رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات
(Rania Marjieh)
الحوار المتمدن-العدد: 8502 - 2025 / 10 / 21 - 12:13
المحور:
الادب والفن
نغادرُ،
حين يصير البقاءُ وجهًا آخرَ للغياب،
وحين يغدو الصمتُ أصدقَ من كلِّ حوار.
نغادر،
لا لأننا كرهنا،
بل لأن الحبَّ الذي لا يُحرِّرُنا،
يأكلُنا ببطءٍ،
كما تأكلُ النارُ الورقَ وهي تضيءُه.
نغادرُ كي نُنقِّي أرواحنا من التعلّق،
من فكرةِ أنَّ الآخرين خلاصُنا،
ونكتشفُ أنَّ الخلاصَ يبدأُ حين نقول:
كفى.
نغادر،
فنُصبحُ خفيفينَ كالغيم،
نمشي على الذاكرةِ دون أن نتركَ أثرًا،
نغفرُ للوجعِ لأنَّه علَّمنا،
ونشكرُ الفقدَ لأنَّهُ دلَّنا على أنفسِنا.
في الغياب،
نلتقي بأصواتِنا الأولى،
بوجوهِنا قبلَ أن تُرهقها المرايا،
وبقلوبِنا حين كانت تُحبُّ بلا خوف.
الغيابُ ليس فراغًا،
إنَّهُ مسافةٌ ليتنفّسَ القلبُ بعيدًا عن قيدِ الأمنيات.
إنَّهُ صلاةٌ طويلةٌ دون كلمات،
واعترافٌ صامتٌ بأنَّنا كبرنا.
نعودُ بعد الغيابِ كمن خرجَ من الضوء،
نعودُ بأجنحةٍ من صفحٍ،
وبقلبٍ يعرفُ أنَّ السلامَ لا يُؤخذُ من أحد،
بل يُزرعُ في الداخلِ حين نكفُّ عن المطالبة.
نعودُ،
وقد صارت الدموعُ ماءَ حكمة،
وصارَ الوجعُ بابًا،
وصارت النهاياتُ مجرَّدَ شكلٍ آخرَ للبدء.
نعودُ أنقى،
لأننا احترقنا دون أن نصرخ،
وغفرنا دون أن نُعلن،
ومضينا دون أن ننسى.
نعودُ لأننا عرفنا،
أنَّ الطريقَ الحقيقيّ ليس إلى أحد،
بل إلى أنفسنا.
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
Rania_Marjieh#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟