رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات
(Rania Marjieh)
الحوار المتمدن-العدد: 8494 - 2025 / 10 / 13 - 11:58
المحور:
الادب والفن
يا ليلُ، خفِّف خُطاكا على جرحي؛
فالوجعُ ينامُ في صدري كطفلٍ بلا وسادة.
كم قبّلتُ وجهَ الفجر كي يهدأ قلبي،
لكنّ الصبحَ يمرُّ بي غريبًا،
لا يسأل: كيف عبرتُ هذا الليلَ الطويل؟
ولدتُ من غيمةٍ رفضت المطر،
ومن نجمةٍ تاهت في رحمِ اللهفة.
جئتُ بلا موعد،
وفي كفّي أولُ نداءٍ للضياع،
وآخرُ صرخةٍ للبَدء.
الفصل الثاني – الاغتراب المقدّس
في المدنِ التي تعلّمتُ فيها النسيان،
كان ظلّي يشبهني… ولا يشبهني.
تحاورني المرايا عن وجهٍ لا يعرفه أحد،
وتسألني الطرقات:
أأنتِ العائدةُ من التيه، أم التي لم تذهب أصلًا؟
أحملُ جُرحي كما يحملُ العابدُ مسبحته،
أعدّ به الأسماءَ التي خانتني،
وأبتسم،
لأنّ الخيانةَ أصدقُ من وعدٍ لا يأتي.
يا أنا،
يا كائنةً من طينٍ وضوء،
كيف لم تنكسري؟
كيف ظللتِ تغنّين في المقابر،
وتحوّلين الرمادَ إلى نبوءةٍ للحياة؟
الفصل الثالث – ثورة القلب
آنَ للعالم أن يُكتب بدمعي،
وللحزنِ أن يصيرَ بذرةً،
وللفقدِ أن يتحوّلَ قصيدة.
تعالوا، أيّها العابرونَ في ضبابِ الأيام،
انظروا كيف تصيرُ أنثى واحدة
مرآةً لكونٍ كامل؛
تتصدّع فتُزهِر،
وتنهارُ فتُعلِّمُ الجبالَ الثبات.
أنا نارٌ لا تُحرقُ إلّا لتُنير،
وماءٌ يغسلُ خطايا الغياب.
في كلّ دمعةٍ منّي ولادة،
وفي كلّ موتٍ عودة.
الفصل الرابع – القيامة في الضوء
أعودُ إلى ذاتي كما تعودُ الأرضُ إلى ربيعها.
أغسلُ الذاكرةَ بملح البحر،
وأكتبُ اسمي على جبينِ الأفق
كي لا ينسى الغيمُ أني كنت.
لم أطلب من الحياة وردًا بلا شوك،
ولا سماءً بلا برق؛
طلبتُ فقط أن أُحِبَّ حتى النهاية،
وأن أُضيءَ حتى الرمق الأخير.
فإن متُّ،
فلْتُنبتْ من رمادي امرأةٌ تُشبه الحلم؛
تضحكُ من قلبها كما تبكي،
وتكتبُ على الحجر:
لم تكن تروي الحكاية،
بل كانت هي الحكاية.
الفصل الخامس – نشيد الخلود
يا كونُ، مهلًا…
ها أنا أعودُ من عُمقِ العدم؛
على كتفيّ ليلُ البدايات،
وفي كفّي نورُ النهايات.
كنتُ رمادًا فصرتُ قمرًا من ضوء الذاكرة،
وكنتُ وجعًا فصرتُ وطنًا
لراحلينَ تَخفَّفوا من وجعهم.
أسمعُ خُطا الأيامِ من خلفي،
تتمتمُ بأغنيتي كأنها صلاة:
يا ابنةَ الغيم،
يا نارَ القصيدة حين يشتدُّ الشوق،
ويا ندى الأرض حين تبكي بشموخ.
لم أعدْ امرأةً فحسب؛
صرتُ نشيدًا من خيوطِ اللهفة،
ينسجه الوقتُ على نولِ الأبد.
كلُّ كلمةٍ نطقتُها
تحوّلتْ إلى نجمةٍ تهدي مَن يأتي بعدي.
الآن أفهم:
الخلودُ ليس بقاءَ الجسد،
بل بقاءُ الأثر؛
أن يقدرَ القلبُ أن يُحبَّ
حتى لو انطفأ،
وأن يُوقظَ الحلمُ الأجيالَ من سباتها.
يا ليلُ، انحسرْ؛ فقد صرتُ النورَ الذي كنتَ تخشاه.
ويا موتُ، تقدّمْ؛
أقبّلك على جبينك،
فقد صرتَ بوابةَ عبوري إلى الأبد.
وعلى صفحةِ الكون،
تُكتبُ الكلمةُ الأخيرة:
حملتِ النارَ في كفٍّ،
والندى في قلبٍ،
فصارتْ أسطورةً تُروى
كلّما وُلدتْ نجمة.
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
Rania_Marjieh#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟