أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - رولا.. الرواية التي تنسج الحلم الفلسطيني بخيوط الوجع والكرامة














المزيد.....

رولا.. الرواية التي تنسج الحلم الفلسطيني بخيوط الوجع والكرامة


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8512 - 2025 / 10 / 31 - 10:06
المحور: الادب والفن
    


مدخل: بين التخييل والواقع
في روايته «رولا»، الصادرة عن دار الجندي في القدس عام 2015، يواصل جميل السلحوت مشروعه السردي الإنساني في تتبّع ملامح المجتمع الفلسطيني من الداخل، بعيدا عن الشعارات، وقريبا من نبض الناس البسطاء. يكتب السلحوت بلغة عامية محكية في كثير من المواضع، تكسر صلابة الفصحى وتمنح النصّ صدقًا حياتيًا نادرا، لتبدو الحوارات مأخوذة من جلسة حقيقية في بيت فلسطينيّ في جبل المكبر أو"السواحرة"، أكثر مما تبدو من نسج الخيال.
منذ السطر الأول، يعلن الكاتب أن «الشخصيات والأحداث خيالية»، لكنه في الحقيقة يكتب عن كل بيت فلسطيني يعرف السجن والفقد والانتظار. إنّ خيال السلحوت مشبع بالواقع، وواقعه مشبع بالخيال.
البنية السردية: الواقعية في أصدق تجلياتها
يبني السلحوت روايته على مشهد أسري بسيط يبدأ بقرار أمّ فاطمة تزويج ابنها صالح، لكنه لا يلبث أن يتحول إلى بانوراما كاملة للمجتمع الفلسطيني. البيت الواحد يتوزّع فيه الصراع بين القديم والجديد، بين المرأة التقليدية والرجل المحافظ، بين جيلٍ آمن بأن “الرجل لا يبكي”، وجيلٍ يرى في التعليم والتغيير خلاصا.
في الحوار الذي يدور بين أبي كامل وزوجته، وبين زينب وأمّها، وبين كامل والإمام والمختار، نكتشف أن الرواية ليست عن زواجٍ مؤجّل فحسب، بل عن مجتمعٍ يسائل ذاته: من يختار؟ من يقرر؟ وما معنى الحرية؟
الشخصيات: مرايا لزمنٍ مضطرب
زينب هي بطلة الرواية الحقيقية، تمثل وعي المرأة الفلسطينية الجديد، تتعلم في جامعة بيرزيت، وتواجه بعقلها الصافي مجتمعًا يريدها “سترة” في بيت رجلٍ لم تختَرْه. لكنها تصرّ على أن تكون شريكة لا تابعًا، وتطلب لقاء العريس قبل القبول به، في مشهدٍ يُعتبر ثورة هادئة ضد الموروث الأبوي.
خليل الأخ الأسير، هو ضمير الرواية ورمزها الوطني. حين يُفرج عنه، لا يعود كما خرج؛ يخرج من السجن محملا بوجع الأسئلة، ومثل جميع الأسرى، لا يبحث عن بطولة، بل عن مساحة من الضوء والتراب ورائحة التين.
أبو كامل هو جذر الحكاية، الفلاح الذي يعرف قيمة الأرض ويقدّسها، لكنه يعيش صراعًا داخليًا بين ما ورثه وما يراه في أبنائه. في شخصيته تتجسد التحولات الاجتماعية بين الأجيال الفلسطينية.
فاطمة (أم صالح) تجسيد للمرأة التي تخضع للعرف، وتورّث هذا الخضوع لبناتها، لكنها في عمقها إنسانة حنونة مكلومة، تخاف الوحدة وتبحث عن استقرارٍ في زواج الأبناء.
اللغة والأسلوب
لغة جميل السلحوت تجمع بين السرد الفصيح والوصف الحيّ والحوارات المحكية. اللهجة الفلسطينية هنا ليست مجرد أداة تعبير، بل شخصية بحد ذاتها. هي ما يمنح النص روحا فلسطينية أصيلة، تجعل القارئ يسمع الأصوات كما لو كان بينهم.
أمّا الوصف، فيأتي مدهشًا في قدرته على رسم المشهد الريفي: الأرض، شجر الزيتون، التين، المنسف، المقاثي، وحتى رائحة التراب بعد المطر. الطبيعة في الرواية ليست خلفية، بل كيان روحي متكامل يوازي الشخصيات في العمق والصدق.
الرمز والمعنى
رواية «رولا» ليست رواية أسماء وشخصيات فحسب؛ إنها تأمل في فكرة الوطن. السجن في النص ليس فقط جدرانًا، بل هو استعارة لحالة عامة يعيشها الفلسطيني داخل قيود الاحتلال والعادات معًا. والحرية ليست مجرد خروج من الأسر، بل خروج من التقاليد القاسية التي تحاصر الحلم.
ورولا – رغم أن حضورها الفعلي محدود – تمثل الحلم البعيد، الأنثى الرمزية التي تلوح كأمل مؤجّل، وكأنّ السلحوت يقول إنّ فلسطين نفسها هي «رولا» المؤجلة.
الرؤية الفكرية والإنسانية
من خلال الحوارات التي تجمع بين المختار والإمام وكامل، يقدّم السلحوت نقاشًا عميقًا حول الدين والسياسة والفكر. لا ينحاز الكاتب إلا للإنسان، ولا يتورّع عن نقد رجال الدين حين يبرّرون الاحتلال بقدر إلهيّ، ولا عن انتقاد المتعلمين الذين ينظرون للمجتمع من برجٍ عالٍ.
إنّ الرواية تقول ببساطة: النصر لا يأتي من السماء وحدها، بل من وعي الإنسان وإيمانه بعدالة قضيته.
البعد النسوي في الرواية
تتفوق «رولا» على كثير من الروايات الفلسطينية بجرأتها في تناول قضايا المرأة. زينب لا تخجل من قول “لا”، ولا من المطالبة بأن تختار شريكها. الرواية تُظهر المرأة الفلسطينية كإنسانة تفكر، تحب، تتمرد، وتحلم، دون أن تفقد أنوثتها أو انتماءها.
حتى الأمّ فاطمة، على رغم تقليديتها، تُقدَّم برحمةٍ لا بإدانة؛ فهي ضحية ثقافة أكثر منها رمزًا للجمود.
القضية الفلسطينية: الحاضر الدائم
الأسير، الأرض، الزيتون، الجامعة، الاحتلال… كلّها ليست ديكورا بل نبض الرواية الحقيقي. ينجح السلحوت في جعل الوطن خلفية لا تنفصل عن البيت. فكما تتحدث الأمّ عن العريس، يتحدث الأب عن القمح والمحراث، ويأتي ذكر الأسرى كأنهم أفراد العائلة الممتدة. هكذا تتحول الرواية إلى سيرة جماعية للفلسطينيين جميعا.
خاتمة: الرواية كوثيقة حياة
«رولا» ليست رواية بطولة أو نضال مسلح، بل رواية الوعي الفلسطيني في حياته اليومية. فيها ما يشبه الموروث الشفهي وما يشبه البيان السياسي وما يشبه الحلم الشعري.
جميل السلحوت، في أسلوبه البسيط والعميق، يكتب التاريخ الإنساني الصغير الذي يصنع التاريخ الكبير.
وفي زمنٍ يغيب فيه الصوت الفلسطيني الأصيل عن المنابر العالمية، تأتي «رولا» لتقول إنّ الحكاية لم تنتهِ بعد، وإنّ النساء والرجال الذين يسكنون قرى القدس ما زالوا يحرسون الذاكرة كما يحرسون الزيتون.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في قصة -الصدق أحلى يا أصحابي- للدكتورة سيما صيرفي
- بعد موت أمي
- ‏قراءة الأدبية لرواية -الذين باركوا القتل- ‏ للكاتبة رانية م ...
- قراءة أدبية (( ملحمة الرماد والنبض) ) لرانية فؤاد مرجية بقلم ...
- الذين باركوا القتل – غلاف فارغ
- تنهيدة حرية: حين تكتب المرأة وجعها بالحبر والمقاومة
- «نبضات محرّمة»: حين يكتب القلب ما يحرّمه المجتمع
- تنهيدة حرية… رواية تُعيد كتابة الوجع الفلسطيني بأنفاس النساء
- وصيّة الأرض قبل القيامة
- سِفْرُ الكَلِمَةِ الأُولَى (أنشودة النور الكوني)
- أمهات الأرض
- ليما: التي تتحدث مع الصمت
- 🕯️ ظلّ الممر الأبيض
- رئتان تتنفّسان الندم
- حين توقّف الطريق، بدأوا بالوصول
- قصيدة: أقرأ الأرض كي أنجو
- قراءة أدبية في قصيدة -أقرأ الأرض كي أنجو- - للشاعرة رانية مر ...
- .حين نغادر كي نعود أنقى
- النقد كوعيٍ حيّ: قراءة الإنسان في مرايا الكلمة
- 🔹 قراءة في كتاب (الفينيق من الرماد) للكاتبة رانية مر ...


المزيد.....




- طبيبة نرويجية: ما شاهدته في غزة أفظع من أفلام الرعب
- -ذي إيكونومست- تفسر -وصفة- فنلندا لبناء أمة مستعدة لقتال بوت ...
- لن تتوقع الإجابة.. تفسير صادم من شركة أمازون عن سبب تسريح نح ...
- حزب الوحدة ينعى الكاتب والشاعر اسكندر جبران حبش
- مسلسلات وأفلام -سطت-على مجوهرات متحف اللوفر..قبل اللصوص
- كيف أصبح الهالوين جزءًا من الثقافة السويسرية؟
- كيف يُستخدم علم النفس -الاحتيالي- كسلاح لقمع الإنسان وتبرير ...
- لندن تحتضن معرضاً لكنوز السعودية البصرية لعام 1938.. وأحفاد ...
- -يوميات بوت اتربى في مصر- لمحمد جلال مصطفى... كيف يرانا الذك ...
- كيف كشفت سرقة متحف اللوفر إرث الاستعمار ونهب الموارد الثقافي ...


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - رولا.. الرواية التي تنسج الحلم الفلسطيني بخيوط الوجع والكرامة