أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن صاحب - سريالية العراق.. متغيرات فوق الواقع!!















المزيد.....

سريالية العراق.. متغيرات فوق الواقع!!


مازن صاحب

الحوار المتمدن-العدد: 8510 - 2025 / 10 / 29 - 08:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تمر الأمم والشعوب في مراحل متغيرة لاسيما ما بعد الحروب الكبرى، هكذا خاضت اوروبا العجوز حربين عالميتين، انتهت الى نموذج من "اتحاد الحديد" الذي تطور فيما بعد الى نواة للاتحاد الأوربي وإطلاق عملة اليورو في دول ما كانت في ثلاثينات القرن الماضي قادرة على قبول الاخر. وفق هذا المنظور التصالحي، تطورت الأفكار، ما بين فلسفة هيغل وجدلية التاريخ مقابل ميكافيلية "الأمير" وان الغاية تبرر الوسيلة، فيما لم تتجاوز أحزاب الإسلام السياسي في عموم الشرق العربي ما ورد في كتب الماوردي ، ولعل "احكام السلطانية" ابرزها ، حتى وقعت في براثن  اقرب الى  السريالية  في فنون سلفادور دالي ، الرسام الاسباني المعروف، بما يكرر السؤال، الى اين نحن متجهون؟؟ الى سلام تبرز معالمه في اتفاق غزة، ومن بعده الاتفاقات الابراهيمية، ام نتجه الى قراءات جدلية في تفسير الصراع العربي الإسلامي الصهيوني؟؟ كيف وكل ما يحدث مخطط له في بيوت التفكير الصهيونية تحت عنوان عريض للقرن الأمريكي الحادي والعشرين، وانتج مشروع الشرق الأوسط الجديد وصفقة القرن، فهل انتجت بيوت التفكير العربية والإسلامية النموذج البديل في حوكمة موارد الدخل البشرية والمادية وردم فجوة المعرفة في عصر الإدارة بالذكاء  الاصطناعي؟؟ وفق كل هذه المعطيات، يمر العراق بمرحلة مفصلية في تاريخه المعاصر، حيث تتداخل التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع إرث طويل من صراعات السلطة والفساد، لفهم المستقبل المنظور، هل تقدم بيوت التفكير العراقية رؤى مختلفة حول كيفية التعامل مع هذه التحديات؟؟ في الإجابة العمودية على كل هذه التساؤلات، لابد من التوقف امام العرض الافقي لأبرز الأفكار التي تتبناها الأحزاب العراقية المتصدية لسلطان الحكم، ومنها ما تحتكم اليه أدبيات الإسلام السياسي لكتب الماوردي، الذي كان فقيها وسياسيا واقعيا في زمن الدولة العباسية، كتب في الأحكام السلطانية تنظيرا للنظام المثالي الذي يقوم على العدل والشورى وحماية الأمة، يرى أن "الحاكم الراشد" من يوازن بين الدين والدنيا، بين السلطة والضمير، لو نظر إلى العراق اليوم، لرأى انقساما مؤلما بين النص والممارسة، الشرعية تُرفع شعارا بينما يُفرغ مضمونها في الواقع من العدالة والمصلحة العامة. كان الماوردي يؤمن بأن بقاء الدولة مرهون بوجود مؤسسات تضبط الحاكم والمحكوم، لكن في العراق، المؤسسات صارت رمزية، يسيطر عليها منطق الغنيمة لا منطق الدولة، إنه الفارق بين "فقه السلطة" و"سلطة الفقهاء"، وبين النظرية الأخلاقية والواقع المصلحي الطائفي
في مقاربة واقعية، يرى ميكافيلي في كتابه المعروف "الأمير" أن الغاية تبرر الوسيلة، وأن الحاكم يجب أن يكون قادرا على الحفاظ على سلطته بأي وسيلة، في العراق، تُظهر السياسات أحيانا استخدام السلطة لتحقيق مصالح ضيقة، مما يؤدي إلى تدهور مؤسسات الدولة. على سبيل المثال، في عام 2022، تم الكشف عن سرقة 3.7 تريليون دينار عراقي (حوالي 2.5 مليار دولار أمريكي) من حسابات ضريبية حكومية، مما يعكس ضعف الرقابة والفساد المستشري على الرغم من كل وقائع مكافحته، حتى تطور الى "فساد متحور" مثل جرثومة تنخر موارد الدولة ، لكن الميكافيلية العراقية تظهر "فنونا" في إدارة الصراعات الطائفية والمذهبية خاصة في وقت الانتخابات، حيث تستثمر الأحزاب الانقسامات لتحقيق مكاسب سياسية فورية، دون الاهتمام بالبناء المؤسسي المستدام، كما هو حال مشروع "طريق التنمية" او المشاريع الاستثمارية الملحقة به، كما أن الفشل في التكيف مع التطورات الحديثة، مثل الرقمنة والشفافية، يجعل الغاية أحيانًا تسيطر على الوسيلة، والعكس، مما يزيد الفوضى السياسية والاجتماعية. أما هيغل، فيمثل العقل الفلسفي الجدلي الذي يرى أن التاريخ يتحرك عبر الصراع نحو الحرية، عنده، كل مرحلة من التاريخ تحمل نقيضها، ومن جدلهما يولد التقدم، يرى أن روح "التاريخ المطلق" تتجسد في الدولة، التي تمثل ذروة تطور الوعي الإنساني. لو تأمل هيغل العراق، ما بعد "سايكس بيكو" حتى اليوم، لرأى مأساة الفكرة التي لم تكتمل: تاريخ ينهض ثم يسقط، ثورات تنطلق ثم تجهض، وحرية تولد في الشارع لكنها تموت في المؤسسات، حتى بات العراق يعيش جدلية مقلوبة؛ فبدل أن ينتج الصراع وعيا أعلى، ينتج انقساما أعمق، وبدل أن تكون الدولة تجسيدا للعقل، صارت انعكاسًا للفوضى وتحولت كما يقول عامر فياض "الى دولة اشباح"، ولان هيغل يرى التاريخ عملية جدلية تتقدم من خلال الصراع والتناقض نحو تحقيق الحرية والوعي، في العراق، يمكن اعتبار الاحتجاجات الشعبية عام 2019 جزءًا من هذه الجدلية، حيث يسعى الشعب إلى تحقيق العدالة والمشاركة السياسية. ومع ذلك، فإن غياب مؤسسات قوية وتطبيق القانون يعيق تقدم هذه العملية، السؤال الأبرز هل ثمة فرضيات لتكرارها؟؟ تأتي الإجابة من خبير في عالم سلفادور دالي، ذلك الفنان الاسباني الحالم، لان الحلم في الفن السريالي الحقيقة الأعمق، والفوضى ليست خللاً بل وسيلة لاكتشاف الذات، في لوحاته، تذوب الساعات وتتشوه الأجساد لأن الواقع غير ثابت، بل انعكاس للعقل الباطن المليء بالخوف والرغبة. حين ننظر إلى العراق الامس واليوم والغد، نجد أن هذا المنظور السريالي يتحقق سياسيا واجتماعيا: السلطة تتغير، لكن الواقع لا يتبدل، والزمن يبدو ذائبا كما في لوحات دالي، الوعود السياسية تتكرر كأحلام متكسرة، والوعي الجمعي يعيش بين الرغبة في الخلاص والخوف من الفوضى، تماما كما عاش دالي بين الجمال والجنون. في العراق اليوم، لاسيما في وقت الحملات الانتخابية، نرى مسرحا من الرموز الغريبة: دولة غنية فقيرة، سيادة منتهكة وتمسك صارم باسم الوطنية من دون عراق واحد وطن الجميع، وذاكرة جماعية مثقلة بالحروب، وكأن دالي يرسمها بفرشاته ليقول إن اللاوعي السياسي هو الذي يحكم، لا المنطق. الفوضى السريالية العراقية تساعد على فهم الديناميات غير المرئية: الخوف من فقدان النفوذ، الرغبة في السيطرة على الموارد، وانعكاسها على السلوك السياسي والاجتماعي. من هذا المنظور، الفوضى ليست مجرد عجز، بل مرآة لفهم الواقع وإعادة بناء السياسات وفق الوعي الجمعي. السؤال المقابل، هل تتجه بيوت التفكير العراقية لمناقشة بوصلة دولة عراق واحد وطن الجميع؟؟ وقائع الأمور ان اغلب مراكز البحوث والدراسات في هذه البيوت الفكرية، انما تمول وتعبر عن توجيهات حزبية مكلفة بالدفاع عن افكارها، ومن دون وجود "قيادات ديمقراطية" لا يمكن للشعب ان يشبع من خبزها!! لذلك المطلوب أولا الاتفاق بين الإباء المؤسسين للعملية السياسية على الاتيان بما لم تأت به تلك المؤتمرات التي عقدت زمن المعارضة في تسعينات القرن الماضي، او ما حصل من وقائع في جلسات صيغة الدستور العراقي الدائم التي تشابه لوحات سلفادور دالي أكثر من أن تعالج مهمات النهوض بالعراق الواحد وطن الجميع في عقد دستوري اجتماعي جديد، يضاف الى ذلك تنوع الروافع الإقليمية والدولية المؤثرة على "دولة الاشباح" بوجود دولة حزبية عميقة واخرى موازية بالسلاح للجماعات الحزبية الفاعلة في إدارة السلطة!!
ودائما تتجه سفينة الدولة نحو الإبحار في شواطئ الأمان، اما صخب المعارضة العقائدية، المرتبط بغير بوصلة عراق واحد وطن الجميع، فإنها تسقط يوما بعد اخر، اثر تراجع مقومات الصراع الدولي في الشرق الأوسط الجديد، او المضي في فوضى غير خلاقة ، ربما تطلبت ان يسمي الرئيس ترامب مندوبا  ساميا له اقرب الى جنون لوحات سلفادور دالي !!



#مازن_صاحب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش الحقيقة!!
- عراق الغد. من المس بيل. إلى مارك سافايا!!
- رؤية ٢٠٥٠. . فرضيات غائبة عن البرامج ...
- سرديات الحرب والسلام.. اليوم التالي في حرب غزة!!
- حوكمة التسويق السياسي.. مبادرة العراق في شيتام هاوس نموذجا
- رؤية ٢٠٥٠.. عراق واحد وطن الجميع
- الامميون الجدد!!
- اليوم التالي!!
- ما بين واشنطن وطهران.. واقع العراق الرمادي!!
- غزة.. ملح فوق جرح الهزيمة!!
- الضربة الإسرائيلية على حماس في الدوحة.. الانتفاضة الفلسطينية ...
- الماء والكهرباء.. وجباية الحواس!!
- روح شنغهاي.. توازن مصالح!!
- ما بين الأفكار والأداء.. فشل الديمقراطية!!
- بوصلة الضجيج.. وغبار الأحداث!!
- الوعي المقدس والجنرال زمن!!
- ما بعد أيلول المقبل.. ثنائيات -الإمساك بالأرض- والانتخابات ا ...
- في كتاب جديد ... الدكتور الكروي يبحث تاريخ حزب الاستقلال الم ...
- مشاريع استراتيجية.. تنتهي بنموذج الاستعمار الصهيوني!!
- الحاجز.. سيادة دولة!!


المزيد.....




- بيروت متحف مفتوح بين العمارة والفن والأزياء في معرض -We Desi ...
- شاهد.. قرود مصابة بأمراض تهرب من شاحنة منقلبة على طريق سريع ...
- من السعودية.. بالقاسم خليفة حفتر يكشف -رسالة ليبيا الجديدة- ...
- -ما ظننت يوماً أني سأرى جثة تأكلها الصقور، والكلاب تنهشها أم ...
- الفاشر في السودان: انفلات العنف والانتهاكات من كل عقال؟
- القطط السوداء: بين الخرافات والسحرة وعيد الهالوين
- ترمب في اليابان: اتفاق لتأمين إمدادات المعادن النادرة وجائزة ...
- رحلات الطيران المؤجلة بأميركا تلامس 7000 مع استمرار الإغلاق ...
- -أمازون- تستغني عن خدمات 14 ألف موظف
- سوريا تضبط 11 مليون قرص -كبتاغون- قادمة من لبنان


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن صاحب - سريالية العراق.. متغيرات فوق الواقع!!