أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 741 - «الجروح لا تزال تنزف»: خلفيات خطة ترامب لغزة ولماذا رفضتها إسرائيل وحماس؟















المزيد.....

طوفان الأقصى 741 - «الجروح لا تزال تنزف»: خلفيات خطة ترامب لغزة ولماذا رفضتها إسرائيل وحماس؟


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8497 - 2025 / 10 / 16 - 22:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

17 أكتوبر 2025

في لحظةٍ توحي بأن الشرق الأوسط يوشك أن يكرر نفسه إلى ما لا نهاية، أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، العائد إلى واجهة السياسة العالمية، طرح ما سمّاه «خطة السلام لقطاع غزة» — وهي مبادرةٌ وُصفت في واشنطن بأنها «الفرصة الأخيرة» لإنهاء الحرب الطويلة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية حماس.
لكن خلف الهدوء الدبلوماسي الذي أحاط الإعلان، كانت الجروح القديمة، كما يقول المحلل الروسي إيفان بوتشاروف، «لا تزال تنزف».

وثيقة من عشرين نقطة... وكمين التفاصيل

تتألف خطة ترامب من عشرين بندًا محوريًا، أبرزها: وقف شامل لإطلاق النار، تبادل متزامن للأسرى والرهائن، إنسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة في غزة، ثم إنشاء «حكومة فلسطينية مؤقتة» تحت إشراف دولي.
اللافت أن ترامب اقترح أن يرأس هذه الإدارة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير — الإسم الذي أعاد إلى الأذهان تجارب «الوصاية الدولية» بعد الحروب، مثل البوسنة والهرسك أو كوسوفو.

من الناحية النظرية، تبدو الصيغة مُغرية: سلطة إنتقالية، مراقبة دولية، ووعود بإعادة الإعمار. لكن كما يلاحظ بوتشاروف، «الشيطان يكمن في التفاصيل». فإسرائيل وحماس، رغم إعلانهما قبولًا مبدئيًا بالخطة، قدّمتا قراءتين متناقضتين تمامًا لبنودها الجوهرية.

«نعم، ولكن...»: حماس بين البراغماتية والبقاء

في ردّها الرسمي، أعلنت حماس إستعدادها للتعامل مع المقترح الأمريكي «ضمن الإجماع الوطني الفلسطيني»، وهي عبارة غامضة تترك الباب مفتوحًا أمام تأويلات متعددة.
لم ترفض الحركة مبدأ السلطة المؤقتة، لكنها تجاهلت عمداً مسألة «الهيئة الدولية» المقترحة، ما يُشير — كما يلاحظ بوتشاروف — إلى رفضها الضمني لأي إدارة خارجية للقطاع.

تقول حماس: أولًا وقف إطلاق النار وسحب القوات الإسرائيلية، ثم إطلاق سراح الرهائن. أما السلاح — «ضمانة الأمن الوحيد» كما تسميه الحركة — فلن يُسلّم إلا بعد إتفاق نهائي يضمن عدم إستهدافها.
«حماس لا تمانع السلام، لكنها لا تثق بالسلام الذي يجرّدها من أسباب بقائها»، يضيف بوتشاروف.

تدهور شعبية الحركة في إستطلاعات مركز السياسة والبحوث الفلسطيني لم يُبدّد حضورها في غزة؛ إذ يرى جزء واسع من السكان أن نزع سلاحها الآن يعني التخلي عن آخر أشكال الحماية في وجه الإجتياحات الإسرائيلية المتكررة.

إسرائيل: سلام بشروط المنتصر

من جهتها، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موافقته على الخطة «من حيث المبدأ»، لكنه إشترط أن تُنفّذ على طريقته:
أولاً إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، ثم إعادة نشر القوات لاحقًا.
هنا، كما يقول بوتشاروف، «يكمن التناقض البنيوي الذي يجعل كل إتفاقٍ هشًّا منذ بدايته».

إسرائيل تعتبر نزع سلاح حماس شرطًا مسبقًا لأي إنسحاب، وترفض أي صيغة تُبقي للحركة قدرةً عسكرية أو حتى هيكلًا إداريًا مستقلًا في غزة.
ومع ذلك، فإن قبول تل أبيب الشكلي للمبادرة يعكس — وفق المحلل الروسي — محاولة اليمين الإسرائيلي، خصوصًا جناحه المتطرف، إظهار الولاء السياسي لترامب، حليفهم الأهم في واشنطن، دون أن يتنازل فعليًا عن سياسة «الردع الدائم».

توني بلير... «المبعوث غير المرغوب به»

إقتراح إسم توني بلير لإدارة المرحلة الإنتقالية بدا مفاجئًا، وربما مستفزًا.
فمنذ توليه منصب مبعوث اللجنة الرباعية بعد عام 2007، ظلّ يُنظر إليه في الأوساط الفلسطينية كشخصية «منحازة بالكامل لإسرائيل».
بوتشاروف يوضح أن «توني بلير لا يتمتع بأي رصيد ثقة في الوعي الفلسطيني، لا في غزة ولا في الضفة الغربية».
بلير نفسه حاول تبرير قبوله الفكرة بالقول إن «غزة تحتاج إلى إدارة تكنوقراطية مؤقتة بعيدًا عن الأيديولوجيا»، لكن الفلسطينيين رأوا في ذلك محاولة جديدة لـ«شرعنة الإحتلال تحت علمٍ آخر».

الميدان العربي: بين الحذر والعبء

الخطة الأمريكية وزّعت الأدوار بدقة تكتيكية. فواشنطن، كما يشير الخبير الروسي، «تحاول نقل عبء المسؤولية إلى دول المنطقة» — وتحديدًا مصر والأردن والملَكيات الخليجية.
غير أن القاهرة تنظر بريبة إلى أي مشروع يتعامل مع حماس، التي تُعدّ فرعًا أيديولوجيًا من جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر.
أما عمّان، فتخشى أن تؤدي أي تغييرات في الضفة الغربية إلى زعزعة توازنها الداخلي الهش، إذ يشكّل الفلسطينيون أكثر من نصف سكانها تقريبًا.
بالتالي، فإن فكرة «الهيئة الدولية» أو «القوة العربية المشتركة» لا تحظى بتأييد فعلي من أي طرف عربي، وإن كانت تُذكر في التصريحات بروتوكوليًا فقط.

المال لا يصنع سلامًا

يعيد بوتشاروف التذكير بأن واشنطن جرّبت سابقًا «إغراء الإقتصاد» عبر ما سمّي بـ«صفقة القرن» عام 2020.
حينها، وعدت إدارة ترامب السابقة الفلسطينيين بمليارات الدولارات من الإستثمارات مقابل تنازلات سياسية. لكن الخطة فشلت لأنها تجاهلت الجذر السياسي للصراع.
اليوم، يُعيد ترامب الخطاب نفسه تقريبًا: مشاريع إستثمارية، ممرات تجارية، فرص عمل… غير أن الشارع الفلسطيني يرى في تلك الوعود «رشوة مقنّعة» لا تغيّر شيئًا من واقع الإحتلال أو الحصار.
«المساعدات لا تشتري الكرامة»، يقول بوتشاروف، مضيفًا أن «كل تجربة في الشرق الأوسط تُثبت أن الحلول الإقتصادية تفشل حين تُفرض قبل الحلول السياسية».

«هدوء هش»… السيناريو الأكثر ترجيحًا

إذا لم تنهَر المفاوضات فجأة، فإن السيناريو المرجّح، بحسب تحليل المجلس الروسي للشؤون الدولية، هو هدوء مؤقت هش:
تبادل جزئي للأسرى، إنسحابات رمزية، وتجميد للعمليات الواسعة دون إنهاء كامل للحرب.
سيستمر كل طرف في مراقبة موقف ترامب، محاولًا تجنّب إثارة غضبه أو تحميله مسؤولية فشل المفاوضات.
لكن أي حادث عرضي — سقوط صاروخٍ في تل أبيب أو غارةٍ على منشأة مدنية — كفيلٌ بتفجير كل شيء، كما حدث في خريف 2023 عندما ألغى الرئيس الأمريكي آنذاك جو بايدن زيارته إلى عمّان عقب مأساة مستشفى غزة.

العودة الأمريكية إلى مسرح الوساطة

لماذا عاد ترامب إلى هذا الملف أصلاً؟
الجواب، كما يقرأه بوتشاروف، مزدوج: من جهة، يسعى الرئيس الأمريكي لإحياء إرثه الدبلوماسي الذي بدأه باتفاقيات أبراهام عام 2020، التي طبّعت العلاقات بين إسرائيل وعدة دول عربية.
ومن جهة أخرى، يريد إعادة تثبيت صورة الولايات المتحدة كـ«وسيط لا غنى عنه» في النزاعات الدولية — خصوصًا بعد التراجع النسبي لدورها في عهد بايدن.

لكن العودة الأمريكية لا تبدو مضمونة النتائج. فالمنطقة تغيّرت: إسرائيل غارقة في يمينها المتطرف، حماس فقدت جزءًا من شعبيتها لكنها لم تُهزم، والعالم العربي منهك بين أزماته الداخلية وأعباء التطبيع البارد.

بين الوهم والواقعية

تذكّرنا خطة ترامب الجديدة بواقعٍ مؤلم:
أن كل «صفقة سلام» في الشرق الأوسط تصطدم في النهاية بأسئلة أعمق من النصوص — أسئلة الهوية والسيادة والذاكرة.
فما لم تعترف إسرائيل صراحةً بحقّ الفلسطينيين في دولةٍ مستقلة ذات سيادة، وما لم تتخلّ حماس عن ثقافة «المقاومة كغاية»، سيظل السلام مجرّد ورقة هشّة فوق جرحٍ مفتوح.

وكما ختم بوتشاروف تحليله لموقع «لينتا.رو»: «الجروح لا تزال تنزف، ولا يمكن الحديث عن سلامٍ دائم حتى الآن. ما سيحدث ليس إتفاقًا نهائيًا، بل إستراحة مقاتلين بإنتظار جولةٍ جديدة من التاريخ».

*****

المراجع
إيفان بوتشاروف – في مقابلة صحفية مع دميتري بلوتنيكوف، منشورة على موقع «لينتا.رو» بتاريخ 7 أكتوبر 2025 تحت عنوان:
«الجروح لا تزال تنزف. ما الذي يقف خلف خطة السلام التي قدمها ترامب لقطاع غزة ولماذا رفضتها إسرائيل وحماس؟»

*****

هوامش

1) إيفان بوتشاروف
مستشرق وخبير في شؤون الشرق الأوسط، يدير برنامج الشرق الأوسط في «المجلس الروسي للشؤون الدولية» (RSMD)، وله مؤلّفات وتحليلات سياسية تُنشر في وسائل إعلام روسية ودولية بشأن النزاعات الإقليمية والدبلوماسية.
2)لينتا.رو (Lenta.ru)
واحدة من أقدم وأشهر بوابات الأخبار الإلكترونية في روسيا، تأسست عام 1999، وتُعرف بتغطيتها الواسعة للأحداث السياسية والاقتصادية والعسكرية الروسية والعالمية بأسلوب تحليلي يوازن بين المصادر الرسمية والمستقلة.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 740 - سلام ترامب الهش: كيف تلاشت صفقة غزة بين ا ...
- طوفان الأقصى 739 - بين هدنة معلّقة ودمٍ مؤجل: قراءة في مقالي ...
- طوفان الأقصى 738 - سوزانا تكاليك متهمة بأنها مكنت إسرائيل من ...
- طوفان الأقصى الأقصى 737 - الهدنة الغامضة في غزة: حين تتحول ا ...
- طوفان الأقصى 736 - السابع من أكتوبر... اليوم الذي أعاد تشكيل ...
- طوفان الأقصى 735 - حين يطلب الجلاد التعاطف: قراءة في خطاب كي ...
- طوفان الأقصى 734 - هل الطريق إلى نوبل يمر عبر تل أبيب أو مقر ...
- طوفان الأقصى 733 - مؤشرات إقتراب الهجوم على إيران
- طوفان الأقصى 732 - اللوبي الإسرائيلي يفقد سحره في واشنطن: رس ...
- طوفان الأقصى 731 - جردة حساب بعد عامين من حرب الإبادة - الأز ...
- حين خُدع غورباتشوف: كيف كانت «وحدة ألمانيا» فخًّا إستراتيجيا ...
- طوفان الأقصى 730 - حين يتكلم الضمير الأمريكي: ساكس وميرشايمر ...
- طوفان الأقصى 729 - خطة ترامب للسلام في غزة - ورؤى روسية متبا ...
- حين بيعت جمهورية بثمن ساندويش فلافل
- طوفان الأقصى 728 - خطة ترامب لغزة: بين الوهم والواقعية... هل ...
- طوفان الأقصى 727 - من غزو العراق إلى غزة: كيف يعود -كلب بوش ...
- طوفان الأقصى 726 - خطة ترامب للسلام في غزة – بين تجديد الصرا ...
- طوفان الأقصى 725 - ترامب بين النرجسية والخطر النووي - جدل حو ...
- طوفان الأقصى 724 - إسرائيل على حافة العزلة الدولية: نحو نموذ ...
- طوفان الأقصى 723 - آفي شلايم: المؤرخ الذي تخلّى عن الصهيونية ...


المزيد.....




- اتصال بين ترامب ونتنياهو بشأن اتفاق غزة و رفات الرهائن.. ومص ...
- 17 أكتوبر 1961: مجزرة الجزائريين في باريس، وكيف غيبها النظام ...
- هل افتعلت حماس تظاهرات ضدها لنقل الرهائن الإسرائيليين؟
- بعد معركة الثقة، الحكومة الفرنسية تبدأ معركة الميزانية
- صحافي استقصائي حول قابس: مجمع الفوسفاط قنبلة كيماوية
- هل أجهض بوتين مساعي زيلينسكي للحصول على صواريخ توماهوك؟
- ورقة الجثامين تشعل الخلاف وتهدد مستقبل السلام في غزة
- توماهوك صاروخ قد يقلب موازين حرب أوكرانيا فما خصائصه؟
- أين تتموضع قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد وقف الحرب؟
- شاهد: كتائب القسام تحفر تحت الأنقاض بحثا عن جثامين أسرى إسرا ...


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 741 - «الجروح لا تزال تنزف»: خلفيات خطة ترامب لغزة ولماذا رفضتها إسرائيل وحماس؟