أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - هكذا قيَّدوا العقل العربي وكبَّلوه !














المزيد.....

هكذا قيَّدوا العقل العربي وكبَّلوه !


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8492 - 2025 / 10 / 11 - 16:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حقق العقل العربي انطلاقة تاريخية، في زمن المعتزلة. صحيح أن هذه الفرقة لم تكن بمنأى عن التوظيف السياسي في الصراع العنيف على السلطة بين العباسيين والأمويين، لكن قادتها ورموزها وأفرادها كانوا فرسان العقل في التاريخ العربي. ارتكب المعتزلة خطأين، ما تزال أقساط ثمنهما الفادح تُدفع من الأجيال اللاحقة حتى يوم الناس هذا. الخطأ الأول، عدم وضع منهج متكامل للعقل العربي وتحديد أداة دقيقة لأنماط تفكيره تكون الأساسيات محور اهتمامها. لذا، بددوا طاقاتهم في قضايا فرعية جدلية، مثل مسألة "خلق القرآن". الخطأ الثاني، اللجوء إلى العنف، ما إن وصلوا الى السلطة في عهد الخليفة العباسي المأمون، لفرض معتقدهم بخصوص "خلق القرآن". بذينك الخطأين الفادحين، مهدوا لردة فعل سلفية رجعية متخلفة ما نزال نشقى بأفاعيلها في إنامة العقل العربي.
استمر نفوذ المعتزلة في عهود ثلاثة خلفاء عباسيين: المأمون والمعتصم والواثق. بعد هؤلاء، أمسك المتوكل بصولجان الحكم. ولم يلبث أن أطلق العنان للسلفيين، يضربون حرية العقل والتفكير المنطقي، كما هو ديدنهم في كل مكان وأوان، رائين فيهما سبيلاً إلى الكفر والإلحاد.
بعد الإنقلاب السلفي الظلامي في عهد المتوكل، ظهر الأشعري(873- 941م)، عدو المعتزلة. أخطر ما في المنظومة الفكرية الأشعرية، إلغاء فاعلية الإنسان. يقول الأشعري بهذا الخصوص:"...أما أفعال الإنسان، فإن الله يفعلها ويخلقها فيه، فينسبها الإنسان إلى نفسه ويزعم أنها من كسبه". تأسياً بهذا النمط من التفكير الإلغائي الإقصائي للإنسان، انتهى أتباع الأشعري إلى "أن العقل لا يُوجب شيئاً من المعارف، ولا يقتضي تحسيناً ولا تقبيحاً، ولا يوجب على الله رعاية لصالح العباد، والواجبات كلها تُفرض بالسمع ولا وصول لها بالعقل" !
فهل بعد كلام كهذا مزيد لإيضاح، على صعيد تقييد العقل وتكبيله، وسبيل لنقاش؟!
تلى الأشعري، أبو حامد الغزالي(1059-1111م). فختم على العقل العربي بالنقل، وحجب عنه فكرة وجود قوانين ثابتة مطردة تحكم الأشياء. ألغى الغزالي من حيِّز التداول مبدأ المعتزلة الشهير المتعلق بمسؤولية الإنسان عن أفعاله، منهياً بذلك حرية الإرادة من الحقل المعرفي العربي. وقد كان إلغاءُ السببية، أخطر قيد كبَّل به الغزالي العقل العربي. هنا، لا بد من التوضيح للوقوف على حجم الكارثة موضوع حديثنا. بحسب الغزالي، "ما نلحظه بالمشاهدة من وجود صلة بين شيئين كإضرام النار واشتعالها في الأشياء، أو حدوث إصابة تعقبها وفاة، أو رش ماء يتبعه بلل، هذه كلها أمور منكورة ومردودة إلى علاقة زمانية بين الشيئين، بمعنى حدوث أمر متتابع. فالنار ليست هي أشعلت شيئاً ما، ولا الإصابة تسببت بالموت، ولا الرش بالماء أنشأ البلل، إنما هذه تهيؤات في الأذهان. فلا وجود إلا لعليَّةٍ فاعلة واحدة، هي عليَّةُ وجود المريد، أي الله". مع مذهب فكري على هذا النحو، ضُرب منطق السببية، ومعه قُمعت حرية الإرادة وأُسدِلَ ستار أسود على أساس القوانين.
كانت فلسفة ابن رشد آخر حصون الدفاع عن العقل العربي، بلغة فقيد الثقافة والفكر التنويري العربيين، نصر حامد أبو زيد. لكن الظلام الذي أسس له الأشعري والغزالي، ضاق بها ذرعاً وحاصرها. فأُحرقت كتبه، وسُجن، وعُذِّبَ. وما تزال تلاحقه تهم الزندقة والهرطقة، وغيرها مما احتوته قواميس القرون الوسطى من بدائي الكلم.
ما الحل، لاستعادة العقل العربي؟ الحل الذي لا حل سواه، ثورة ثقافية شاملة قوامها المراجعة النقدية العلمية الشاملة لموروثنا، بشروط العصر ومقاييس العقل ومعايير العلم الحديث.



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبارك للدكتور ياغي، ولكن...!
- نحو مراجعة عقلانية لموروثنا
- نظام التفاهة (4) النقود غاية الغايات !
- العرب و-اسرائيل- في خندق واحد !
- لا بد من وعي جديد مختلف
- خطة ترامب لنحر السلام !
- نظام التفاهة (3) الملاذات الآمنة
- لنتأمل كيف ولماذا تقدموا وتخلفنا؟!!!
- بائع الأوهام دونالد ترامب !
- ارتباك ثقافتنا في اشكالية السلطة السياسية !
- فجوة الرواتب المخيفة في الأردن !
- نظام التفاهة (2) تتفيه التعليم والجامعات
- التهجير !
- فضيحة مكتملة الأركان !
- المهدي المنتظر *
- ماذا تعني لهم يهودا والسامرة؟!
- نظام التفاهة (1) تنميط الإنسان وتتفيهه لخدمة السوق
- من أجل الحقيقة وليس دفاعًا عن الخوارج
- الخطر الصهيوني على الأردن ليس قَدَرًا
- ثمن الهوان والتبعية!


المزيد.....




- جدل الإجازات في ألمانيا .. عندما تصطدم الأعياد الدينية بجداو ...
- تقرير: إسرائيل تجند طلابا يهودا من العالم للانضمام لجيشها وم ...
- حرس الثورة الاسلامية يكرم الاعلامية سحر إمامي
- كأن المسيح المخلّص يحتضنه بين ذراعيه.. مصور برازيلي يرصد مشه ...
- كيف تغيرت حياة اليهود الأمريكيين بعد 7 أكتوبر؟
- رئيس القضاء العراقي يدعو إلى خطاب وطني موحد بعيد عن الطائفية ...
- وكالة معا الفلسطينية: فتح معبر رفح بعد أعياد اليهود بموجب ات ...
- فوق السلطة.. ممثلة يهودية: هتلر من انتصر بغزة والسيسي يحذر م ...
- دخول الاسلام الى بلاد السودان
- انشاء ركن القدس في مركز الحضارة الإسلامية في طشقند


المزيد.....

- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - هكذا قيَّدوا العقل العربي وكبَّلوه !