رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات
(Rania Marjieh)
الحوار المتمدن-العدد: 8511 - 2025 / 10 / 30 - 12:10
المحور:
الادب والفن
بعد موت أمي، لم يعد الموت يخيفني.
صار وجهه مألوفًا،
كجارٍ قديمٍ يطرق الباب كل حينٍ دون اعتذار.
أدركتُ أن الفقد لا يحدث دفعةً واحدة،
بل يتسلّل مثل الليل إلى النوافذ،
حتى تستيقظ ذات صباحٍ لتجد العالم رمادًا بلا نار.
كانت أمي أول وطنٍ أسكنه،
وأول رحيلٍ علّمني أن الأرض تدور،
لكنها لا تعيد الذين نحبهم.
منذ غابت، تغيّر شكل الدعاء،
صار رجاءً صامتًا، يختبئ بين نبضٍ ونبض.
لم أعد أطلب شيئًا من السماء،
إلا أن تترك لي حلمًا واحدًا أراها فيه.
بعد موت أمي، صارت اللغة عاجزة.
كل حرفٍ يتلعثم،
كل كلمةٍ تبدو ناقصة،
كأنها تبحث عن صدرها لتكتمل.
تعلمتُ أن أُصافح الناس دون دفء،
أن أضحك كي لا يسألني أحد،
أن أبدو بخيرٍ وأنا أختنق من الداخل.
الحزن أصبح طقسًا يوميًا،
كصلاةٍ بلا قبلة،
وذكراها المعلقة في قلبي صارت إنجيلي الوحيد.
أحيانًا أظن أنني تجاوزت،
ثم أسمع صوتها في الريح،
فأعود طفلًا يحمل حقيبته نحو بابٍ لن يُفتح.
أمي لم تمت.
هي فقط انسحبت من الجسد،
وتركت في صدري وطنًا لا يُرى،
ومواسمَ حنينٍ لا تنتهي.
ومنذ ذلك اليوم،
كل موتٍ بعد موتها يبدو حدثًا صغيرًا،
عابرًا، لا يترك أثرًا،
لأنني فقدت كل ما يُوجِع بعد أن فقدت من كانت تداوي كل وجعي.
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
Rania_Marjieh#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟