أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - تنهيدة حرية… رواية تُعيد كتابة الوجع الفلسطيني بأنفاس النساء














المزيد.....

تنهيدة حرية… رواية تُعيد كتابة الوجع الفلسطيني بأنفاس النساء


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8507 - 2025 / 10 / 26 - 12:04
المحور: الادب والفن
    


حين تفتح رواية «تنهيدة حرية» للكاتبة الفلسطينية رولا خالد غانم، تشعر أنك لا تقرأ نصًا، بل تتنفس حكاية الوطن.

هذه ليست رواية عن فلسطين فقط، بل عن المرأة الفلسطينية وهي تكتب الوطن من لحمها وذاكرتها، عن الجدة التي تهجّرت من يافا ولم تُغلق الباب، عن الابنة التي تحمل المفتاح في حقيبتها، وعن الحفيدة التي تكتب كي لا يضيع البيت في الزحام.

بين السرد والذاكرة: كتابة لا تُهادن النسيان


رولا غانم لا تُقدّم رواية تقليدية ذات حبكة متسلسلة، بل نصًّا حلزونيًا يلتفّ حول نفسه كما تلتفّ الأجيال الفلسطينية حول حكاياتها.

من سلمى إلى بتول إلى حفيدتها، يمتد الخيط السردي كأنّه سلسلة وراثية من الحنين والتهجير والبحث عن المعنى.

كلّ صوتٍ نسائي فيها يحمل ذاكرة المكان: البيوت، القهوة، البحر، المفاتيح، والملابس التي تفوح منها رائحة الغربة.



في هذه البنية المتشابكة، تُعيد غانم تعريف الزمن الفلسطيني: ليس زمنًا خطيًا يبدأ بالنكبة وينتهي بالحاضر، بل زمن دائري، تعود فيه المأساة بثوبٍ جديدٍ كلّ جيل، وكأنّ التاريخ يختبر صبر النساء أكثر من الرجال.

لغة من رحيق الألم


اللغة في «تنهيدة حرية» لا تصرخ، بل تتنهّد.

جُملها قصيرة، كأنها تقطع النفس عمداً لتذكّرنا أن الحكاية تُروى من صدرٍ ضاق بالوجع.

في وصفها لليل المنفى، لا تقول «ظلام» بل تقول: «ليلٌ يشبه ذاكرة أمٍّ تنتظر أبناءها».

هكذا تُنقذ اللغة من الخطابة وتحوّلها إلى مساحة نجاة.



رولا غانم تمتلك ما قلّ لدى كاتبات جيلها: قدرة على تحويل الألم إلى جمال دون أن تُخفي قسوته.

لا تتجمّل المأساة في نصها، لكنها أيضًا لا تُستدرّ الدموع. هي رواية توازن بين العاطفة والوعي، بين الحنين والتمرد، بين الوطن كذاكرة والوطن كجرح.

نساء يكتبن الوطن


في الرواية، تتحوّل المرأة من رمز للوطن إلى فاعلٍ يُعيد إنتاجه.

سلمى لا تكتفي بالبكاء على يافا؛ بل تزرع شجرة في عمّان كي «تُقنع الحنين أن للغربة جذورًا».

بتول لا تنكسر أمام التهجير، بل تحوّله إلى حكاية تحفظها عن ظهر قلب، وتلقّنها لحفيدتها كأنها نشيدٌ سرّي.

أما الحفيدة فتمسك بالقلم لتكتب الرواية نفسها، في حركةٍ فنيةٍ ذكية تجعل الحكاية تلد ذاتها من جديد.



بهذا، تقدّم غانم نموذجًا نادرًا في الأدب الفلسطيني:

أنوثة مقاومة لا عبر الخطابة، بل عبر الفعل السردي.

فالمرأة هنا لا تنتظر الخلاص من الخارج، بل تُمارس الحرية بالكتابة والتذكر.

وطن من الحكايات الصغيرة


«تنهيدة حرية» تُبرهن أن الرواية الوطنية لا تحتاج البندقية ولا البيانات،

بل تكفيها فنجان قهوةٍ تُعدّه الجدة، وصورةٌ قديمة، وتنهيدة.

هذه التفاصيل الصغيرة هي التي تُبقي الوطن حيًا حين يغيب في الأخبار.

غانم تكتب عن فلسطين اليومية: عن النساء اللواتي يخبزن الخبز على الرماد، عن الأطفال الذين يرسمون علمًا على الجدار، عن الأسرى الذين يكتبون رسائلهم على ورق السجائر.



إنها رواية الناس العاديين الذين يصنعون التاريخ من دون أن يعلموا،

ورواية النساء اللواتي يقفن في الهامش ليحملن النص كله على أكتافهن.

بين الواقعية والرمز


الكاتبة تمزج بين الواقعي والرمزي بدقّة لافتة:

فالقهوة تصبح ذاكرة، والمفتاح يتحوّل من رمز العودة إلى وصية شخصية،

والبحر يُطلّ كحلمٍ مستحيلٍ بالوطن البعيد.

هذه الرموز لا تُثقِل النص، بل تمنحه عُمقًا صامتًا يجعل القارئ يعيش التجربة بدل أن يقرؤها فقط.

أثر الرواية وسبب تميّزها


رواية «تنهيدة حرية» وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة كتارا للرواية العربية،

وهي إنجاز مستحقّ؛ لأنها تُقدّم صوتًا أنثويًا فلسطينيًا نادرًا في السرد العربي المعاصر.

كما أدرجت ضمن منهاج الأدب الحديث في جامعة عين شمس المصرية، اعترافًا بقيمتها الفنية والإنسانية.



لكن نجاحها الحقيقي لا يُقاس بالجوائز، بل بما تفعله في القارئ بعد أن يُغلق الكتاب:

تتركك الرواية تُفكّر في معنى الوطن،

في ثقل الحكاية،

وفي صبر النساء اللواتي يُبقين الذاكرة مشتعلة في زمن النسيان.

كلمة أخيرة


كتبت رولا غانم رواية لا تُشبه أحدًا، لأنها كتبت بصدق من عاش الوجع لا من وصفه.

وهي بذلك تُضيف إلى الأدب الفلسطيني صوتًا ناعمًا في نبرته، عميقًا في أثره، عنيدًا في إيمانه بالحرية.



قد تُغلق الرواية على تنهيدة، لكن القارئ يخرج منها وهو يقول:



الحرية ليست وعدًا في نهاية الطريق،
الحرية أن نملك الحكاية، ولو على الورق.
مراجع ومصادر معلومات:
موقع الأيّام نيوز – «رولا غانم وروايتها تنهيدة حرية: الصوت الأنثوي الوحيد في القائمة القصيرة لكتارا»

الدستور المصرية – تقرير حول صدور الرواية

شبكة العودة الإخبارية – «تنهيدة حرية ضمن منهاج جامعة عين شمس»

شبكة شفا الإخبارية – «رولا غانم تصدر روايتها السادسة في ظل الحرب والمحن»

مقابلة الكاتبة على قناة الفجر الجديد – 2025



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصيّة الأرض قبل القيامة
- سِفْرُ الكَلِمَةِ الأُولَى (أنشودة النور الكوني)
- أمهات الأرض
- ليما: التي تتحدث مع الصمت
- 🕯️ ظلّ الممر الأبيض
- رئتان تتنفّسان الندم
- حين توقّف الطريق، بدأوا بالوصول
- قصيدة: أقرأ الأرض كي أنجو
- قراءة أدبية في قصيدة -أقرأ الأرض كي أنجو- - للشاعرة رانية مر ...
- .حين نغادر كي نعود أنقى
- النقد كوعيٍ حيّ: قراءة الإنسان في مرايا الكلمة
- 🔹 قراءة في كتاب (الفينيق من الرماد) للكاتبة رانية مر ...
- الطيبة لا تموت
- حين تنصت اللغة إلى الله قراءة رانية مرجية في رواية إكسير الأ ...
- قراءة أدبية : في قصيدة (( لا يعرفونني)) للشاعرة رانية مرجية ...
- ثلاث مدن تمشي إلى الغياب (نصّ روائي شعري عن نكبة 1948) v ...
- نساءُ الضوء – رانية مرجيّة
- قراءة ادبية في قصيدة -أن تكون مثقفًا- للشاعرة الفلسطينية ران ...
- قراءة في قصيدة ما بين أوتار المكابرة … ، للمحامية عائشة يونس ...
- أنشودة مريم والنور


المزيد.....




- الممثل التجاري الأميركي: المحادثات مع الصين مهدت للقاء بين ت ...
- الممثل التجاري الأميركي: المحادثات مع الصين مهدت للقاء بين ت ...
- هل تصدق ان فيلم الرعب يفيد صحتك؟
- العمود الثامن: لجنة الثقافة البرلمانية ونظرية «المادون»
- في الذكرى العشرين للأندلسيات… الصويرة تحلم أن تكون -زرياب ال ...
- أَصْدَاءٌ فِي صَحْرَاءْ
- من أجل قاعة رقص ترامب.. هدم دار السينما التاريخية في البيت ا ...
- شاهد/ذهبية ثالثة لإيران في فنون القتال المختلطة للسيدات
- معرض النيابة العامة الدولي للكتائب بطرابلس يناقش الثقافة كجس ...
- شاهد.. فيلم نادر عن -أبو البرنامج الصاروخي الإيراني-


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - تنهيدة حرية… رواية تُعيد كتابة الوجع الفلسطيني بأنفاس النساء