أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - المهدي المنتظر *














المزيد.....

المهدي المنتظر *


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8469 - 2025 / 9 / 18 - 16:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لهذه الفكرة مثيلاتها في ثقافات الأمم والشعوب، بمختلف التمظهرات والتعبيرات مع أن الجوهر واحد. استقرت فكرة المهدي المنتظر في الأذهان منذ بداياتها، مرتبطة ب"المنقذ" أو "المخلص". وكنا قد تناولنا فكرة المُخَلِّص في سياق صراع الحياة والموت والفداء، ونضيء عليها هنا من زاوية "الرَّجْعَة"، أي عودته بعد طول انتظار المؤمنين به، ليخلصهم مما يكابدون من ظلم وبؤس وشقاء.
فكرة المهدي في التوراة ترجمة لكلمة المسيح، و"المسيح في التوراة معناه الهداية والتأييد الإلهي"(د. محمد عابد الجابري: العقل السياسي العربي، الطبعة الرابعة،ص 287). وتحدد التوراة مهمة المسيح (المهدي) في الأرض بأن "يقضي بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض ويضرب بقضيب في فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه"(إشعياء 11: 4-5). ويقول المسيح التوراتي ذاته مضيفًا إلى مهامه:"روح السيد الرب عليَّ لأن الرب مَسَحني لأُبشِّرَ المساكين أرسلني لأعْصِبَ مُنكسري القلب لأنادي للمسبيين بالعتقِ وللمأسورين بالإطلاق. لأنادي بِسَنَةٍ مقبولة للرب وبيومِ انتقام لإلهنا لأعزي كل النائحين"(إشعياء61: 1-2). إذن، تنطوي فكرة المهدي المنتظر على "أيديولوجيا المساكين، الذين لا يملكون القدرة على رفع الظلم الواقع عليهم فينتظرون الخلاص من شخصٍ يبعثه الله ليملأ الأرض عدلًا بعد أن مُلِئت جورًا"(المرجع السابق). لكنها في الجذور والأصل أسطورة على أرضية ظلم الإنسان للإنسان نبتت، وبسبب اضطهاده وبؤسه كَبُرَت، فتحولت إلى حُلمٍ بِمُخلِّصٍ يملأ الأرض عدلًا وقسطًا، كما مُلئت ظُلمًا وجورًا. بهذا المعني ارتسمت صورة المخلص في أذهان عبيد روما، لينقلهم من الظلم والقهر في الدنيا إلى دولة الملكوت الإلهي في السماء، حيث العدل والمساواة.
قديمًا، تمثلت عقيدة المهدي المنتظر بالإله تموز في حضارة بلاد الرافدين، وكرِشنا عند الهندوس، وبوذا عند البوذيين، وزرادشت في الديانة الفارسية القديمة.
افترضت الزرادشتية أن إله الخير هرمز غالبٌ دائمًا، وإله الشر أهرمان مغلوب. وافترضت أيضًا أن الصراع بينهما سوف يستمر اثنتي عشرة ألف سنة، على رأس كل ألفٍ منها يظهر "إمام مهدي من بيت زرادشت، يقود الكفاح من أجل انتصار الخير على الشر، ويساعد البشر في التخلص من تأثير أهرمان ووسوساته. وبانتهاء المدة تقوم القيامة، وساعتها يحكم الدنيا الإمام المهدي الثاني عشر، ويسود السلام بعد أن تقوم القيامة، ويُحكم على أهرمان وجنوده ومن تبعهم من البشر بالخلود في الجحيم"(سيد القمني: الأسطورة والتراث، ص 36). وكما نرى، فإن المشابه كثيرة بين هذه الاعتقادات الزرادشتية ونظيرتها لدى الفِرَقِ الشِّيعية، وهي أوضح من أن تحتاج إلى مزيد بيانٍ أو تبيين.
مقابل فكرة إله الخير القائمة على حُلم الإنسان بِمُخلِّصٍ يملأ الأرض عدلًا بعد أن مُلئت ظُلمًا، لا بد من إله للشر، يضمن للنفس المُضْطَهَدَة المُتعَبَة مهربًا من التفكير بأسباب بؤسها وشقائها في الواقع المعيش. من هنا، فإن فكرة إله الشر أقرب ما تكون إلى "مشجبٍ مريحٍ تُعلَّقُ عليه الأخطاء كلها والهفوات والتبريرات والمعاذير، وتُصرف الطبقات المطحونة عن تغيير أوضاعها الفعلية إلى انتظار طوباوي لما في المستقبل الآتي"(المرجع السابق، ص 37).
ولكي تؤدي فكرة المهدي دورها على الوجه الأكمل كان لا بد لها من أن ترتبط بفكرة ثانية، اصطُلح على تسميتها ب"الرَّجْعَة"، كما سبق أن أشرنا. فالإرتباط بين الفكرتين يحول بين الناس واليأس. بيان ذلك، أن الارتباط برمز يحقق للناس ما كانوا يطمحون إليه ويأملونه كي يجنبهم الوقوع في شِباك الإحباط واليأس. على هذا الأساس، نشأ الارتباط بين فكرتي المهدي والرجعة، واندمجتا معًا في فكرة المهدي المنتظر. فكرة الرجعة، "تراثية يهودية، فقد زعم اليهود أن النبي أخنوخ رُفِع حيًّا إلى السماء وأن الياس رُفع كذلك، وأنه سيعود ليملأ الأرض عدلًا"(العقل السياسي العربي، ص 287).
*من كتابنا الجديد:(الإنسان والدين/بعقولها تتقدم الأمم وليس بأديانها).



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا تعني لهم يهودا والسامرة؟!
- نظام التفاهة (1) تنميط الإنسان وتتفيهه لخدمة السوق
- من أجل الحقيقة وليس دفاعًا عن الخوارج
- الخطر الصهيوني على الأردن ليس قَدَرًا
- ثمن الهوان والتبعية!
- قراءة في مذكرات جولدا مائير (7) والأخيرة هذه الحلقة لجماعة - ...
- الدولة المستبدة بنظر مونتسكيو
- الإنتماء المقونن !
- شعوب ورعايا !
- قراءة في مذكرات جولدا مائير (6) حرب أكتوبر 1973...صدمة اسرائ ...
- المؤامرة الحقيقية
- -الأخوان- إلى أين؟
- اللامعقول بنسخته الأردنية!
- إلغاء فاعلية الإنسان *
- قراءة في مذكرات جولدا مائير (5) كذب مفضوح وتضليل صريح!
- الجسد العربي المشلول
- نعيق التخاذل والإنهزام
- مبعث القلق على الأردن
- قراءة في مذكرات جولدا مائير (4) صلف وقح وغطرسة متعجرفة
- بيننا وبينهم اتفاقية سلام!


المزيد.....




- فوق السلطة.. وزير فرنسي سابق: الإسلام الدين الأكثر اعتناقا و ...
- كل ما تريد معرفته عن دورة العاب التضامن الاسلامي واماكن إقام ...
- ترامب يشتم النائبة المسلمة إلهان عمر ويدعو لعزلها.. فما الأس ...
- إنتخابات الكنيسة السويدية الأحد - ممارسة ديمقراطية في مؤسسة ...
- عرض كتاب.. التهديدات الإسرائيلية للمقدسات الإسلامية والمسيحي ...
- عرض كتاب.. التهديدات الإسرائيلية للمقدسات الإسلامية والمسيحي ...
- نيويورك.. يهود يتظاهرون احتجاجا على مشاركة نتنياهو باجتماعات ...
- يهود يتظاهرون في نيويورك احتجاجا على مشاركة نتنياهو باجتماعا ...
- القمة العربية الإسلامية في الدوحة.. نجاح مرهون بمراجعة التحا ...
- التعليم كجبهة في الحرب الناعمة: بين الاستخراب الغربي وبناء ا ...


المزيد.....

- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - المهدي المنتظر *