أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - قراءة أدبية (( ملحمة الرماد والنبض) ) لرانية فؤاد مرجية بقلم د. عادل جوده/ العراق /كركوك















المزيد.....

قراءة أدبية (( ملحمة الرماد والنبض) ) لرانية فؤاد مرجية بقلم د. عادل جوده/ العراق /كركوك


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8510 - 2025 / 10 / 29 - 11:53
المحور: الادب والفن
    


بين يدي نصّ يختصر الكون في كلمات وتختزل الكلمات كوناً أنثوياً قادراً على التحوّل من الرماد إلى النبض. إنها "ملحمة الرماد والنبض" للشاعرة رانية مرجية
التي تنسج من جراحها فلسفة وجودية
ومن انكساراتها فنّاً قادراً على مواجهة العدم.
تبدأ الملحمة بصرخة وجودية:
"أنا ابنة الوجع الأول"، لتؤسس الشاعرة لسرديتها الأنثوية التي ترفض أن تكون ضحية، فتصف نفسها بأنها "ولدت من رحم الصمت"
وكأنها تعلن أن أنوثتها ليست ضعفاً بل منبعاً للإبداع حتى في أحلك الظروف.
إنها تخلق من العدم مشروعاً للوجود، ومن الصمت موسيقى للاحتجاج.
تتحاور الشاعرة مع الحياة بمرارة الواعي بخيباتها:
"كم خذلتِ الذين وثقوا بوعودك". لكن هذه المرارة لا تقودها إلى اليأس، بل إلى رفض منطق التسليم.
إنها تعلن بوضوح: "أنا لست أيوباً"، في تحدي واضح لصورة الصبر التقليدية التي كُتبت للمرأة عبر العصور.
تتجاوز الشاعرة مفهوم الضحية لتبني مفهوم المقاوم من خلال الجمال.
فهي تعلن أنها "الجرح الذي علم الأرض كيف تنزف بكرامة"، محولة الألم إلى مدرسة
والوجع إلى حكمة. إنها تحمل في صوتها "تراتيل الذين سقطوا واقفين" فتصبح بذلك صوت المهمشين والمقهورين.
في الفصل الثاني
"نشيد البقاء"، تتحول الشاعرة من سرد المعاناة إلى بناء مشروع المقاومة.
ترفض الإيمان بالنجوم البعيدة، وتعلن إيمانها "بالبقاء رغم الخراب". إنها تكتشف أن الهزيمة يمكن أن تكون "محراباً" للصلاة والتأمل، وأن الوجع يمكن أن يكون "معلمها الأول" الذي يمنحها وضوح الرؤية.
اللافت في هذا الفصل تحول العلاقة مع الألم من علاقة صراع إلى علاقة تعلم.
فالشاعرة لا ترفع شعار الانتصار على الألم، بل تعلن أنها تتعلم منه: "أحب الناس أقل، وأحترم الصمت أكثر".
إنها حكمة المتألم الواعي الذي يستخلص الدروس من محنته.
في الفصل الثالث "القيامة"
تبلغ الشاعرة ذروة تحولها الفلسفي.
لم تعد المرأة الضحية، بل أصبحت "امرأة من زجاج ونار"، تجمع بين الشفافية والصلابة.
إنها ترفض أن تكون "مجرّد أنثى تبكي"، وتعلن أنها "نهر من نور يسري في عروق الليل".
التحول الأهم في هذا الفصل هو تحول العلاقة مع الحزن من عداوة إلى صداقة:
"أيها الحزن، يا صديقي القديم".
إنها لا تنكر الألم، بل تتعايش معه وتستخلص منه القوة.
إنها تشرب "النور من جرحها"
فتصبح القيامة ذاتها.
تختتم الشاعرة ملحمتها بإعلان أن "في كل امرأة حكاية قيامة مؤجلة"
لترفع بذلك الأنوثة إلى مستوى الأسطورة، وتجعل من كل امرأة مشروعاً للخلاص والانبعاث.
ما يميز هذه الملحمة هو اكتمال دائرة التحول: من الرماد إلى النبض
ومن الصمت إلى الصوت
ومن الضحية إلى الفاعلة.
إنها سردية أنثوية ترفض منطق الضحية وتتبنى منطق الخلاص الذاتي من خلال تحويل الألم إلى فن، والوجع إلى جمال.
لغة الشاعرة تنزف شاعرية وجرأة
تجمع بين الرقة الأنثوية وقوة الحكمة.
إنها تخلق عالماً شعرياً مكثفاً
تتحول فيه المفارقات إلى مصدر للإبداع:
"في الوجع جمالاً، وفي النهاية بداية، وفي موت الأحلام قيامة".
هذه الملحمة ليست مجرد قصيدة
بل هي بيان وجودي يعلن أن الخلاص
لا يأتي من الخارج
بل ينبع من القدرة على تحويل الجرح إلى مصدر للجمال، والرماد إلى بستان
إنها تصرخ في وجه العالم بأن الأنوثة ليست ضعفاً
بل هي قدرة على التحول والانبعاث.
تحياتي واحترامي🌸

ملحمة الرماد والنبض
بقلم: رانية مرجية
الفصل الأول – الرماد والنبض
أنا ابنةُ الوجعِ الأول،
ولدتُ من رحمِ الصمت،
على جدارٍ يكتبُ عليه العدمُ وصاياه.
صحتُ… فلم يُجبني أحد،
إلا الريحُ،
وهي تُصفّر في خواء القلب،
كأنها تضحكُ من نَجواي.
يا حياةُ،
كم خذلتِ الذين وثقوا بوعودِك،
وكم ربّيتِ فيهم شهوةَ البقاء،
ثمّ ذبحتِها… على مائدةِ الغياب.
أنا لم أعد أسألُكِ المعنى،
فالمعنى صارَ مقبرةً.
ولا أطلبُ منكِ عدلًا،
فالعدلُ يُولَدُ أعمى،
ويموتُ في طوابيرِ الانتظار.
كم من وطنٍ سكنَ في صدري ثمّ اغتربْ،
كم من حبيبٍ وعدني بالضوءِ،
ثمّ سلّمني للظلّ،
وكتبَ على جبيني: “اصبري”.
لكنّي لا أصبرُ…
أنا لستُ أيّوبًا.
أنا الجرحُ الذي علّمَ الأرضَ كيف تنزفُ بكرامة،
وكيف تضحكُ من وجعها… دون أن تنهار.
أحملُ في دمي أنينَ الأمهات،
وفي صوتي تراتيلَ الذين سقطوا واقفين،
وفي عينيّ مرايا لأحلامٍ لم تولد.
كلُّ ما فيّ ينزفُ،
حتى النورُ الذي ظننتهُ خلاصًا،
صارَ شوكةً في خاصرتي،
يُذكّرني أن النجاةَ ليستْ هبةً… بل حرب.
ومع ذلك،
سأكتبُ،
وسأزرعُ على رمادي بستانًا،
يُنبتُ من بين شقوقِه نايًا،
يعزفُ للغائبين،
أنّ في الوجعِ جمالًا،
وفي النهايةِ بدايةً،
وفي موتِ الأحلامِ قيامة.
فلتنحني الحياةُ قليلًا،
وتصغي إليّ،
أنا التي خرجتْ من الحطامِ،
تحملُ في يدٍ رمادَها،
وفي الأخرى… المعنى.
الفصل الثاني – نشيد البقاء
يا أيّتها الأرضُ،
كم صبرتِ علينا…
وكم خنّاكِ أولادُكِ حين ظنّوا أن الصمتَ نجاةٌ،
وأنّ الانكسارَ حكمة.
أنا لم أعد أؤمنُ بالنجوم،
فهي بعيدةٌ كالأماني،
ولا بالقُدُر التي يكتبها الغيبُ بأحبارٍ لا تُقرأ.
أنا أؤمنُ بالبقاءِ رغمَ الخراب،
بأنّ جذورَ الروحِ لا تموت،
ولو مرّت عليها ألفُ ريحٍ من وجع.
يا قلبي،
يا حجارةً طريةً في نهرِ الحياة،
كُنْ لي وطنًا،
حين تخونُ الأوطان.
لا تصالحِ الغياب،
ولا تُصافحِ السكاكين.
ازرعْ في لحمِكَ وردة،
وفي دموعِكَ شمعة،
وفي جرحِكَ معنى.
أنا التي هُزِمت ألفَ مرة،
لكنّ الهزيمةَ كانت لي مِحرابًا،
أصلي فيه كي لا أنسى… أني إنسانة.
يا وجعي،
يا معلمي الأول،
كم جعلتني أرى الأشياءَ أوضح،
وأحبُّ الناسَ أقل،
وأحترمُ الصمتَ أكثر.
لقد تعلمتُ أن لا أطلبَ شيئًا من الحياة،
بل أُدهشها بصمودي.
أن أكونَ القصيدةَ التي لا تُقال،
بل تُحسّ،
تُلمسُ في هواءِ الصباح،
وفي ارتجافةِ يدٍ تُودّعُ يدًا أخرى دون وداع.
أنا الآن أتنفّسُ الرمادَ… وأغنّي،
فمن قال إن الغناءَ لا يُولد من الألم؟
الفصل الثالث – القيامة (حين ينهض الضوء مني)
أنا لستُ ما كنتُ،
ولا ما ظنّوا أني سأكون.
كنتُ رمادًا يائسًا في كفّ الحياة،
ثمّ تعلّمتُ كيف أُشعلُ نفسي… لأُضيء.
لم أعد أخافُ من الموت،
فقد متُّ بما يكفي وأنا أتنفّس.
ولم أعد أرجو الغد،
فالغد طفلٌ خائفٌ من ظلالِنا،
يبحثُ عن أمٍّ تعلّمه الحنان.
الوجعُ لم يعد عدوّي،
بل صار معلمي،
يأخذني إلى أقصى العتمة
ليُريني وجهَ النور في داخلي.
أيّها الحزن،
يا صديقي القديم،
لقد شربنا المرّ معًا،
لكنّي اليومُ أشربُ النورَ من جُرحك،
وأضحكُ من كوني ما زلتُ أُحبُّ الحياة… رغمها.
أنا التي داستْها الخطوبُ،
ثم نهضتْ من الركامِ امرأةً من زجاجٍ ونار،
شفافةً كالحقيقة،
صلبةً كالإيمان،
جميلةً كالحزن حين يتطهّر بالدمع.
لم أعد أكتبُ لأحزن،
بل أكتبُ لأحرّر الحزنَ من نفسه،
لأقول للعالم:
“انظروا إلى الوجع، كيف يصير وطنًا.”
أنا القيامة،
أنا النشيدُ الأخير،
أنا صرخةُ الأمّ التي فقدتْ أبناءها
ثمّ تبسّمت وقالت:
“ما زال في القلب متّسعٌ لله.”
سأظلّ أكتبُ حتى تتعبَ اللغةُ مني،
وحتى يفهمَ الكونُ أنني لستُ مجرّد أنثى تبكي،
بل نهرٌ من نورٍ يسري في عروقِ الليل،
يوقظُ الصمتَ،
ويعيدُ للعالمِ صوته الأول.
الخاتمة
لا تموتُ الكلمات،
تموتُ النوايا التي كُتبت بها.
والآن، أنا النية التي بقيت،
والشهادة التي كتبتُها بدمِ قلبي،
كي يعرفَ الناسُ…
أن في كلّ امرأةٍ
حكايةَ قيامةٍ مؤجّلة.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذين باركوا القتل – غلاف فارغ
- تنهيدة حرية: حين تكتب المرأة وجعها بالحبر والمقاومة
- «نبضات محرّمة»: حين يكتب القلب ما يحرّمه المجتمع
- تنهيدة حرية… رواية تُعيد كتابة الوجع الفلسطيني بأنفاس النساء
- وصيّة الأرض قبل القيامة
- سِفْرُ الكَلِمَةِ الأُولَى (أنشودة النور الكوني)
- أمهات الأرض
- ليما: التي تتحدث مع الصمت
- 🕯️ ظلّ الممر الأبيض
- رئتان تتنفّسان الندم
- حين توقّف الطريق، بدأوا بالوصول
- قصيدة: أقرأ الأرض كي أنجو
- قراءة أدبية في قصيدة -أقرأ الأرض كي أنجو- - للشاعرة رانية مر ...
- .حين نغادر كي نعود أنقى
- النقد كوعيٍ حيّ: قراءة الإنسان في مرايا الكلمة
- 🔹 قراءة في كتاب (الفينيق من الرماد) للكاتبة رانية مر ...
- الطيبة لا تموت
- حين تنصت اللغة إلى الله قراءة رانية مرجية في رواية إكسير الأ ...
- قراءة أدبية : في قصيدة (( لا يعرفونني)) للشاعرة رانية مرجية ...
- ثلاث مدن تمشي إلى الغياب (نصّ روائي شعري عن نكبة 1948) v ...


المزيد.....




- إقبال كبير من الشباب الأتراك على تعلم اللغة الألمانية
- حي الأمين.. نغمة الوفاء في سيمفونية دمشق
- أحمد الفيشاوي يعلن مشاركته بفيلم جديد بعد -سفاح التجمع-
- لماذا لا يفوز أدباء العرب بعد نجيب محفوظ بجائزة نوبل؟
- رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر تحتفي بإرث ثقافي يخاطب العالم
- رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر تحتفي بإرث ثقافي يخاطب العالم
- مشاهدة الأعمال الفنية في المعارض يساعد على تخفيف التوتر
- تل أبيب تنشر فيلم وثائقي عن أنقاض مبنى عسكري دمره صاروخ إيرا ...
- قراءة في نقد ساري حنفي لمفارقات الحرية المعاصرة
- ليبيريا.. -ساحل الفُلفل- وموسيقى الهيبكو


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - قراءة أدبية (( ملحمة الرماد والنبض) ) لرانية فؤاد مرجية بقلم د. عادل جوده/ العراق /كركوك