أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - إلغاء فاعلية الإنسان *














المزيد.....

إلغاء فاعلية الإنسان *


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8445 - 2025 / 8 / 25 - 20:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لعل العبودية الذاتية المتأصلة في النفوس والمزركشة بأقنعة المقدس، الأكثر تفضيلًا بين وسائل استعباد الإنسان بالنسبة لقوى الاستبداد والاضطهاد والاحتلال، عَبر التاريخ. ومن آكد الأمور، أن هذا النوع من العبودية غير ممكن التحقق من دون زرع الخوف في رؤوس أصحابها. ولم يعرف التاريخ حتى اليوم، وسيلة أفعل وأيسر للقيام بهذه المهمة أكثر من الدين.
فقد انبنى الدين منذ بداياته، كما تبلور في السحر وفي أساسه الأسطوري، على فكرة فوق الطبيعي اللامرئي، والخارق لقوانين الطبيعة، الذي لا شك يبعث الرهبة في النفوس. الدين كما الأسطورة، حيث ترمي كل أسطورة "إلى إظهار قوة غيبية، غير موضوعية أو فعلية خارقة لمجموع قوى البشر، وتتجسد في إرادة أو في إرادات خارقة ومغايرة للشرط البشري وامكاناته. والفكر الأسطوري إذ يُقدم للإنسان مثالًا عن إرادة القوة الغيبية، يضعه في الوقت نفسه في وضع "العبد"(الأهلة ليست لنا/ع) المندهش، المرتعب من سلطان هذه القوة"(خليل أحمد خليل: مضمون الأسطورة في الفكر العربي، ص86).
جدير بالذكر أن بعض النظريات العلمية الخاصة بنشأة الدين، وعلى وجه التحديد النظرية العاطفية، تعزوها إلى عاطفتي الخوف من الموت والطمع في الخلود. وعلى هذا الأساس، راودت الإنسان منذ بداياته فكرة الخلود بعد الموت. وكان الطموح بالخلود الإطار العام للمعتقدات السومرية البابلية الخاصة بالإنسان والحياة، كما انعكس في أساطيرهم، ومنها ملحمة جلجامش وقصة "أدبا" البابليتين. وكان جهل الإنسان البدائي بحوادث الطبيعة وظواهرها، كالفيضانات والزلازل والرعد والبرق والأمراض وغيرها، قد أعادها إلى قوى غيبية تديرها وتتحكم بها. أما خوفه منها، فقد دفعه إلى نشدان حماية هذه القوى له من المخاطر والتهديدات.
يقول برتراند راسل، في السياق:"يقوم الدين بصورة أساسية وأولية على الخوف. إنه جزئيًّا الخوف من المجهول...إن الخوف هو أساس الأمر كله. الخوف من كل ما هو غامض، الخوف من الهزيمة، والخوف من الموت. إن الخوف هو أبو القسوة وأمُّها. لذا، لا عجب إذا ما كان الدين والقسوة يسيران يدًا بيد"(برتراند راسل: لماذا لست مسيحيًّا، ص26).
أما فرويد فيقرر أن الدين "ما هو إلا عصاب تشكو منه الإنسانية، ونجد تفسير قوته الهائلة على النحو الذي نُفسِّر به الوسواس العصابي لدى مرضانا"(سيجموند فرويد: موسى والتوحيد، ص78-79).
على مرِّ الأزمان، برع الإستبداد السياسي ورافده الرئيس الإستبداد الديني في التوسع بزرع ضروب الخوف في النفوس بإسم الدين، لتدجين الإنسان وتسهيل السيطرة عليه. فالإنسان خَطَّاءٌ، بمنطوق مستخدمي الدين للترهيب والترغيب والتدجين، عليه أن يقضي جُلَّ وقته في العبادات للفوز بنعيم الآخرة. ولا يكف هؤلاء عن التذكير بعذاب الآخرة، ومنهم من يتفنن في تصوير بعض أساليبه كما لو أنه شارك في ممارستها. وتتردد في مجتمعاتنا، وفي أريافنا خاصة، قصص في هذا الموضوع تدعو إلى الضحك والرثاء معًا، لكنها في مجمل الأحوال تحتاج إلى مقاربات علم النفس التحليلي الفرويدي لوضعها تحت مجهر التشخيص وتحديد العلاج الأنسب للمصابين بداء الشعوذة بها. الموت حاضر دائمًا على ألسنتهم، ويبالغ أكثرهم حقدًا على الحياة وكراهة للإنسانية في تصوير الأمور المتعلقة بهذا الجانب وكأن الهدف من وجود الإنسان في الدنيا انتظار موته لتحل به بعده أقسى صنوف العذاب وأبشعها. الخوف بضاعة هؤلاء، لجعل المؤمن "عبدًا" صالحًا بالتزامه بدينه في دنياه، وشروط طاعة ربه للفوز برضاه. ويرى هؤلاء في الخوف، دافع إيمان والتزام منبثق من استشعار الرقابة الدائمة المُسلَّطة على المؤمن في كل مكان وزمان.
*من كتابنا الجديد (الإنسان والدين/بعقولها تتقدم الأمم وليس بأديانها).



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في مذكرات جولدا مائير (5) كذب مفضوح وتضليل صريح!
- الجسد العربي المشلول
- نعيق التخاذل والإنهزام
- مبعث القلق على الأردن
- قراءة في مذكرات جولدا مائير (4) صلف وقح وغطرسة متعجرفة
- بيننا وبينهم اتفاقية سلام!
- المقاومة أو الاستسلام
- جذور التكفير والتحريم في الدين*
- قراءة في مذكرات جولدا مائير (3) الغباء الرسمي العربي !
- واقع العجز
- الإنسان والدين (بعقولها تتقدم الأمم وليس بأديانها).
- ظاهرة سياسية أردنية غير محمودة !
- ماذا تبقى من أوسلو ووادي عربة؟!
- قراءة في مذكرات جولدا مائير (2) السفر إلى فلسطين !
- لهذا اندحرت أميركا في فيتنام وتبهدلت
- يرفضون التخلي عن مضمونهم الاستعماري !
- استحوا...عيب !!!
- قراءة في مذكرات جولدا مائير(1) مشكلتهم مع التاريخ !
- لماذا تتعثر مفاوضات وقف إطلاق النار؟!
- أصل قصة الضلع القاصر في الأديان


المزيد.....




- 57 دولة اسلامية تدين -إسرائيل- وتطالب بحلول فورية
- سوريا ـ الزعيم الروحي حكمت الهجري يطالب بـ-إقليم منفصل- للدر ...
- أحمد الشرع: لست امتدادا لأحزاب أو تنظيمات إسلامية ولا أرتبط ...
- عراقجي يدعو الدول الإسلامية لاتخاذ أربعة إجراءات حاسمة ضد إس ...
- مندوب فلسطين الأممي يوجه نداء للدول الإسلامية: أفعالنا اليوم ...
- -محدث- مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مدير عام أوقاف غزة: الاحتلال دمر 93% من المساجد و70% من المق ...
- تخوف إسرائيلي من عودة النماذج القديمة من الحروب الأهلية بين ...
- بعد الدعوة لحله.. ما مصير تنظيم الإخوان في سوريا؟


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - إلغاء فاعلية الإنسان *