أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - العلم والدين *














المزيد.....

العلم والدين *


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8505 - 2025 / 10 / 24 - 20:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ظهرت الأديان في مراحل تاريخية غابرة، قبل عصر العِلم، انطبعت بطابعها في سياقاتها التاريخية والثقافية. وعليه، من الطبيعي أن تتسم النصوص الدينية بميسم القَدَامة، وينسحب الشئ ذاته على أنظمتها المعرفية، أي السِّحر والأساطير. أما العلم، فيتعامل مع الطبيعة، ومجاله عالم المادة. ومن الطبيعي أن يكون هدفه وسيظل التفسير المادي لظواهر الكون واكتشاف قوانينه. وهذا هو الأساس المكين لما انتجته الإنسانية بالعِلم فحسب، من ابتكارات واختراعات وابداعات. وبما أن العِلم يتعامل مع الطبيعة، وهي مصدر كشوفاته وابداعاته، فإنه ينهض على الملاحظة والتجربة والاستدلال العقلي. في المقابل، المعرفة في الدين مصدرها الإيمان القلبي والثقة العمياء بالنصوص المقدسة، وكتابات رجال الدين المعروفين بالفقهاء. من هنا، فإن المعارف بمنظور الدين في الكتب المقدسة وشروحات الأولين وتفسيراتهم لنصوصها وتعاليمها، ويجب البحث عنها هناك. لا غرابة إذن، أن تكون الأنظار والعقول مشدودة إلى الماضي في المجتمعات التي يسيطر الفكر الغيبي على وعيها الجمعي.
لا يقينيات في العلم، بل افتراضات واحتمالات. العلم ينطلق من السؤال وإليه ينتهي، لأن التغيير والتطوير هما الثابت الوحيد بمعاييره ونهجه. في المقابل، الدين إيمان ويقين، لا مجال فيه للسؤال والشك. العلم تجريب وبرهان، واكتشافات يطورها، وبها يتخطى منجزاته السابقة، والسلطة فيه للعقل. أما الدين، فتسليم وانقياد واذعان، والسلطة فيه للنص. دور العلم نقض السائد الموروث، في مساره الدائم على طريق البحث عن الأفضل والأكثر تقدمًا. لذا، العلم يسائل الوضع القائم في سياقات البحث والتطوير. في الجانب الآخر، يتضمن الدين رؤية للوجود والكون قطعية ذات أجوبة جاهزة متوارثة منذ قرون أفرزتها أزمنة غابرة.
لا يأخذ الفكر الديني بالمنهجية العلمية، سبيلًا لحل المشكلات ومواجهة التحديات. وهذا شأن العقل الكسول الذي يستسهل إحالة المشكلات إلى الغيب، والاستنجاد بالسماء لانقاذه مما يحيق به من أخطار. فعندما يحل وباءٌ ما، يلجأ الدين إلى السماء وشفاعة الصالحين والأولياء لكف أذى الوباء والمن على المرضى بالشفاء. أما العلم، فينهمك في ظرف كهذا بالبحث عن أدوية ولقاحات مضادة ناجعة، لا يكل ولا يمل حتى يتوصل إليها. وفي مواسم الجفاف والقحط، يلجأ الدين إلى صلاة الاستسقاء، فيما العِلمُ يتقصى الأسباب ويشخصها، لاستنتاج الحلول ومنها تكنولوجيا الاستمطار.
نصوص الدين عابرة للزمان والمكان، تتعالى على الخبرة الإنسانية. وبالتعامل معها على هذا النحو، فإنها تُفهم منتزعة من سياقاتها التاريخية، وبالتالي، تُجَمِّدُ التاريخ في زمن ظهورها. وعلى هذا الأساس، يُفهم نفور الدين من التغيير والنظر إليه بعين الشك، إن لم يقابله بالتحريم، وربما التكفير إذا لزم الأمر. من هنا يتضح سر الدور المحافظ الذي يلعبه الدين دائمًا، والذي يؤهله للتوظيف من قِبَل القوى الرجعية والظلامية، من أجل تبرير الواقع القائم والإستكانة لِما اعتاده الإنسان وتوارثه من رؤى، للدين دوره في صياغتها وزرعها في العقول. في رأي معبر بهذا الشأن، يقول اينشتاين:"مشكلة العقل البشري هي أنه يريد أن يُخضع الكون كله للمقاييس التي اعتاد عليها في دنياه هذه. والمصيبة أن الإنسان مؤمن بأن هذه المقاييس النسبية مطلقة وخالدة ويُعدُّها من البديهيات التي لا يجوز الشك فيها. فقد اعتاد على رؤيتها تتكرر يومًا بعد يوم فدفعه ذلك إلى الاعتقاد بأنها قوانين عامة تنطبق على كل جزءٍ من أجزاءِ الكون. جاء هذا الاعتقاد من العادة التي اعتادها، وهو يظن انه جاء من الحقيقة ذاتها". ويضيف اينشتاين: "فالإنسان قد اعتاد على أن يرى الأرض مسطحة وثابتة في مكانها، ثم رأى الشمس تخرج من الشرق وتختفي في الغرب، فاعتقد أن هذا أمر بديهي لا يجوز الشك فيه. ولما جاء كوبرنيكوس يقول بأن الشمس ثابتة بالنسبة للأرض، وأن الأرض هي التي تدور حولها، أزعجه ذلك ولم يأنس إليه إلا بعد كفاح طويل. ولا يزال كثيرٌ من الناس في عصرنا لا يستطيعون التسليم به ابدًا".
*من كتابنا الجديد:(الإنسان والدين/ بعقولها تتقدم الأمم وليس بأديانها).



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا وراء الأكَمَة؟!
- دولة المزرعة العربية !
- أين تجار الوطنية؟!
- ثورة البلقاء ومشروع الدولة الماجدية (1) الأحوال العامة في من ...
- الزرادشتية
- نظام التفاهة (5) والأخيرة تتفيه الإنسان والثقافة والصحافة وا ...
- ترامب بلا أخلاق ومجرد من القيم
- قمة وهم الحركة في شرم الشيخ
- تعاون عسكري عربي صهيوني !
- هكذا قيَّدوا العقل العربي وكبَّلوه !
- مبارك للدكتور ياغي، ولكن...!
- نحو مراجعة عقلانية لموروثنا
- نظام التفاهة (4) النقود غاية الغايات !
- العرب و-اسرائيل- في خندق واحد !
- لا بد من وعي جديد مختلف
- خطة ترامب لنحر السلام !
- نظام التفاهة (3) الملاذات الآمنة
- لنتأمل كيف ولماذا تقدموا وتخلفنا؟!!!
- بائع الأوهام دونالد ترامب !
- ارتباك ثقافتنا في اشكالية السلطة السياسية !


المزيد.....




- مرشح عمدة نيويورك يثير مخاوف بشأن ديانة منافسه ممداني الإسلا ...
- دعوى ضد فرنسا بسبب مبنى لسفارتها في بغداد يعود ليهود
- لاري إليسون.. يهودي أميركي رسم ملامح الاقتصاد الرقمي العالمي ...
- عشرات الآلاف يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى رغم القيود
- دعوى ضد فرنسا بسبب مبنى لسفارتها في بغداد يعود ليهود
- لاري إليسون.. يهودي أميركي رسم ملامح الاقتصاد الرقمي العالمي ...
- TOYOUR EL-JANAH KIDES TV .. تردد قناة طيور الجنة الجديد للأط ...
- سلفيت: الاحتلال يعتقل ستة مواطنين من ديراستيا أثناء قطف ثمار ...
- كاتب إسرائيلي: حرب غزة صنعت فجوة أخلاقية بين يهود أميركيين و ...
- جدل في سوق الصكوك الإسلامية بشأن تقاسم المخاطر


المزيد.....

- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - العلم والدين *