أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - ألكسندر دوغين - الغرب المنقسم على ذاته: بين الليبرالية العالمية، والصهيونية السياسية، و-الشعب العميق-















المزيد.....

ألكسندر دوغين - الغرب المنقسم على ذاته: بين الليبرالية العالمية، والصهيونية السياسية، و-الشعب العميق-


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8507 - 2025 / 10 / 26 - 15:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ألكسندر دوغين
فيلسوف روسي معاصر
وكالة ريا نوفوستي للأنباء


ترجمة وتحليل: د. زياد الزبيدي


26 أكتوبر 2025

في مقاله المنشور في وكالة "ريا نوفوستي" بتاريخ 23 أيلول/سبتمبر 2025، بعنوان «( الغرب المنقسم على ذاته – ليس بعد الآن إلى قسمين بل إلى ثلاثة)، يقدّم المفكر الروسي ألكسندر دوغين قراءة فلسفية–جيوسياسية عميقة للانقسام الذي يعيشه الغرب المعاصر، محاولاً تفكيك بنيته الداخلية بعد سلسلة من الأحداث التي أعادت رسم خرائط الولاء والانقسام داخل "العالم الأطلسي".

يرى دوغين أن العالم الغربي الذي كان يبدو في الماضي متماسكًا تحت راية "الليبرالية العالمية"، قد تحوّل اليوم إلى منظومة متنازعة داخليًا، تآكلت فيها سلطة "الدولة العميقة" القديمة، وظهرت قوى جديدة تعبّر عن "الشعب العميق" (Deep People) في مواجهة "النخب العميقة" (Deep State). هذا الانقسام، في رأيه، لم يعد ثنائيًا بين اليمين واليسار كما كان في حقبة الحرب الباردة، بل أصبح ثلاثيًا في بنيته الجوهرية.



أولًا: الشرارة الجديدة – فلسطين كمقياس للانقسام الغربي

ينطلق دوغين من حدثين متزامنين يكشفان عن عمق هذا الانقسام:
الأول هو اغتيال تشارلي كيرك، أحد رموز حركة MAGA (اجعلوا أمريكا عظيمة مجددًا)، وما تبعه من مراسم جنائزية ضخمة جمعت دونالد ترامب وإيلون ماسك في مصالحة تاريخية.
أما الحدث الثاني فهو اعتراف بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال بدولة فلسطين، ما أثار غضب نتنياهو الذي "لعن هذه الدول ووعدها بالانتقام"، على حدّ تعبير دوغين.

يرى الكاتب أن هذين الحدثين يختزلان خطوط الصدع الجديدة في الغرب: فمن جهة، هناك التحالف الأمريكي–الإسرائيلي بقيادة ترامب ونتنياهو، ومن جهة أخرى المعسكر الأوروبي الذي بدأ يبتعد عن الدعم المطلق لإسرائيل، تماشيًا مع المزاج الشعبي الأوروبي الذي سئم من الحروب والتدخلات.



ثانيًا: ثلاثية الغرب الجديد — بين سوروس ونتنياهو وMAGA

يطرح دوغين تصورًا ثلاثي الأضلاع لبنية الغرب المعاصر:

1. القطب الأول: الليبراليون العولميون
ويمثلهم جورج سوروس وشبكاته، الحزب الديمقراطي الأمريكي، والنخب الأوروبية من طراز ماكرون وستارمر وميرتس. هؤلاء، كما يقول دوغين، "يقفون بصلابة ضد روسيا، ومع دعم أوكرانيا بلا حدود، ومع الاعتراف بفلسطين في الوقت نفسه"، لأنهم يرون في الصراعين الأوكراني والفلسطيني ساحة واحدة لمشروعهم الأممي.


2. القطب الثاني: الصهيونية السياسية والمحافظون الجدد
وهم حلفاء نتنياهو داخل الولايات المتحدة، من رموز AIPAC والإعلام اليميني المؤيد لإسرائيل. يصف دوغين هذا التيار بأنه "يرى في الإسلام تهديدًا ثقافيًا، وفي الصين خطرًا اقتصاديًا، وفي روسيا خصمًا استراتيجيًا"، لكنه في العمق "جزء من الدولة العميقة الأمريكية وإن تقنع بثوب الشعبوية".


3. القطب الثالث: الشعب العميق وحركة MAGA
وهو التيار الذي يمثل، برأي دوغين، الأغلبية الصامتة من الغرب — التي "تعارض سوروس كما تعارض نتنياهو"، وتبحث عن هوية قومية–روحية جديدة تتجاوز الانقسام المصطنع بين الليبرالية والصهيونية السياسية.
ويضيف: "إن أقرب القوى إلينا، أيديولوجيًا وجيوسياسيًا، هي الشعب العميق".





ثالثًا: اغتيال تشارلي كيرك ورمزية "المصالحة المقدّسة"

يرى دوغين أن اغتيال كيرك لم يكن حادثًا عرضيًا، بل "رمزًا لبداية حرب أهلية فكرية داخل أمريكا"، حيث باتت الحركة المحافظة تتعرض لـ"إرهاب ليبرالي واسع النطاق".
ويضيف أن مراسم وداع كيرك، التي جمعت ترامب ومسك بعد قطيعة طويلة، كانت بمثابة تتويج لتحالف جديد بين رأس المال التكنولوجي المحافظ واليمين الشعبوي الأمريكي، ما مهّد الطريق لتحول سياسي قد يطيح بالنظام الليبرالي الذي حكم أمريكا منذ الحرب العالمية الثانية.


رابعًا: ارتدادات الانقسام الأمريكي على الموقف من روسيا

يلاحظ دوغين أن مواقف الغرب من الحرب في أوكرانيا باتت تعكس هذا الانقسام الثلاثي نفسه: فـ"شبكات سوروس" وحلفاؤها الأوروبيون هم الأكثر عداءً لروسيا، أما أنصار نتنياهو و"اللوبي الإسرائيلي" فهم أقل اهتمامًا بملف موسكو، إذ يرون "إسرائيل العظمى" أولوية أعلى، بينما جناح MAGA و"الشعب العميق" يميل إلى إنهاء الحرب و"إعادة أمريكا إلى الداخل"، معتبرًا أن الصراع الأوكراني "حرب بايدن لا حرب أمريكا".



خامسًا: من الدولة العميقة إلى الشعب العميق

في أحد أهم مقاطع المقال، يكتب دوغين: "الأمر بات أعقد اليوم؛ فقد كان الغرب الجماعي سابقًا خاضعًا لدكتاتورية موحدة للدولة العميقة الدولية، لكنه الآن انقسم."



هنا يطرح دوغين مفهومًا جديدًا هو "الثورة المحافظة للشعب العميق"، التي تعبّر عن توق الجماهير الغربية إلى استعادة الروح المسيحية–التقليدية، بعد أن فقدت النخب بوصلتها في مستنقع "اليسار الثقافي" و"الانحلال الأخلاقي" و"الهوس بالهوية الجندرية".



سادسًا: موقع روسيا في الخريطة الجديدة

يختم دوغين مقاله بالتأكيد على أن روسيا لا يمكنها اليوم أن تعتمد على اليسار الغربي كما فعل الاتحاد السوفييتي في القرن العشرين، لأن ذلك اليسار "تحوّل إلى نسخة تروتسكية منحرفة مسكونة بالهاجس الجندري والمهاجرين غير الشرعيين".
أما الحلفاء الطبيعيون لروسيا في الغرب الجديد فهم — كما يقول: "الحلفاء الموضوعيون لروسيا في الغرب هم أنصار الثورة المحافظة الشعبية، ذات الروح المسيحية والتقليدية."



بهذا يعلن دوغين أن المعركة لم تعد بين روسيا والغرب بوصفه كتلة واحدة، بل بين روسيا و"نخب العولمة"، في حين أن الشعب الغربي نفسه بات أقرب روحًا إلى روسيا، وأبعد عن نخب بلاده الليبرالية.




سابعًا: قراءة تحليلية ختامية

يقدّم هذا المقال نموذجًا واضحًا لما يمكن تسميته بـ"الدوغينية الثالثة"، أي التحليل القيمي–الميتافيزيقي للسياسة العالمية من منظور "التحولات الحضارية الكبرى". فدوغين لا يكتفي بوصف الانقسام الغربي كصراع سياسي، بل يراه علامة على نهاية العصر الليبرالي العالمي وبداية ما يسميه "عصر التعددية الحضارية".

في هذا الإطار، تصبح حركة MAGA بالنسبة له ليست مجرد تيار أمريكي محافظ، بل نواة لثورة روحية داخل الغرب ذاته، تحمل في طياتها إمكانية التقاطع مع "المشروع الأوراسي" الروسي الذي يدعو إليه منذ التسعينيات.

فالغرب لم يعد، في نظره، وحدة متماسكة ضد روسيا، بل غربًا متعدد الأقطاب داخل ذاته — بين من يعبد المال، ومن يقدّس إسرائيل، ومن يبحث عن الله والهوية من جديد.

*****

الهوامش

1. Александр Дугин, «Запад, разделившийся в себе — уже не на две, а на три части», РИА Новости, 23 сентября 2025.


2. جميع الاقتباسات الواردة بالعربية مترجمة عن النص الروسي الأصلي المنشور في الموقع الرسمي لوكالة "ريا نوفوستي".



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 750 - روسيا وسوريا: ما هو الجديد؟
- ألكسندر دوغين – لروسيا أهداف جديدة في العملية العسكرية الخاص ...
- طوفان الأقصى 749 - بيني موريس والقضية الفلسطينية: من «المؤرخ ...
- طوفان الأقصى 748 - الإعلام العربي في حرب الإبادة على غزة: حي ...
- تشي غيفارا: الأسطورة التي لا تموت
- طوفان الأقصى 747 - القوة الناعمة الإسرائيلية: من كيان دولة ف ...
- ألكسندر دوغين - روسيا كانت معلّقة بخيط فوق الهاوية - بمناسبة ...
- طوفان الأقصى 746 - زيارة الشرع إلى موسكو: بين الواقعية الروس ...
- بعد سبعين عاماً... كواليس -الميدان الهنغاري- - كيف صُنعت إنت ...
- طوفان الأقصى 745 - بين ميونيخ 1938 وغزة 2025 - من إسترضاء هت ...
- ألكسندر دوغين يحذّر من الحرب الكبرى التي لا مفرّ منها - البش ...
- طوفان الأقصى 744 - «هل هو السلام في الشرق الأوسط أم السراب؟» ...
- ألكسندر دوغين: -بريغوجين: حقائق مجهولة عن حياة مؤسس فاغنر - ...
- طوفان الأقصى 743 - إتفاق غزة: «زفاف بلا عروسين» أم بداية لهد ...
- ألكسندر دوغين – ترامب: تفضلوا وحاربوا، أما أمريكا فلن تحارب. ...
- طوفان الأقصى 742 - إتفاق غزة: الورقة الأخيرة في لعبة ترامب و ...
- ألكسندر دوغين - -تخريبٌ أم جهلٌ أم تآمر؟ المسؤولون لم ينجحوا ...
- طوفان الأقصى 741 - «الجروح لا تزال تنزف»: خلفيات خطة ترامب ل ...
- طوفان الأقصى 740 - سلام ترامب الهش: كيف تلاشت صفقة غزة بين ا ...
- طوفان الأقصى 739 - بين هدنة معلّقة ودمٍ مؤجل: قراءة في مقالي ...


المزيد.....




- خيوط أولى في قضية سرقة متحف اللوفر في باريس.. إليكم التفاصيل ...
- السعودية: أول تصريحات لصالح الفوزان بعد تعيينه في منصبه عن م ...
- نتنياهو: إسرائيل ستحدد القوات الدولية التي لا نقبل بوجودها
- النواب الفرنسيون يستأنفون مناقشة الميزانية بعد رفض تجميد ضري ...
- تدريبات عسكرية أمريكية قبالة سواحل فنزويلا
- الخط الأصفر يحجز الفلسطينيين في خيامهم رغم وقف الحرب
- محاكمة -سريعة ومفاجئة- للمتهمين في قضية -التآمر 1- بتونس
- غريزة البقاء في الذكاء الاصطناعي تحير الخبراء
- أناتولي كاربوف.. أسطورة الشطرنج الروسي الذي تطارده العقوبات ...
- نتنياهو: نحن من سيحدد أي قوات دولية ستدخل غزة


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - ألكسندر دوغين - الغرب المنقسم على ذاته: بين الليبرالية العالمية، والصهيونية السياسية، و-الشعب العميق-