أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - قراءة في قصيدة ما بين أوتار المكابرة … ، للمحامية عائشة يونس ،















المزيد.....

قراءة في قصيدة ما بين أوتار المكابرة … ، للمحامية عائشة يونس ،


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8498 - 2025 / 10 / 17 - 13:42
المحور: الادب والفن
    


في هذه القصيدة المبهرة، تتجلّى الإنسانية في ذروة ضعفها وكبريائها معًا؛ صوت الضرير هنا ليس صوت عجزٍ، بل نبوءة بصيرةٍ ترى ما لا تراه العيون.

البصيرة قبل البصر

تبدأ القصيدة من مفارقة مدهشة:

“ضريرٌ.. ضريرٌ أنا أُجاهد الخطى”
فالعمى ليس فقدان الرؤية، بل تحوّلها.
العكازُ في يد الشاعر ليس سندًا جسديًّا، بل رمزُ إرادةٍ تتحدى الإعاقات.
كأن الشاعرة تقول إن النور الحقيقيّ يسكن الداخل، لا الأفق.

كبرياء الانكسار

عائشة يونس لا تكتب لتُرثي، بل لتُقاوم.
حين تقول:

“فما كنت أرجو عود مشيٍ مساعدًا”
فهي تُعلن تمرّدها على العجز، وتُعيد تعريف القوة:
القوة ليست في الجسد، بل في الحرف الذي يُجلد الألم ولا ينكسر أمامه.
إنها تُكابر لتبقى، فالمكابرة هنا ليست غطرسة، بل سترُ كرامةٍ على وجعٍ عميق.

الشعر كجسر بين الألم والكرامة

في مقاطعها الوسطى، يتكثف المعنى:
القصيدة تتحوّل إلى حوارٍ بين القلب والظل، بين الغربة والذاكرة،

“كفيفٌ… ولكنّي بصيرٌ بحقّهم”
جملة تُغني عن مجلداتٍ من التجارب الإنسانية.
هي صلاة بصرية في معبد العتمة.

بين الوجع والرسوخ

في الختام، يعود الضرير ليعلن:

“باقٍ أنا، باقٍ أنا وإن ثار بركان”
هنا تبلغ القصيدة نضجها، كأنها ختمت سفرَ المقاومة الإنساني.
البقاء ليس تحديًا للقدر، بل تماهٍ معه — أن نحيا رغم الألم، لا لأننا ننجو منه.

خاتمة

قصيدة «ما بين أوتار المكابرة…» ليست مجرّد بوحٍ شخصيّ، بل مرآة لروحٍ جماعيةٍ في مجتمعٍ يجلد المختلفين باسم القوة.
كتبتها عائشة يونس بصلابة أنثى تُحاور الجرح بلغة الذهب، وتؤنسن العمى حتى يصير نورًا.
هي قصيدة تُقرأ بالعقل، وتُشعر بالقلب، وتُحفظ بالوجدان.



ما بين أوتار المكابرة … – عائشة يونس

ضَريرٌ.. ضَريرٌ أَنا أُجاهِدُ الخطى * فَأُبطِئُ لِئلّا أَتَعَثَّرَ بِطُرُقاتي

أُسارِعُ خُطواتِ عُكّازي كَأَنّي دَليلُها * فَإِن ضَلَّتِ الأَقدامُ نَهجَ مَساري

آهِ لِزَماني ..الَّذي أَخضَعَني لِعودٍ * جَلَدتُ بِهِ يوما ساخِرَ رِيعاني

فَما كُنتُ أَرجو عودَ مَشيٍ مُساعِداً * وَمِن قَبلِهِم رافقت الدَّربَ قَبلَ سِفاري

فَلَستُ أَنا مَن يَحتاجُ عُكّازاً * لِطُرُقٍ رَسَمتُها بشفَقِ ألحاني

فَرَودَتهُ أَعيُنٌ مُبصِراتٌ رَأَينَهُ * وَما سَلَكوهُ مِثلَما في اِزدهاري

أَهيمُ بِزَمانٍ… قَد كَسَرتُ عَصاهُمُ * فَأَخضَعَني عَوداً بِقَهرٍ جساري

فَأَيُّ رَجاءٍ أَرتَجي مِن مُفارِقٍ * وَغَداً يَنطِقُ الأَبكَمُ في إِكباري

تَغاضَيتُ كيدهم رِفعَةً وَشَرَفاً * فَحَسِبوا العِزَّةَ جُحوداً وَإِنكار

فَلَو عَرَفوني حَقَّ مَعرِفَةٍ لَما * طَعَنوا جِيدي بِسيف غدارِ

تَعَمَّدتُ الصَّمتَ كَي لا تُدرِكَ آهاتِي*** فسَمعُ الأَصَمِّ أَنينَ فُقداني

كَفيفٌ …وَلَكِنّي بَصيرٌ بِحَقِّهِم * فَما خَدَعَني زَيفُهُم أَو شِعاري

كَصَبيٍّ …يَصقُلُ في الحَديدِ شَجاعَةً * وَيَغفو عَلى حُلمٍ عَتيٍّ بَعيدِ المَزارِ

أَسئِلَةٌ فاضَت بِصَدرِهِ فَأَسَرَّها * عَصِيٌّ هُوَ يُنافِسُ غَسَقَ المَرارِ

يُجاوِرُ بُؤساً في هَزالَةِ جَسَدِهِ * وَيُكابِدُ وَجداً في غَياهِبِ نارِ

فَيا رَأسَ صَبيٍّ غَزاهُ الشَّيبُ عَنوَةً * وَيا قَلب نَزفٍ في تَعَرّي أَسراري

وَيا عَقلَ حَيرى في مَتونِ إِدراكٍ * وَيا جل صَبرٍ في جَلالِ اِنكساري

فان قادت النيران جوفي مضرمة * باقٍ انا ، باقٍ انا وان ثار بركان فلا اهلع لهيبه والنار

باقٍ ..كَأرشيفٍ في ذاكِرَةِ قائِدٍ مِغوارِ ** كمثل رمح حربٍ أخفق بإذلالي

فمَن ظنَّ أنّي لِلرَّفاهِ عاشِقٌ ***خَسِئَ ظَنٌّ لا يَسكُنُ افكاري

فَيا زَهيدَ التَّجارب تَمَتَّع في جَهلِكَ * فَمَن سِواكَ يَلوذُ بِالفِرارِ

واَيا جاهِلَ المَعنى عِش في صَبابَةٍ * فَمَن غَيرُكَ يَنولُ فُتونَ الحَياةِ

عَصَيتُ في العُمرِ مَرَّةً وَمَرارَةً * وَحارَبتُ القِلَّةَ لِأَستَبيحَ مَقامي

خَطيبٌ …أُحاوِرُ النّاسَ بِقُدرَتي * وَأُنافِسُ الشَّحيحَ عَلى رِهانِ اِضمِحلالي

مُخفِقٌ مَن حَسِبَ الحُبَّ حَلاوَةً * وَالدَّمعُ هَطّالٌ عَلَيهِ مُستَباحِ

ضَميرٌ… باتَ في الأَرحامِ غائِباً * وَلِلرّوحِ فَلَذاتٌ كَسَتها الجِراحِ

وأَسيرٌ مَن قَلبُهُ لِلغَيرِ مُستَعبَداً * وَما نابَهُ مِن لَوعَةِ الاِنتِظارِ

عَتيقٌ أَنا في الهَوى يا صاحِبي * وَالعَلقَمُ كَأسٌ اِعتادَتهُ أَوتاري

أُكابِرُ يا صَحبي… فَهَمٌّ وَسَلَّني ما بَني * لَعَلّي في أَكنافِكَ أُريحُ مُقلَتي

طَريدٌ لآلامي عِشتُ دَهرًا مَلوَّعاً * وَما رَفَّت جَفنُ مَرءٍ لِأَسقامي

فَالسُّمُّ في غَيرِ المَرءِ لا يَقتُلُ إِلّا صاحِبَهُ * وَإِن تَوَغَّلَ في الجَسَدِ فَلا حتى يُمهِلُهُ

فَلَو فَرَّ وَرَقٌ خَريفي هارِباً * لَبَقِيتُ في أَحزاني هائِما

وحَلِمتُ أَنّي لِلعَدوِّ الخَفيِّ مَدَدتُ يدي*** ورَأَيتُ أَنَّهُ في عَزائي شامِتا

كَمَا وَأَنَّي لَم أَنتَشِلْهُ في ضيقه * وَقَلبي لأنينه راعِشاً

فَهَل سَأَندَمُ دَهري يَومَا * مِثلِكَ يا بَراقِشا!

أَيا قاضِيَ الخَفاءِ أَنصِفني مَرَّةً * عَجِبتُ مِن عُمرٍ لِسِرِّهِ فَناء!

سَرَقتُ حُروفَ القافِيَةِ طَوعاً * فَمالي اليَومَ لا أُجيدُ الاِتّكاء!

فَإِن صَمَتَت كَلِماتي لِتَعسُفٍ * فَلا تَحسَبني صامت عاجز مضام

فإن جار الزَّمانُ على المرء لبرهة*** يأبى الكلام نطِقا ويعلن الاستسلام

عجبي لصبر قلب لالمه سكرات***نال منه الاسى في حجر الملام

فَما أَخَذَهُ الخَريفُ يَبقى في الفُؤادِ عالِقاً * فَلا شَيءَ يَمحُو أَثَرَ الآلامِ

لَعُمري ما شَهِدتُ وَجعاً نَسِيَهُ الزَّمانُ * وَالجُرحُ باقٍ نَبضُهُ في الفُؤادِ

فَلِلظُّلمِ سُبُلٌ أَقصاها عِنادٌ * وَالحَقيقَةُ واحِدَةٌ وَلَها الشَّهاد

فَهَل اليَومَ خَدَعَكَ ما قَد دُوِّنَ بِالرَّصاصِ؟ * أَخْبَرتُكَ يا صاحِبي وَالجُروحُ قِصاصٌ!

– عائشة يونس محامية من عرعرة وتكتب الشعر
القصيدة أعلاه من نظمِها وألقتها يوم السبت 11.10.2025 في اليوم الدراسي عن الشعر العربي والمحلي في عارة عرعرة

يوم دراسي عارة عرعرة



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنشودة مريم والنور
- الذين يبيعون الظل
- رواية- الخاصرة الرخوة- أنوثةٌ تُجلد باسم الطهارة ووطنٌ يُستب ...
- “أنشودة الإنجيل الأخير”
- وجهُ الذاكرةِ… حين تكتب حياة قالوش بمداد الحنين
- ‏قراءة ادبية في : ‏كتاب بعنوان -الرملة ٤٠٠ ...
- قراءة وجدانية فلسفية في ديوان «صبا الروح» للشاعرة سلمى جبران
- قراءة ادبية تحليلية في نص الفرح في حضرة الأم الغائبة للكاتبة ...
- ملحمة الندى والنار قصيدة وجدانية ملحمية
- الفرح في حضرة الأم الغائبة
- قراءة وارفة في ديوان «أنّات وطن» للشاعرة سلمى جبران ✦
- الإنسان يبكي ثم يرى
- قراءة في كتاب طفل الطيف رحلة في الحب والمعنى -بقلم الدكتور ع ...
- الوبش… حين يمرض المعنى ويغدو الجسد مرآة الوعي قراءة فلسفية ع ...
- 🕊️ توجيه المجموعات ثنائية اللغة في ظل الأزمات
- ذات مرة في غزة.. حين يصبح الوجع ذاكرةً جماعيةً للنجاة فيلم ف ...
- ‏قراءة أدبية في رواية -وجوه ناقصة- لرانية مرجية بقلم الدكتور ...
- قراءة أدبية في قصيدة -القصيدة التي تشبه شاعرها- لرانية مرجية ...
- دراسة أدبية لكتاب هلوسة للكاتبة رانية مرجية //بقلم الدكتور ع ...
- دراسة تحليلية لكتاب -كن أفضل صديق لنفسك: سفر الروح في مواجهة ...


المزيد.....




- نظْم -الغزوات- للبدوي.. وثنائية الإبداع الأدبي والوصف الملحم ...
- خالد الحلّي : أَحْلَامٌ دَاخِلَ حُلْمٍ
- النجمات العربيات يتألقن على السجادة الحمراء في حفل افتتاح مه ...
- كتارا تكرّم الفائزين بجوائز الرواية العربية في دورتها الـ11 ...
- انطلاق الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي وسط رسائل إ ...
- منة شلبي تتعرض لموقف محرج خلال تكريمها في -الجونة السينمائي- ...
- معرض الرياض للكتاب يكشف ملامح التحوّل الثقافي السعودي
- كتارا تطلق مسابقة جديدة لتحويل الروايات إلى أفلام باستخدام ا ...
- منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة تحتفي بأسبوع ...
- اختيار أفضل كلمة في اللغة السويدية


المزيد.....

- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - قراءة في قصيدة ما بين أوتار المكابرة … ، للمحامية عائشة يونس ،