أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 733 - مؤشرات إقتراب الهجوم على إيران















المزيد.....

طوفان الأقصى 733 - مؤشرات إقتراب الهجوم على إيران


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8489 - 2025 / 10 / 8 - 22:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

9 أكتوبر 2025

تمهيد: من غزة إلى طهران – إنتقال مركز العاصفة

منذ نهاية سبتمبر 2025، تشهد المنطقة حركة تسارع مقلقة في الملفات العسكرية والدبلوماسية والإعلامية، ما يعيد إلى الأذهان أجواء ما قبل حرب الخليج أو عملية "أوراق الشجر" في عام 1981 عندما إستهدفت إسرائيل المفاعل النووي العراقي.
المقال الروسي الذي كتبه الباحث سيرغي ميلكونيان في 2 أكتوبر 2025 بعنوان «مؤشرات إقتراب الهجوم على إيران» على قناته في تيليغرام يقدّم مقاربة واقعية تقوم على رصد علامات ثلاثية البعد (عسكرية، إعلامية، وسياسية) تشير إلى أن إحتمال التصعيد بين إسرائيل وإيران لم يعد مجرد سيناريو إفتراضي، بل أصبح خيارًا موضوعيًا تحضّر له الأطراف على نحو متسارع.

في هذه الدراسة، نحاول تفكيك تلك المؤشرات وقراءتها ضمن السياق الأوسع للعلاقات الأمريكية – الإسرائيلية – الإيرانية، مع إضاءة على دلالاتها الإقليمية وإحتمالات إنزلاق المنطقة نحو مواجهة كبرى.

أولًا: المؤشرات العسكرية – حين تتحرك الطائرات قبل القرار السياسي

يؤكد ميلكونيان أن أولى العلامات الملموسة تتمثل في إعادة نشر الطائرات الأمريكية للتزويد بالوقود جوًا من أوروبا إلى الشرق الأوسط. هذه الخطوة، التي تبدو لغير المتخصصين تقنية بحتة، تحمل في الواقع دلالة إستراتيجية عميقة؛ إذ إن القدرة على تنفيذ ضربات جوية بعيدة المدى ضد أهداف في العمق الإيراني تتطلب منظومة دعم لوجستي كاملة، أهم عناصرها طائرات التزود بالوقود في الجو.

ويشير مراقبون روس إلى أن القوات الجوية الإسرائيلية لا تمتلك ما يكفي من هذه الطائرات لتغطية عملية هجومية شاملة ضد إيران دون دعم أمريكي مباشر أو غير مباشر. لذلك فإن تحريك هذه الطائرات من القواعد الأوروبية (خاصة في ألمانيا وإيطاليا) نحو قواعد الخليج أو البحر المتوسط، يُعد إشارة عملياتية مبكرة على تحضير بيئة الهجوم.

المؤشر العسكري الثاني الذي يرصده الكاتب يتمثل في تكثيف رحلات الطائرات الإيرانية المسيّرة على طول حدودها الغربية. ويُفهم من ذلك أن طهران بدورها ترفع منسوب الإستطلاع الإستراتيجي تحسبًا لأي مفاجأة.
فالطائرات المسيرة الإيرانية، خصوصًا طراز «شاهد-136» و«مهاجر-10»، تلعب دورًا مزدوجًا: دفاعي وإستطلاعي، وتسمح للقيادة الإيرانية برصد التحركات الجوية والبحرية المعادية في المجال الممتد بين العراق والخليج.

تزامن هذه المؤشرات مع زيادة النشاط الأمريكي في الخليج يذكّر بالتحركات المماثلة التي سبقت الحرب على العراق عام 2003، حين بدأ البنتاغون بتحريك القوات الجوية قبل الإعلان الرسمي عن العملية.

ثانيًا: التحضير الإعلامي والنفسي – الحرب تبدأ بالكلمات

يشير ميلكونيان إلى أن الجبهة الإعلامية شهدت تبادل رسائل ردع وإستعراض قوة من الطرفين خلال الأسابيع الأخيرة.
فمن جانب طهران، صدرت تصريحات متكررة عن كبار المسؤولين تؤكد أن "الترسانة الصاروخية الإيرانية في أفضل حالاتها"، وأن البلاد قادرة على "الرد الفوري والمؤلم". هذه الرسائل، بحسب الكاتب، تندرج في إطار إستراتيجية الردع الإعلامي التي تهدف إلى رفع كلفة الهجوم المحتمل في ذهن صانع القرار الإسرائيلي والأمريكي.

وفي المقابل، سرّبت مصادر عسكرية إسرائيلية تصريحات مفادها أن الجيش "جاهز لعدة سيناريوهات، بما فيها عملية ضد إيران"، وهو ما يعبّر عن تهيئة للرأي العام الداخلي، تمهيدًا لتبرير أي تصعيد مستقبلي تحت شعار "الضربات الوقائية".

عادةً ما تسبق الحملات الإعلامية الكبرى العمليات العسكرية الإسرائيلية، كما حدث في أعوام 2006 و2021 و2023، حيث شكّلت البيانات المتكررة حول "خطر حزب الله أو حماس" غطاءً نفسياً لإطلاق العمليات.

كما يلفت ميلكونيان إلى أن إيران بدأت منذ أواخر 2024 عرض مقاطع مصورة لأسلحة جديدة، بما في ذلك صواريخ فرط صوتية ومسيّرات هجومية، في إطار سياسة الردع الإستعراضي. هذه الخطوة تحمل رسالة مزدوجة: داخلية – لتعزيز الثقة بالنظام بعد الإحتجاجات، وخارجية – لتأكيد الجاهزية أمام أي عدوان.


ثالثًا: السياق السياسي – عودة "الشرعية المزيفة" للهجوم

يرى الكاتب أن الإطار السياسي الحالي يشكّل بيئة مثالية لتبرير أي عمل عسكري ضد إيران، ويشير إلى عاملين أساسيين:
1. إعادة تفعيل آلية "سناب باك" (snapback) التي أعادت العقوبات الدولية على إيران بسبب إتهامها بخرق الإتفاق النووي.
هذه الآلية، التي إستخدمتها واشنطن بدعم من لندن وباريس، تمنح إسرائيل غطاءً قانونيًا دوليًا زائفًا لإعتبار أن طهران باتت "منتهكة للشرعية الدولية"، وبالتالي يحق "لأي طرف الدفاع عن نفسه" ضد تهديدها.
2. الإتفاق المبدئي بشأن غزة، الذي سمح لإسرائيل بإستعادة بعض الأسرى وبتفكيك جزئي لحركة "حماس"، قد يكون – وفق تحليل ميلكونيان – نقطة التحول السياسية التي تتيح لنتنياهو إعلان "نجاح محدود" في الجبهة الفلسطينية، تمهيدًا لفتح جبهة جديدة ضد إيران لتلميع صورته داخليًا.


حكومة نتنياهو تواجه ضغطًا متزايدًا من اليمين الديني والعسكري بعد حرب غزة الطويلة التي لم تحقق نتائج حاسمة، مما يجعل خيار التصعيد الخارجي وسيلة للهروب إلى الأمام وإستعادة زمام المبادرة السياسية.

رابعًا: من هو الهدف الحقيقي؟ إيران أم وكلاؤها؟

يلفت ميلكونيان النظر إلى نقطة مهمة في خاتمة تحليله: أن هذه المؤشرات لا تعني أن الهجوم على إيران أصبح أمرًا حتميًا أو وشيكًا، بل إنها تشير إلى تزايد إحتمالية التصعيد.
كما يطرح إحتمالًا بديلًا، هو أن يكون الإستهداف موجهًا إلى حلفاء إيران الإقليميين، وعلى رأسهم الحوثيون في اليمن الذين أعلنوا رفضهم لإتفاق غزة.
ويُرجّح بعض المحللين الروس أن ضربة محدودة ضد الحوثيين أو الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا قد تكون بمثابة "بروفة" أو إختبار أولي قبل الذهاب إلى مواجهة مباشرة مع إيران نفسها.

خامسًا: قراءة ختامية – حرب باردة جديدة على نار ساخنة

إن التزامن بين التحركات العسكرية الأمريكية، والإستعداد الإسرائيلي، والتصعيد الإعلامي الإيراني، لا يمكن فصله عن المشهد الدولي الأوسع الذي يشهد عودة الإستقطاب بين واشنطن وموسكو وبكين.
فأي هجوم على إيران لن يكون مجرد معركة شرق أوسطية، بل زلزالًا جيوسياسيًا عالميًا يعيد رسم خرائط الطاقة والممرات البحرية والتموضع العسكري في آسيا الوسطى والخليج.

إن موسكو وبكين، اللتين وقعتا إتفاقيات أمنية وإقتصادية مع طهران في السنوات الأخيرة، ستعتبران أي هجوم كبير تحديًا مباشرًا لهما، خصوصًا أن إيران تشكّل محورًا إستراتيجيًا في مشروع "الحزام والطريق" و"الإتحاد الأوراسي".
وعليه، فإن التحذير الروسي المبكر عبر مقال ميلكونيان ليس مجرد تحليل أكاديمي، بل قد يكون رسالة إستباقية تشير إلى أن أي هجوم على إيران سيُعد تجاوزًا للخطوط الحمراء التي رسمتها القوى الأوراسية.

خاتمة: على حافة الإنفجار

لا يمكن الجزم بأن الحرب على إيران ستبدأ غدًا، لكن جميع المؤشرات التي يرصدها ميلكونيان تشير إلى تسخين تدريجي للجبهة الإيرانية، تمهيدًا لمرحلة إختبار القوة بين محور المقاومة من جهة، ومحور الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى.
إن الشرق الأوسط يقف مرة أخرى على حافة الهاوية؛ وكل خطوة خاطئة – سواء طلعة إستطلاعية أو تصريح متشنج – قد تكون الشرارة التي تُشعل أخطر حرب في القرن الحادي والعشرين.

******

هوامش
سيرغي ميلكونيان
(Sergei Melkonyan)
هو خبير روسي في شؤون الشرق الأوسط وباحث في المعهد الروسي للدراسات الإستراتيجية (RISI) التابع للرئاسة الروسية، يركّز على ملفات إيران وسوريا والعلاقات الروسية–التركية.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 732 - اللوبي الإسرائيلي يفقد سحره في واشنطن: رس ...
- طوفان الأقصى 731 - جردة حساب بعد عامين من حرب الإبادة - الأز ...
- حين خُدع غورباتشوف: كيف كانت «وحدة ألمانيا» فخًّا إستراتيجيا ...
- طوفان الأقصى 730 - حين يتكلم الضمير الأمريكي: ساكس وميرشايمر ...
- طوفان الأقصى 729 - خطة ترامب للسلام في غزة - ورؤى روسية متبا ...
- حين بيعت جمهورية بثمن ساندويش فلافل
- طوفان الأقصى 728 - خطة ترامب لغزة: بين الوهم والواقعية... هل ...
- طوفان الأقصى 727 - من غزو العراق إلى غزة: كيف يعود -كلب بوش ...
- طوفان الأقصى 726 - خطة ترامب للسلام في غزة – بين تجديد الصرا ...
- طوفان الأقصى 725 - ترامب بين النرجسية والخطر النووي - جدل حو ...
- طوفان الأقصى 724 - إسرائيل على حافة العزلة الدولية: نحو نموذ ...
- طوفان الأقصى 723 - آفي شلايم: المؤرخ الذي تخلّى عن الصهيونية ...
- طوفان الأقصى 722 - إيران–العراق: الحرب العبثية
- طوفان الأقصى 721 - نتنياهو يحرق آخر أوراق إسرائيل
- طوفان الأقصى 720 - إسرائيل بين إسبرطة وقرطاج: من حصن إلى مقب ...
- طوفان الأقصى 719 - الإعتراف الغربي بفلسطين: وردة في اليد وخن ...
- طوفان الأقصى 718 - إعلان المؤتمر اليهودي الأول لمناهضة الصهي ...
- طوفان الأقصى 717- الميثاق السعودي–الباكستاني وتحوّلات ميزان ...
- طوفان الأقصى 716 - إسرائيل وقطر: من أمن العقاب أساء الأدب
- طوفان الأقصى 715 - الفاشية التكنولوجية الإسرائيلية في القرن ...


المزيد.....




- صاحب معرض سيّارات من محبّي -أشرف تِك- بطل -حلم أشرف- يصبح -ت ...
- مصادر لـCNN: التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في غزة قد يتم خلال ...
- مصادر لـCNN: تقديرات إسرائيلية بأن -حماس- قد لا تستطيع إعادة ...
- بعد دعوة السيسي.. روبيو يوضح إمكانية زيارة ترامب إلى مصر بحا ...
- كريستيانو رونالدو: أول لاعب كرة قدم ينضم إلى نادي الملياردير ...
- لماذا دعت حماس فصائل فلسطينية أخرى للمشاركة بمفاوضات إنهاء ا ...
- الشيباني وفيدان وبرّاك يوجهون رسائل حازمة لقوات سوريا الديمق ...
- تصاعد وتيرة القصف على غزة وحصيلة الشهداء تتجاوز 67 ألفا
- معظم الأميركيين يرفضون نشر ترامب قوات من الحرس الوطني
- من غزة للسودان وسوريا.. صحفيون يروون ثمن الحقيقة في ساحات ال ...


المزيد.....

- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 733 - مؤشرات إقتراب الهجوم على إيران