أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - قصيدة: أقرأ الأرض كي أنجو














المزيد.....

قصيدة: أقرأ الأرض كي أنجو


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8503 - 2025 / 10 / 22 - 00:47
المحور: الادب والفن
    


أنا ابنةُ الأرض،

أحملها في صدري كما يحمل القلبُ ذاكرته الأولى.

حين ينام العالم، أسمعها تهمس لي:

“اكتبي،

فمن لا يكتب وجعه،

يُصبح وجعًا لغيره.”



من طينها ودمعها وملحها جُبلت،

ومن حجارتها التي تصلي في صمتٍ

تعلّمتُ أن الله لا يفرّق بين الركوع والسجود،

بين الأذان والناقوس،

فكلّ صلاةٍ صادقةٍ

تصلُ إلى السماء من طريقٍ واحدٍ من النور.

في مدينتي،

الأجراس تعانق المآذن كلّ صباح،

والريح تحمل دعاء الكنائس إلى المساجد،

كأن الأرضَ تقول:

“ما دام فيكم حبّ،

فأنتم أهلي جميعًا.”



رأيتُ امرأةً تُشعل شمعةً في كنيسة القيامة،

ورجلاً يرفع يديه في الأقصى المجاور،

فابتسمتُ…

الاثنان يصليان للواحد،

بلغةٍ مختلفةٍ من الخشوع.

كبرتُ،

ولم أنطفئ،

فالنار التي تسكنني

تعرف كيف تضيء دون أن تحرق.

كلّ تجعيدةٍ في وجهي سطرٌ من سفر البقاء،

وكلّ جرحٍ صغيرٍ

حروفُ صلاةٍ كُتبت على جسدٍ يعرف معنى النهوض.

أمّي كانت تقول لي:

“الله ليس بعيدًا يا ابنتي،

هو في لقمةِ الخبزِ، وفي قلبِ من يغفر،

وفي يدِ من يزرعُ زيتونةً واحدةً

ثم يرحلُ مطمئنًا.”

تعلّمتُ منها أن الحنان دين،

وأن الأمّ أول كنيسةٍ وأطهر مسجد.

الحبّ عندي ليس وعدًا،

بل عبورٌ فوق نارٍ لا تحرق العارفين.

من أحبّ بصدقٍ لا يطالب،

لا يملك، لا يصرخ؛

يكتفي أن يرى النورَ في وجه الآخر،

ثم يشكر الله على الرؤية.

غاب أحبّتي،

لكنّ أصواتهم ما زالت في الهواء.

حين أقترب من الجدار الغربي،

أسمع أنينَ الذين صلّوا قبلنا،

وحين أمرّ بجانب كنيسةٍ قديمةٍ في الناصرة،

أشعرُ أن أرواحهم تسبّح في الضوء.



لم يرحلوا…

لقد غيّروا أماكنهم في الذاكرة،

وصاروا صلاةً تمشي بين القبور والأغاني.

يا الله،

يا من تسكن في الحجرِ والشجر،

وفي الجرحِ الذي صار طريقًا إلى الرحمة،

أنا لا أرفع يدي كثيرًا،

لكنّي حين أكتب عنك،

أشعرُ أنك تبتسم.

أنتَ لا تسكن المساجد وحدها،

ولا الكنائس وحدها،

بل تسكن في القلب حين يصير بيتًا للغفران.

أنا لست ظلًّا لأحد،

ولا امتدادًا لاسمٍ أو زمان.

أنا امرأةٌ من نورٍ وطين،

تُعيد تعريف النجاة كلّ يومٍ بالكتابة.

لا أبحث عن الخلود،

بل عن أثرٍ طيّبٍ

يهدّئ الغريب بعدي.

حين تحدّثني الأرض،

تقول لي:

“لا تخافي من الفقد،

فالذي يزول يترك مكانه للضوء،

والذي يحترق يصير رمادًا

يخصب حياةً جديدة.”

أنا لا أكتب شعرًا،

أنا أكتب بقاءً.

أكتب لأن اللغة آخر وطنٍ لا يُحتلّ،

وأكتب لأن الكنائس والمآذن

تلتقي في قلبي كلّ فجرٍ

لتقول لي:

“ما دام فيكِ حبّ،

فلن تهزمي أبدًا.”



وحين يسألني أحدهم:

من تكونين؟

أقول:

أنا التي أقرأ الأرض كي أنجو،

وأكتب كي لا يموت الحلم في اللغة،

وأصلي —

في كلّ بيتٍ لله،

وفي كلّ قلبٍ يعرف الرحمة.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- .حين نغادر كي نعود أنقى
- النقد كوعيٍ حيّ: قراءة الإنسان في مرايا الكلمة
- 🔹 قراءة في كتاب (الفينيق من الرماد) للكاتبة رانية مر ...
- الطيبة لا تموت
- حين تنصت اللغة إلى الله قراءة رانية مرجية في رواية إكسير الأ ...
- قراءة أدبية : في قصيدة (( لا يعرفونني)) للشاعرة رانية مرجية ...
- ثلاث مدن تمشي إلى الغياب (نصّ روائي شعري عن نكبة 1948) v ...
- نساءُ الضوء – رانية مرجيّة
- قراءة ادبية في قصيدة -أن تكون مثقفًا- للشاعرة الفلسطينية ران ...
- قراءة في قصيدة ما بين أوتار المكابرة … ، للمحامية عائشة يونس ...
- أنشودة مريم والنور
- الذين يبيعون الظل
- رواية- الخاصرة الرخوة- أنوثةٌ تُجلد باسم الطهارة ووطنٌ يُستب ...
- “أنشودة الإنجيل الأخير”
- وجهُ الذاكرةِ… حين تكتب حياة قالوش بمداد الحنين
- ‏قراءة ادبية في : ‏كتاب بعنوان -الرملة ٤٠٠ ...
- قراءة وجدانية فلسفية في ديوان «صبا الروح» للشاعرة سلمى جبران
- قراءة ادبية تحليلية في نص الفرح في حضرة الأم الغائبة للكاتبة ...
- ملحمة الندى والنار قصيدة وجدانية ملحمية
- الفرح في حضرة الأم الغائبة


المزيد.....




- المنقذ من الضلال لأبي حامد الغزالي.. سيرة البحث عن إشراق الم ...
- ترامب: ضجيج بناء قاعة الرقص في البيت الأبيض -موسيقى تُطرب أذ ...
- لقطات نادرة بعدسة الأميرة البريطانية أليس... هل هذه أول صورة ...
- -أعتذر عن إزعاجكم-.. إبراهيم عيسى يثير قضية منع عرض فيلم -ال ...
- مخرجا فيلم -لا أرض أخرى- يتحدثان لـCNN عن واقع الحياة تحت ال ...
- قبل اللوفر… سرقات ضخمة طالت متاحف عالمية بالعقود الأخيرة
- إطلاق الإعلان الترويجي الأوّل لفيلم -أسد- من بطولة محمد رمضا ...
- محسن الوكيلي: -الرواية لعبة خطرة تعيد ترتيب الأشياء-
- من الأحلام إلى اللاوعي: كيف صوّرت السينما ما يدور داخل عقل ا ...
- موهبتان من الشتات تمثلان فلسطين بالفنون القتالية المختلطة في ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - قصيدة: أقرأ الأرض كي أنجو