أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - قراءة وجدانية فلسفية في ديوان «صبا الروح» للشاعرة سلمى جبران















المزيد.....

قراءة وجدانية فلسفية في ديوان «صبا الروح» للشاعرة سلمى جبران


رانية مرجية
كاتبة صحفية وموجه مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8495 - 2025 / 10 / 14 - 10:01
المحور: الادب والفن
    


1. الروح التي تكتب لا التي تُكتب عنها


حين أقرأ «صبا الروح»، أشعر أنني لا أقرأ كتابًا، بل أتنفّس إنسانًا.

هذا الديوان ليس مجموعة قصائد تتجاور على ورق؛ بل رحلة تطهير داخل الوعي،

رحلة أنثى عرفت الله من جرحها، وآمنت بأن الكتابة ليست فعلًا من الحبر، بل فعل خلاص.



في زمنٍ صار فيه الشعر صدىً باهتًا لصوتٍ ضاع في المرايا، تأتي سلمى جبران لتقول لنا:



“ما زالت الروح قادرة على الكلام.”


ديوانها يشبه مرآة من ضوءٍ ودمع؛ من يجرؤ على النظر فيها، لا يرى وجهه بل حقيقته.

كل قصيدة صلواتٌ صامتة، وكل بيتٍ طريق إلى النور.

2. الأنوثة التي تفكّر… لا التي تُستهلك


في «صبا الروح»، تتجلّى الأنوثة الفيلسوفة،

الأنوثة التي لا تطلب اعترافًا من العالم، بل تمنحه تعريفه الجديد للإنسان.

سلمى جبران لا تكتب كامرأةٍ تشتكي، بل كـ إنسانةٍ تفهم.

تُحاور الوجع كما يُحاور الحكيمُ النار، لتتعلم منها شكل الضوء.



“لستُ ظلًّا لرجولةٍ تستعير سطوتها من خوفي،
أنا النور الذي يراك حين تغمضُ وعيك.”


هكذا تكتب الشاعرة نفسها، لا لتعلن تمردًا، بل لتقيم سلامًا داخليًا.

فالتحرر عندها ليس صخبًا، بل وعيًا.

هي أنثى تصغي، تُحاور، تُسامح، وتغفر — لا لأنها ضعيفة، بل لأنها تملك اللغة التي لا يعرفها الضعف.

3. الحبّ كمعرفةٍ لا كضعف


يظنّ الناس أن الحبّ يُضعف الشعراء، لكن سلمى جبران تثبت العكس.

فالحبّ في ديوانها ليس حكاية، بل مختبر معرفة.

في قصائدها، لا نرى حبيبًا من لحم ودم، بل صوتًا وجوديًا، مرآةً عميقة ترى فيها الشاعرة نفسها.



“أحببتك لأرى نفسي، لا لأمتلكك.”


يا لها من جملةٍ تختصر تاريخ العشق بأكمله.

الحبّ عند سلمى ليس غياب عقل، بل يقظة روح.

ليس امتلاكًا لجسدٍ، بل اكتشافًا لسرّ الحياة.



في قصيدتها «وهم الرجولة»، تحطم برفقٍ أسطورة القوة،

فتكشف عن رجولةٍ أكثر إنسانية، رجولةٍ تعرف دمعتها ولا تخجل منها.



هنا الحبّ لا يُفرّق بين رجلٍ وامرأة، بل يجمعهما في مقام الإنسان الأول،

حيث لا تفاضل إلا بصدق القلب.

4. بين الله والإنسان… القصيدة جسر من صلاة


في قصائد مثل «عبث الوجود» و*«إضاءة داخلية»* و*«اللاشيء»*،

تدخل سلمى جبران في حوارٍ مدهشٍ مع الله — لا حوار العبد الراجف، بل حوار العارف الحائر.

تسأله كما تسأل الأمّ ابنها عن سبب وجعه، لا لتعاتبه، بل لتفهمه.



“أُحاور الله في داخلي…
أخاف أن يسمعني النور، فيفضح قلبي وهو يبتسم.”


إنها صلاة من طينٍ ونجوم، لا تُقال في مسجدٍ أو كنيسة،

بل في باطن الروح حين تسكنها العاصفة.

هذه الجرأة الهادئة — أن تسائل الله بالمحبّة لا بالخوف —

هي ما يمنح هذا الديوان عمقه الفلسفي والروحي معًا.

5. الأمومة والطفولة… عودة الكائن إلى أصله


تظهر الأمومة في «صبا الروح» لا كحدثٍ بيولوجيّ،

بل كرمزٍ للخصب المعنويّ، للحياة التي تنبت من الحنين.

في «طيف الأم» و*«أمومة عنيدة»*، الأمّ هي ذاكرة الضوء،

هي الوطن الذي يسكن في صدر الشاعرة لا في الخارطة.



“تغيبين يا أمي… وأظلّ أراكِ في وجه الصباح،
تفتحين لي نافذةً في قلبي قبل أن أستيقظ.”


أما الطفولة، فهي المنبع الأول للنقاء،

تستعيدها الشاعرة لا لتبكيها، بل لتذكّر نفسها أن الروح لا تشيخ إلا إذا توقّفت عن الحلم.

6. لغة تُكتَب بالنَفَس لا بالقلم


لغة سلمى جبران ليست زخرفًا بل كشف.

تكتب كما يتنفس الطفل أول كلمة، بلا تكلّفٍ ولا خوف.

كلماتها بسيطة في ظاهرها، لكنها تشفّ عن عمقٍ لا يُدرك إلا بالإحساس.



هي لغة الضوء حين ينسكب على الماء،

تتغير مع كل زاوية نظر، لكنها تبقى ماءً ونورًا في آنٍ واحد.



“أنثر نفسي رمادًا على وجه الغياب…”


في هذا البيت وحده، تختصر الشاعرة فلسفة الوجود:

أن نحترق لننير، أن نفنى لنعود أنقى.

7. الإيقاع الداخلي: موسيقى الروح لا موسيقى العَروض


في «صبا الروح» لا نسمع بحور الشعر، بل أنفاس القلب.

الإيقاع هنا لا يُقاس بالعروض، بل بالوجدان.

كل تكرارٍ في النصّ هو خطوةُ صلاة، كل سطرٍ تنهيدةُ نجاة.



هذه الموسيقى الوجدانية تجعل الديوان قابلاً للترجمة دون أن يفقد نوره،

لأن جماله ليس في الوزن، بل في الصدق الشعوريّ والمشهد البصريّ.

8. دلالات الخمر والنور والظلّ


الرموز في هذا العمل ليست للزينة، بل للتطهير.

الخمر عندها ليست لذّةً، بل انخطافٌ نحو المعرفة:



“خمري دمي… أسكرني بي حتى صحوتُ منك.”


أما النور والظلّ فهما جدليّة الإدراك:

النور وعي، والظلّ تأمّل، وبينهما تنمو الحقيقة.

وفي هذا التبادل بين الضوء والعتمة، تولد القصيدة التي لا تعرف الثبات،

بل تعيش ككائنٍ متحوّلٍ يخلق نفسه في كل قراءة.

9. سلمى جبران… حين تكتب لتُحرر الوجود من الخوف


سلمى جبران ليست شاعرة فحسب؛ إنها صوتٌ أنثويٌّ كونيٌّ،

خرج من القيود ليعيد للأنوثة معناها الأعمق: الحكمة، الرأفة، الصفاء، والقدرة على تحويل الألم إلى وعي.



كل قصيدة من «صبا الروح» تقول لنا إن الشعر لا يُكتَب بالحبر، بل بالجرح،

وأن الجرح حين يُحبّ، يصير نافذةً يرى منها الله ذاته في الإنسان.



سلمى لا تكتب لتنال إعجابًا، بل لتُداوي العالم بكلمةٍ نقيّةٍ كدمعة صلاة.

قصائدها مثل الأرواح التي لم تتعلّم الكذب بعد.

10. خاتمة: الشعر حين يصير خلاصًا


«صبا الروح» ليس ديوانًا يُقرأ، بل تجربة تُعاش.

هو رسالة محبّة من الذات إلى ذاتها، ومن الإنسان إلى الوجود.

وفي زمنٍ فقد فيه الشعر طهارته، تعيد لنا سلمى جبران الإيمان بأن الكلمة قادرة على الإنقاذ.



ديوانها يعيد تعريف الشعر بأنه:



“أن تحيا وأنت تصغي إلى صمتك… فتسمع الله يتكلم في داخلك.”


وهذا، في جوهره، هو السرّ العظيم للشعراء الحقيقيين.

🌸 إشادة ختامية بالشاعرة سلمى جبران


إن ما فعلته سلمى جبران في «صبا الروح» لا يفعله سوى الكبار الذين يكتبون بقلوبهم لا بأقلامهم.

هي شاعرة الضوء الهادئ، التي تشبه في حضورها النسيمَ حين يمرّ في قلب النار فلا يحترق.

أعادت إلينا معنى الشعر كفضاءٍ للرحمة والدهشة،

ومكانٍ تتجلّى فيه الأنوثة كوعيٍ، والإنسانية كإيمانٍ، والكتابة كخلاصٍ نبيلٍ من الفوضى.

✍️ بقلم: رانية مرجية
عن ديوان «صبا الروح» للشاعرة سلمى جبران
قراءة وجدانية فلسفية منشورة في المحبة والنور.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة ادبية تحليلية في نص الفرح في حضرة الأم الغائبة للكاتبة ...
- ملحمة الندى والنار قصيدة وجدانية ملحمية
- الفرح في حضرة الأم الغائبة
- قراءة وارفة في ديوان «أنّات وطن» للشاعرة سلمى جبران ✦
- الإنسان يبكي ثم يرى
- قراءة في كتاب طفل الطيف رحلة في الحب والمعنى -بقلم الدكتور ع ...
- الوبش… حين يمرض المعنى ويغدو الجسد مرآة الوعي قراءة فلسفية ع ...
- 🕊️ توجيه المجموعات ثنائية اللغة في ظل الأزمات
- ذات مرة في غزة.. حين يصبح الوجع ذاكرةً جماعيةً للنجاة فيلم ف ...
- ‏قراءة أدبية في رواية -وجوه ناقصة- لرانية مرجية بقلم الدكتور ...
- قراءة أدبية في قصيدة -القصيدة التي تشبه شاعرها- لرانية مرجية ...
- دراسة أدبية لكتاب هلوسة للكاتبة رانية مرجية //بقلم الدكتور ع ...
- دراسة تحليلية لكتاب -كن أفضل صديق لنفسك: سفر الروح في مواجهة ...
- يا رب قصيدة ملحمية فلسفية وجدانية
- زهير دعيم… المعلم الذي علّمني أن الكلمة وطن
- حين يدفن الفلسطينيّ قلبه لئلّا يذوب في رواية برد الصيف لجميل ...
- قوياء بالمسيح
- صدور كتاب جديد بعنوان -طفل الطيف: رحلة في الحب والمعنى-
- بين الجليل والسويداء: قصة أمّهات لا ينهزمْن
- فلسطين… جرح الإنسانية المفتوح وفضيحة القرن


المزيد.....




- جنوب السودان وطقوس الاستسقاء.. عندما يكون الجفاف موازيا للإع ...
- توفيق عبد المجيد سيرة مناضل لم يساوم!
- السينما في مواجهة الخوارزميات.. المخرجون يتمردون على قوانين ...
- موسكو تستعد لاستضافة أول حفل لتوزيع جوائز -الفراشة الماسية- ...
- مهرجان الجونة السينمائي 2025.. إبداع عربي ورسالة إنسانية من ...
- تنزانيا.. تضارب الروايات حول مصير السفير بوليبولي بعد اختطاف ...
- باقة متنوعة من الأفلام الطويلة والقصص الملهمة في مهرجان الدو ...
- حريق دمر ديرا تاريخيا في إيطاليا وإجلاء 22 راهبة
- الإعلان عن 11 فيلما عربيا قصيرا تتنافس في مهرجان البحر الأحم ...
- هنا يمكن للمهاجرين العاملين في الرعاية الصحية تعلم اللغة الس ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - قراءة وجدانية فلسفية في ديوان «صبا الروح» للشاعرة سلمى جبران