رانية مرجية
الحوار المتمدن-العدد: 8475 - 2025 / 9 / 24 - 00:25
المحور:
الادب والفن
عندما أموت، لا تجهّزوا جنازةٌ من كلماتٍ ثقيلةٍ،
بل نافذةً صغيرةً تتركونها مفتوحةً للضوءِ والهواءِ.
اتركوا فنجانَ قهوةٍ على طاولةٍ لم تُطوى صفحاتُها بعدُ،
وكتابًا مفتوحًا عندَ سطرٍ يُنتظرُ أن يُكملَهُ أحدُهم.
لا تصنعوا لي لافتاتٍ تترنّمُ بأسماءٍ تُغادرُ اللسانَ سريعًا،
اجعلوا اسمي همسًا في زاويةِ بيتٍ كان يضحكُ بأمانٍ،
ابتسامةٍ عابِرةٍ من خاطِرِ مارةٍ، لمسةُ يدٍ تُعيدُ ذاكَ الصباحَ،
هكذا أريدُ أن أعيشَ: مدفونةً في تفاصيلٍ لا تعرفها التواقيت.
ادفنوني حيثُ تُقاسُ الأماكنُ بالذكرياتِ لا بالأمتارِ،
في طائرٍ عبَرَ نافذتي، في أغنيةٍ توقّفت عند آخرِ بيتٍ،
في رائحةِ ترابٍ شربَهُ المطرُ نادرًا، في ظلِّ شجرةٍ علّمتني الثباتَ.
لا تجعلوا موتي محكمةً تدينُ الحياةَ، بل قصةً قصيرةً تحفظونها بالهدوء.
احكوا عني كما تُروى الشجرةُ: جذورٌ تمتدُّ في صمتٍ،
وفرُقٌ من ظلالٍ تُمنحُ من دونِ حسابٍ، وأوراقٌ تُعطي بلا مواعيد.
لا تبحثوا عن عظمٍ في سببٍ أو ذنبٍ في زمنٍ، فحياتي كانت هديةً صغيرةً،
فنجانينِ قُسموا، رسالةٌ لم تُرسل، وورقةٌ قلبت صفحةً فكان الحلمُ جديدًا.
عندما أموت، اتركوني في تفاصيلِكم الصغيرةِ، لا في المراثي الكبرى،
قبلةٌ على جبينِ طفلٍ، ضحكةٌ تفلتُ من وجهٍ بعد الأنينِ،
طيفٌ يمرُّ فوق صفحةِ قصةٍ، وردةٌ تُزرعُ بدلَ باقةٍ تُنسى.
هناك أريدُ أن أمشيَ معكم: أنفاسُ نورٍ تتسلّلُ من لُجَّةِ الكلمات.
فلتحنّوا على بعضِكم، فالفراقُ ليس ذريعةً لتوقّفِ العطاء،
قسِّموا الضحكاتِ كأنّما تُعطونَ خبزًا، وانثروا كلامًا طيّبًا كقشورِ شمسٍ.
ضعوا قلمي بين دفّتي كتابٍ لم أنهِهُ، أو اتركوا قصاصةً صغيرةً تحت وسادتي،
لتظلُّ خطواتي بجانبِكم، خفيفةً لا ثَقِيلةً، حضورًا يُنصتُ لبسيطِ الأشياء.
فليكن موتي حكايةً تُقرأُ صباحًا مع فنجانِ قهوةٍ دافئ،
ليس أنشودةَ يأسٍ، بل بسمةُ صباحٍ تذكّركم أن الأرواحَ لا تموتُ،
ما دامَ في العينِ من يهتمُّ، وما دامَ في الذاكرةِ من يسردُ الحكايةَ بلطفٍ
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟