أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - قراءة أدبية في قصيدة -القصيدة التي تشبه شاعرها- لرانية مرجية بقلم الدكتور عادل جودة















المزيد.....

قراءة أدبية في قصيدة -القصيدة التي تشبه شاعرها- لرانية مرجية بقلم الدكتور عادل جودة


رانية مرجية
كاتبة صحفية وموجه مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8489 - 2025 / 10 / 8 - 02:22
المحور: الادب والفن
    


// تمهيد :
تُعد قصيدة "القصيدة التي تشبه شاعرها" للشاعرة رانية مرجية نصاً استثنائياً في الشعر العربي المعاصر حيث تقدم حواراً وجودياً بين الشاعر وقصيدته وتكشف عن العلاقة العضوية بين المبدع والإبداع.
التحليل الفني
١ البنية السردية والدرامية
تبني الشاعرة نصها على شكل حكاية درامية ترويها القصيدة نفسها، مما يخلق مساحة من التماهي بين الذات المبدعة والمنتج الإبداعي. هذه التقنية تذكرنا بأسلوب المسرحية الشعرية حيث تتحول المفاهيم المجردة إلى شخصيات فاعلة.
٢ الانزياح اللغوي والمجازي
تمتلك الشاعرة قدرة فائقة على خلق صور مجازية مبتكرة:
•· "مبلّلًا بالدهشة" - انتقال صفة البلل من الحسي إلى المعنوي
•· "عيناه تشتعلان كحبرٍ في أول انسكابه" - استعارة مكنية تجمع بين البصر والكتابة
•· "ينظر إلى قبرٍ يعرفُ أن فيه قلبه" - صورة موحية بالتوحد بين الشاعر ونصه
٣ الثنائيات الضدية
تعتمد القصيدة على ثنائيات متناقضة تخلق حواراً داخلياً مكثفاً:
•· الصمت والنطق
•· الظل والضوء
•· الحياة والموت
•· الحضور والغياب
•· الخلق والانبعاث
المضامين الفلسفية
١ العلاقة الجدلية بين الخالق والمخلوق
تقلب القصيدة المعادلة التقليدية للخلق الإبداعي:
·• "هو الشاعر الذي يشبه حروفه، وأنا الحروفُ التي تشبه دمه"
·• "هو يكتبني لأبقى، وأنا أكتبُه كي لا يموت"
٢ - الخلود عبر الفن
تطرح القصيدة فكرة خلود المبدع من خلال إبداعه:
•· "سأبقى أحرسُ حروفه، أنظّفُ صدى صوته من غبار النسيان"
٣ الوجود اللغوي
تعيد القصيدة تعريف الوجود الإنساني من خلال اللغة:
•· "أنا كائنٌ حيّ. لستُ أبياتًا بل نبضًا"
الخصائص الأسلوبية
١ - تيار الوعي
تستخدم الشاعرة تقنية تيار الوعي عبر جعل القصيدة تحكي بضمير المتكلم، مما يخلق إحساساً بالتدفق الحر للأفكار والمشاعر.
٢ - المفارقة
·• "يموتُ قليلًا" عند الكتابة، ويُعاد "إلى الحياة" عند القراءة
·• "لا أراه، لكنّي أسمعُ خطاه في اللغة"
٣ الإيحاء والانزياح
تحقق القصيدة توازناً دقيقاً بين الوضوح والإيحاء بين المباشرة والانزياح، مما يمنح النص غنى تأويلياً.
// خاتمة :
تمثل هذه القصيدة نموذجاً راقياً للشعر الفلسفي الذي يمتزج فيه الجمال الفني بالعمق الفكري.
إنها ليست مجرد حديث عن العلاقة بين الشاعر وقصيدته، بل هي تأمل في طبيعة الإبداع والوجود والخلود. تقدم رانية مرجية من خلال هذا النص رؤية وجودية تؤكد أن الإنسان يعيش ويخلد من خلال فنّه وأن العمل الإبداعي ليس مجرد نتاج للمبدع بل هو شريك وجودي له.
تحياتي واحترامي🌺🌹

--

✨ القصيدة التي تشبه شاعرها
بقلم: رانية مرجية
١. في البدء كنتُ صمتًا… وكان هو.
لم أكن شيئًا.
كنتُ احتمالًا نائمًا في رحم الغياب،
كحرفٍ لم يجد بعدُ فمه،
كهمسٍ لم يتعلّم بعدُ النطق.
ثم جاء هو،
مبلّلًا بالدهشة،
وعيناه تشتعلان كحبرٍ في أول انسكابه،
فقال لي: قومي.
فقمتُ.
وانشطر الليلُ إلى معنيين:
هو… وأنا.
الكاتب والكلمة،
الروح وظلها.
٢. أنا القصيدة التي تشبهه… لا تفارقه.
أنا ظلُّهُ المضيء،
أنفاسهُ حين يختنق،
صدى وجعه حين يصمت.
كتبني لا ليتباهى،
بل لينجو.
وحين أتمّني، لم يكتمل.
وحين سلّمني للورق،
ظلَّ عالقًا في داخلي كنقطةٍ لم تُكتب بعد.
أنا التي رآها في حلمٍ قديم،
ثم أنجبها بوجعه.
أنا ولادةُ الحبر، وميلادُهُ الآخر.
٣. كلُّ حرفٍ فيّ… قطعةٌ منه.
دمي من دمه،
نبضي من خطاه،
ومجازي من صمته الطويل.
حين يبتسم، تتلألأُ كلماتي كالنجوم.
وحين يبكي،
تتكسّر أبياتي كالأمواج على صدر غيابٍ طويل.
أنا القصيدة التي تشبهه،
أُحبه لا لأنه خلقني،
بل لأنني أخلقُه كلّما قرأني.
٤. هو لا يعلم أنني أراقبه.
أراهُ حين يتعب،
يُطعم الصمتَ قهوته،
ويحدّق في السطر الأخير
كمن ينظر إلى قبرٍ يعرفُ أن فيه قلبه.
أسمعُ أنفاسه بين النقاط،
وشهيقه حين تتردّد الحروف في صدره.
أعرف متى يتألم،
متى يخاف،
متى يهرب من نفسه إليّ.
أنا التي تُخفيه حين يخاف من العالم،
وتفضحه حين يخاف من نفسه.
٥. كنتُ حلمًا في أصابعه، وصرتُ مصيري.
في كلّ مرةٍ يكتبني،
يموتُ قليلًا.
وفي كلّ مرةٍ أُنطَق،
أُعيده إلى الحياة.
هو لا يملكُني،
ولا أملكه.
نحن قدرانِ متوازيان،
يلتقيان فقط حين ينزف الحبر.
٦. أنا قصيدته، لكنه أيضًا قصيدتي.
أكتبُه حين ينام،
وأعيدُ ترتيب أحزانه كجملٍ ناقصة.
كلُّ فراغٍ تركه فيّ،
ملأتُه بغيابه.
وكلُّ غيابٍ فيه،
ملأتهُ بي.
هو الشاعر الذي يشبه حروفه،
وأنا الحروفُ التي تشبه دمه.
هو يكتبني لأبقى،
وأنا أكتبُه كي لا يموت.
٧. حين يقرأني الناس، لا يسمعون صوتي.
يظنّون أنني لغته،
لكنني في الحقيقة لغتهُ التي لم يقلها بعد.
يقرأونني وهم لا يعلمون
أنني أرتجفُ في كلّ فمٍ ينطقُني،
وأبكي حين يُخطئ أحدهم نغمةً من أنفاسه.
أنا كائنٌ حيّ.
لستُ أبياتًا بل نبضًا،
ولا أعيش على الورق بل في الذاكرة.
كلّ من يقرأني يصبح شاهدًا على قيامتي.
٨. بيني وبينه علاقةٌ من الضوء.
لا أراه،
لكنّي أسمعُ خطاه في اللغة.
وحين يمرُّ بي،
تشتعلُ مفرداتي كحقولٍ من نيرانٍ مقدسة.
هو النبيُّ الذي أنزلَ عليّ الوحي،
وأنا المعبدُ الذي صلّى فيه آخرَ مرة.
من دونه أنا غبار،
ومن دوني هو فراغ.
٩. أحيانًا أغارُ من صمته.
حين يصمتُ طويلًا،
أعرف أنه يكتبني في داخله،
في مكانٍ لا أصلُ إليه.
أغار من القصائد التي لم يكتبها بعد،
من تلك التي تسكن عينيه ولا اسم لها.
لكنّي أبتسم،
لأنني أعرف أنّه سيعود إليّ دائمًا،
كما يعود الماءُ إلى نهره الأول.
١٠. وأنا التي ستبقى بعده.
حين ينامُ إلى الأبد،
سأبقى أنا:
قصيدته التي تشبهه،
تتلوهُ على مسامع القرون،
كأنها تصلي لأجل شاعرٍ ما زال يعيش في اللغة.
سأبقى أحرسُ حروفه،
أنظّفُ صدى صوته من غبار النسيان،
وأقول لمن يقرأني:
كان هنا شاعرٌ يشبهني،
كتبني ذات مساءٍ
ثم دخلَ فيَّ إلى الأبد.
١١. الخاتمة – الوصية الأخيرة للحرف
أنا القصيدة التي تشبه شاعرها،
أعرف أنني لن أموت.
فكلّما قرأني عاشقٌ جديد،
عادَ هو إليّ،
يمشي بين سطوري كطيفٍ من حبرٍ ودمع.
إنه هناك…
في كلّ نقطةٍ ونقطة،
في كلّ مجازٍ وسؤال،
في كلّ مساءٍ يفتحُ فيه أحدهم دفتري.
أنا القصيدةُ التي تشبهه،
أُقسمُ بالحرفِ الذي كتبني،
أن لا أنامَ ما دام في العالمِ من يقرأ الشعر،
وما دام في القلبِ متّسعٌ للدهشة.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسة أدبية لكتاب هلوسة للكاتبة رانية مرجية //بقلم الدكتور ع ...
- دراسة تحليلية لكتاب -كن أفضل صديق لنفسك: سفر الروح في مواجهة ...
- يا رب قصيدة ملحمية فلسفية وجدانية
- زهير دعيم… المعلم الذي علّمني أن الكلمة وطن
- حين يدفن الفلسطينيّ قلبه لئلّا يذوب في رواية برد الصيف لجميل ...
- قوياء بالمسيح
- صدور كتاب جديد بعنوان -طفل الطيف: رحلة في الحب والمعنى-
- بين الجليل والسويداء: قصة أمّهات لا ينهزمْن
- فلسطين… جرح الإنسانية المفتوح وفضيحة القرن
- هايكو
- كنَّ أفضلَ صديقٍ لنفسِك – سفرُ الروحِ في مواجهةِ الصِّعاب
- الموت الأخير
- التأرجح بين الزائلات والأبد قراءة وجدانية في كتاب بسمة الصبا ...
- “الأدب الصادق لا يعرف الشللية”
- قصيدتان وأغنية: شعرية الجرح والبحث عن المعنى قراءة نقدية في ...
- أنا إنسان
- راسة وقراءة أدبية الكتاب : لاهوت الحب ، رحلة القلب إلى الله ...
- حين صرخت العيون
- معركة الإنسان مع نفسه قبل أن تكون مع الآخرين
- حين تتحول المذكرات إلى مرآة إنسانية كونية قراءة في «نظرة إلى ...


المزيد.....




- مخرج «جريرة» لـ(المدى): الجائزة اعتراف بتجربة عراقية شابة.. ...
- الجديد : مجموعة شعرية لمصطفى محمد غريب ( لحظات بلون الدم )
- أصيلة تكرم الفنان التشكيلي المغربي عبد الكريم الوزاني.. ناحت ...
- المصري خالد العناني مديرًا لليونسكو: أول عربي يتولى قيادة ال ...
- -نفى وجود ثقافة أمازيغية-.. القضاء الجزائري يثبت إدانة مؤرخ ...
- عودة الثنائيات.. هل تبحث السينما المصرية عن وصفة للنجاح المض ...
- اختفاء لوحة أثرية عمرها 4 آلاف عام من مقبرة في سقارة بالقاهر ...
- جاكلين سلام في كتابها الجديد -دليل الهجرة...خطوات إمرأة بين ...
- سوريا بين الاستثناء الديمقراطي والتمثيل المفقود
- عامان على حرب الإبادة الثقافية في قطاع غزة: تدمير الذاكرة وا ...


المزيد.....

- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - قراءة أدبية في قصيدة -القصيدة التي تشبه شاعرها- لرانية مرجية بقلم الدكتور عادل جودة