أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - قراءة في قصة -الصدق أحلى يا أصحابي- للدكتورة سيما صيرفي














المزيد.....

قراءة في قصة -الصدق أحلى يا أصحابي- للدكتورة سيما صيرفي


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8511 - 2025 / 10 / 30 - 12:17
المحور: الادب والفن
    


ي زمنٍ باتت فيه الحقيقة ضيفًا عابرًا، تأتي قصة "الصدق أحلى يا أصحابي" لتعيد إلينا الإيمان بأن الصدق ليس خُلقًا فحسب، بل هو نَفَسُ الروح وضياء القلب، وأن الطفل الذي يتعلّم قول الحقيقة، إنما يتعلم أن يحب العالم كما هو، لا كما يُزيّنه الخيال الزائف.

هذه القصة الصغيرة في حجمها، الكبيرة في معناها، تفتح نوافذها على العالم الداخلي للطفل، لتغرس في تربة وعيه أولى بذور القيم الإنسانية التي يحتاجها مجتمعنا العربي أكثر من أي وقت مضى.
منذ الصفحة الأولى، تشعر أن الكاتبة تخاطب القلب قبل العقل، وأنها تؤمن بقدرة الأطفال على التمييز بين الصواب والخطأ إذا ما منحناهم لغة قريبة، وبيئة دافئة تتيح لهم التعبير دون خوف.

🎨 عن الرسومات

ما أجمل أن نجد في كتابٍ للطفل رسوماتٍ لا تُزيّن القصة فقط، بل تحكيها بلغة الألوان والظلال. الرسوم في هذا العمل ليست زينة هامشية، بل شريك أصيل في الحكاية.
ألوانها الدافئة تحاكي براءة الطفولة، وخطوطها البسيطة تحمل عفوية الطفل الصادق الذي لا يتقن التمثيل.
نرى في وجوه الشخصيات انفعالات حقيقية — الحياء حين يخطئ أحدهم، البهجة حين يُقال الصدق، ودفء الجماعة حين تُحتضن الحقيقة.
الألوان هنا ليست اختيارًا جماليًا فحسب، بل رمز تربويّ: فالأصفر يوحي بالنور، والأخضر بالسلام، والأزرق بالطمأنينة — كأن الرسامة أرادت أن تقول لنا: الصدق لونٌ من ألوان الحياة الجميلة.

وقد أبدعت الرسامة سعاد عمر الكلالي في إحياء روح النص بخطوطها وألوانها التي تنبض بالدفء، فجعلت من كل لوحة مشهدًا يحكي بصدقٍ موازٍ للكلمة، فصارت الرسومات مرآة للمشاعر وموسيقى بصرية تكمّل لحن القصة التربوي.

💬 في اللغة والأسلوب

اللغة التي كُتبت بها القصة رشيقة، شفافة، قريبة من قلب الطفل، لا تتعالى عليه ولا تُبسّطه حد الإلغاء.
الكاتبة تمسك بخيطٍ دقيق بين التعليم والتأثير، فتزرع الفكرة من دون أن تُمليها.
الطفل يتعلّم هنا أن الصدق جميل، لا لأنه واجب فقط، بل لأنه يريّح القلب وينير الطريق.
وهذا هو الفارق بين الكتابة الأخلاقية الجافة، والكتابة التربوية الواعية التي تؤمن بأن الخير لا يُفرض، بل يُكتشف.

🌱 الرسالة الإنسانية

في عالمٍ يُغري الطفل بالكذب من أجل القبول أو المكافأة، تأتي هذه القصة لتقول:

"كن صادقًا، ولو بدا العالم صغيرًا أمامك، فإن قلبك حينها سيكون كبيرًا بما يكفي ليحمل النور."

إنها ليست قصة عن الكذب والصدق فقط، بل عن الثقة بالنفس، احترام الذات، والجرأة على قول الحقيقة في مجتمعٍ كثيرًا ما يُعاقب من يقولها.
من خلالها، يتعلم الطفل أن الصدق ليس ضعفًا، بل بطولة أخلاقية، وأن الاعتذار شجاعة لا يعرفها إلا الكبار الحقيقيون.

🌸 في القيمة التربوية والفنية

تُقدَّم القصة بمقاربة متوازنة تجمع بين القيم التربوية الأصيلة والأسلوب القصصي المشوّق، وهذا نادر في أدب الطفل.
فلا وعظ مباشر، ولا خطاب ثقيل، بل حكاية تنساب كالماء في روح الطفل، تجعله يحب الصدق لأنه يشعر أنه يجمّله، لا لأنه يُملى عليه.
أما الرسومات فتكمل هذه الرسالة بلغة بصرية تجعل القيم تُرى كما تُسمع — وهذا ما يجعل الكتاب مادة مثالية للمدرسة والأسرة على حد سواء.

وفي لمسة فنية خاصة، تختم الدكتورة سيما صيرفي القصة بأغنية جميلة من تأليفها، تترنم بها الشخصيات لتُثبّت في ذهن الطفل قيمة الصدق بطريقة موسيقية محببة.
هذه الأغنية ليست مجرد ختام فني، بل قيمة تربوية ومادة تعليمية يمكن للمعلمين والأهل استخدامها لترسيخ الفكرة بأسلوبٍ ممتع يجمع بين التعلم والفرح.

🌻 الخلاصة

"الصدق أحلى يا أصحابي" ليست مجرد قصة قصيرة، بل مرآة تربوية مشرقة تعكس أجمل ما في الطفولة: النقاء، الفضول، والبحث عن الحقيقة.
هي دعوة لنا — الكبار قبل الصغار — أن نراجع أنفسنا، ونسأل بصدق:
هل ما زلنا نحتفظ بالطفل الصادق في داخلنا، أم أننا أخفيناه تحت أقنعة المجاملة والادعاء؟

بأسلوبها الدافئ، ورسومات سعاد عمر الكلالي النابضة، وأغنية سيما صيرفي التي تختم القصة كزهرة من لحنٍ ومعنى، تزرع هذه القصة في وجدان القراء زهرة اسمها الصدق، لتُذكّرنا أن من يزرع الحقيقة، لا بد أن يحصد السلام. 🌿



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد موت أمي
- ‏قراءة الأدبية لرواية -الذين باركوا القتل- ‏ للكاتبة رانية م ...
- قراءة أدبية (( ملحمة الرماد والنبض) ) لرانية فؤاد مرجية بقلم ...
- الذين باركوا القتل – غلاف فارغ
- تنهيدة حرية: حين تكتب المرأة وجعها بالحبر والمقاومة
- «نبضات محرّمة»: حين يكتب القلب ما يحرّمه المجتمع
- تنهيدة حرية… رواية تُعيد كتابة الوجع الفلسطيني بأنفاس النساء
- وصيّة الأرض قبل القيامة
- سِفْرُ الكَلِمَةِ الأُولَى (أنشودة النور الكوني)
- أمهات الأرض
- ليما: التي تتحدث مع الصمت
- 🕯️ ظلّ الممر الأبيض
- رئتان تتنفّسان الندم
- حين توقّف الطريق، بدأوا بالوصول
- قصيدة: أقرأ الأرض كي أنجو
- قراءة أدبية في قصيدة -أقرأ الأرض كي أنجو- - للشاعرة رانية مر ...
- .حين نغادر كي نعود أنقى
- النقد كوعيٍ حيّ: قراءة الإنسان في مرايا الكلمة
- 🔹 قراءة في كتاب (الفينيق من الرماد) للكاتبة رانية مر ...
- الطيبة لا تموت


المزيد.....




- يوروفيجن تحت الحصار.. حين تسهم الموسيقى في عزلة إسرائيل
- موجة أفلام عيد الميلاد الأميركية.. رحلة سينمائية عمرها 125 ع ...
- فلسطينية ضمن قائمة أفضل 50 معلمًا على مستوى العالم.. تعرف عل ...
- أفلام الرسوم المتحركة في 2025.. عندما لم تعد الحكايات للأطفا ...
- العرض المسرحي “قبل الشمس”
- اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية.. احتفال باللغة وال ...
- المدير التنفيذي لمعجم الدوحة: رحلة بناء ذاكرة الأمة الفكرية ...
- يعيد للعربية ذاكرتها اللغوية.. إطلاق معجم الدوحة التاريخي
- رحيل الممثل الأميركي جيمس رانسون منتحرا عن 46 عاما
- نجم مسلسل -ذا واير- الممثل جيمس رانسون ينتحر عن عمر يناهز 46 ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - قراءة في قصة -الصدق أحلى يا أصحابي- للدكتورة سيما صيرفي