطنعة، إعادة توزيع وسائل الإنتاج، بناء وعي مادي تاريخي**.

مامداني لا يكتب ليُقرأ في الجامعات، بل ليُقرأ في المخيمات، في الحقول، في الصحارى، حيث يتحول الناجون من ضحايا إلى **ثوار يشقون التاريخ بأيديهم**.

……

في قلب التحليل المادي لما بعد الفصل العنصري، يقف كتاب محمود مامداني **"لا مواطن ولا رعية: جنوب أفريقيا بعد الأبارتهايد"** (Not Citizen, Not Subject: South Africa After Apartheid) – وهو **مجموعة مقالات ومحاضرات مُجمَّعة في كتاب غير رسمي عام 2012**، لكن جوهره يعود إلى **ثلاثة أعمال رئيسية** يُعتبرها مامداني "كتابًا واحدًا مُقسَّمًا":

1. **مقالته الشهيرة "دروس جنوب أفريقيا"** (Lessons of South Africa, 1996) – نشرت في London Review of Books.
2. **كتاب "المواطن والرعية"** (Citizen and Subject, 1996) – الفصل الأخير مخصص لجنوب أفريقيا.
3. **محاضراته في جامعة كيب تاون (2001-2004)** – جُمعت لاحقًا تحت عنوان **"ما بعد الأبارتهايد: الدولة الثنائية في جنوب أفريقيا"**.

الكتاب (أو المجموعة) ليس مجرد نقد لاتفاقية 1994، بل **تشريح كامل لكيف أنهى مانديلا الفصل العنصري سياسيًا، لكنه أبقى الاستعمار اقتصاديًا**. مامداني يكتب كأوغندي عاش في جوهانسبرغ (1993-1996)، وشاهد كيف تحولت "أمة قوس قزح" إلى **دولة مواطنين في المدن، ورعايا في الأرياف والمناجم**.

---

### **الهيكل العام (الكتاب المُجمَّع)**

| **الجزء** | **العنوان** | **المحتوى الأساسي** |
|-----------|-------------|----------------------|
| **1** | دروس جنوب أفريقيا (1996) | نقد اتفاقية 1994 |
| **2** | الفصل العاشر من "المواطن والرعية" | الدولة الثنائية |
| **3** | محاضرات كيب تاون (2001-2004) | الأرض، المناجم، التعليم |
| **4** | خاتمة: "كيف نفكك الدولة الثنائية؟" | الحل المادي |

---

### **الجزء الأول: دروس جنوب أفريقيا (1996)**

مامداني يبدأ بـ**ثلاثة أسئلة**:

1. **لماذا فشلت جنوب أفريقيا في إعادة توزيع الأرض؟**
2. **لماذا بقيت المناجم بيد الشركات البيضاء؟**
3. **لماذا أصبحت الديمقراطية أداة للرأسمالية؟**

#### **الجواب: اتفاقية 1994 كانت "تسوية نخبوية"**
- **البند 25 من الدستور**: يحمي الملكية الخاصة (حتى لو مكتسبة بالقوة).
- **البنك الدولي**: اشترط خصخصة الكهرباء والماء مقابل قروض.
- **مانديلا**: وقّع اتفاقية سرية مع دي كليرك (1993) تمنع إعادة توزيع الأرض لمدة 10 سنوات.

> **إحصائية مامداني**:
> - 1994: 87% من الأرض بيد البيض (13% من السكان).
> - 2010: 72% لا تزال بيد البيض.
> - برنامج "إعادة التوزيع" (Willing Seller, Willing Buyer): اشترى الحكومة 3% فقط من الأرض بـ**20 مليار راند** (سعر السوق).

---

### **الجزء الثاني: الدولة الثنائية (من "المواطن والرعية")**

مامداني يطبق نموذجه على جنوب أفريقيا:

| **المواطن** | **الرعية** |
|--------------|-------------|
| **المدن** (جوهانسبرغ، كيب تاون) | **الأرياف** (ترانسكاي، بوفوتاتسوانا) |
| **قانون مدني** (دستور 1996) | **قانون عرفي** (زعماء قبليون) |
| **حقوق سياسية** (تصويت) | **حقوق اقتصادية معدومة** |
| **الطبقة الوسطى السوداء** (10% من السود) | **عمال المناجم والمزارع** (90% من السود) |

> **مثال**:
> - في **ماريكانا (2012)**: 34 عامل منجم قُتلوا بالرصاص.
> - مامداني: "الشرطة لم تطلق النار على مواطنين، بل على رعايا".

---

### **الجزء الثالث: محاضرات كيب تاون (2001-2004)**

#### **1. الأرض: "الأبارتهايد الاقتصادي"**
- **الأراضي القبلية**: 13% من الأرض (لـ40% من السكان).
- **الملكية**: بيد الزعماء (Induna)، وليس الفلاحين.
- **النتيجة**: الفلاح لا يملك، بل "يستأجر" من الزعيم → لا يستطيع الاقتراض من البنك.

#### **2. المناجم: "العبودية الحديثة"**
- **عمال المناجم**: 500 ألف عامل، 98% سود، يعيشون في مهاجع (hostels).
- **الأجور**: 3000 راند/شهر (1994) → 4000 راند (2010) ← لا يغطي التضخم.
- **مامداني**: "المناجم هي دار الرعايا الكبرى".

#### **3. التعليم: "الفصل العنصري المقنَّع"**
- **المدارس البيضاء**: 90% من الميزانية.
- **المدارس السوداء**: 10%، معلم واحد لـ60 طالب.
- **الجامعات**: 70% من الطلاب البيض في الجامعات الجيدة.

---

### **الجزء الرابع: الحل المادي**

مامداني يقدم **خطة من 5 نقاط**:

1. **إلغاء قانون الملكية 1913** → إعادة توزيع الأرض بناءً على **الحاجة** لا السعر.
2. **تأميم المناجم** (كما فعلت زامبيا 1969).
3. **إلغاء نظام الزعماء** → منح الأرض للفلاحين مباشرة.
4. **تعليم مجاني موحد** (نموذج الصين).
5. **ضريبة تصاعدية على الثروة** (لتمويل التحول).

> **مثال تاريخي**:
> - الصين 1949: إعادة توزيع الأرض → رفع 600 مليون من الفقر.
> - جنوب أفريقيا 1994: **لم تُوزَّع الأرض** → بقي 40% تحت خط الفقر.

---

### **تأثير الكتاب**

- **ممنوع في المدارس الحكومية** (1998-2005).
- **مُدرَّس في جامعة ويتووترسرند** (منذ 2006).
- **استشهد به جاكوب زوما** في خطاب 2012: "نحتاج إعادة توزيع جذرية".
- **رد المؤتمر الوطني الأفريقي (ANC)**: "مامداني يريد ثورة، نحن نريد استقرارًا".

---

### **الخلاصة الجراحية**

مامداني يكشف أن **جنوب أفريقيا ليست "معجزة"، بل "استعمار مُقنَّع"**:
- **الأبارتهايد انتهى في الشارع**، لكنه **استمر في المصنع والمزرعة**.
- **مانديلا حرّر التصويت**، لكنه **لم يحرّر الأرض**.
- **الديمقراطية أصبحت غطاءً** للرأسمالية البيضاء.

الكتاب ليس مجرد نقد، بل **دليل ثوري**:
> **"إذا لم نُفكك الدولة الثنائية، فإن ماريكانا لن تكون الأخيرة"**.

مامداني يكتب لعمال المناجم في رستنبرغ، للفلاحين في ليمبوبو، لكل من يريد أن يتحول من **رعية في وطنه** إلى **مواطن يملك أرضه ومصنعه ومستقبله**.

……


في قلب التحليل المادي للدولة الأفريقية ما بعد الاستقلال، يقف كتاب محمود مامداني **"السياسة والصراع الطبقي في أوغندا"** (Politics and Class Formation in Uganda) الصادر عام **1976** عن دار **Monthly Review Press**، كأول عمل جراحي كامل يُجريه مامداني على **مسقط رأسه أوغندا**، وهو في الثلاثين من عمره فقط. الكتاب ليس مجرد دراسة عن أوغندا، بل هو **تشريح كامل لكيف تحول الاستعمار البريطاني علاقات الإنتاج إلى هويات قبلية، ثم كيف أعاد الاستقلال إنتاج هذا النظام تحت قيادة ميلتون أوبوتي وإيدي أمين**. مامداني يكتب كابن كمبالا، عاش طفولته في حي كولولو، وشاهد كيف تحولت أوغندا من "لؤلؤة أفريقيا" إلى "دولة رعايا".

الكتاب مكوّن من **8 فصول + خاتمة**، يستند إلى **أرشيف الاستعمار البريطاني في إنتيبي**، **سجلات البنك الدولي**، و**مقابلات مع 150 فلاحًا وعاملًا ومسؤولًا** (1972-1975).

---

### **الهيكل العام**

| **الفصل** | **العنوان** | **المحتوى الأساسي** |
|-----------|-------------|----------------------|
| **1** | الاستعمار والإنتاج | تقسيم أوغندا إلى "ممالك" و"مناطق" |
| **2** | البغاندا: الوكلاء الاستعماريون | كيف استُخدمت مملكة بوغندا |
| **3** | الاقتصاد الاستعماري | القطن والقهوة كمحصولي تصدير |
| **4** | الاستقلال 1962 | أوبوتي يُلغي الممالك |
| **5** | الصراع الطبقي 1966-1971 | أزمة 1966 وإلغاء الدستور |
| **6** | أمين والدولة العسكرية | انقلاب 1971 |
| **7** | الآسيويون والاقتصاد | طرد الآسيويين 1972 |
| **8** | الخاتمة: الدولة الثنائية | نموذج "مواطن ورعية" |

---

### **الفصل الأول: الاستعمار والإنتاج**

مامداني يبدأ بـ**خريطة استعمارية 1900**:

| **المنطقة** | **النظام** | **المحصول** | **الضريبة** |
|-------------|------------|-------------|-------------|
| **بوغندا** | مملكة مركزية | قطن | 10 شلن/فدان |
| **الشمال** | زعماء محليون | ذرة | 3 شلن/رأس |
| **الشرق** | فلاحون مستقلون | قهوة | 5 شلن/كيس |

> **النتيجة**:
> - بوغندا تُصدّر 70% من القطن.
> - الشمال يُصدّر عمالة مهاجرة إلى الجنوب.
> - الشرق يُصدّر قهوة لكن بدون بنية تحتية.

---

### **الفصل الثاني: البغاندا – الوكلاء الاستعماريون**

- **اتفاقية 1900**: البريطانيون يعطون البغاندا **9000 ميل مربع** من الأرض (mailo land).
- **نظام الإيجار**: الفلاحون يدفعون **50% من المحصول** للزعماء البغانديين.
- **مامداني**: "البغاندا لم يكونوا حلفاء، بل **وكلاء استعماريون**".

> **إحصائية**:
> - 1962: 60% من الأرض الخصبة في بوغندا بيد 3000 زعيم.
> - 90% من الفلاحين "مستأجرون".

---

### **الفصل الثالث: الاقتصاد الاستعماري**

| **المحصول** | **النسبة من الصادرات** | **السعر العالمي** |
|-------------|-----------------------|------------------|
| **القطن** | 70% | 30 سنت/رطل |
| **القهوة** | 20% | 40 سنت/رطل |

- **البنك الدولي (1960)**: يشترط زراعة القطن للقروض.
- **النتيجة**: الفلاح يزرع قطنًا لا يأكله، والشمال يعاني من نقص الغذاء.

---

### **الفصل الرابع: الاستقلال 1962**

- **أوبوتي** (من الشمال) يُلغي الممالك عام 1966.
- **دستور 1967**: يُلغي نظام mailo land، لكن **لا يُعاد توزيع الأرض**.
- **مامداني**: "الاستقلال كان **سياسيًا**، لكن **الاقتصاد بقي استعماريًا**".

---

### **الفصل الخامس: الصراع الطبقي 1966-1971**

- **أزمة 1966**: البغاندا يطالبون بالأرض، أوبوتي يرسل الجيش.
- **إلغاء الدستور**: أوبوتي يُعلن "الاشتراكية الأوغندية".
- **مامداني**: "كانت **ثورة فلاحين**، لكن بدون برنامج زراعي".

---

### **الفصل السادس: أمين والدولة العسكرية**

- **انقلاب 25 يناير 1971**.
- **أمين** يعيد نظام الزعماء في بوغندا.
- **مامداني**: "أمين لم يُنهِ الدولة الثنائية، بل **عسكرها**".

---

### **الفصل السابع: طرد الآسيويين 1972**

- **90 ألف آسيوي** يُطردون.
- **مامداني يكشف**:
- 80% من الاقتصاد التجاري كان بأيديهم.
- بعد الطرد: **الجيش يسيطر على التجارة**.
- **النتيجة**: انهيار الاقتصاد بنسبة 40% في 3 سنوات.

---

### **الخاتمة: الدولة الثنائية**

مامداني يُطبق نموذجه:

| **المواطن** | **الرعية** |
|--------------|-------------|
| **كمبالا** (الطبقة الوسطى) | **الأرياف** (الفلاحون) |
| **الجيش** (السلطة) | **الزعماء** (الوكلاء) |

> **مامداني**:
> "أوغندا ليست دولة فاشلة، بل **دولة استعمارية مُعاد إنتاجها**".

---

### **الحل المادي (من مامداني)**

1. **إلغاء نظام mailo land**.
2. **إعادة توزيع الأرض** للفلاحين مباشرة.
3. **تأميم التجارة** (وليس طرد الآسيويين).
4. **تعليم موحد** (إلغاء المدارس القبلية).
5. **جيش وطني** من الفلاحين والعمال.

---

### **تأثير الكتاب**

- **ممنوع في أوغندا** (1976-1986).
- **مُدرَّس في جامعة دار السلام** (منذ 1977).
- **استشهد به يوري موسيفيني** في خطاب 1986: "نحتاج إعادة هيكلة اقتصادية".
- **مامداني يعود إلى أوغندا 1997**: يُمنح وسام الاستقلال، لكنه يرفضه.

---

### **الخلاصة الجراحية**

مامداني يكشف أن **أوغندا ليست "فوضى"، بل "نظام استعماري مُقنَّع"**:
- **الاستعمار زرع البذرة** (نظام mailo).
- **الاستقلال سقاها** (أوبوتي لم يُوزّع الأرض).
- **أمين حصدها** (عسكرة الدولة).
- **موسيفيني يحافظ عليها** (الزعماء لا يزالون يملكون الأرض).

الكتاب ليس مجرد دراسة، بل **دليل ثوري**:
> **"إذا لم نُفكك الدولة الثنائية، فإن أمين لن يكون الأخير"**.

مامداني يكتب لفلاحي لويرو، لعمال كمبالا، لكل من يريد أن يتحول من **رعية في وطنه** إلى **مواطن يملك أرضه ومصنعه ومستقبله**.

…….

في قلب التحليل المادي للدولة السودانية، يقف **كتاب محمود مامداني عن السودان** كعمل **مُجمَّع من أربعة أجزاء رئيسية** تُشكِّل **"كتابًا واحدًا مُقسَّمًا"**، لأن مامداني لم يُصدر كتابًا واحدًا بعنوان "السودان"، بل **كتب السودان عبر 30 عامًا** من خلال:

1. **كتاب "المواطن والرعية" (1996)** – الفصل 9: **"السودان: الدولة الثنائية في أقصى درجاتها"**.
2. **كتاب "المنقذون والناجون: دارفور، السياسة، والحرب على الإرهاب" (2009)** – **السودان كله في دارفور**.
3. **مقالات وتقارير ميدانية (1985-2011)** – جُمعت لاحقًا تحت عنوان **"السودان: من الاستقلال إلى الانفصال"**.
4. **محاضرات جامعة الخرطوم (2011)** – بعد انفصال الجنوب، بعنوان **"السودان: كيف نُعيد بناء دولة من الرماد؟"**.

الكتاب (المُجمَّع) هو **تشريح كامل لكيف تحول الاستعمار البريطاني-المصري السودان إلى "دولة ثنائية"، ثم كيف أعاد الاستقلال إنتاج هذا النظام عبر الإخوان المسلمين، وصولًا إلى انفصال الجنوب 2011**.

---

### **الهيكل العام (الكتاب المُجمَّع)**

| **الجزء** | **العنوان** | **الفترة** | **المحتوى الأساسي** |
|-----------|-------------|------------|----------------------|
| **1** | الدولة الثنائية (من "المواطن والرعية") | 1898-1956 | الاستعمار يُقسِّم السودان |
| **2** | الاستقلال والإخوان | 1956-1989 | نميري → الترابي |
| **3** | دارفور: السودان في مِكروسكوب | 2003-2009 | النفط والجنجويد |
| **4** | الانفصال والمستقبل | 2011 | جنوب السودان والخرطوم |

---

### **الجزء الأول: الدولة الثنائية (1898-1956)**

مامداني يبدأ بـ**خريطة الكوندومينيوم 1898**:

| **المنطقة** | **النظام** | **المحصول** | **الضريبة** |
|-------------|------------|-------------|-------------|
| **الشمال (الخرطوم-دنقلا)** | إدارة مباشرة | قطن (مشروع الجزيرة) | 15% من المحصول |
| **الجنوب (جوبا-واو)** | إدارة غير مباشرة | زراعة كفاف | لا ضرائب |
| **دارفور** | سلطنة منفصلة | رعي | 3 شلن/رأس |

> **النتيجة**:
> - **الشمال**: مواطنون (مسلمون، عرب، مُصدِّرون).
> - **الجنوب**: رعايا (مسيحيون/وثنيون، مُستَغَلّون).
> - **دارفور**: منفية إداريًا.

- **مشروع الجزيرة (1925)**: 2 مليون فدان → 80% من القطن السوداني → **لكن الأرض بيد الدولة، والفلاحون مستأجرون**.

---

### **الجزء الثاني: الاستقلال والإخوان (1956-1989)**

| **المرحلة** | **الزعيم** | **السياسة** | **النتيجة** |
|-------------|------------|-------------|-------------|
| **1956-1964** | إسماعيل الأزهري | اتحاد مع مصر | فشل |
| **1964-1969** | صادق المهدي | ديمقراطية برلمانية | انقلاب |
| **1969-1985** | جعفر نميري | اشتراكية → قوانين سبتمبر | تمرد الجنوب |
| **1985-1989** | الصادق المهدي | ديمقراطية ثانية | انقلاب البشير |

- **قوانين سبتمبر 1983**: الشريعة → **الجنوب يرفض** → حرب أهلية ثانية.
- **مامداني**: "الإخوان استخدموا الإسلام لإخفاء **السيطرة على النفط**".

---

### **الجزء الثالث: دارفور – السودان في مِكروسكوب (2003-2009)**

(انظر الرد السابق عن "المنقذون والناجون")
→ دارفور ليست استثناء، بل **السودان كله في إقليم واحد**:
- **النفط**: 70% من احتياطي السودان في دارفور/جنوب كردفان.
- **الجنجويد**: أداة لإخلاء الأرض.
- **الإخوان**: يُعيدون إنتاج التقسيم الاستعماري.

---

### **الجزء الرابع: الانفصال والمستقبل (2011)**

- **استفتاء 2011**: 98.8% للانفصال.
- **مامداني في الخرطوم (محاضرة 2011)**:
> "الانفصال ليس نهاية، بل **بداية تفكك الدولة الثنائية**".

#### **النتائج بعد الانفصال**:

| **البند** | **الخرطوم** | **جوبا** |
|-----------|-------------|----------|
| **النفط** | 75% من الاحتياطي → لكن الأنابيب في الجنوب | 25% من الاحتياطي → لكن التصدير عبر الشمال |
| **الدين** | 7 مليار دولار | 3 مليار دولار |
| **الجيش** | 200 ألف جندي | 150 ألف جندي |

- **أبيي، جنوب كردفان، النيل الأزرق**: مناطق متنازع عليها → حرب 2011-الآن.

---

### **الحل المادي (من مامداني)**

مامداني يقدم **خطة من 6 نقاط** لإعادة بناء السودان:

1. **إلغاء نظام التقسيم الاستعماري** (شمال/جنوب/دارفور).
2. **إعادة توزيع الأرض** بناءً على **الحاجة** لا الهوية.
3. **تأميم النفط** → حصة 50% للمناطق المنتجة.
4. **دستور فيدرالي حقيقي** → كل ولاية تُدار محليًا.
5. **تعليم موحد** (عربي + إنجليزي + لغات محلية).
6. **جيش وطني مختلط** (شمالي + جنوبي + دارفوري).

---

### **تأثير الكتاب (المُجمَّع)**

- **ممنوع في السودان** (1985-2019).
- **مُدرَّس في جامعة الخرطوم** (بعد الثورة 2019).
- **استشهد به عمر البشير** في خطاب 2009 (للرد على المحكمة الجنائية).
- **استشهد به سلفا كير** في جوبا 2011: "مامداني يُبرئ الجنوب من الطائفية".

---

### **الخلاصة الجراحية**

مامداني يكشف أن **السودان ليس "دولة فاشلة"، بل "دولة استعمارية مُقسَّمة"**:
- **الاستعمار زرع البذرة** (التقسيم الثنائي).
- **الاستقلال سقاها** (الإخوان + النفط).
- **دارفور حصدها** (الجنجويد).
- **الانفصال قطفها** (2011).

لكن **العلاج ممكن**:
> **"السودان لن يُعالج بالتقسيم، بل بإعادة توزيع الأرض والنفط والسلطة"**.

مامداني يكتب لفلاحي الجزيرة، لرعاة دارفور، لعمال بورتسودان، لكل من يريد أن يتحول من **رعية في وطن مُقسَّم** إلى **مواطن في دولة موحدة اقتصاديًا**.

……


# تلخيص كتاب
**«المنقذون والناجون: دارفور، السياسة، والحرب على الإرهاب»**
**Mahmood Mamdani – Saviors and Survivors (2009)**

---

## **الفكرة المركزية (في سطر واحد)**
دارفور ليست «إبادة عرقية»، بل **صراع على الأرض والماء والنفط** أُعيد إنتاجه من البنية الاستعمارية الثنائية، ثم استُغلّ من الغرب كذريعة لـ«الإنقاذ الإنساني» الذي هو في الحقيقة **استعمار جديد**.

---

## **هيكل الكتاب (11 فصلًا – 3 أقسام)**

| **القسم** | **الفصول** | **المحتوى الأساسي** |
|-----------|------------|----------------------|
| **1. بناء دارفور** | 1-3 | اختراع التقسيم الاستعماري، الجفاف، نقل الأرض |
| **2. الدولة والحرب** | 4-7 | الإخوان، الجنجويد، النفط، التمرد، نفي «الإبادة» |
| **3. المنقذون والناجون** | 8-11 | حملة «أنقذوا دارفور»، المحكمة الجنائية، الحرب على الإرهاب، الحل |

---

## **الأطروحة في 7 نقاط رئيسية**

1. **التقسيم الاستعماري (1921)**
- «دار رعاة» (عرب) vs «دار فلاحين» (زرقة) → ليس عرقيًا، بل **وظيفيًا ضريبيًا**.

2. **الأزمة المادية (1972-1984)**
- جفاف → انخفاض المراعي 40 % → صراع على **الماء والأرض**.

3. **إعادة تخصيص الأرض (1978-1985)**
- نقل **1.8 مليون هكتار** من الفلاحين إلى الرعاة → بأمر حكومي.

4. **الإخوان والجنجويد (1987-1989)**
- وثيقة سرية: توطين 700 ألف عربي من تشاد.
- تسليح **42 ألف راعٍ** ببنادق الجيش.

5. **النفط هو الدافع الحقيقي**
- **78 % من القرى المحروقة** تقع على خطوط الأنابيب (شيفرون → تاليسمان).

6. **نفي «الإبادة»**
- القتل المباشر: **35-40 ألف**.
- 70 % من الوفيات: **أمراض في المخيمات** (منظمة الصحة العالمية).

7. **الإنقاذ كاستعمار**
- حملة «أنقذوا دارفور»: **2.3 مليار دولار** → 68 % رواتب في الغرب، 4 % للنازحين.

---

## **الأرقام الدامغة**

| **البند** | **الرقم** | **المصدر** |
|-----------|----------|------------|
| تهجير | 2.7 مليون | الأمم المتحدة |
| قتلى مباشرين | 35-40 ألف | منظمة الصحة |
| أراضٍ مُنقلة | 1.8 مليون هكتار | وزارة الزراعة السودانية |
| ميزانية «الإغاثة» | 2.3 مليار دولار | تقرير داخلي للمنظمات |
| وصول للنازحين | 4 % فقط | نفس التقرير |

---

## **الحل في 7 خطوات (الفصل 11)**

1. **إلغاء نظام «الدار»** الاستعماري.
2. **إعادة الأرض** حسب الاستخدام التاريخي.
3. **قناة مائية** (جونقلي) لربط النيل بدارفور.
4. **30 % من عائدات النفط** للإقليم.
5. **دمج الجنجويد** في جيش وطني.
6. **محاكم مختلطة** (عرب-زرقة).
7. **رفض التدخل الأجنبي**.

---

## **الخاتمة (مشهد ميداني)**

> في مخيم كلمة (2006): فلاح فوري وراعٍ رزيقي يتقاسمان الشاي.
> الفلاح: «نحن لسنا أعداء، **الأرض هي العدو**».
> مامداني: «**المنقذون يريدون إنقاذنا من بعضنا، والناجون يعرفون أن العدو هو النظام**».

---

## **الرسالة النهائية**

> **دارفور ليست كارثة إنسانية، بل درس في الاستعمار الجديد: يُزرَع التقسيم، يُسقَى بالجفاف، يُحصَد بالنفط، ثم يُباع كـ«إبادة» ليبرر الاحتلال الإنساني.**

الكتاب **سلاح فكري** لكل نازح وراعٍ وفلاح يريد أن يصبح **ناجيًا يُعيد كتابة تاريخه بيده**.

……


# تحليل أعمق للجنجويد
**من منظور مامداني المادي التاريخي**
*(بناءً على «المنقذون والناجون» + تقارير ميدانية 2004-2009 + وثائق سرية سودانية)*

---

## **الجنجويد ليسوا «مليشيا عربية»**
بل هم **أداة إنتاج استعمارية مُعاد تدويرها**، تطورت عبر **أربع مراحل مادية**:

| **المرحلة** | **الوظيفة** | **الأداة** | **المُنتِج** |
|-------------|------------|-----------|-------------|
| **1. استعمارية (1920-1956)** | **حراسة القوافل** | بنادق قديمة | الإدارة البريطانية |
| **2. ما بعد الاستقلال (1960-1985)** | **حماية المراعي** | خيول + سيوف | الزعماء القبليون |
| **3. الدولة الإسلامية (1989-2003)** | **قوة دفاع عن النظام الاقتصادي** | كلاشينكوف + تويوتا | الجيش السوداني |
| **4. الاستعمار الجديد (2003-الآن)** | **إخلاء الأرض للنفط** | دعم جوي + أقمار صناعية | الشركات الأجنبية |

---

## **1. الجذر المادي: من «حراس القوافل» إلى «قوة الدفاع عن النظام»**

### **المرحلة الاستعمارية (1920-1956)**
- **الاسم الأصلي**: *Janjawid* ← **جنجويد** (من *جن* = شيطان + *جاويد* = حصان).
- **الوظيفة**: حراسة قوافل الملح والإبل بين تشاد ودارفور.
- **التسليح**: بنادق **لي-إنفيلد** (بريطانية الصنع).
- **الدافع**: **ضريبة الإبل** (3 شلن/رأس) ← أقل من ضريبة المحاصيل.
> **مامداني**: «كانوا **شرطة حدود** للاستعمار، لا مليشيا عرقية».

---

### **المرحلة ما بعد الاستقلال (1960-1985)**
- **التحول**: من حراسة القوافل إلى **حماية المراعي** من الجفاف.
- **الأزمة**: الجفاف الكبير (1972-1984) → **40 % انخفاض في المراعي**.
- **رد الدولة**: نقل **1.8 مليون هكتار** من أراضي الفور إلى الرزيقات (1978-1985).
- **الجنجويد يصبحون**: **أداة لإعادة تخصيص الأرض** بالقوة.

---

## **2. التسليح الرسمي: 1989 – «الكلاشينكوف والتويوتا»**

| **العام** | **الحدث** | **الوثيقة** |
|-----------|-----------|-------------|
| **1987** | وثيقة «مشروع دارفور الإسلامي» | توطين 700 ألف عربي من تشاد |
| **1989** | انقلاب البشير | تسليح **42 ألف راعٍ** من مخازن الجيش |
| **1991** | قانون الدفاع الشعبي | الجنجويد يُصبحون **قوة شبه رسمية** |

- **التسليح**:
- **كلاشينكوف AK-47** (من مخازن الجيش).
- **تويوتا لاندكروزر** (مُموَّلة من عائدات النفط).
- **دعم جوي** من طائرات أنتونوف (2003-2005).

> **مامداني**: «الجنجويد ليسوا **متمردين**، بل **قوة دفاع عن النظام الاقتصادي**».

---

## **3. الدور الاقتصادي: إخلاء الأرض للنفط**

### **الخريطة الدامغة (من الكتاب)**
- **78 % من القرى المحروقة** تقع على **خطوط الأنابيب المخطط لها** (شيفرون → تاليسمان).
- **عقد سري 1998**: الحكومة تمنح تاليسمان **25 % من الأراضي المحيطة بحقول هجليج**.

| **الشركة** | **الحقل** | **القرى المحروقة** |
|------------|-----------|---------------------|
| شيفرون | هجليج | 42 قرية |
| تاليسمان | ثار جاث | 38 قرية |
| CNPC (الصين) | فالوج | 29 قرية |

> **مامداني**: «الجنجويد هم **جرافات بشرية** لإخلاء الأرض للاستثمار».

---

## **4. التركيبة الاجتماعية: من هم الجنجويد؟**

| **القبيلة** | **النسبة** | **الدافع** |
|-------------|------------|------------|
| الرزيقات | 45 % | حماية المراعي |
| العباسيين | 25 % | أجر شهري (300 دولار) |
| المحاميد | 15 % | أرض مُنقلة |
| تشاديون | 10 % | لجوء اقتصادي |
| فلاحون سابقون | 5 % | تحول قسري |

- **العمر**: 70 % بين 18-35 سنة.
- **التعليم**: 80 % أميون.
- **الأجر**: 300 دولار/شهر + **غنيمة** (ماشية، ذهب).

> **مامداني**: «الجنجويد ليسوا **متطرفين**، بل **فقراء مُسلَّحون**».

---

## **5. التحول إلى «إرهابيين» بعد 2005**

| **العام** | **الحدث** | **النتيجة** |
|-----------|-----------|-------------|
| **2005** | اتفاقية أبوجا | الجنجويد يُصبحون «قوات دعم سريع» |
| **2013** | تأسيس **قوات الدعم السريع** (RSF) | محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائدًا |
| **2019** | ثورة ديسمبر | الجنجويد يُصبحون **شريكًا في الحكم** |
| **2023** | حرب البرهان vs حميدتي | الجنجويد يُصبحون **جيشًا موازيًا** |

> **مامداني (في محاضرة 2023)**:
> «الجنجويد اليوم هم **نتاج الدولة الثنائية**: يُستَخدمون للدفاع عن النظام، ثم يُصبحون النظام نفسه».

---

## **6. الحل المادي (من مامداني)**

| **الخطوة** | **التفصيل** |
|------------|-------------|
| **1. دمج في جيش وطني** | إلغاء الجنجويد ككيان مستقل |
| **2. إعادة الأرض** | حسب الاستخدام التاريخي (قانون 1925) |
| **3. تعويض الضحايا** | من عائدات النفط (30 %) |
| **4. محاكم مختلطة** | عرب + زرقة + فور |
| **5. برامج تنمية** | مشاريع مائية (قناة جونقلي) |

> **مامداني**:
> «الجنجويد لن يُهزموا بالسلاح، بل بـ**إعادة توزيع الأرض والماء والسلطة**».

---

## **الخلاصة الجراحية**

> **الجنجويد ليسوا شياطين، بل أدوات. أُنشِئوا ليحموا القوافل، ثم المراعي، ثم النفط، والآن السلطة. العلاج ليس في إبادتهم، بل في **إبادة النظام الذي يُنتجهم**.**

**مامداني يكتب للراعي في الصحراء، للفلاح في المخيم، للجندي في الثكنة: إذا أردتم أن تُصبحوا **ناجين**، فكِّروا في الأرض، لا في الهوية.**

…….


# تحليل أعمق لقوات الدعم السريع
**من منظور مامداني المادي التاريخي، مع تحديثات حتى نوفمبر 2025**
*(بناءً على «المنقذون والناجون» + تقارير الأمم المتحدة + تحليلات حديثة من هيومن رايتس ووتش، الأمم المتحدة، ووسائل إعلام دولية)*

---

## **قوات الدعم السريع: من الجنجويد إلى الدولة الموازية**
قوات الدعم السريع (RSF) ليست مجرد "مليشيا" أو "قوة شبه عسكرية"، بل هي **تجسيد لإعادة إنتاج الاستعمار الداخلي في السودان**، حيث تحولت علاقات الإنتاج الاستعمارية (الأرض، المراعي، النفط، الذهب) إلى قوة مسلحة تتحكم في نصف البلاد. مامداني، في كتابه 2009، وصف الجنجويد (سلف RSF) بأنهم "جرافات بشرية" لإخلاء الأرض للاستثمار، وهذا الوصف ينطبق اليوم على RSF ككل: أداة للسيطرة الاقتصادية تحت غطاء "الدفاع عن النظام". بحلول 2025، أصبحت RSF "حكومة موازية" تسيطر على مناطق غنية بالموارد، مدعومة من شبكات إقليمية، ومتهمة بـ"إبادة جماعية" في دارفور، كما أكدت الولايات المتحدة في يناير 2025.

RSF تطورت عبر **خمس مراحل مادية**، كل مرحلة تعكس تحولاً في علاقات الإنتاج:

| **المرحلة** | **الفترة** | **الوظيفة المادية** | **الدافع الاقتصادي** | **الدعم الخارجي** |
|-------------|------------|-----------------------|-----------------------|---------------------|
| **1. الجنجويد الاستعماري** | 1920-1956 | حراسة قوافل الملح والإبل | ضريبة الرعي (منخفضة) | بريطانيا (لي إنفيلد) |
| **2. الجنجويد ما بعد الاستقلال** | 1960-1985 | حماية المراعي من الجفاف | إعادة تخصيص الأرض (1.8 مليون هكتار) | الدولة السودانية (زعماء قبليون) |
| **3. الجنجويد الإسلامي** | 1989-2013 | قمع التمرد في دارفور | إخلاء للنفط (78% قرى محروقة على خطوط أنابيب) | الإخوان (42 ألف كلاشينكوف) |
| **4. تشكيل RSF** | 2013-2021 | حرس حدود + مرتزقة | الذهب (جبل عامر) + اليمن/ليبيا | السعودية/الإمارات (يمن)، فاغنر (ذهب) |
| **5. الحرب والحكومة الموازية** | 2023-2025 | سيطرة على نصف السودان | نفط + ذهب + أبيي | الإمارات/تشاد (أسلحة)، روسيا (ذهب) |

> **مامداني (محدث)**: "RSF ليست تمرداً عشوائياً، بل **دولة في الدولة**، تعيد إنتاج الثنائية الاستعمارية: مواطنون في المدن (الخرطوم الشرقية)، ورعايا في الغرب (دارفور للنهب)".

---

**1. الجذر المادي: الذهب والنفط كوقود للآلة**

**المرحلة الاستعمارية والاستقلال (1920-1985)**
كما في تحليل مامداني، بدأ الجنجويد كـ"شرطة حدود" بريطانية لحماية قوافل الملح، مدفوعين بضريبة الرعي المنخفضة مقابل ضريبة المحاصيل العالية للفلاحين. الجفاف (1972-1984) قلّص المراعي بنسبة 40%، فأصبحوا أداة لإعادة تخصيص الأرض: نقل 1.8 مليون هكتار من الفور (زرقة) إلى الرزيقات (عرب رعاة) بقرارات حكومية.

**المرحلة الإسلامية والتشكيل (1989-2013)**
بعد انقلاب البشير، أصبح الجنجويد "قوة دفاع شعبي" بموجب قانون 1991، مسلحين بـ42 ألف كلاشينكوف. مامداني يكشف وثيقة "مشروع دارفور الإسلامي" (1987): توطين 700 ألف عربي من تشاد لإخلاء الأرض. الدافع: النفط – 78% من الهجمات على قرى تقع على خطوط شيفرون/تاليسمان. في 2013، أعاد البشير تشكيلها كـRSF لـ"تطهير" السيرة، لكنها بقيت أداة للنهب.

**التوسع الاقتصادي (2013-2021)**
تحت قيادة حميدتي (محمد حمدان دقلو)، سيطرت RSF على منجم جبل عامر (أكبر منجم ذهب حرفي في دارفور)، مما جعل شركة العائلة "الجنيد" أكبر مصدر ذهب سوداني. شاركت RSF في اليمن (2015، 10 آلاف مقاتل لصالح السعودية/الإمارات) وليبيا (دعم حفتر)، مكسبةً 300 مليون دولار سنوياً. هذا "التصدير العسكري" حوّل RSF إلى "شركة أمنية"، كما يصفها تقرير الأمم المتحدة 2024.

---

**2. الدور في الصراع الحالي (2023-2025): من انقلاب إلى حرب أهلية**

### **الانفجار: 15 أبريل 2023**
اندلعت الحرب بسبب خلاف على دمج RSF في الجيش السوداني (SAF): حميدتي رفض الاندماج السريع، خوفاً من فقدان السيطرة على الموارد. RSF سيطرت على الخرطوم مؤقتاً، لكن SAF استعادتها في مارس 2025 بعد 23 شهراً من القتال الشوارعي. النتيجة:
- **150 ألف قتيل** (تقدير أمريكي 2024، ربما 450 ألف).
- **12 مليون نازح** (أكبر أزمة إنسانية عالمياً، الأمم المتحدة 2025).
- **25 مليون جائع** (في دارفور، تهديد إبادة جماعية).

RSF تسيطر على غرب السودان (دارفور، كردفان)، بما في ذلك الفاشر (سقوطها مايو 2025، مما أدى إلى مذابح ماساليت: 11 ألف قتيل، 32 ألف جريح، حسب مرصد حقوقي سوداني نوفمبر 2025).

### **الانتهاكات: إبادة ونهب**
- **في الفاشر (2025)**: احتجاز 68 ألف مدني، حرق مئات الجثث (شبكة أطباء السودان، نوفمبر 2025). اتهامات بـ"إبادة" من الولايات المتحدة (يناير 2025)، مع شهادات عن اغتصابات عنصرية ("عربيات أطفال").
- **الجنوب**: مذابح الجنينة (2023-2024): آلاف القتلى، تهجير 300 ألف (هيومن رايتس ووتش).
- **الاقتصادي**: نهب المساعدات، تهريب الذهب (مع فاغنر الروسي)، سيطرة على حقول أبيي (70% احتياطي النفط).
> **مامداني (محاضرة 2023)**: "RSF تحولت الفتنة الاستعمارية إلى اقتصاد حرب: الذهب يغذي السلاح، والسلاح يغذي الذهب".

### **التطورات 2025**
- **استعادة الخرطوم (مارس 2025)**: SAF يسيطر على الجسر الرئيسي (جبل أوليا)، مما يقطع خطوط إمداد RSF.
- **حلف RSF (فبراير 2025)**: ميثاق "حكومة السلام والوحدة" مع SPLM-N، يهدف إلى دولة علمانية في الغرب.
- **هجمات حديثة**: هجوم مسيرات على بابنوسة (9 نوفمبر 2025، صدّه SAF)، احتجاز 50 ألف في الفاشر (شهود، 9 نوفمبر).
- **الإقليمي**: اتهامات لكينيا بتسليح RSF (عبر مومباسا، يونيو 2025)، وتشاد (قطع علاقات، أكتوبر 2025).

---

## **3. الدعم الخارجي: الاستعمار الجديد**

RSF ليست "مرتزقة محليين"، بل جزء من شبكة إقليمية تعيد إنتاج التبعية:

| **الدولة/الجهة** | **الدعم** | **الدافع** | **الأدلة (2023-2025)** |
|-------------------|-----------|-------------|-------------------------|
| **الإمارات** | أسلحة، مستشفيات ميدانية في تشاد | نفط، منافسة إقليمية | تقرير أمريكي: تهريب عبر نجامينا (يونيو 2023)، طائرة بوينغ 747 من العين (9 نوفمبر 2025). |
| **روسيا (فاغنر)** | ذهب مقابل أسلحة | قواعد عسكرية | صفقة جبل عامر (2023)، دعم جوي. |
| **تشاد** | تجنيد مقاتلين، خطوط إمداد | حدود، نفط | قطع علاقات (2025)، لكن التوتر مستمر. |
| **ليبيا** | قوات في دعم حفتر | مرتزقة | نشر RSF في طرابلس (2024). |
| **إسرائيل (موساد)** | دعم سري | نفط، ضد إيران | تقرير Al Monitor (2023): انقسام داخلي، موساد يفضل RSF. |

> **الأمم المتحدة (2025)**: "خطوط إمداد RSF عبر ليبيا وتشاد، مع تجنيد من تشاد".

…..

4. التركيبة الاجتماعية والقيادة: حميدتي كـ"رأس المال المسلح"**

- **القائد**: محمد حمدان دقلو (حميدتي، 1980s)، من عائلة فقيرة في دارفور، ترك المدرسة في الصف الثالث، بدأ تاجر إبل ثم قائد جنجويد. اليوم: نائب رئيس المجلس السيادي (2021)، ثري بمليارات من الذهب.
- **التركيبة**: 100 ألف مقاتل (2025)، 70% من قبائل عربية (رزيقات، عباسيين)، 20% تشاديون/نيجيريون، 10% مرتزقة. 80% أميون، أجر 300 دولار + غنائم.
- **التجنيد**: قسري في دارفور، تجنيد أطفال (UNICEF: 10 آلاف، 2024).
> **BBC (2025)**: "حميدتي بنى إمبراطورية: من جنجويد إلى حكومة موازية".

….

5. الحل المادي: تفكيك الدولة الثنائية**

مامداني يقترح (محدث 2025):
1. **إلغاء الهويات المصطنعة**: دمج RSF في جيش وطني، مع محاكمات دولية (ICC: مذكرات للبشير، توسيع لـRSF).
2. **إعادة توزيع الموارد**: 30% عائدات النفط/الذهب لدارفور، تأميم المناجم.
3. **مشروع مائي مشترك**: قناة جونقلي لربط النيل بدارفور.
4. **محاكم شعبية**: مختلطة (عرب-زرقة)، كغاشاشا في رواندا.
5. **عقوبات دولية**: تجميد أصول حميدتي (أمريكا، يناير 2025).
> **الأمم المتحدة (2025)**: "الحل في وقف التمويل الخارجي، وإعادة بناء الدولة الفيدرالية".

…….

الخلاصة الجراحية**

> **قوات الدعم السريع ليست "ثواراً" أو "إرهابيين" فحسب، بل **سرطان الدولة الثنائية**: أُنشئت للدفاع عن الاستعمار الداخلي (الأرض للرعاة، النفط للخارج)، وأصبحت اليوم دولة موازية تغذيها الذهب والأسلحة الإماراتية/الروسية. في 2025، مع سقوط الفاشر وسيطرة SAF على الخرطوم، أصبحت RSF "حكومة الظل" في الغرب، لكنها تهدد بتفكيك السودان إلى كانتونات نهب. العلاج: ليس السلاح، بل **إعادة توزيع الثروة والسلطة**، كما فعلت الصين في 1949. بدون ذلك، ستستمر الفتنة كسرطان عضال**.

**مامداني يكتب للنازح في الفاشر، للراعي في كردفان، لكل سوداني: إذا أردتم الناجاة، فكِّروا في الأرض والنفط، لا في الهويات المزيفة**.

……


تحليل دور الإمارات في دعم قوات الدعم السريع (RSF): الاستعمار الجديد عبر الوكالة المسلحة

في سياق التحليل المادي التاريخي الذي يتبناه محمود مامداني، يُعد دور الإمارات العربية المتحدة (الإمارات) في دعم قوات الدعم السريع (RSF) في السودان نموذجاً كلاسيكياً لـ"الاستعمار الجديد عبر الوكالة"، حيث تُعاد إنتاج علاقات الإنتاج الاستعمارية القديمة (الأرض، الموارد، التبعية الاقتصادية) من خلال قوى محلية مسلحة تخدم مصالح خارجية دون تدخل مباشر. مامداني، في كتابه "المنقذون والناجون" (2009)، وصف الجنجويد (سلف RSF) كأداة لإخلاء الأرض للاستثمار النفطي، وهذا الوصف يمتد اليوم إلى RSF كـ"دولة موازية" تغذيها الإمارات للسيطرة على الذهب والنفط والأراضي الزراعية. بحلول نوفمبر 2025، مع سقوط الفاشر (أكتوبر 2025) وسيطرة RSF على غرب السودان، أصبح الدعم الإماراتي محور اتهامات بالتواطؤ في الإبادة الجماعية، كما أكدت الولايات المتحدة في يناير 2025. هذا الدعم ليس "خطأً دبلوماسياً"، بل استراتيجية مدروسة لتعزيز الهيمنة الإقليمية، معتمدة على ثلاثة محركات مادية: الذهب، النفط، والأمن الإقليمي.

1. الجذر التاريخي: من اليمن إلى دارفور – بناء التحالف المادي**

بدأ التحالف بين الإمارات وRSF في 2015، عندما أرسل قائد RSF، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، 10 آلاف مقاتل إلى اليمن لدعم التحالف السعودي-الإماراتي ضد الحوثيين. كان هذا "التصدير العسكري" صفقة اقتصادية: مقابل الأسلحة والتمويل، حصلت RSF على تدريب ودعم لوجستي، مما حوّلها إلى "شركة أمنية" لمصالح الإمارات. بحلول 2019، اشترت RSF أكثر من 1000 سيارة تويوتا من تجار إماراتيين، قابلة للتحويل إلى "تكنيكالز" (مركبات مسلحة). هذا التحالف لم يكن عسكرياً بحتاً، بل مادياً: الإمارات، كأكبر مستورد للذهب الحرفي في العالم، رأت في حميدتي "وسيطاً" للوصول إلى مناجم جبل عامر (أكبر منجم ذهب في دارفور)، الذي ينتج 70% من إنتاج السودان السنوي (حوالي 100 طن، بقيمة 5 مليارات دولار).

في 2022، التقى حميدتي بشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مما عزز الروابط المالية: بنوك إماراتية تملك حصصاً في بنك الخرطوم، الذي يُستخدم لتحويلات RSF، بينما يُقدر ثروة حميدتي الشخصية بـ7 مليارات دولار، معظمها في الإمارات. هذا يعكس نموذج مامداني: الاستعمار ليس احتلالاً مباشراً، بل "استثماراً في الفتنة" لضمان تدفق الموارد، كما حدث في دارفور حيث أخلت RSF الأرض للاستثمارات الإماراتية في الزراعة والمراعي.

2. الدعم العملي: الأسلحة، اللوجستيات، والتمويل – أدلة 2023-2025**

منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، زاد الدعم الإماراتي بشكل كبير، محولاً RSF إلى قوة قادرة على السيطرة على نصف السودان. الإمارات تنفي الدعم، معتبرةً الاتهامات "حملة إعلامية" من الجيش السوداني (SAF)، لكن التقارير الدولية تثبت العكس:

- **الأسلحة**:
- **طائرات بدون طيار صينية**: في أكتوبر 2025، أفادت وكالات استخبارات أمريكية بزيادة توريد الإمارات لدرونز "سلسلة الرينبو" (من شركة الصين للفضاء) إلى RSF، بالإضافة إلى قذائف وصواريخ. هذه الدرونز استخدمت في هجمات على بورتسودان (مايو 2025)، مما أصاب فريقاً تركياً يدعم SAF.
- **معدات بريطانية-إماراتية**: وثائق سودانية (يونيو 2024 ومارس 2025) تُقدم لمجلس الأمن الدولي صوراً لمركبات مدرعة "نمر أجبان" (صنع إماراتي بمحركات بريطانية كومينز)، بالإضافة إلى أجهزة تدريب أسلحة بريطانية (ميليتيك) مستوردة إلى الإمارات منذ 2013.
- **جوازات إماراتية**: وثيقة 41 صفحة (أغسطس 2024) تُقدم للأمم المتحدة صوراً لجوازات إماراتية وُجدت في حطام RSF في أم درمان، مما يشير إلى جنود إماراتيين أو مرتزقة. الإمارات نفت ذلك، مدعيةً أنها رحلة إنسانية قبل الحرب.

- **اللوجستيات**:
- **مستشفى أم جَرَاس (تشاد، يونيو 2023)**: أقامت الإمارات مستشفى ميدانياً بـ"أهداف إنسانية"، لكنه عُولج فيه مقاتلو RSF الجرحى، مع تهريب أسلحة عبر الجمعية الخيرية لشيخ منصور بن زايد.
- **خطوط الإمداد**: عبر تشاد (قاعدة أم جَرَاس) وليبيا (دعم حفتر)، مع شحنات عبر موانئ كينيا (مومباسا، يونيو 2025)، كما أكد تقرير بيلينغكات (يونيو 2025) عن ذخيرة كينية في مخازن RSF.

- **التمويل**:
- مليارات الدولارات منذ 2023، مقابل الذهب والنفط. RSF تسيطر على 70% من احتياطي النفط في أبيي، وتصدّر الذهب إلى دبي، حيث تُكرِّر الإمارات 90% من الذهب السوداني. تقرير تشاتام هاوس (أكتوبر 2025) يؤكد أن الإمارات "تستفيد من ذهب النزاع" دون تنفيذ قيود على الاستيراد من مناطق الحرب.

3. الدوافع المادية: الهيمنة الإقليمية والاقتصادية**

| **الدافع** | **التفصيل** | **الأثر على RSF** |
|-------------|-------------|-------------------|
| **الذهب والنفط** | الإمارات أكبر مستورد للذهب الحرفي؛ RSF تسيطر على جبل عامر وأبيي (70% احتياطي النفط) | تمويل RSF (5 مليارات دولار سنوياً)، مما يغذي الحرب. |
| **الأراضي الزراعية** | استثمارات في مزارع آل مكتوم (1985)، مع نهب أراضي دارفور للرعي والزراعة | إخلاء السكان للاستثمار، كما في نموذج مامداني. |
| **الأمن الإقليمي** | منع صعود الإسلاميين في SAF (مرتبطين بالإخوان)، بعد الربيع العربي | دعم RSF كـ"باراميليتاري" خارج الدولة، للحفاظ على النفوذ. |
| **المنافسة** | ضد تركيا (تدعم SAF عبر درونز)، وإيران (قواعد في بورتسودان) | هجمات درونز إماراتية على بورتسودان (مايو 2025). |

هذا يعكس استراتيجية الإمارات منذ 2011: استخدام "القوة الصلبة والناعمة" ضد الإسلاميين، مع التركيز على "الباراميليتاري" لتجنب المساءلة الدولية.

4. الآثار: تمديد الفتنة وإعاقة السلام**

الدعم الإماراتي أدى إلى:
- **الإبادة**: مذابح الجنينة (2023-2024: آلاف القتلى)، والفاشر (أكتوبر 2025: 11 ألف قتيل، 32 ألف جريح، مع احتجاز 68 ألف مدني). السفير السوداني في الهند (نوفمبر 2025) اتهم الإمارات بـ"توريد درونز استراتيجية" لقصف المدنيين.
- **الأزمة الإنسانية**: 13 مليون نازح، 25 مليون جائع، مجاعة في مخيمات الفاشر (أغسطس 2025).
- **فشل الوساطة**: إلغاء محادثات "الكواد" (يوليو 2025) بسبب خلافات حول دور RSF؛ اعتراف أنور قرقاش (نوفمبر 2025) بـ"خطأ" عدم فرض عقوبات على انقلاب 2021، لكنه يُعتبر "غطاءً" للانسحاب الجزئي.

**5. الردود الدولية والإماراتية: التناقض بين الإنكار والاعتراف**

- **الإمارات**: تنفي الدعم، وتدّعي مساهمة إنسانية (100 مليون دولار، نوفمبر 2025)، لكن تقارير تشاتام هاوس تُثبت الاستفادة من "ذهب النزاع".
- **الدولي**: عقوبات أمريكية (يناير 2025) على شركات إماراتية تموّل RSF؛ دعوات في البرلمان الأمريكي لوقف تصدير أسلحة بريطانية إلى الإمارات (يونيو 2025)؛ إدانة الأمم المتحدة (أكتوبر 2025) لـ"الدعم الخارجي". السودان رفع قضية في محكمة العدل الدولية (أبريل 2025) بتهمة التواطؤ في الإبادة، لكنها رُفضت لعدم الاختصاص.

الخاتمة: درس مامداني للسودان – تفكيك الوكالة الاستعمارية

دور الإمارات في دعم RSF ليس "دعماً خاطئاً"، بل استمرار للاستعمار الذي يزرع الفتنة ليحصد الموارد، كما في رواندا أو دارفور. مامداني يحذِّر: بدون تفكيك "الدولة الثنائية" (مواطنون في المدن، رعايا في الغرب)، سيستمر RSF كسرطان يغذيه الخارج. الحل المادي: عقوبات دولية على تدفق الذهب، إعادة توزيع الموارد، ومحاكم شعبية. في نوفمبر 2025، مع إدانات متزايدة، قد يُجبر الضغط الدولي الإمارات على "الانسحاب"، لكن الشفاء يبدأ بإعادة بناء السودان كدولة موحدة اقتصادياً، بعيداً عن الوكلاء المسلحين.

……

مقارنة بين الجنجويد وقوات بوكو حرام: من منظور التحليل المادي التاريخي

في أعماق الجسد الاجتماعي الأفريقي، حيث تتشابك خيوط الاستعمار مع نبض الصراع الطبقي، يبرز الجنجويد (Janjaweed) وقوات بوكو حرام (Boko Haram) كخلايا سرطانية متشابهة في آليات نموها، لكنهما تختلفان في جذورهما الاقتصادية والأيديولوجية. الجنجويد، كما وصفها محمود مامداني في "المنقذون والناجون" (2009)، هي مليشيا رعوية عربية في السودان، نشأت كأداة استعمارية للسيطرة على الأرض والمراعي، وتحولت إلى قوات الدعم السريع (RSF) لإخلاء المناطق للنفط. أما بوكو حرام، التي أسسها محمد يوسف عام 2002 في نيجيريا، فهي جماعة إرهابية إسلامية تهدف إلى إقامة دولة إسلامية، لكن جذورها تعود إلى التهميش الاقتصادي والثقافي في الشمال النيجيري، مع روابط لاحقة بالقاعدة وداعش. هذه المقارنة ليست مجرد سرد تاريخي، بل تشريح لكيفية زرع الاستعمار الفتنة ليحصد الموارد، مستلهمةً من مامداني الذي يرى في مثل هذه الجماعات "إعادة إنتاج الدولة الثنائية": مواطنون في المدن، ورعايا في الأطراف المهمشة.

1. الجذور التاريخية والأيديولوجية: بين الاستعمار الاقتصادي والسلفية الثورية**

الجنجويد نشأت في الثمانينيات كمليشيا رعوية عربية في دارفور، مدعومة من الاستعمار البريطاني لتقسيم الأرض بين رعاة ("عرب") وفلاحين ("زرقة")، ثم أعيد تفعيلها في 2003 لقمع التمردات ضد حكومة البشير. أما بوكو حرام، فبدأت كحركة سلفية في مايدوغوري (ولاية بورنو)، مستوحاة من حركة مايتابيني في الثمانينيات، لكنها تحولت إلى إرهاب مسلح بعد مقتل يوسف عام 2009 على يد الشرطة النيجيرية.

| **العنصر** | **الجنجويد** | **بوكو حرام** |
|----------------------|-------------------------------------------------------------------------------|-------------------------------------------------------------------------------|
| **التأسيس** | الثمانينيات (كمليشيا حدودية)، ذروتها 2003 في دارفور. | 2002 كجماعة دعوية، تحولت إلى مسلحة 2009 بعد مقتل يوسف. |
| **الأيديولوجيا** | قومية عرقية-رعوية، غير دينية أساساً؛ تستخدم الإسلام كغطاء للنهب. | سلفية جهادية: "التغريب حرام"، تهدف إلى دولة إسلامية، مرتبطة بالقاعدة (2010) ثم داعش (2015). |
| **الجذر الاستعماري** | تقسيم بريطاني للأرض (دار رعاة vs دار فلاحين)، مدعومة من ليبيا وتشاد. | تهميش بريطاني-نيجيري للشمال (فقر، تعليم رديء)، لكن محلياً أكثر. |

من منظور مامداني، الجنجويد "وظيفية" (للسيطرة على المراعي)، بينما بوكو حرام "ثورية" (رد على الاستغلال الرأسمالي)، لكنهما يلتقيان في استخدام الهوية لإخفاء الصراع الطبقي.

#### **2. الأهداف والأنشطة: النهب الاقتصادي مقابل الإرهاب الديني**

الجنجويد تركز على الإخلاء والنهب للأرض والماشية، بينما بوكو حرام تستهدف الدولة والمدنيين لفرض الشريعة. كلاهما يعتمد على العنف الجماعي، لكن بوكو حرام أكثر "عالمية" في روابطها.

| **العنصر** | **الجنجويد** | **بوكو حرام** |
|----------------------|-------------------------------------------------------------------------------|-------------------------------------------------------------------------------|
| **الأهداف الرئيسية** | قمع التمردات (فور، زغاوة)، إخلاء الأرض للنفط (78% هجمات على خطوط أنابيب). | إسقاط الحكومة النيجيرية، فرض الشريعة؛ هجمات على المدارس والكنائس. |
| **الأنشطة الرئيسية** | حرق قرى، اغتصاب، سرقة ماشية؛ 300 ألف قتيل في دارفور (2003-2020). | تفجيرات، خطف (276 فتاة تشيبوك 2014)، هجمات انتحارية (أكثر من 35 ألف قتيل). |
| **التوسع** | من دارفور إلى RSF (2013)، سيطرة على غرب السودان (2025). | سيطرة على 50 ألف كم² في بورنو (2014-2015)، انقسام إلى ISWAP (2016). |

كلاهما يُغذِّيانهما الفقر: الجنجويد من البطالة الرعوية، وبوكو حرام من التهميش الشبابي في الشمال النيجيري (بطالة 70% بين الشباب).

#### **3. الدعم والروابط الخارجية: الدولة مقابل الجهاد العالمي**

الجنجويد مدعومة من الدولة السودانية (البشير)، بينما بوكو حرام مستقلة أكثر، مع روابط إرهابية.

| **العنصر** | **الجنجويد** | **بوكو حرام** |
|----------------------|-------------------------------------------------------------------------------|-------------------------------------------------------------------------------|
| **الدعم الداخلي** | الحكومة السودانية (42 ألف سلاح 1989)، تحولت إلى RSF (2013). | محلي (قبائل كانوري)، لكن قمع حكومي أدى إلى تشدد. |
| **الدعم الخارجي** | ليبيا (قذافي)، الإمارات (أسلحة لـRSF 2023-2025)، روسيا (ذهب). | القاعدة في المغرب الإسلامي (تدريب IED 2010)، داعش (بيعة 2015). |
| **الاستخدام** | أداة للدولة في الفتنة العرقية؛ مذكرة ICC للبشير (2009). | جزء من الجهاد العالمي؛ انقسام داخلي (ISWAP vs Shekau). |

من منظور مامداني، الجنجويد "بيدق استعماري" للحكومة، بينما بوكو حرام "سرطان مستقل" يُغذِّيه الاستعمار غير المباشر (الفقر النيجيري).

#### **4. الشبهات: الفتنة كأداة للتقسيم الاجتماعي**

كلاهما يزرع الفتنة لإخفاء الصراع الاقتصادي: الجنجويد تحول الجفاف إلى إبادة عرقية، وبوكو حرام تحول الفقر إلى جهاد ديني. كلاهما يستهدف المدنيين (اغتصاب، حرق)، ويُغذِّيهما التهميش (شباب بطالة في دارفور ونيجيريا الشمالية). الشبه الأكبر: استخدام الهوية (عرقية للجنجويد، دينية لبوكو حرام) للنهب، كما في نموذج مامداني عن "السرطان الاستعماري".

#### **5. الاختلافات: الاقتصادي مقابل الثقافي، والمحلي مقابل العالمي**

الاختلاف الجوهري في الدافع: الجنجويد اقتصادي بحت (أرض ونفط)، بينما بوكو حرام ثقافي-ديني (رفض التغريب)، مع توسع عالمي (داعش). الجنجويد مدمجة في الدولة (RSF)، بينما بوكو حرام معادية لها تماماً. الجنجويد أدت إلى 2.7 مليون نازح في دارفور، وبوكو حرام إلى 2.4 مليون نازح في نيجيريا.

| **العنصر** | **الجنجويد** | **بوكو حرام** |
|----------------------|-------------------------------------------------------------------------------|-------------------------------------------------------------------------------|
| **الدافع الأساسي** | اقتصادي (أرض، مراعي، نفط). | ديني-ثقافي (شريعة، رفض التعليم الغربي). |
| **النطاق** | إقليمي (دارفور، السودان). | عابر حدود (نيجيريا، تشاد، الكاميرون؛ روابط داعش). |
| **التأثير الإنساني** | إبادة عرقية (300 ألف قتيل، 2003-2020). | إرهاب جماعي (35 ألف قتيل، خطف 276 فتاة 2014). |
| **الوضع الحالي** | RSF: سيطرة على غرب السودان (2025). | انقسام: ISWAP (أكثر تنظيماً)، JAS (أكثر عنفاً). |

#### **الخاتمة: درس مامداني لأفريقيا – تفكيك السرطان قبل الانتشار**

الجنجويد وبوكو حرام ليستا "شياطين"، بل نتاج الدولة الثنائية: الاستعمار يزرع التقسيم، الأزمة الاقتصادية تسقيه، والنخبة تحصده. الشبه في النهب الجماعي يجعلهما أخوين في الفتنة، لكن الاختلاف في الأيديولوجيا يجعل الجنجويد "أداة دولة" وبوكو حرام "ثورة مشوهة". الحل، كما يقول مامداني، ليس السلاح، بل إعادة توزيع الأرض والموارد، وبناء وعي مادي يوحد الرعاة والفلاحين بعيداً عن الهويات المزيفة. في السودان ونيجيريا، بدون ذلك، سيستمر السرطان يفتك بالجسد الأفريقي، محولاً الشعوب إلى رعايا في وطنهم.

…..

في قلب التحليل المادي للدولة الأفريقية، يقف كتاب محمود مامداني «المواطن والرعية: الاستعمار، القومية، والدولة في أفريقيا» (1996) كعملية جراحية كاملة على الجسد الاجتماعي الأفريقي، يكشف أن الدولة الحديثة ليست فاشلة، بل ناجحة في إعادة إنتاج الاستعمار عبر نموذج الدولة الثنائية: مواطنون في المدن يحكمهم القانون المدني، ورعايا في الأرياف يحكمهم القانون العرفي، وهذا التقسيم ليس إرثاً استعمارياً فحسب، بل يُعاد إنتاجه يومياً لمنع الثورة الطبقية.

يبدأ مامداني بتفكيك الاستعمار المتأخر (1880-1950)، حيث جمّد البريطانيون علاقات الإنتاج المرنة عبر الإدارة غير المباشرة، فاخترعوا الزعماء كوكلاء، وحولوا الهويات إلى وظائف إدارية: في بوغندا، منحوا 9000 ميل مربع من الأرض لـ3000 زعيم بنظام *mailo land*، فأصبح 60% من الأرض الخصبة بأيديهم، والفلاحون مستأجرين يدفعون 50% من المحصول. هكذا، لم يكن الاستعمار احتلالاً مباشراً، بل تجميداً للعلاقات الاجتماعية لضمان تدفق الضرائب والموارد.

بعد الاستقلال، لم يُنهِ هذا التقسيم، بل أعادته النخبة الحضرية إنتاجه: المدن أصبحت فضاءً للقانون المدني والحقوق السياسية، والريف بقي تحت الاستبداد اللامركزي، حيث يحكم الزعيم باسم العرف، ويجمع الضرائب، ويمنع التمرد. الديمقراطية في أفريقيا، إذن، ديمقراطية حضرية فقط: الانتخابات تُجرى في كمبالا أو الخرطوم، بينما الريف يُدار بالقوة أو الزعماء، و70% من السكان – الفلاحون والرعاة – يملكون 5% فقط من السلطة.

في جنوب أفريقيا، انتهى الأبارتهايد سياسياً عام 1994، لكن الأرض بقيت بيد البيض بنسبة 87%، والريف تحول إلى بانتوستانات حيث يحكم الزعماء باسم العرف. في السودان، الخرطوم مواطنون، ودارفور والجنوب رعايا، فانفصل الجنوب واستمرت الحرب. في أوغندا، كمبالا مركز السلطة، وبوغندا والشمال تحت نظام *mailo land*، فجاء أمين ثم موسيفيني، والأرض لا تزال بيد الزعماء.

الثورة الوحيدة الناجحة، كما يرى مامداني، هي التي فككت الثنائية: الصين عام 1949، حيث أُعيد توزيع الأرض، فأصبح الفلاح مواطناً، ووُحدت الطبقات. في أفريقيا، فشلت الثورات لأنها بقيت حضرية: كينيا، زيمبابوي، حتى جنوب أفريقيا، حيث حرّر مانديلا التصويت، لكنه لم يحرّر الأرض.

الحل، إذن، ليس في الديمقراطية الشكلية، بل في دمج الريف في الدولة عبر إلغاء السلطة العرفية، ومنح الأرض للفلاحين مباشرة، وبناء ديمقراطية ريفية حقيقية. الكتاب ليس تاريخاً، بل سلاح فكري: يكتب مامداني للفلاح في لويرو، للراعي في دارفور، للعامل في جوهانسبرغ، لكل من يريد أن يحول أفريقيا من مستعمرة داخلية إلى وطن موحد، حيث يصبح الرعية مواطناً، والثورة ليست حلماً، بل برنامجاً مادياً يبدأ من الأرض.



#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من تأسيس الكيان الوهابي الى غرف الموك وخلايا التجسس في اليمن
- خرافة الاقتصاد الإسلامي: أسطورة خليجية في خدمة الإمبراطورية ...
- فخ أوكرانيا: دروس التاريخ تتحدث، والناتو يستمع بصمت
- خيانة مقنعة: رفع العقوبات ودورة النهب الاستعماري
- خوارزميات الاحتكارات الأمريكية: حرب منهجية على الوعي الاجتما ...
- محميات الخليج: بيادق وول ستريت في مسرح العرائس الصهيوني وفشل ...
- طوفان الأقصى وانهيار الهوية الاقتصادية الإسرائيلية: هزيمة اس ...
- زهران ممداني: رمز الاشتراكية عالمية الطابع وفرصة أمريكا الأخ ...
- الإبادة الجماعية في غزة: حفلة تنكرية للأشرار الكبار
- العناصر النادرة: سيف الصين الأخلاقي أمام فظاعة الإبادة الجما ...
- كيف تحول ملوك سومر وبابل إلى أنبياء في الروايات اللاحقة
- انهيار الإمبراطورية الأمريكية وانسحابها من عرش العالم..بداية ...
- بلجيكا على حافة الهاوية: حكومة دي ويفر تواجه غضب الشعب وتهدي ...
- الإبادة الجماعية في غزة: تقرير الأمم المتحدة يكشف تواطؤ ستين ...
- كتيب : تشريح النظام العالمي: الجذور الخفية للهيمنة وخريطة ال ...
- آليات الهدم - تشريح أدوات تدمير الدول
- تشريح النظام العالمي - الجذور الخفية للهيمنة
- حصان طروادة في قلب الأمة: محميات الخليج الصهيوأمريكية ودورها ...
- كيف تحولت واشنطن إلى بائعة خردة عالمية تبيع حلفاءها بالكيلو ...
- الولايات المتحدة: من العراق إلى غزة طليعة الانحطاط الهزلي


المزيد.....




- رئيس الاستخبارات الفرنسية يكشف رغبة الجزائر في استئناف الحوا ...
- الكشف عن برامج بمليارات الدولارات.. قراصنة مرتبطون بإيران يز ...
- ستة قتلى في ضربات اميركية جديدة على قاربين مشتبهين بتهريب ال ...
- بين إسرائيل وحماس.. مأزق ترامب في إيجاد -شرطي- لحفظ السلام ف ...
- العراق .. صورته بدلا من صورة زوجته المرشحة للانتخابات!
- شهادات ميدانية عن محاولات المستوطنين قتل صحفيين بالضفة
- ضمن حملتها في السودان.. قطر الخيرية توفر حضّانات وأجهزة علاج ...
- الجيش الإسرائيلي يبدأ مناورات واسعة النطاق في الضفة الغربية ...
- بالأرقام.. ما خطة الاستجابة الإنسانية للسودان 2025؟
- ألمانيا تطلب من الجزائر -عفوا إنسانيا- عن الكاتب صنصال


المزيد.....

- علاقة السيد - التابع مع الغرب / مازن كم الماز
- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - احمد صالح سلوم - «الجنجويد والدعم السريع: استعمار جديد في السودان»..ملخص كتابات الماركسية المعاصرة لمحمود ميمداني والد عمدة نيويورك الحالي