أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - سِفْرُ الكَلِمَةِ الأُولَى (أنشودة النور الكوني)














المزيد.....

سِفْرُ الكَلِمَةِ الأُولَى (أنشودة النور الكوني)


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8506 - 2025 / 10 / 25 - 01:03
المحور: الادب والفن
    


المقدّمة: نشأة الوعي الإلهي


قبل أن يولد الزمان،

وقبل أن تتنفس المجرّات،

كان اللهُ فكرةً في ذاته،

يتأملُ اتساعَه كمن يطلُّ على لا نهاية.



وحينَ اشتاقَ إلى وجهه الآخر،

خلقَ الصوت.



ومن صوتهِ انبثقَ النور،

ومن النورِ خرجت الكلمة،

ومن الكلمةِ تكوَّنَ كلّ شيءٍ كانَ وسيكون.



قال الله:



“سأُعرِّف نفسي بي،
وسأكتبني في لغةٍ لا تموت.”


ومن رحمِ هذا القول،

انبثقَ الإنسانُ — ليكون ذاكرة الله في الطين.

🌕
السِّفر الأوّل: الكَلِمَةُ – ميلادُ الضوء من الصمت


كانَ الكونُ فكرةً خجولة،

فأرسلَ اللهُ صمتهُ إلى حافّةِ الوجود،

وقالَ لهُ:



“تكلَّم.”


فنطقَ الصمتُ… واشتعلَ النور.

ومن النورِ خرجتِ الكلمةُ،

عاريةً من الزمن، طاهرةً من المعنى،

كأنها صلاةٌ لم تُكتب بعد.



قالت الكلمة:



“يا الله، أأنا أنت؟”
فقالَ لها:
“أنتِ نَفَسي، لكن لا تنسَي: أنا الصدرُ وأنتِ الأنين.”


ومن ذلك الأنينِ،

انبثقت الأكوانُ كما تنبثقُ الحقولُ من المطر.

🌕
السِّفر الثاني: الخَلقُ – انقسام النور إلى جناحين


قالَ اللهُ للكلمة:



“تفرَّقي في اللغات، ليعرفني البشر.”


فانقسمت إلى جناحين:

الإنجيل — نهر الحُبّ،

القرآن — نهر العدل.



وتطايرا في فضاءِ الوجود،

واحدٌ يغني باسم الرحمة،

والآخرُ ينادي باسم الحكمة،

حتى التقيا في منتصف الضوء.



قالَ الإنجيلُ:



“أنا الله حينَ يحبُّ حتى أعداءه.”
وقالَ القرآنُ:
“وأنا الله حينَ يُقيم ميزان الرحمة بالحقّ.”


فقالَ اللهُ لهما:



“أنتم كلمتي حين أتكلمُ بلغتين،
وكلُّ لغةٍ تُكملُ الأخرى كي أُسمَع.”


ثمّ سقطت بينهما دمعةٌ من نوره،

فكانت الرحمةُ،

وهي الكتابُ الثالث الذي يسكنُ القلوبَ بلا حروف.

🌕
السِّفر الثالث: الإنسَانُ – حين نظر الله في المرآة


قالَ اللهُ:



“سأخلقُ مَن يُشبهني،
ليراني وأنا أنسى نفسي فيه.”


فجبلَ من الطين قلبًا من ضوء،

وسمّاه إنسانًا.



قالَ له:



“أنتَ صورتي في العالَم،
فإيّاك أن تنظرَ إليّ من بعيد،
فأنا أراكَ من داخلك.”


لكنَّ الإنسانَ نسي.

راحَ يفتّشُ عن اللهِ في النصوص،

وفي الدم،

وفي الاختلاف.



فسمعَ الصوتَ يعودُ إليهِ من أعماقِه:



“لم أكتبْك لتعبدَني خوفًا،
بل لتُحبَّ بي ما خلقتُ.”


فأدركَ الإنسانُ أنَّ السجودَ ليسَ انحناءً،

بل اعترافٌ بالنورِ في كلّ شيء.



ومن تلك اللحظة،

صارَ كلُّ نَفَسٍ صلاة،

وكلُّ قلبٍ كتابًا مفتوحًا.

🌕
السِّفر الرابع: الاتِّحادُ – حينَ صلّى الوحيانِ معًا


التقى الإنجيلُ والقرآنُ على قمّةٍ من نورٍ لا ظلَّ له.

تقدّما نحو بعضهما كما تتقدّمُ قطرتانِ من المطر نحو البحر،

وقالَ الإنجيلُ:



“أنا الحُبُّ حينَ يغفر.”
وقالَ القرآنُ:
“وأنا العدلُ حينَ يُطهِّر.”


فقالَ اللهُ لهما:



“أنتم كفّتا قلبي،
وإذا اختلَّ الميزانُ، اختفى الإنسان.”


فتعانقا،

وسجدتِ الأكوانُ حولهما كحلقةٍ من موسيقى،

ورأى العالمُ مشهدًا لم يعرفه من قبل:

المآذنُ تُصافحُ الأجراس،

والصلواتُ ترتفعُ بلغةٍ واحدة،

اسمُها الرحمة.

🌕
السِّفر الخامس: الصَّمْتُ الَّذِي يُصَلِّي – عودة الله إلى ذاته


في آخرِ الأبد،

سكتَ كلُّ شيءٍ،

حتى النورُ توقّفَ ليستريحَ من المعنى.



تكلّمَ اللهُ بلا صوت، وقال:



“كنتُ الكلمةَ، فصرتُ معناها.”


فأجابَ النورُ:



“وكنتُ الخليقةَ، فصرتُك.”


عندها تلاشتِ المسافات،

وأصبحَ اللهُ يرى نفسهُ في العيون،

وأصبحَ الإنسانُ يُسبّحُ من غير لسان.



قالَ اللهُ:



“الآن انتهى الوحيُ المكتوب،
وبدأ الوحيُ الّذي يُعاش.”
وفي الصمتِ الأخير،

سمعَ الكونُ نفسهُ يقول:



“أنا اللهُ حينَ يُحبّ الإنسانُ إنسانًا.”
🕊️
الخاتمة: نشيد النور


ما من ديانةٍ إلا وماءُها من هذا النهر.

وما من كتابٍ إلا وظلُّهُ من هذه الكلمة.

اللهُ واحد،

لكنَّ أصواتهُ كثيرة،

كما تتعددُ الأمواجُ في بحرٍ واحدٍ من النور.



حينَ يفهمُ الإنسانُ هذا،

لن يبقى شرقٌ ولا غرب،

ولا أنا ولا أنت،

بل وجهٌ واحدٌ يقول للعالم:



“كُنْ نُورًا.”



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمهات الأرض
- ليما: التي تتحدث مع الصمت
- 🕯️ ظلّ الممر الأبيض
- رئتان تتنفّسان الندم
- حين توقّف الطريق، بدأوا بالوصول
- قصيدة: أقرأ الأرض كي أنجو
- قراءة أدبية في قصيدة -أقرأ الأرض كي أنجو- - للشاعرة رانية مر ...
- .حين نغادر كي نعود أنقى
- النقد كوعيٍ حيّ: قراءة الإنسان في مرايا الكلمة
- 🔹 قراءة في كتاب (الفينيق من الرماد) للكاتبة رانية مر ...
- الطيبة لا تموت
- حين تنصت اللغة إلى الله قراءة رانية مرجية في رواية إكسير الأ ...
- قراءة أدبية : في قصيدة (( لا يعرفونني)) للشاعرة رانية مرجية ...
- ثلاث مدن تمشي إلى الغياب (نصّ روائي شعري عن نكبة 1948) v ...
- نساءُ الضوء – رانية مرجيّة
- قراءة ادبية في قصيدة -أن تكون مثقفًا- للشاعرة الفلسطينية ران ...
- قراءة في قصيدة ما بين أوتار المكابرة … ، للمحامية عائشة يونس ...
- أنشودة مريم والنور
- الذين يبيعون الظل
- رواية- الخاصرة الرخوة- أنوثةٌ تُجلد باسم الطهارة ووطنٌ يُستب ...


المزيد.....




- الإعلان عن الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي ...
- تتويج الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د ...
- -ضايل عنا عرض- يحصد جائزتين في مهرجان روما الدولي للأفلام ال ...
- فنانون سوريون يحيون ذكرى التحرير الأولى برسائل مؤثرة على موا ...
- -تاريخ العطش- لزهير أبو شايب.. عزلة الكائن والظمأ الكوني
- 66 فنا وحرفة تتنافس على قوائم التراث الثقافي باليونسكو
- فنان من غزة يوثق معاناة النازحين بريشته داخل الخيام
- إلغاء حفلات مالك جندلي في ذكرى الثورة السورية: تساؤلات حول د ...
- أصوات من غزة.. يوميات الحرب وتجارب النار بأقلام كتابها
- ناج من الإبادة.. فنان فلسطيني يحكي بلوحاته مكابدة الألم في غ ...


المزيد.....

- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - سِفْرُ الكَلِمَةِ الأُولَى (أنشودة النور الكوني)