أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - الأردنيون مسؤولون عن انحباس المطر !














المزيد.....

الأردنيون مسؤولون عن انحباس المطر !


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8520 - 2025 / 11 / 8 - 09:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ضَجَّت وسائل التواصل الاجتماعي بتصريح الناطق بإسم وزارة الأوقاف في ديرتنا الأردنية، ومفاده أن انقطاع الأمطار لا يعود لنقص الغيوم، بل لقلة الإيمان وكثرة الذنوب. وقد كانت لنا مساهمتنا في النقاش بالموضوع، نعيد طرحها مع تعديلات وإضافات يستدعيها السياق. ولا ننسى مُستجِد إقامة صلوات استسقاء يوم الجمعة السابع من تشرين ثاني الجاري، بناء على تعميم أصدره وزير الأوقاف حَثَّ فيه على الإكثار من الاستغفار وغيره من الأعمال الصالحة. بدورهم، حثَّ خطباء المساجد خلال صلوات الاستسقاء على الابتعاد عن المعاصي. فهي بحسبهم، من الأسباب المانعة لنزول الغيث من السماء مدرارًا. إذن، الموضوع ليس اجتهاد موظف في وزارة الأوقاف، هو الناطق باسمها، بل نمط تفكير يمتح من وعي جمعي
يرى أن المعاصي والذنوب سبب انحباس المطر. وبطبيعي الأمر، فإن هذه المعاصي والذنوب لا تُرتكب في كوكب زُحل مثلًا، بل في مجتمع هو المجتمع الأردني. وعليه، فإن الأردنيين مسؤولون عن انحباس المطر.
سبق لنا القول إن هذا الرأي ينطلق من تفكير لا علاقة له بالعلم، بل بالغيب. هذا الأخير، لا يخضع للنظر العقلي والتجريب العلمي. فالدين على وجه العموم، يمتح من اليقين الوجداني العاطفي، ولا يخضع للتجريب والبرهان.
وفق هذا النمط من التفكير، السماء غاضبة علينا بدليل شح المطر عندنا، وراضية كل الرضا على الروس والأوروبيين والأميركيين. والدليل، الأمطار والثلوج في بلدان هذه الأقوام غزيرة جدا ولا تكاد تتوقف طوال العام.
في سياق نمط التفكير ذاته، الذنوب تنغل بها مجتمعاتنا على العكس من مجتمعات الأمم المذكورة. هذا ما يوصلنا اليه هذا النمط من التفكير الديني، أراد القائلون به أم لم يريدوا.
ولنا أن نلحظ هنا واحدة من أهم سِمات الخطاب الديني، وهي تذكير الإنسان دائمًا بأنه مذنب ومشكوك في إيمانه. أما السبب المُتَغَيَّا فهو التخويف، أي بث الخوف في النفوس كوسيلة مجربة عبر التاريخ للسيطرة على الإنسان والتحكم به. وأينما يكون الخوف ثمة استبداد وقهر للإنسان.
ونضيف أيضًا واحدة من أخص خصائص الفكر الديني، وهي البحث عن حلول لمشكلات الإنسان في الغيب وليس في الواقع بمعطياته وظروفه القائمة. ففي تفسير أسباب الفقر والبؤس، على سبيل المثال لا الحصر، لا يراها الفكر الديني في استغلال الإنسان للإنسان وظلمه وقهره، بل في القضاء والقدر، أو في اختبار السماء لقوة الإيمان. وعليه، فإن أكثر ما يقدمه الخطاب الديني للإنسان، العزاء النفسي والتجمُّل بالصبر لنيل الثواب في الآخرة مقابل شقائه في الحياة الدنيا. هنا، تحضر القولة الشهيرة لعبدالرحمن الكواكبي في كتابه "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" إذ يقول:"إن أسير الاستبداد المُعَذَّب، المنتسب إلى دين يسلي نفسه بالسعادة الأخروية، ويبعد عن فكره أن الدنيا عنوان الآخرة، وإنه ربما خاسر الصفقتين".

الحقيقة العلمية المؤكدة ان انحباس الأمطار لا علاقة له البتة بالإيمان وبما يسميه الخطاب الديني المعاصي والذنوب، بل مرتبط بعوامل الطبيعة والطقس، ومنها التغير المناخي.
ولا ندري هل اتصلت السماء بأي كان في ديرتنا الأردنية، وحذرت من انتشار المعاصي والذنوب في مجتمعنا؟!
الجواب المؤكد، لا النافية قطعًا. إذن، ما يُقال بهذا الخصوص اجتهاد بشر وهو في المحصلة مُلزم لهم فقط.
الأمم الناضجة فكريًّا، والمتقدمة علميًّا، تلجأ إلى العلم والمختبر والمصنع لمعالجة قضاياها وتذليل التحديات التي تواجهها. شح المطر، يعالجونه بتكنولوجيا الاستمطار مثلا رغم كلفتها العالية، وليس بالتضرع إلى السماء لتسارع إلى مدهم بالغيث !
ونحن نفترض، أن وزارة الأوقاف لا بد تعلم أن نسبة التدين في مجتمعنا غير مسبوقة في تاريخنا كله. فأعداد الملتزمين بتأدية الصلاة وبالصوم وبالحج من استطاع إلية سبيلًا، في زمننا هذا، أكثر منه في مرحلة الخلفاء الراشدين، التي يسميها الدكتور هشام جعيط مرحلة الميتاتاريخ النبوي، لأنها الأقرب إلى زمن النبوة. وما المطلوب غير أداء الصلاة والحج وصوم رمضان والنطق بالشهادتين لكي يكون المرءُ مسلمًا؟!
أخيرًا، نحن بدورنا نتضرع إلى السماء ألا يقرأ أحدٌ هذا المقال خارج ديرتنا الأردنية. نخشى إذا حصل ذلك أن يُتخذ قرار دولي مُلزم بمنع الأردنيين من دخول أي بلد في العالم، بما في ذلك البلدان العربية، لأنهم أينما حَلُّوا سيتوقف المطر عن الهطول من السماء مدرارًا !



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرافد الرئيس للتكفير في ثقافتنا
- شيء من اللامعقول تحت المجهر
- ثورة البلقاء ومشروع الدولة الماجدية (3) قدوم الأمير عبدالله ...
- الشِّيْخَة
- أنموذج بئيس لتطبيق الشريعة الإسلامية في السودان !!!
- القلق الرسمي الأردني والاحتمالات المفتوحة
- ثورة البلقاء ومشروع الدولة الماجدية (2) لقاءٌ مع الأمير فيصل ...
- مذكرات تشرشل
- العلم والدين *
- ماذا وراء الأكَمَة؟!
- دولة المزرعة العربية !
- أين تجار الوطنية؟!
- ثورة البلقاء ومشروع الدولة الماجدية (1) الأحوال العامة في من ...
- الزرادشتية
- نظام التفاهة (5) والأخيرة تتفيه الإنسان والثقافة والصحافة وا ...
- ترامب بلا أخلاق ومجرد من القيم
- قمة وهم الحركة في شرم الشيخ
- تعاون عسكري عربي صهيوني !
- هكذا قيَّدوا العقل العربي وكبَّلوه !
- مبارك للدكتور ياغي، ولكن...!


المزيد.....




- مركز فلسطيني: أكثر من 3939 مستوطنًا اقتحموا باحات المسجد الأ ...
- شبكات -التضليل- الإخوانية.. كيف عمقت معاناة السودانيين؟
- إيهود باراك: هكذا نوقف تدمير إسرائيل من الداخل
- قاليباف: مشروع -إبراهام- هدفه تركيع الدول الإسلامية
- من سجون المغرب إلى مناهضة التطبيع مع إسرائيل.. الناشط اليهود ...
- رغم تهديدات بن غفير.. مسئول إسرائيلي يؤكد أن حزب عوتسما يهود ...
- جاكرتا : عاصمة جديدة للأناقة الإسلامية
- فيديو متداول لـ-حفل تهنئة الجالية اليهودية لزهران ممداني عمد ...
- الرئيس اللبناني يدعو القضاة لعدم الخضوع للضغوط والابتعاد عن ...
- قاليباف: على الدول الإسلامية استخدام القوة في مواجهة الكيان ...


المزيد.....

- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - الأردنيون مسؤولون عن انحباس المطر !