أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله عطوي الطوالبة - الدولة المستبدة بنظر مونتسكيو














المزيد.....

الدولة المستبدة بنظر مونتسكيو


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8457 - 2025 / 9 / 6 - 22:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نَقَدَ الفيلسوف الفرنسي الشهير مونتسكيو(1689- 1755) الديمقراطية، لكنه رَفَدَ مسارها التاريخي بإضاءات فكرية تنويرية كان لها دورها في تكريسها كأرقى ما توصل إليه العقل في إدارة شؤون الإجتماع الإنساني. هذا التناقض، وثيق التعالق ببعض أفكار مونتسكيو المدابرة للديمقراطية، في جوهرها ومعانيها الحديثة.
آمن مونتسكيو بالحكم الديمقراطي النيابي، لكنه في موازاة ذلك ميَّزَ بين الأفراد على أساس المولد أو الثروة. على هذا الأساس، أيَّدَ منح النبلاء امتيازات خاصة، على الصعيد التشريعي بشكل خاص. فبرأيه، يجب السماح بتشكيل هيئة تشريعية مستقلة خاصة بهم تملك سلطة قضائية معززة بحق نقض قرارات هيئة التمثيل الشعبي. لماذا؟ لأن النبلاء، على ما يعتقد مونتسكيو، عُرضة للحسد والغيرة، وبالتالي، لا تجوز مقاضاتهم أمام محاكم عادية، بل يجب أن يُحاكموا من قِبَلِ أندادهم النبلاء تجنبًا لصدور أحكام جائرة ضدهم.
لكن ما ذكرنا توًّا، لا يحول دون الإقرار بحقيقة أن مونتسكيو أثرى مسيرة الديمقراطية بجملة أفكار تنويرية تقدمية تتصدرها محاربة الرِّق بلا هوادة. وقد انطلق في ذلك من مشاركته الفيلسوف الإنجليزي جون لوك فكرة أن الناس يولدون أحرارًا، وبالتالي، "لا يجوز أن تخمد الطبيعة البشرية أو تُذل. كما ان وجود العبيد مخالف لروح النظام في الديمقراطية".
في السياق، ندد مونتسكيو بإباحة المتعصبين الأوروبيين استرقاقَ الزنوج بناءً على اعتقاد عنصري كان سائدًا في زمانه، مفاده "أن الله، وهو ذو حكمة بالغة، لا يمكن أن يكون قد وضع روحًا طيبة في جسد أسود حالك السواد، وكأن اللون هو الجوهر الذي تقوم عليه الإنسانية".
ولعل من أهم أفكار مونتسكيو في تعزيز مسار الديمقراطية، تعريته الحكم الاستبدادي. فهو برأيه خُلوٌّ من أية فضيلة، إذ يقوم على الخوف المزروع في نفوس المواطنين والرعب المعشش في أذهانهم من "السيد الحاكم". هذا الأخير "حفظه الله"، يُلقي بالناس في هوة الذُّل والمهانة. يحافظ على وجوده بسفك الدم. يفرض على رعاياه طاعة عمياء، تُسَخَّرُ التربيةُ والتعليمُ لصياغتها وتكريسها في النفوس. الطاعة العمياء بنظر مونتسكيو، وهو مُحِقٌّ طبعًا، تفترض الجهل فيمن يطيع وبمن يأمر. فهو، أي الأخير، لا يُفكر ولا يَتروى، بل يريد فحسب.
ليس في الدولة الاستبدادية، بحسب مونتسكيو،عَظَمَةُ نفسٍ، لأن حاكمها المستبد لن يمنح عظمة لا يملكها هو نفسه، إذ لا مجد عنده، وفاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه.
وينزع الاستبداد دومًا إلى هدم الدولة بتدمير روح المواطن أساس هذه الدولة. بهذا النهج التدميري، فإنه كمن يقطع الشجرة كي يجمع ثمرها.
في الدولة الاستبدادية، لا بد أن يكون المحكومون جهالًا، جبناء، ومحطمي النفوس. وبدل أن يُربَّى الناسُ على أساس الاحترام المتبادل، تتخذ تربيتهم مسارًا يزرع فيهم عدم الاستجابة إلا للتخويف والترهيب.
يقول مونتسكيو، ثم يتساءل: الناس يحبون الحرية، ويكرهون القهر والعنف. والطبيعة البشرية تثور بالحكومة المستبدة بلا انقطاع، وينفر الناس من الطغاة ويحقدون عليهم، فلماذا إذن يعيش معظم الناس في العالم تحت الاستبداد؟
يجيب مونتسكيو متأثرًا بمعطيات زمانه، بتفسيرين، الأول مفاده، أن الامبراطوريات الواسعة تلجأ إلى الحكم الاستبدادي كيما يكون الحكم فيها قوي النفوذ. والثاني، وهو الأهم، لأن من أهم شروط قيام الاستبداد الشهوات الإنسانية، وهي موجودة في كل مكان. ولربما من هذا المنطلق، ربط مونتسكيو بين الأقاليم الحارة، المتميزة بنمو الشهوة مبكرًا، وانتشار الاستبداد.
ومن خصائص الدولة المستبدة أيضًا، أن حاكمها المستبد يرى نفسه الدولة، سلامتها ليست أي شئ آخر غير سلامته، أو حتى سلامة قصره. أما وظيفة الدين في الدولة المستبدة، فيراه مونتسكيو ونعتقد أنه أصاب كبد الحقيقة، في زرع الخوف في النفوس. ومن المعروف أن الخوف عبر التاريخ، أفعل وسائل الطغاة للسيطرة على الناس والتحكم بهم.
لا عدل في الدولة المستبدة، فحكوماتها تمارس الظلم وتعمل لحساباتها الخاصة، حيث تغرف من أموال الدولة والاختلاس من الأموال الأميرية أمر طبيعي.
نكتفي بهذا القَدَر، ونتوجه بالسؤال إليك عزيزنا القارئ: ما أكثر شئ لفت نظرك فيما قرأت؟



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنتماء المقونن !
- شعوب ورعايا !
- قراءة في مذكرات جولدا مائير (6) حرب أكتوبر 1973...صدمة اسرائ ...
- المؤامرة الحقيقية
- -الأخوان- إلى أين؟
- اللامعقول بنسخته الأردنية!
- إلغاء فاعلية الإنسان *
- قراءة في مذكرات جولدا مائير (5) كذب مفضوح وتضليل صريح!
- الجسد العربي المشلول
- نعيق التخاذل والإنهزام
- مبعث القلق على الأردن
- قراءة في مذكرات جولدا مائير (4) صلف وقح وغطرسة متعجرفة
- بيننا وبينهم اتفاقية سلام!
- المقاومة أو الاستسلام
- جذور التكفير والتحريم في الدين*
- قراءة في مذكرات جولدا مائير (3) الغباء الرسمي العربي !
- واقع العجز
- الإنسان والدين (بعقولها تتقدم الأمم وليس بأديانها).
- ظاهرة سياسية أردنية غير محمودة !
- ماذا تبقى من أوسلو ووادي عربة؟!


المزيد.....




- إسرائيل تواصل نسف أبراج غزة وحماس -توافق- على إطلاق جميع الر ...
- توقيف أكثر من 400 شخص في بريطانيا خلال تظاهرة دعم لمجموعة با ...
- لمكافحة الجرائم... ترامب لا يستبعد خيار التدخل العسكري في شي ...
- البرتغال: انقطاع كابل يربط مقصورتين سبب حادثة تحطم عربة التر ...
- اليابان: رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا ينوي الاستقالة بعد انتكا ...
- 48 ساعة لا تُنسى في ريغنسبورغ البافارية
- -مدرسة ماجدة عوض-.. خيام تعليمية تبعث الأمل لأطفال غزة
- بينها -السفينة الصحفية-.. هكذا أبحرت سفن كسر الحصار من إيطال ...
- ترامب يلوح بتدخل عسكري بشيكاغو وحاكم الولاية غاضب
- -برج واحد يساوي حي كامل- هكذا يدمر الاحتلال مدينة غزة


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله عطوي الطوالبة - الدولة المستبدة بنظر مونتسكيو