أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - ألكسندر دوغين يحذّر من الحرب الكبرى التي لا مفرّ منها - البشرية تنتظرها إختبارات رهيبة














المزيد.....

ألكسندر دوغين يحذّر من الحرب الكبرى التي لا مفرّ منها - البشرية تنتظرها إختبارات رهيبة


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8501 - 2025 / 10 / 20 - 15:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

20 أكتوبر 2025

العالم عند حافة الإنفجار

في مقاله المنشور في موقع «تسارغراد» بتاريخ 1 أكتوبر 2025 بعنوان «البشرية تنتظرها إختبارات رهيبة»، يقدّم الفيلسوف والمفكّر الروسي ألكسندر دوغين — الذي يُعرف بكونه أحد أبرز منظّري "الأوراسية الجديدة" — تشخيصًا سوداويًا للمشهد الدولي، قائلًا إنّ «تغيّر النظام العالمي لا يحدث إلا عبر الحروب»، وإنّ القوى المهيمنة في التاريخ «نادرًا ما تتخلّى عن سلطتها طوعًا، بل تُدفَع إليها دفعًا عندما تُدمَّر وتتحوّل إلى أنقاض».

يرى دوغين أن الإنسانية تقف اليوم على أعتاب حرب كونية ثالثة، لا من باب التهويل، بل لأن «الغرب، الذي يحتضر حضارياً، لن يقبل بإنتهاء هيمنته من دون قتال». وبحسبه، فإن كل مؤشرات الإنهيار الغربي — من الأزمة الداخلية في المجتمعات الأوروبية إلى الإنقسام السياسي في الولايات المتحدة — لا تزال غير كافية لإجبار النخب الحاكمة على الإنسحاب الطوعي من موقع القيادة العالمية.

"الحرب بدأت فعلاً"

يقول دوغين بوضوح: «إذا لم يتخلّ الغرب عن هيمنته، فستكون هناك حرب. والحرب قد بدأت بالفعل: في أوكرانيا، وفي الشرق الأوسط. لكنها ليست بعدُ في كامل قوتها، إنها مجرد نذير لتلك الحرب الكبرى التي ستعيد توزيع السيادة الحقيقية في العالم».

بهذا المنطق، يرى دوغين أنّ النزاعات الحالية — من أوكرانيا إلى غزة وربما تايوان — ليست سوى مقدمات لحرب هيكلية كبرى هدفها إعادة ترسيم السلطة في النظام الدولي، بين من يدافع عن العالم الأحادي القطبية بقيادة واشنطن، ومن يدفع نحو عالم "متعدد الأقطاب" تمثّله روسيا والصين والهند ودول الجنوب العالمي.

بين تراجع الهيمنة وصمودها

ورغم الخطاب الروسي المتفائل حول صعود «العالم المتعدد الأقطاب» ونجاحات مجموعة بريكس و"العالم الكبير" كما يسميه دوغين، إلا أنه يعترف بأن «الهيمنة الغربية ما تزال أقوى من التعددية»، فهي قادرة، كما يقول، على «إعادة تشكيل موازين القوى في الفضاء السوفياتي السابق»، من أوكرانيا إلى مولدافيا والقوقاز وآسيا الوسطى.

يُذكّر دوغين أن الغرب يتدخّل في الإنتخابات ويُقصي المرشحين غير المرغوب فيهم، بل ويتّهمه بقتل سياسيين من أحزاب معارضة في أوروبا، مثل «البديل من أجل ألمانيا»، متسائلًا بحدة: «كيف يمكن القول إن النظام الأحادي قد إنتهى، بينما لا يزال الغرب يفرض إرادته بهذا الشكل؟».

روسيا في قلب المعركة

في تحليل دوغين، روسيا ليست مجرّد طرف في هذا الصراع، بل هي مركزه التاريخي والروحي. يقول: «ما يحدث في أوكرانيا قد يكون بداية حرب كبيرة جدًا. لأن روسيا، بتاريخها وهويتها وسلاحها النووي، هي العائق الأكبر أمام مشروع العولمة، وهي أيضًا الحاملة الرئيسة لفكرة العالم المتعدد الأقطاب».

ويذهب إلى أبعد من ذلك حين يؤكد أن روسيا، بخلاف الصين، تمتلك الخبرة الإمبراطورية التاريخية التي تجعلها «الفاعل الأول في رسم ملامح النظام العالمي القادم». أما الصين، رغم أهميتها، فهي «دولة حديثة العهد بالدور العالمي»، وقد «ترتكب الكثير من الأخطاء في طريقها إلى ذلك».

بين الإستسلام والمواجهة

يتطرّق دوغين إلى إحتمال تجنّب الحرب الكبرى، فيجيب بأن ذلك لن يكون ممكنًا إلا في حالة واحدة: «إستسلام روسيا ورفعها الراية البيضاء»، لكنه يسارع إلى رفض هذا الخيار قائلًا: «الإستسلام المسبق ليس نهاية الحرب، بل إعلان للهزيمة قبل أن تبدأ».
ويضيف: «ما دُمنا لم نُهزم ولم نفقد الإرادة، فليس أمامنا سوى التقدّم نحو النصر. وإذا كان تجنّب الحرب لا يتحقق إلا بالهزيمة، فهذا ليس خيارنا، وبالتالي فالحرب حتمية».

هنا يعبّر دوغين عن قناعة وجودية تكاد تكون قدرية: الحرب ليست خيارًا، بل «منطق التاريخ» الذي لا يمكن الفكاك منه، حتى لو لم يرغب بها أحد.

جغرافيا الحرب القادمة

يتساءل دوغين: أين ستكون ساحة هذه الحرب؟
ثم يجيب مترددًا: «لا أدري، قد تكون في المحيط الهادئ ضد الصين أو الهند، أو في الشرق الأوسط، أو بمشاركتنا المباشرة. كل الإحتمالات مفتوحة».

ومع ذلك، يُرجّح أن تكون أوكرانيا الشرارة الأولى، لأنها «ليست مجرد نزاع إقليمي، بل محور الصدام بين روسيا والنظام الأحادي العالمي».

حرب الكواكب: العالم كلّه سيشارك

يذهب دوغين أبعد من الجغرافيا الروسية ليقول إنّ «الحرب المقبلة لن تقتصر على روسيا والغرب، بل ستشمل الصين والهند والعالم الإسلامي، بل وحتى إفريقيا وأمريكا اللاتينية»، حيث تتكوّن الآن «تحالفات بين من يؤيد الأحادية ومن يناضل من أجل التعددية».

في رؤيته، نحن أمام تحوّل كوني يشبه المخاض التاريخي، حيث تصطدم حضارات بأكملها لتلد نظامًا جديدًا. لكنه يذكّر: «ما نعيشه اليوم ليس إلا البداية، وما سيأتي سيبدو مقارنةً به لعبة أطفال».

"منطق التاريخ" لا يرحم

في ختام مقاله، يكتب دوغين بنبرة فلسفية داكنة: «أنا لا أشمت، ولا أفرح بهذا المصير. مثل أي إنسان عاقل، لا أريد الحرب. لكن الحروب تقع رغم أنف الجميع، لأنها نتاج منطق التاريخ الذي لا يمكن الهروب منه».

بهذه العبارة يختصر دوغين رؤيته الوجودية للتاريخ كقوة قاهرة، لا يملك الإنسان إلا أن يعيش داخلها. فالحرب بالنسبة له ليست مجرد قرار سياسي، بل قدر تاريخي يُملي شروطه على الجميع.

الخلاصة

يحذّر ألكسندر دوغين من أن العالم يعيش اللحظة التي تسبق الإنفجار، حيث تتداعى الإمبراطوريات القديمة، ويُعاد تشكيل الوعي السياسي للبشرية. وبالرغم من أن خطابه مشبع بالروح الميتافيزيقية والقدرية، إلا أنه يعكس الذهنية الروسية المعاصرة التي ترى في المواجهة مع الغرب معركة وجود لا مفرّ منها.

إنها ليست نبوءة سياسية فحسب، بل رؤية فلسفية تُمزج فيها الجغرافيا بالتاريخ، والسيادة بالروح، والهوية بالقدر.
وإذا كان دوغين محقًا، فإن «الإختبارات الرهيبة» التي تنتظر البشرية لم تبدأ بعد.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 744 - «هل هو السلام في الشرق الأوسط أم السراب؟» ...
- ألكسندر دوغين: -بريغوجين: حقائق مجهولة عن حياة مؤسس فاغنر - ...
- طوفان الأقصى 743 - إتفاق غزة: «زفاف بلا عروسين» أم بداية لهد ...
- ألكسندر دوغين – ترامب: تفضلوا وحاربوا، أما أمريكا فلن تحارب. ...
- طوفان الأقصى 742 - إتفاق غزة: الورقة الأخيرة في لعبة ترامب و ...
- ألكسندر دوغين - -تخريبٌ أم جهلٌ أم تآمر؟ المسؤولون لم ينجحوا ...
- طوفان الأقصى 741 - «الجروح لا تزال تنزف»: خلفيات خطة ترامب ل ...
- طوفان الأقصى 740 - سلام ترامب الهش: كيف تلاشت صفقة غزة بين ا ...
- طوفان الأقصى 739 - بين هدنة معلّقة ودمٍ مؤجل: قراءة في مقالي ...
- طوفان الأقصى 738 - سوزانا تكاليك متهمة بأنها مكنت إسرائيل من ...
- طوفان الأقصى الأقصى 737 - الهدنة الغامضة في غزة: حين تتحول ا ...
- طوفان الأقصى 736 - السابع من أكتوبر... اليوم الذي أعاد تشكيل ...
- طوفان الأقصى 735 - حين يطلب الجلاد التعاطف: قراءة في خطاب كي ...
- طوفان الأقصى 734 - هل الطريق إلى نوبل يمر عبر تل أبيب أو مقر ...
- طوفان الأقصى 733 - مؤشرات إقتراب الهجوم على إيران
- طوفان الأقصى 732 - اللوبي الإسرائيلي يفقد سحره في واشنطن: رس ...
- طوفان الأقصى 731 - جردة حساب بعد عامين من حرب الإبادة - الأز ...
- حين خُدع غورباتشوف: كيف كانت «وحدة ألمانيا» فخًّا إستراتيجيا ...
- طوفان الأقصى 730 - حين يتكلم الضمير الأمريكي: ساكس وميرشايمر ...
- طوفان الأقصى 729 - خطة ترامب للسلام في غزة - ورؤى روسية متبا ...


المزيد.....




- منذ بدء تسجيل الحالات.. الدببة تقتل عددًا من الناس أكبر من أ ...
- خامنئي: اعتقاد ترامب أنه دمّر المنشآت النووية الإيرانية -وهم ...
- متحف اللوفر يبقى مغلقًا بعد سرقة جريئة تدهش باريس
- انزلاق طائرة شحن عن مدرج هونغ كونغ يودي بحياة عاملين في المط ...
- سيوف في الجزائر وبلطجة في مصر.. كيف تتحول المدن العربية إلى ...
- لماذا خرجت مظاهرات No Kings ضد دونالد ترامب؟
- تصعيد عسكري عنيف وسط مخاوف من انهيار محتمل للهدنة في غزة
- وزير الداخلية الفرنسي الجديد ينوي -استئناف الحوار- مع الجزائ ...
- الهروب على إيقاع الخوف.. فتيات أفغانستان بين طالبان والمنفى ...
- زيلينسكي مستعد للانضمام إلى قمة ترامب وبوتين في بودابست


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - ألكسندر دوغين يحذّر من الحرب الكبرى التي لا مفرّ منها - البشرية تنتظرها إختبارات رهيبة