أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - ألكسندر دوغين – ترامب: تفضلوا وحاربوا، أما أمريكا فلن تحارب. وحزب السلام المعيب تلقّى صفعتين متتاليتين














المزيد.....

ألكسندر دوغين – ترامب: تفضلوا وحاربوا، أما أمريكا فلن تحارب. وحزب السلام المعيب تلقّى صفعتين متتاليتين


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8499 - 2025 / 10 / 18 - 16:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ألكسندر دوغين
فيلسوف روسي معاصر
موقع "تسارغراد"

إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف


24 سبتمبر 2025

يجب التعامل مع تصريح ترامب الأخير في بقدرٍ كبير من التحفظ، فترامب شخصية فريدة من نوعها، عصية على التنبؤ، يسير وفق مسار يصعب على أيٍّ كان إستشرافه. في المسلسل الأميركي "الخلفاء" (Succession) صُوّرت ببراعة شخصية رجل أعمال ضخم النفوذ، يبدّل قراراته في كل لحظة بشأن مَن سيرث إمبراطوريته.

سيكولوجيا ترامب قريبة جدًا من سيكولوجيا هذا النوع من رجال الأعمال الكبار. إنه يعيش داخل ما يمكن تسميته بـ"ميتافيزيقا الصفقة". الصفقة بالنسبة إليه هي الجوهر، وهي المبدأ الأعلى. وما الصفقة؟ إنها علاقة يمكن إلغاؤها في أي لحظة متى ما عُرضت شروطٌ أفضل. عند هذا الحد تتلاشى الأخلاق، ويحلّ مكانها قانون الربح الأقصى. لهذا فإن ترامب رجل يبدّل شروطه بإستمرار، يتراجع عن وعوده، ويبحث دومًا عن صفقةٍ أكثر نفعًا. لا شيء شخصيًا، فكل ما عدا المنفعة يبقى ثانويًا.

في إطار هذا المنطق عقد ترامب صفقات كثيرة: مع حركة "اجعلوا أميركا عظيمة مجددًا" (MAGA) التي تجمع بين نزعة التمرد والمسيحية والمحافظة، وتتبنى في الوقت نفسه مواقف متسامحة تجاه روسيا؛ ومع المحافظين الجدد من أمثال السيناتور ليندسي غراهام (المصنَّف على قائمة الإرهابيين والمتطرفين في روسيا)؛ بل وربما حتى مع خصمه الأكبر – "الدولة العميقة". أبرم صفقات مع بايدن ونتنياهو، ومع ماكرون وزيلينسكي، وحتى في مدينة أنكوراج حاول أن يبرم صفقة معنا نحن أيضًا.

تكاد كل هذه الصفقات تتناقض مع بعضها البعض، ومع ذلك يخرج ترامب دائمًا منها بمكاسب شخصية. ولا عجب في ذلك، فهكذا هي أخلاق رجال الأعمال حين يُسمح لهم بدخول عالم السياسة. لقد حوّل الأيديولوجيا والسياسة والإستراتيجية والدبلوماسية إلى سوق للمقايضة والمناورة: الرسوم الجمركية صفقة، الضغط على الهند صفقة، وكل شيء عنده يمكن أن يُختزل إلى صفقة.

لذلك من العبث الحديث عن "إستراتيجية" عند ترامب. إنه قادر على تغيير موقفه في أي لحظة متى ما رأى مصلحةً في الإتجاه الآخر. وهذا يفسّر كل شيء: اليوم يهاجم الناتو، وغدًا يعقد معهم صفقة؛ اليوم يقول إن دول الإتحاد الأوروبي "تسير إلى الجحيم" بسبب سياساتها في الهجرة، لكنه لا يتردد في مصافحتهم إذا رأى مصلحةً في ذلك. قد يشنّ حملة على المهاجرين، ثم يوقفها فجأة. قد يهدد بإعتقال سوروس ثم يتراجع. يحظر حركة "أنتيفا" التي إغتالت تشارلي كيرك، ثم يبدّل رأيه لاحقًا. يعد بنشر "قائمة إبستين"، ثم يعلن أنها غير موجودة أصلًا.

أما اليوم، ففي تصريحه الأخير، يعلن ترامب دعمًا كاملاً لأوكرانيا، ويشجّعها على "إستعادة" الأراضي المحررة. يصف روسيا بأنها "نمر من ورق"، دولة لم تفِ بالتوقعات العسكرية، وإقتصادها "يلفظ أنفاسه الأخيرة". كلمات قاسية، بلا شك. لكن ما يقوله في الجوهر هو: تفضلوا، حاربوا كما تشاؤون، أما نحن الأميركيين فلن نحارب، بل سنبيع السلاح للأوروبيين ليعطوه لأوكرانيا.

وهنا يكمن الفارق بينه وبين بايدن. فالأخير دعم كييف فعلًا وزوّدها بالسلاح مجانًا. أما ترامب، فباسم "التحول المفاجئ" في موقفه المؤيد لأوكرانيا، لن يمنح شيئًا بلا مقابل، بل سيبيع الأسلحة لدول الإتحاد الأوروبي. بمعنى آخر، إنه يدعو الأوروبيين إلى خوض الحرب ضد روسيا إن أرادوا، ويدعو أوكرانيا إلى إثبات قوتها إن كانت حقًا تملكها.

قد تُنعش هذه التصريحات لفترة قصيرة معنويات النازيين الأوكران وبعض الأوروبيين، لكنها تصريحات غير جدية، عابرة، قد يتنصّل منها ترامب في أي لحظة بقوله إنه كان يمزح. ومتى ما ظهرت له صفقة أكثر جاذبية، سيتراجع عنها بلا تردّد. لذا كان ديمتري ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق، محقًّا تمامًا حين قال إن ترامب رجل خفيف الرأس، متقلّب المزاج، يقول اليوم شيئًا، وغدًا شيئًا آخر أكثر غرابة.

لكن المسألة خطيرة بالنسبة لأولئك الذين كانوا يأملون بسلامٍ قريب. أظنهم اليوم في خيبةٍ عميقة. السلام لن يتحقق إلا إذا إنتصرنا نحن – على أوكرانيا أولًا، أو على أوروبا لاحقًا إن لزم الأمر. لسنا أحرارًا في إختيار الحرب، لكننا مضطرون إلى خوضها، ومضطرون إلى الإنتصار فيها مهما كانت مواقف ترامب. أما هو فسيكتفي بالمراقبة، وربما – إذا رأى مصلحة – سينتقل إلى صفنا، تمامًا كما فعلت بريطانيا وأميركا في الحرب العالمية الثانية حين إنتظرتا طويلًا حتى بدأنا نهزم هتلر قبل أن تدخلا فعليًا ساحة المعركة.

نحن إذن أمام حضارة الصفقات، في حين أننا ننتمي إلى حضارة الروح. وهذا ما عبّر عنه بوضوح ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس بوتين، عندما قال للمرة الأولى بهذا الوضوح إن الحرب جدّية، ولن تنتهي سريعًا. أعتقد أن الشعب قد أدرك ذلك فعلاً. لم يظلّ يصدق فكرة "إنتهاء الحرب سريعًا" سوى قلة من الشباب الحضري المثقف (الهيبستريين) وبعض أتباع التيارات الأيديولوجية المنعزلة الذين يعيشون في فقاعة بعيدة عن الواقع السياسي والعسكري. الآن، تبخّر هذا الوهم بالكامل، وحان وقت التعبئة الشاملة – للمجتمع، والإقتصاد، والقدرة العسكرية. ليس أمامنا خيار آخر.

حتى لو كانت كلمات ترامب غير جدية، فلا يجوز لنا التعامل معها بلا إكتراث. فجوهر ما قاله هو أنه لا يعترض على حربٍ يخوضها الإتحاد الأوروبي إلى جانب أوكرانيا ضد روسيا.

ولا يمكننا أن نتظاهر وكأن ترامب لم يكتب هذا الكلام. مع مثل هؤلاء "التجّار الطائشين" لا يمكن لروسيا، كقوة عظمى، أن تعقد إتفاقات جادة. فكل منشورٍ لاحق قد ينسف ما قبله في لحظة. لم يبقَ لنا إذن سوى الإعتماد على الله، وعلى أنفسنا، وعلى حلفائنا خارج العالم الغربي، بل حتى داخل الغرب نفسه – أولئك القلائل الذين يريدون السلام حقًا.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 742 - إتفاق غزة: الورقة الأخيرة في لعبة ترامب و ...
- ألكسندر دوغين - -تخريبٌ أم جهلٌ أم تآمر؟ المسؤولون لم ينجحوا ...
- طوفان الأقصى 741 - «الجروح لا تزال تنزف»: خلفيات خطة ترامب ل ...
- طوفان الأقصى 740 - سلام ترامب الهش: كيف تلاشت صفقة غزة بين ا ...
- طوفان الأقصى 739 - بين هدنة معلّقة ودمٍ مؤجل: قراءة في مقالي ...
- طوفان الأقصى 738 - سوزانا تكاليك متهمة بأنها مكنت إسرائيل من ...
- طوفان الأقصى الأقصى 737 - الهدنة الغامضة في غزة: حين تتحول ا ...
- طوفان الأقصى 736 - السابع من أكتوبر... اليوم الذي أعاد تشكيل ...
- طوفان الأقصى 735 - حين يطلب الجلاد التعاطف: قراءة في خطاب كي ...
- طوفان الأقصى 734 - هل الطريق إلى نوبل يمر عبر تل أبيب أو مقر ...
- طوفان الأقصى 733 - مؤشرات إقتراب الهجوم على إيران
- طوفان الأقصى 732 - اللوبي الإسرائيلي يفقد سحره في واشنطن: رس ...
- طوفان الأقصى 731 - جردة حساب بعد عامين من حرب الإبادة - الأز ...
- حين خُدع غورباتشوف: كيف كانت «وحدة ألمانيا» فخًّا إستراتيجيا ...
- طوفان الأقصى 730 - حين يتكلم الضمير الأمريكي: ساكس وميرشايمر ...
- طوفان الأقصى 729 - خطة ترامب للسلام في غزة - ورؤى روسية متبا ...
- حين بيعت جمهورية بثمن ساندويش فلافل
- طوفان الأقصى 728 - خطة ترامب لغزة: بين الوهم والواقعية... هل ...
- طوفان الأقصى 727 - من غزو العراق إلى غزة: كيف يعود -كلب بوش ...
- طوفان الأقصى 726 - خطة ترامب للسلام في غزة – بين تجديد الصرا ...


المزيد.....




- فيديو لسيارة دفع رباعي تابعة لإدارة الهجرة تصدم شاحنة ناشط ح ...
- مصر: فيديو -صادم- لما فعله شخصان بسيدة مسنة لحظة سرقتها والد ...
- قوات من الحرس الوطني في حالة تأهب مع انطلاق أولى احتجاجات -ل ...
- نشوب حريق في سفينة قبالة ساحل عدن اليمنية إثر إصابتها بمقذوف ...
- السفارة الفلسطينية في مصر: إعادة فتح معبر رفح الحدودي بين غز ...
- السفارة الفلسطينية تعلن إعادة فتح معبر رفح بين غزة ومصر الإث ...
- عائلة فرجينيا جوفري إحدى الضحايا المفترضات في ملف إبستين ترح ...
- الولايات المتحدة: مسيرات حاشدة ضد سياسات ترامب بشأن الهجرة و ...
- برج آزادي رمز طهران الأبيض بين التاريخ والحداثة
- إصابة فلسطيني ومواجهات مع قوات الاحتلال خلال اقتحاماتها بالض ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - ألكسندر دوغين – ترامب: تفضلوا وحاربوا، أما أمريكا فلن تحارب. وحزب السلام المعيب تلقّى صفعتين متتاليتين