أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - قراءة أدبية في قصيدة -رسائل إلى غَيْدي- بقلم الناقد والدكتور العراقي عادل جودة















المزيد.....

قراءة أدبية في قصيدة -رسائل إلى غَيْدي- بقلم الناقد والدكتور العراقي عادل جودة


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8475 - 2025 / 9 / 24 - 12:00
المحور: الادب والفن
    


تمثل القصيدة "رسائل إلى غَيْدي" للشاعرة رانية مرجية متتالية شعرية وجدانية تُصوِّر رحلة مواجهة مرض السرطان ليس كمعركة عدائية بل كمسيرة إنسانية عميقة لإعادة اكتشاف الذات والمحيط ومعنى الحياة. تستند القراءة إلى تحليل البنية والصور والأفكار.

أولاً: العنوان والبنية العامة

· العنوان "رسائل إلى غَيْدي": يحمل العنوان طابعًا حميميًا مباشرًا (نداء "غَيْدي")، ويوحي بالاتصال الشخصي العميق وكسر حاجز الوحدة الذي يفرضه المرض.
كلمة "رسائل" (بالجمع) تشير إلى استمرارية الحوار والدعم وليست مجرد قصيدة واحدة.
-· البنية المقطعية: القصيدة مبنية على سبعة مقاطع متتالية، كل مقطع يركز على جانب نفسي أو فلسفي مختلف من تجربة المرض، مما يخلق تأثيرًا تراكميًا يشبه فصول رواية أو مذكرات وجدانية.

ثانياً: تحليل المقاطع والصور الشعرية

١ الضيف الثقيل: إعادة تعريف المرض

-· الصورة المركزية: "ضيف اسمه السرطان". هذه الصورة مفصلية، فهي تستبدل صورة "العدو" المستهلكة بصورة "الضيف الثقيل" أو "الامتحان". هذا التحول الدلالي يخفف من حدة المواجهة وينقلها من حرب استنزاف إلى حالة من التعايش والتأمل.
-· المفارقة: بينما "يطرق جسدك كل يوم" (الفعل العنيف)، يكون الرد بـ "بابًا لا يُفتح إلا على الأمل".
هذه المفارقة تؤسس لثنائية الجسد/الروح التي ستتكرر في القصيدة.

٢ المرآة الصامتة: ثنائية المظهر والجوهر

-· الصورة المركزية: المرآة. المرآة التقليدية تعكس التغيرات الجسدية ("التعب"، "تغيّر الملامح")، لكن الشاعر يقدم "مرآة" بديلة هي نظرة الحب، التي ترى "جمالًا لا يلمسه المرض".
-· الفكرة الفلسفية: تأكيد أن "الجوهر لا ينكسر". المرض يصيب الغلاف الخارجي للإنسان، لكنه يعجز عن مسّ كينونته الداخلية.

٣ البحر والجزيرة: استعارة الصمود

-· الصورة المركزية: استعارة كاملة حيث الألم هو "مدّ البحر" الذي "يجتاح" و"يصرخ"، بينما المريض هو "الجزيرة الثابتة".
-· ديناميكية الصورة: تعبر عن طبيعة الألم المتراوحة بين الهجوم والانحسار. تكمن قوة الجزيرة في ثباتها، وليس في منع الأمواج من الاصطدام بها. هذه صورة واقعية عن التعايش مع الألم المزمن.

٤ مدرسة الصبر: تحويل المعاناة إلى معرفة

-· الصورة المركزية: "أنتَ معلمي في الصبر". هنا يقلب الشاعر الأدوار
فالمريض الذي يُفترض أن يكون متلقيًا للعطف، يصبح مصدرًا للتعلم ("مدرسة").
-· المفارقة البلاغية: "جسدك المثقل وروحك الخفيفة". التضاد بين "المثقل" و"الخفيفة" يلخص جوهر الرسالة:
ثقل الجسد لا يقيد خفة الروح بل قد يمنحها عمقًا جديدًا.

٥ مناجاة: البحث عن المعنى الديني

-· الحوار الداخلي: السؤال الوجودي الكلاسيكي "لماذا غَيْدي؟" يتم الإجابة عليه ليس بتفسير منطقي، بل بتأويل روحاني.
المرض هنا ليس عقابًا أو صدفة، بل هو وسيلة "ليحوّل الألم معنى"، ويصبح الوجع "صلاة تمشي على الأرض". هذا يضفي على المعاناة بُعدًا قدسيًا.

٦ الرفاق الجدد: اكتشاف جمال البشر

-· تحويل النظرة: لم يركز المرض على الجانب السلبي فحسب، بل كشف عن "أيادٍ بيضاء" ووجوه إنسانية لامعة (الممرضة "كأنها ملاك"، الصديق العائد).
المرض هنا يطهّر العلاقات ويظهر جوهرها الحقيقي.
-· التضخيم الشعري: الكلمة الصغيرة "تكبر في قلبك كأنها حياة جديدة". يظهر هذا مدى حساسية المشاعر وقوة التفاصيل البسيطة في أوقات الأزمات.

٧ - حين يبتسم الألم: الذروة الفلسفية

-· أقوى مفارقة في القصيدة: "صار الألم فيك وجهًا آخر للابتسامة". هذا لا يعني إنكار الألم، بل الاعتراف بقدرة الإنسان على احتوائه وتحويله إلى مصدر لقوة داخلية.
-· إعادة تعريف الموت: الخاتمة قوية وجريئة، حيث يتم تجاوز مفهوم الموت البيولوجي إلى "وصال أعظم"، مما يشير إلى فكرة الخلود الروحي أو الاتحاد مع قوة كونية أعلى، مما يزيل الرعب من فكرة النهاية.

ثالثاً: السمات الأسلوبية

١ اللغة: لغة شفافة، مباشرة ولكنها عميقة، تخلو من التعقيد اللفظي لصالح التأثير العاطفي والفكري.
٢ التكرار: تكرار نداء "غَيْدي" في بداية المقاطع يشبه الترديد في الصلاة، مما يعمق الإحساس بالمناجاة والوقوف إلى جانب المحبوب.
٣ الرمزية: استخدام رموز كونية واضحة (البحر، الجزيرة، المرآة) يجعل التجربة الشخصية قابلة للتعميم على كل إنسان يواجه محنة.

// الخاتمة :

"رسائل إلى غَيْدي" ليست قصيدة رثاء أو مواساة تقليدية بل هي سرد ملحمي مصغّر لانتصار الروح الإنسانية.
إنها تقدم فلسفة للحياة في مواجهة الموت حيث يصبح المرض مسارًا لاكتشاف قيم جديدة مثل الصبر والحب والجمال الخفي والإيمان.
القصيدة نجحت في تحويل قصة ألم شخصية إلى رسالة عالمية عن (المرونة والصمود) (إيجاد المعنى في المعاناة).

تحياتي واحترامي

رسائل إلى غَيْدي
بقلم رانية مرجية
✦ 1) الضيف الثقيل



غَيْدي…



يسكنك ضيف اسمه السرطان.



لا أسميه عدوّك، بل امتحانك.



يطرق جسدك كل يوم،



لكنني أرى في عينيك بابًا لا يُفتح إلا على الأمل.



✦ 2) المرآة الصامتة



أنظر إليك حين تتأمل وجهك في المرآة.



أعرف أنك ترى التعب،



لكنني أرى في عمقك جمالًا لا يلمسه المرض.



غَيْدي…



الملامح تتغيّر، أما الجوهر فلا ينكسر.



✦ 3) البحر والجزيرة



أراكَ حين يجتاحك الألم كمدّ البحر.



يتملكك، يصرخ بك.



لكن سرعان ما ينحسر،



وتبقى أنتَ الجزيرة الثابتة،



تُقاوم الموج ولا تُغرقك العواصف.



✦ 4) مدرسة الصبر



غَيْدي،



أنتَ معلمي في الصبر.



كل نفسٍ تأخذه،



كل صباح تنهض فيه،



هو درس لا يكتبه كتاب،



بل يكتبه جسدك المثقل وروحك الخفيفة.



✦ 5) مناجاة



أقول لله: “لماذا غَيْدي؟”



ثم أسمع صوتًا داخليًا يجيب:



“لأنه قادر على أن يحوّل الألم معنى،



ويجعل من الوجع صلاة تمشي على الأرض.”



✦ 6) الرفاق الجدد



السرطان لم يعرّفك فقط على الوجع،



بل على أيادٍ بيضاء.



ممرضة تمسح عرقك فتضيء كأنها ملاك،



وصديق يعود بعد غياب طويل ليقول لك كلمة صغيرة…



فتكبر في قلبك كأنها حياة جديدة.



✦ 7) حين يبتسم الألم



غَيْدي،



حتى إن كان هذا المرض ينهشك،



فهو لا يعرف كيف يطفئ نبضك.



لقد صار الألم فيك وجهًا آخر للابتسامة.



وأنا أتعلم منك أن النهاية ليست موتًا،



بل وصالٌ أعظم.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما أموت
- كلما زادت معرفتي للبشر… زاد احترامي للكلاب
- قراءة نقدية لقصة انتقام الصمت للاديبة بسمة الصباح
- إلى الأديب والصحفي العراقي كاظم حسن سعيد
- البعد النفسي والوجداني في الكتابة: دراسة تحليلية
- أتعبنا النفاق
- حكايات إنسانية
- جميل السلحوت: بين التوثيق والخيال الروائي – دراسة نقدية في ج ...
- قراءة ادبية لرواية -جسد الطوائف- ‏للكاتبة -رانية مرجية- ‏بقل ...
- في حضرة الجرح: اعترافات موجِّهة وإعلامية بين الفلسطيني والإس ...
- قراءة ادبية لرواية -جسد الطوائف- ‏للكاتبة -رانية مرجية- ‏ ‏- ...
- ‏قراءة أدبية في رواية -حبوب نفسية- للكاتبة رانية مرجية بقلم ...
- ابنة الزيتون التي جعلت من الألم قصيدة
- محمود البريكان بين العُزلة والتأمّل ، قراءة مُنمَّقة في كتاب ...
- قصة إنسان – سفر الثورة والخلود
- ذاكرة الموج
- صدور رواية “جسد الطوائف” للكاتبة رانية مرجية
- الفخ انكسر
- عندما بكى الله
- ديوان هايكو


المزيد.....




- رحيل الممثلة كلوديا كاردينالي عن 87 عاماً... -أجمل إيطالية ...
- توماس فوسين: لا معايير للشرعية السياسية والارتباط بالسلطة يت ...
- توماس فوسين: لا معايير للشرعية السياسية والارتباط بالسلطة يت ...
- -السينما الغامرة-.. كيف يعيد الذكاء الاصطناعي رسم تجربة المش ...
- رحيل أيقونة السينما الإيطالية كلوديا كاردينالي عن 87 عاماً
- صور لغزة في معرض بمدريد لـ-إيقاظ الضمائر-
- عرض كتاب.. الاعتداءات الإسرائيلية على الأحياء والقرى والبلدا ...
- برعاية وزارة الثقافة .. بلدية البيرة تنظم معرض -حروف تجوب ال ...
- قصائد تحتفي بأمجد ناصر وتعاين جرح غزة
- -أجمل إيطالية في تونس-... وفاة أيقونة السينما كلوديا كاردينا ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - قراءة أدبية في قصيدة -رسائل إلى غَيْدي- بقلم الناقد والدكتور العراقي عادل جودة