أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رانية مرجية - ذات مرة في غزة.. حين يصبح الوجع ذاكرةً جماعيةً للنجاة فيلم فلسطيني يُعيد تعريف الحرب كحكايةٍ عن الإنسان والذاكرة والمقاومة














المزيد.....

ذات مرة في غزة.. حين يصبح الوجع ذاكرةً جماعيةً للنجاة فيلم فلسطيني يُعيد تعريف الحرب كحكايةٍ عن الإنسان والذاكرة والمقاومة


رانية مرجية
كاتبة صحفية وموجه مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8490 - 2025 / 10 / 9 - 00:29
المحور: القضية الفلسطينية
    


🕊️ عن الفيلم


العنوان: Once Upon a Time in Gaza

المخرج: محمد الجعبري

البلد: فلسطين – إنتاج 2025

النوع: دراما رمزية / واقعية شعرية

الجوائز: جائزة الإخراج في مهرجان كان 2025 – فئة Un Certain Regard



يحكي الفيلم قصة شابٍ يبحث عن صديقه المفقود بين أنقاض الحرب في غزة،

لكنّ الرحلة تتحوّل إلى بحثٍ عن الذات، عن الذاكرة، وعن المعنى في عالمٍ انهار من حوله.

🎞️ المقال


في عالمٍ يتحدث عن غزة كخبرٍ عابرٍ في نشرات المساء،

يأتي فيلم Once Upon a Time in Gaza كفعلٍ مضاد للنسيان،

كقصيدةٍ بصرية تُعيد للإنسان العربي — وللإنسان عمومًا — حقّه في الحلم وسط الركام.

الفيلم الذي أخرجه الفلسطيني محمد الجعبري لا يوثّق الحرب بقدر ما يؤنسنها،

ولا يسعى إلى فضح الجلاد فقط، بل إلى إنقاذ الضحية من أن تتحول إلى رقمٍ آخر في نشرةٍ دوليةٍ باردة.

الصورة كفعل نجاة


منذ اللقطة الأولى، يُدرك المشاهد أنه أمام سينما تُريد أن تُعيد تعريف الرؤية.

فالدمار هنا ليس خلفيةً للحكاية، بل هو الحكاية نفسها،

والمسافة بين الموت والحياة لا تتجاوز خطوةً،

لكنها الخطوة التي تميّز الإنسان عن الحطام.



يتتبع الفيلم رحلة شابٍّ يخرج من بين الأنقاض بحثًا عن صديقه،

لكنه في الحقيقة يبحث عن بقاياه هو: صوته، ملامحه، ذاكرته، وحقّه في أن يروي.

يُصوّر الجعبري غزة لا كمدينةٍ محاصرةٍ بالجدران، بل كـ حالةٍ من الوعي المتألم،

كفضاءٍ رمزيٍّ يختلط فيه الواقع بالحلم، والزمن بالديمومة،

حتى يبدو كل مشهد وكأنه يقول: ما زلنا هنا، نرى، ونُرى.



الكاميرا لا تُصوّر لتشهد، بل لتُقاوم.

إنها أداة نجاةٍ من الفناء،

وميضٌ صغير في ظلمةٍ كثيفة.

وهنا تتجلى عبقرية الفيلم: فحين يسقط العالم في صمته، تواصل الصورة الكلام.

الذاكرة كمقاومةٍ ضد المحو


كل لقطة في الفيلم تُعيد تعريف الزمن،

فالحاضر ليس سوى ماضٍ متجدّد،

وكل حجرٍ في غزة يحمل أثر بيتٍ، واسمًا، ووجهًا، وصوتًا.

حين يسير البطل بين الأنقاض،

لا يبحث عن جسد صديقه بقدر ما يبحث عن دليلٍ على أن الوجود ما زال ممكنًا.



الجعبري يجعل من المشي في الركام فعلًا فلسفيًا؛

فالنجاة ليست هروبًا من الموت،

بل وعيٌ به واستمرارٌ رغم حضوره الدائم.

بهذا المعنى، تتحول الذاكرة إلى أقوى أشكال المقاومة:

ذاكرةٌ ترفض أن تُمحى، وأن تتحول إلى خبرٍ يُنسى.

الواقعية الشعرية: لغة الجمال وسط الخراب


ينتمي Once Upon a Time in Gaza إلى ما يمكن تسميته بـ الواقعية الشعرية الموجعة.

لا يقدم الحرب بوصفها مادةً سياسية،

بل كـ اختبارٍ جمالي وأخلاقي لجوهر الإنسان.

العنوان ذاته يحمل مفارقةً مؤلمة:

“كان يا ما كان” — العبارة التي تبدأ بها الحكايات —

تصبح هنا نشيدًا للحكايات التي لم يُكتب لها أن تنتهي.

غزة في الفيلم ليست جغرافيا، بل ذاكرة كونية.

مدينةٌ تعيش في كلّ قلبٍ يعرف معنى الفقد،

وفي كل عينٍ رأت ما لا يجب أن يُرى.

الإنسان الفلسطيني كرمزٍ كوني


يقدّم الجعبري الإنسان الفلسطيني لا بوصفه ضحية، بل رمزًا للكرامة الإنسانية في وجه العدم.

الشخصيات بلا أسماء، كأنها رموز للإنسانية جمعاء.

كل وجهٍ يمكن أن يكون وجهَ أمٍّ فقدت، أو شابٍّ يحمل ذاكرته في حقيبةٍ صغيرة ويمضي.



إنه فيلم عن الكرامة أكثر مما هو عن الحرب،

وعن الجمال بوصفه آخر أشكال المقاومة الممكنة.

ففي كل لقطة، تتجلى إرادة الحياة — لا بوصفها شعارًا، بل كمعنى وجودي:

أن تواصل الحلم لأنك لا تملك سواه.

الفن والسياسة: الصمت الأكثر فصاحة


رغم حساسيته السياسية، يرفض الفيلم الخطاب المباشر.

إنه سياسي بإنسانيته، لا بشعاراته.

الجعبري يقدّم الفن كفعل مقاومةٍ ثقافية،

كوسيلةٍ لحفظ الذاكرة الفلسطينية خارج منطق الخبر العاجل.

في عالمٍ يختصر المأساة في إحصاءاتٍ،

يذكّرنا هذا الفيلم أن لكل رقمٍ وجهًا، ولكل شهيدٍ حكاية.

السينما هنا لا تطلب التعاطف، بل الاعتراف بالكرامة الإنسانية.

خاتمة: الحكاية التي لا تنتهي


Once Upon a Time in Gaza ليس فيلمًا عن الحرب فقط،

بل عن قدرة الإنسان على تحويل الحطام إلى معنى، والوجع إلى وعي، والموت إلى ذاكرةٍ للنجاة.

إنه عملٌ يضع المشاهد أمام مسؤوليته الأخلاقية:

أن يرى، وأن يتذكّر، وأن يرفض النسيان.



في مشهده الأخير، حين يختلط الأفق بالدخان،

تبدو غزة ككائنٍ أسطوريٍّ ينهض من رماده مرةً أخرى.

وحين تُغلق الشاشة، نُدرك أن الفيلم لم ينتهِ —

لأن الحكاية لم تنتهِ بعد.



في كل ركامٍ بيت، وفي كل بيتٍ ذاكرة،
وفي كل ذاكرةٍ وطنٌ يحاول أن يتنفّس.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ‏قراءة أدبية في رواية -وجوه ناقصة- لرانية مرجية بقلم الدكتور ...
- قراءة أدبية في قصيدة -القصيدة التي تشبه شاعرها- لرانية مرجية ...
- دراسة أدبية لكتاب هلوسة للكاتبة رانية مرجية //بقلم الدكتور ع ...
- دراسة تحليلية لكتاب -كن أفضل صديق لنفسك: سفر الروح في مواجهة ...
- يا رب قصيدة ملحمية فلسفية وجدانية
- زهير دعيم… المعلم الذي علّمني أن الكلمة وطن
- حين يدفن الفلسطينيّ قلبه لئلّا يذوب في رواية برد الصيف لجميل ...
- قوياء بالمسيح
- صدور كتاب جديد بعنوان -طفل الطيف: رحلة في الحب والمعنى-
- بين الجليل والسويداء: قصة أمّهات لا ينهزمْن
- فلسطين… جرح الإنسانية المفتوح وفضيحة القرن
- هايكو
- كنَّ أفضلَ صديقٍ لنفسِك – سفرُ الروحِ في مواجهةِ الصِّعاب
- الموت الأخير
- التأرجح بين الزائلات والأبد قراءة وجدانية في كتاب بسمة الصبا ...
- “الأدب الصادق لا يعرف الشللية”
- قصيدتان وأغنية: شعرية الجرح والبحث عن المعنى قراءة نقدية في ...
- أنا إنسان
- راسة وقراءة أدبية الكتاب : لاهوت الحب ، رحلة القلب إلى الله ...
- حين صرخت العيون


المزيد.....




- جيل زد يطيح بالحكومات، فهل تستطيع الاحتجاجات عبر مواقع التوا ...
- نيويورك تايمز تعيد تتبع مصير 700 غزي بعد عامين من الحرب: لا ...
- ترامب يلوّح بزيارة الشرق الأوسط نهاية الأسبوع .. هل اقترب ات ...
- إسبانيا: البرلمان يقر قانونا يحظر استيراد الأسلحة وتصديرها م ...
- بعد اعتقاله، تبرئة فضل شاكر؟
- فرنسا في دوامة الأزمات : هل ينجح ماكرون في تسمية رئيس جديد ل ...
- آبل تتخلى عن نظارات -فيجن برو- وتراهن على مستقبل النظارات ال ...
- شاهد.. أسباب تعادل قطر وعمان وفوز السعودية على إندونيسيا
- عاجل | الإخبارية السورية عن مصدر أمني: الفصائل المتمردة في ا ...
- هل المكملات الغذائية مجرد هدر للأموال؟.. خبراء يجيبون


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رانية مرجية - ذات مرة في غزة.. حين يصبح الوجع ذاكرةً جماعيةً للنجاة فيلم فلسطيني يُعيد تعريف الحرب كحكايةٍ عن الإنسان والذاكرة والمقاومة