أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - حين تتحول المذكرات إلى مرآة إنسانية كونية قراءة في «نظرة إلى الإمام – مذكرات (ج2)» لكاظم حسن سعيد














المزيد.....

حين تتحول المذكرات إلى مرآة إنسانية كونية قراءة في «نظرة إلى الإمام – مذكرات (ج2)» لكاظم حسن سعيد


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8478 - 2025 / 9 / 27 - 09:36
المحور: الادب والفن
    


مدخل: الكتابة ضد النسيان

الذاكرة ليست مخزنًا محايدًا، بل ساحة صراع بين الرغبة في النسيان وواجب الشهادة. حين يكتب كاظم حسن سعيد الجزء الثاني من «نظرة إلى الإمام»، فإنه لا يسرد ماضيه فحسب، بل يضعنا أمام فعل مقاومة مزدوجة: مقاومة محو الذات، ومقاومة محو الجماعة.

المذكرات هنا ليست رفاهية شخصية، بل ضرورة وجودية: كأن الكتابة هي الطريق الوحيد لحماية الكرامة من التبخر.


العنوان: ازدواجية «النظرة» و«الإمام»

العنوان ليس بريئًا:

النظرة: فعل قصير في الزمن، لكنه كثيف في الدلالة؛ رؤية تُنتج معنى، ومساءلة تكشف ضعف الإنسان وقوته.

الإمام: ليس فقط مرجعية روحية، بل رمز للسلطة الأخلاقية والاجتماعية التي تهيمن على المخيال الجمعي.



الجمع بينهما يحيل إلى سؤال أعمق: هل ننظر إلى الإمام كرمز مطلق يعلو فوق النقد، أم كإنسان يُعاد فهمه عبر التجربة؟ النص يقترح أن المقدس لا يكتمل إلا حين يُرى بعيون البشر.

البنية: فسيفساء الذاكرة



الجزء الثاني لا يُبنى على خط سردي تقليدي. بل هو فسيفساء وجدانية: لقطات، ومضات، تفاصيل يومية تتحول إلى إشارات كبرى.

غياب التسلسل الزمني الصارم يعكس حقيقة أن الذاكرة لا تُستدعى بترتيب الأحداث، بل بترتيب الجروح. كل ومضة تفتح بابًا على سؤال، وكل ذكرى تكشف هشاشة الذات أمام سلطة المكان والدين والعائلة.

الصوت السردي: الأنا المنكسرة التي تقول نحن



المؤلف يكتب بصوتٍ يتأرجح بين الأنا الفردية والنحن الجماعية.

هو لا يقدّم نفسه بطلاً، بل إنسانًا متردّدًا، مُثقلًا بالأسئلة. لكن هذه الهشاشة بالذات هي ما تمنح النص قوته: إنها تجعل القارئ يرى نفسه في مرآة الآخر.



إنها سيرة الذات التي تتحول إلى سيرة جيل: جيل عاش بين حلم الحرية وضغط السلطة، بين حرارة المقدس وبرودة الواقع.

المكان كشخصية ناطقة



المكان ليس ديكورًا. إنه شخصية موازية. الأزقة، المدارس، المقاهي، المجالس الدينية… كلها تتحرك في النص كما لو كانت كائنات حيّة، تُشكل النفوس وتفرض مصائرها.

بهذا يصبح المكان أرشيفًا وجدانيًا: يروي التاريخ بملمس الحجر ورائحة الطقوس أكثر مما يرويه بالوثائق.

الثيمات الكبرى

المقدس واليومي: النص لا يضع الدين في مواجهة الحياة، بل يُظهر كيف يتخللها، كيف يبني الأخلاق حينًا، ويكبّل الحرية حينًا آخر.

الكرامة والذاكرة: الكتابة فعل استعادة للكرامة، لأن الكرامة لا تُعطى، بل تُستردّ من النسيان.

السلطة والعائلة: يكشف النص التواطؤ الخفي بينهما: كيف تتحول العائلة أحيانًا إلى انعكاس للسلطة، وكيف يجد الفرد نفسه محاصرًا من جهتين.

التعليم والطبقة: يظهر التعليم كأفق للخلاص، لكنه يكشف في الوقت نفسه حدود المجتمع، ويعكس التفاوت الطبقي الذي لا يزول بالجهد الفردي وحده.

اللغة: صدق الاعتراف لا بريق البلاغة



لغة كاظم حسن سعيد مقتصدة، لكنها نارية. الجمل قصيرة، لكنها تترك أثرًا طويلاً.

إنها لغة لا تُحاول التجميل، بل تكشف الجرح كما هو. إنها لغة اعتراف لا استعراض، وهذا ما يمنحها قيمة إنسانية عالمية.

من الوثيقة إلى الفلسفة



رغم طابعه التوثيقي، فإن النص يفتح أسئلة فلسفية عميقة:

هل تُحررنا الذاكرة أم تُقيّدنا؟

هل تُكتب المذكرات لنشفى، أم لتشهد، أم لنُدين؟

هل يمكن لإنسان أن يرى ذاته بصدق مطلق وهو غارق فيها؟



هذه الأسئلة تجعل المذكرات تتجاوز إطارها الشخصي لتغدو تأملًا إنسانيًا في معنى الذاكرة والكرامة.

القيمة العالمية



ما يجعل هذا النص صالحًا للنشر في أفضل الصحف، هو أنه يقدّم من خلال تجربة محلية أسئلة كونية:

علاقة الفرد بالسلطة.

جدلية الإيمان والحرية.

معنى الكرامة الإنسانية.



إنه يذكّر بأن القضايا الكبرى للإنسان متشابهة، مهما اختلفت الأزمنة والأمكنة.

خاتمة: المرآة التي لا تجامل



في «نظرة إلى الإمام – مذكرات (ج2)» لا نجد بطلاً يتباهى، بل إنسانًا يواجه مرآته دون أقنعة.

هذه الصراحة، وهذا التردد، وهذه الأسئلة التي لا تنتهي، هي ما تجعل النص وثيقة أدبية–إنسانية من الطراز الرفيع.

إنه يضع القارئ أمام حقيقة جوهرية: أن الكرامة تُصان بالذاكرة، والذاكرة لا تُصان إلا بالكتابة



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة أدبية لكتاب (بين الخطوة والنجمة) للكاتبة رانية فؤاد مر ...
- الكتابة كقدرٍ يبتلع صاحبه: قراءة في نص “بسمة الصباح”
- الطيبة بلا عقل نار تلتهم صاحبها
- من الانطباع إلى التحليل: رحلة سامية عرموش مع السينما كأداة ل ...
- ✦ الصراع… جرح البشرية الأزلي وإمكانية الخلاص
- قراءة أدبية في قصيدة -رسائل إلى غَيْدي- بقلم الناقد والدكتور ...
- عندما أموت
- دراسة في رواية -الانفجار- – للكاتبة الفلسطينية رانية مرجية ب ...
- كلما زادت معرفتي للبشر… زاد احترامي للكلاب
- قراءة نقدية لقصة انتقام الصمت للاديبة بسمة الصباح
- إلى الأديب والصحفي العراقي كاظم حسن سعيد
- البعد النفسي والوجداني في الكتابة: دراسة تحليلية
- أتعبنا النفاق
- حكايات إنسانية
- جميل السلحوت: بين التوثيق والخيال الروائي – دراسة نقدية في ج ...
- قراءة ادبية لرواية -جسد الطوائف- ‏للكاتبة -رانية مرجية- ‏بقل ...
- في حضرة الجرح: اعترافات موجِّهة وإعلامية بين الفلسطيني والإس ...
- قراءة ادبية لرواية -جسد الطوائف- ‏للكاتبة -رانية مرجية- ‏ ‏- ...
- ‏قراءة أدبية في رواية -حبوب نفسية- للكاتبة رانية مرجية بقلم ...
- ابنة الزيتون التي جعلت من الألم قصيدة


المزيد.....




- سينمائيون إسبان يوقعون بيانًا لدعم فلسطين ويتظاهرون تنديدا ب ...
- وفاة الفنانة التركية غُللو بعد سقوطها من شرفة منزلها
- ديمة قندلفت تتألق بالقفطان الجزائري في مهرجان عنابة السينمائ ...
- خطيب جمعة طهران: مستوى التمثيل الإيراني العالمي يتحسن
- أعداء الظاهر وشركاء الخفاء.. حكاية تحالفات الشركات العالمية ...
- طريق الحرير.. القصة الكاملة لأروع فصل في تاريخ الثقافة العال ...
- جواد غلوم: ابنة أوروك
- مظاهرة بإقليم الباسك شمالي إسبانيا تزامنا مع عرض فيلم -صوت ه ...
- ابتكار غير مسبوق في عالم الفن.. قناع يرمّم اللوحات المتضررة ...
- طبيبة تمنح مسنة لحظة حنين بنغمةٍ عربية، فهل تُكمل الموسيقى م ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - حين تتحول المذكرات إلى مرآة إنسانية كونية قراءة في «نظرة إلى الإمام – مذكرات (ج2)» لكاظم حسن سعيد