أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - ألكسندر دوغين: «توماهوك، المقامرة النووية، ووداع ترامب لأمريكا العظمى»















المزيد.....

ألكسندر دوغين: «توماهوك، المقامرة النووية، ووداع ترامب لأمريكا العظمى»


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8514 - 2025 / 11 / 2 - 14:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ألكسندر دوغين
فيلسوف روسي معاصر
موقع الأكاديمية الصينية

ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي


2 نوفمبر 2025



أولاً: خلفية فكرية

تأتي مقالة ألكسندر دوغين في لحظة مفصلية من التوترات العالمية المتصاعدة بين روسيا والولايات المتحدة، حيث يتقاطع الجدل حول إرسال صواريخ "توماهوك" إلى أوكرانيا مع مواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي عاد إلى البيت الأبيض محاطاً بجدل واسع حول سياساته الخارجية، في مرحلة يُنظر إليها على نطاق واسع بوصفها إختبارًا جديداً لقدرة واشنطن على التكيّف مع نظام دولي متحوّل.

المقال نُشر على موقع أكاديمي صيني بالإنجليزية في28 تشرين الأول/أكتوبر، ما يعكس أيضاً تنامي الإهتمام الآسيوي والصيني بالتحديد بتحليل السلوك الأمريكي من زاوية فلسفة القوة الأوراسية، لا من منظور التنافس الإقتصادي فحسب.

ثانياً: الصواريخ كعتبة نووية

يرى دوغين أن قرار إرسال صواريخ "توماهوك" إلى أوكرانيا لا يمكن إعتباره مجرد خطوة عسكرية تكتيكية، بل بمثابة إعلان حرب نووية غير مباشرة. فالقدرات التقنية الأوكرانية لا تتيح تشغيل تلك الصواريخ دون إشراف مباشر من الجيش الأمريكي، ما يعني – عملياً – أن واشنطن ستدخل الحرب بنفسها.

ويشير دوغين إلى خطورة الغموض في طبيعة الصواريخ، إذ لا يمكن التحقق مما إذا كانت تحمل رؤوساً نووية أم لا، ولا الوقت يسمح بالتأكد من ذلك في حال إنطلاقها. وهنا يصبح إحتمال الرد النووي الروسي أمراً شبه حتمي، لأن أي إستهداف للأراضي الروسية من سلاح أمريكي الصنع يُعتبر تجاوزاً للخطوط الحمراء التي ترسم حدود "الردع المتبادل".

هذه الفقرة من المقال تحمل ملامح تحذير كلاسيكي على الطريقة السوفياتية – لا يخلو من إستدعاء ذاك الوعي النووي الذي صاغ مبدأ «التدمير المتبادل المؤكد» في الحرب الباردة.


ثالثاً: تناقضات ترامب وخطر "الصفقة النووية"

يُحمّل دوغين ترامب، في ولايته الثانية، مسؤولية شخصية عن تفاقم الفوضى الإستراتيجية، ويصفه بأنه زعيم متقلب، لا يمكن التنبؤ بخطواته. فهو – كما يقول – يمدح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ثم يهدده في الوقت نفسه بإرسال صواريخ إلى خصومه.

هذه المفارقة – في رأي دوغين – تعكس ذهنية "رجل الأعمال الأمريكي" التي لم تتغير رغم عودته إلى الحكم؛ فهو لا يزال يتعامل مع السياسة كما يتعامل مع الصفقات التجارية: عبر الضغط والإبتزاز والتفاوض حتى على حافة الهاوية (brinkmanship). لكن حين تُطبَّق هذه الذهنية على السلاح النووي، تصبح اللعبة خطراً وجودياً.

دوغين هنا لا يهاجم ترامب بقدر ما يُعرّي الخلل البنيوي في الثقافة السياسية الأمريكية الحديثة، التي إستبدلت الرؤية الإستراتيجية بالصفقات الآنية والمزايدات الإعلامية.


رابعاً: ماغا الثانية — إنحراف المشروع عن جذوره

يرى دوغين أن مرحلة "ماغا الثانية" التي يمثلها ترامب اليوم تختلف جذرياً عن نسختها الأولى عام 2016. فبينما كان شعار "اجعل أمريكا عظيمة مجدداً" (MAGA) يحمل في بداياته بذور الإعتراف الضمني بعالم متعدد الأقطاب، تحوّل في نسخته الجديدة إلى إستراتيجية قومية هجومية تستعيد روح الأحادية ولكن بلغة قومية محافظة.

فترامب الذي وعد بالحد من التدخلات الخارجية، يواصل اليوم دعم أوكرانيا بالسلاح الأمريكي المتطور، ويصعّد لهجته ضد الصين، ويظهر قدراً غير مسبوق من التقارب مع إسرائيل، ما جعله – في نظر دوغين – يُعيد إنتاج النسق الإمبراطوري الأمريكي بواجهة قومية جديدة.

بهذا المعنى، لم تعد "ماغا" مشروعاً للإنكفاء الواقعي على الداخل الأمريكي، بل غدت أداة لإعادة تأهيل الهيمنة الأمريكية بإسم “القومية الإقتصادية” و“حماية المصالح الوطنية”.


خامساً: الغياب الأمريكي عن رؤية واضحة للنظام العالمي

يصف دوغين السياسة الخارجية الأمريكية الراهنة بأنها بلا خريطة فكرية ولا بوصلة إستراتيجية. فبينما تتراجع الأحادية القطبية ببطء، لم تتشكل بعد منظومة بديلة قادرة على ضبط العلاقات بين القوى الكبرى.

ويؤكد أن المعركة الجوهرية لم تعد عسكرية فقط بل فكرية–حضارية: من يملك حق تعريف "النظام الدولي"؟ الغرب الليبرالي الذي يفرض قيمه بالقوة، أم القوى الأوراسية والآسيوية التي تطالب بتوازن الحضارات؟

من هذا المنظور، يرى دوغين أن الأزمة النووية المحتملة ليست سوى إنعكاس لصدام أعمق بين نموذجين كونيين:

•النموذج الأمريكي–الليبرالي الذي يسعى لفرض قيمه على الجميع.

•والنموذج الأوراسي–الصيني–الإسلامي الذي يدعو إلى تعدد المراكز الحضارية والسيادية.


سادساً: إسرائيل كمحور ثابت في خطاب ترامب

يشير دوغين إلى أن الموقف الوحيد الثابت في سلوك ترامب هو ولاؤه لإسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ما يجعله – في نظر الكاتب – «صهيونياً مخلصاً» رغم تقلباته في بقية الملفات.

ويفهم من هذا النقد أن دوغين يرى في التحالف الأمريكي–الإسرائيلي إحدى العقبات البنيوية أمام بناء نظام عالمي متوازن، إذ يشكل هذا التحالف التقاءً بين رأس المال المالي العالمي والنفوذ السياسي الأمريكي، بما يعيد إنتاج الأحادية القطبية بأشكال جديدة.


سابعاً: الصين وموقعها في رؤية دوغين

لا يُخفي دوغين تعاطفه مع الموقف الصيني، فالمقال نُشر في إطار مؤتمر أكاديمي صيني، ويتقاطع مع الطرح الآسيوي القائل بأن الولايات المتحدة فقدت القدرة على ضبط النظام الدولي، وأن البديل الطبيعي هو تحالف حضاري أوراسي–آسيوي تقوده الشراكة الروسية–الصينية.

من هنا تُقرأ المقالة كجزء من المرافعة الفكرية لصالح "الكتلة القارية" (Eurasian Bloc) التي يسعى دوغين منذ التسعينات إلى بلورتها في مواجهة العالم الأطلسي بزعامة واشنطن.


ثامناً: الخاتمة — نحو نظام متعدد العوالم

تختتم المقالة برسالة تحذير فلسفية: «إذا أرادت البشرية بناء نظام عادل ومتعدد الأقطاب، فعليها أولاً أن تنتصر في هذه المعركة».

يرى دوغين أن العالم اليوم أمام مفترق حاسم: إما استمرار الفوضى التي تولّدها النزعة الأمريكية الأحادية الجديدة، أو الانتقال المنظَّم نحو التعددية الحضارية التي تضم روسيا والصين والعالم الإسلامي وأفريقيا والهند ضمن منظومة توازن كوني جديد.



ملاحظة ختامية

تكشف مقالة دوغين عن تحول في النغمة الأوراسية تجاه ترامب في ولايته الثانية: من حليف محتمل ضد العولمة إلى زعيم فوضوي يهدد بتقويض النظام الدولي المتعدد الأقطاب. ومع ذلك، تبقى نبرة المقالة مشحونة بالأمل في أن تنبثق من هذا الاضطراب لحظة توازن جديدة تضع حداً لاحتكار الغرب لسلطة تعريف “العالم”.

ومن منظور عربي–روسي، يمكن قراءة النص كجزء من السجال العالمي حول الشرعية الدولية، حيث تتقاطع مصالح روسيا والصين والعالم الإسلامي في مقاومة الهيمنة الثقافية والمالية الأمريكية–الإسرائيلية، والسعي إلى نظام أكثر عدالة وتوازناً.
وتأتي هذه القراءة التحليلية في سياق متابعة الخطاب الأوراسي المتجدد تجاه السياسة الأمريكية بعد عودة ترامب إلى الحكم، وهي لا تعكس بالضرورة تبنّي رؤية ألكسندر دوغين بكاملها، بقدر ما تسعى إلى فهم المنطق الفكري الذي يستند إليه هذا التيار في تفسير الإضطراب الجيوسياسي الراهن. فالمقالة تعبّر عن قلق روسي–آسيوي من غياب الإتساق في القرارات الأمريكية، وعن رغبة متزايدة لدى النخب الأوراسية في صياغة نظام عالمي «متعدد العوالم» يتجاوز منطق التفوق الغربي التقليدي.

*****
المراجع

– Alexander Dugin, Tomahawks, Nuclear Gamble and Trump s MAGA Farewell, The China Academy, 28 October 2025.

– Russia Today Arabic, “دوغين: النظام الدولي يدخل مرحلة ما بعد الغرب,” مايو 2025.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 757 - لماذا يخاف ترامب من نتنياهو؟
- ألكسندر دوغين: الصراع الأوكراني أشعله دعاة العولمة؛ وروسيا، ...
- طوفان الأقصى 756 - غزة اليوم هي غيتو وارسو بالأمس
- طوفان الأقصى 755 - غزة كما تراها روسيا: عن المعايير المزدوجة ...
- ألكسندر دوغين - السيادة والحرب
- طوفان الأقصى 754 - الإنسانية الإنتقائية: مقارنة بين حرب كوسو ...
- ألكسندر دوغين - السيادة الفلسفية أساس إستقلال الدولة
- طوفان الأقصى 753 - قبرص في لعبة الأمم
- طوفان الأقصى 752 - صحيفة ديلي ميل: من -فندق حماس- إلى نفي ال ...
- ألكسندر دوغين - اليابان “لنا”؟ موسكو أمام فرصة لإعادة ضبط ال ...
- طوفان الأقصى 751 - ميكو بيليد: ابن الجنرال الذي تمرّد على أس ...
- ألكسندر دوغين - الغرب المنقسم على ذاته: بين الليبرالية العال ...
- طوفان الأقصى 750 - روسيا وسوريا: ما هو الجديد؟
- ألكسندر دوغين – لروسيا أهداف جديدة في العملية العسكرية الخاص ...
- طوفان الأقصى 749 - بيني موريس والقضية الفلسطينية: من «المؤرخ ...
- طوفان الأقصى 748 - الإعلام العربي في حرب الإبادة على غزة: حي ...
- تشي غيفارا: الأسطورة التي لا تموت
- طوفان الأقصى 747 - القوة الناعمة الإسرائيلية: من كيان دولة ف ...
- ألكسندر دوغين - روسيا كانت معلّقة بخيط فوق الهاوية - بمناسبة ...
- طوفان الأقصى 746 - زيارة الشرع إلى موسكو: بين الواقعية الروس ...


المزيد.....




- هل تدفع سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر إلى تقسيم السودان ...
- شقيقان نادران من الفهد الأفريقي يصلان إلى حديقة تشيستر للحيو ...
- -المهمة الأصعب في تاريخ الحروب الحديثة-..تقرير لـ-الغارديان- ...
- لماذا وصف ترامب اتفاق وقف إطلاق النار بغزة بـ-المتين للغاية- ...
- لبنان يتسلم من ليبيا ملف التحقيق في اختفاء موسى الصدر
- كيف غيّر زهران ممداني قواعد اللعبة السياسية في العالم؟
- تضارب بشأن مصير مقاتلي حماس بمناطق سيطرة الاحتلال
- خامنئي: لا تعاون مع أميركا ما دامت تدعم إسرائيل
- كيف سيتعامل ترامب مع فوز ممداني؟.. 5 سيناريوهات محتملة
- لا تتخلص من قشرة الأفوكادو… هذه فوائدها على الصحة


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - ألكسندر دوغين: «توماهوك، المقامرة النووية، ووداع ترامب لأمريكا العظمى»