أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - الرافد الرئيس للتكفير في ثقافتنا














المزيد.....

الرافد الرئيس للتكفير في ثقافتنا


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8518 - 2025 / 11 / 6 - 17:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم تعرف الثقافة العربية مصطلح التكفير، قبل بداية الدعوة المحمدية. ولم يُسجل ما وصل إلينا من ديوان العرب نصوصًا تتعلق بتكفير العرب لبعضهم أو لغيرهم.
فقد استخدمت العرب قبل الاسلام لفظة صابئ في نعت المفارق لدين قومه، وبها وصفوا نبي الاسلام عندما بدأ دعوته الى الدين الجديد. فقالوا إن محمدًا قد صبا، أي فارق دين آبائهم. إذن، مصطلح التكفير انبثق في تاريخنا مع بدايات الدعوة المحمدية.
في مرحلة الخلفاء الراشدين، تمدد التكفير واتسع إطار الموصومين به. فالقبائل التي تركت الاسلام بعد وفاة النبي عليه السلام نعتوها بالمرتدين، كمقدمة لشيطنتهم بلغة أيامنا هذه، لتبرير إعمال السيف برقابهم وسفك دمائهم، وهو ما حصل بالفعل. وقد أرسل إليهم أبو بكر الصديق أحدَ عَشَرَ فرقة مقاتلة، على رأسها كل منها قائد قرشي. ومن أشهر هؤلاء القادة، خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل.
ولم يلبث التكفير أن طال الخلفاء الراشدين أنفسهم في مرحلة لاحقة، حيث شمل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، وذلك بناء على التأويل الخاطئ للآية (44) من سورة المائدة (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون). ولا بد من التذكير بأن هذه الآية وفق أثبت ما يُجمع عليه المفسرون، لا علاقة لها البتة بشؤون الحكم والسياسة، بل تخص في تفسيرها احتكام يهوديين إلى نبي الإسلام للفصل بينهما في قضية زِنا.
الثائرون ضد عثمان اتهموه بالكفر، متأولين الآية المومأ اليها قبل قليل بأنه لم يحكم بما أنزل الله. ورد عليهم أنصار عثمان بالآية الكريمة(أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (النساء 59). وقد تأولوا هذه الآية على أن معارضي عثمان والثائرين ضده قد كفروا بمخالفتهم أولي الأمر، المنصوص على طاعتهم في القرآن الكريم.
بخصوص هذه الاية، فقد وردت (...أطيعوا الله وأطيعوا الرسول...)، خمس مرات في القرآن، أُضيفت (...وأولي الأمر منكم...) مرة واحدة منها فقط في الآية (59) من سورة النساء. وقد اختلف المسلمون في تحديد المقصود ب"أولي الأمر منكم"، وما يزالون مختلفين حتى اللحظة. فقد ذهب فريق من المفسرين إلى أن المقصود أبو أبو بكر وعمر، بحسبانهما كانا وزيرين للنبي. وذهب آخرون إلى أن المقصود الولاة الذين كان يعينهم النبي في مناطق مختلفة وعلى قبائل أسلمت، على اعتبار أنهم ممثلون لشخص النبي، ويخضعون لرقابته وإشرافه. وفي نظر ابن حزم الأندلسي، فإن أولي الأمر هم علماء الأمة. أما الشيعة، فيرون أن المقصود ب"أولي الأمر" آل البيت ولا أحد غيرهم.
أما الخليفة الراشدي الرابع، علي بن أبي طالب كرَّمَ الله وجهه، فقد خَطََّأ الخوارج قبولَه التحكيم مع معاوية بن أبي سفيان. ولم يلبثوا أن كفروه بناء على تفسيرهم للآية (44) من سورة المائدة أيضًا، حيث رفعوا شعار "إن الحكم إلا لله". ورد عليهم علي بقولته البليغة الشهيرة:"كلام حق يراد به باطل، القرآن لا ينطق وإنما يتكلم به الرجال". وقد كانت فِرقة الأزارقة أكثر فِرَق الخوارج تطرفًا، وسميت بهذا الإسم نسبة إلى رئيسها نافع بن الأزرق الحنفي. وقد أباح هؤلاء قتل أطفال مخالفيهم، وحجتهم في ذلك الآيتان (26) و (27) من سورة نوح: (وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديَّارا. إنَّك إن تذرهم يُضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرًا كفارًا).
هل اختلف اليوم عن الأمس، بخصوص الصراع السياسي والتكفير في واقعنا العربي؟!
الإجابة بلا تردد، لا النافية. نكاد نكون الشعوب الوحيدة في القرن الحادي والعشرين، التي ما يزال التكفير فاعلًا في واقعها ويسير على قدمين. ففقهاء السلطان غَب الطلب، لإرغام النص الديني على تأييد السياسات الرسمية في بلداننا، وتكفير الخصوم السياسيين. قوى الإسلام السياسي من جهتها، لا تتردد في إشهار سلاح التكفير في وجوه مخالفيها في الرأي والإجتهاد ، وبشكل خاص أهل الفكر والثقافة من ذوي الاجتهادات والرؤى الفكرية المختلفة. والأمثلة أكثر من أن تُحصى ومعظمها معروف، ولا نرى جدوى من استحضارها. في المقابل وعلى سبيل المقارنة، لم نسمع بقضايا تكفير في الدول ذات الأغلبيات السكانية المسيحية، إلى درجة يُعتقد معها بأن المسيحية تكاد تخلو من نصوص تكفيرية. وإن وُجدت نصوص يمكن تأويلها بهذا الاتجاه، فإنها ليست مُفعَّلة ولا أحد يفكر بتفعيلها. السبب الرئيس، أن الغالبية الساحقة من اتباع المسيحية في العالم ارتقى وعيهم الجمعي إلى الأخذ بالفهم العلمي للدين. وعلى هذا الأساس، وضعوا الدين في مكانه الصحيح كشأن تعبدي معتقدي خاص مكانه دور العبادة، ولا علاقة له بالسياسة ولا بشؤون الاجتماع الإنساني.
تأسيسًا على ما تقدم، إذا تقصينا الرافد الرئيس للتكفير في حاضرنا كما في ماضينا، لا ريب سنجده في الصراع على السلطة السياسية. فكل من الخصوم المتصارعين، على ما أنف بيانه، يحشد من النصوص الدينية ما يسند به رأيه ويعزز موقفه.
وما نزال الشعوب الوحيدة على وجه الأرض، التي أخفق وعيها الجمعي في الإرتقاء إلى وضع حلول لاشكالية السلطة السياسية بمعايير الحاضر. والدليل، أننا لم نعرف أسلوبًا لانتقال السلطة السياسية، منذ 1500 عام على الأقل، غير التوريث أو الانقلاب. وهما أسلوبان تجاوزهما الزمن، حيث أفرزتهما ثقافات أزمنة غَبَرَت ولن تعود. الشرعية الشعبية، بشروط الحاضر ومعاييره، لنتائج صناديق الاقتراع في انتخابات حرة نزيهة، يختار المواطن بواسطتها من يحكمه ومن يمثله. لا يختارهما فحسب، بل يتابع أدائهما، ويحاسبهما، ويقيلهما إذا استدعت المصلحة الوطنية ذلك. عندما يرتقي وعينا الجمعي إلى هذا المستوى، يأخذ بالتلاشي والإضمحلال الرافد الرئيس للتكفير في ثقافتنا، أي الصراع على السلطة السياسية.



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيء من اللامعقول تحت المجهر
- ثورة البلقاء ومشروع الدولة الماجدية (3) قدوم الأمير عبدالله ...
- الشِّيْخَة
- أنموذج بئيس لتطبيق الشريعة الإسلامية في السودان !!!
- القلق الرسمي الأردني والاحتمالات المفتوحة
- ثورة البلقاء ومشروع الدولة الماجدية (2) لقاءٌ مع الأمير فيصل ...
- مذكرات تشرشل
- العلم والدين *
- ماذا وراء الأكَمَة؟!
- دولة المزرعة العربية !
- أين تجار الوطنية؟!
- ثورة البلقاء ومشروع الدولة الماجدية (1) الأحوال العامة في من ...
- الزرادشتية
- نظام التفاهة (5) والأخيرة تتفيه الإنسان والثقافة والصحافة وا ...
- ترامب بلا أخلاق ومجرد من القيم
- قمة وهم الحركة في شرم الشيخ
- تعاون عسكري عربي صهيوني !
- هكذا قيَّدوا العقل العربي وكبَّلوه !
- مبارك للدكتور ياغي، ولكن...!
- نحو مراجعة عقلانية لموروثنا


المزيد.....




- كيف قلب غوستاف لوبون نظرة أوروبا إلى الحضارة العربية الإسلام ...
- بابا الفاتيكان يستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس
- بابا الفاتيكان وعباس يبحثان إيصال المساعدات لغزة وحل الدولتي ...
- بعد اقتراع ثلث يهودها لصالحه.. تصويت نيويورك لممداني يقلق إس ...
- تلغراف: ما يحدث في نيجيريا ليس إبادة جماعية ضد المسيحيين بل ...
- منظمة يهودية أميركية تطلق مبادرة لرصد ومراقبة سياسات ممداني ...
- وزير إسرائيلي يتهم ممداني بتأييد حماس.. ويدعو اليهود لمغادرة ...
- إسرائيل وفوز ممداني.. تخشى على يهود نيويورك أم على نفسها؟
- إسرائيل تهاجم ممداني وتدعو يهود نيويورك للهجرة
- استطلاع لـ سي إن إن: 66% من اليهود صوتوا لمنافسي زهران ممدان ...


المزيد.....

- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - الرافد الرئيس للتكفير في ثقافتنا