أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن صاحب - ما بين الأفكار والأداء.. فشل الديمقراطية!!















المزيد.....

ما بين الأفكار والأداء.. فشل الديمقراطية!!


مازن صاحب

الحوار المتمدن-العدد: 8454 - 2025 / 9 / 3 - 12:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما بين الأفكار والأداء... فشل الديمقراطية !
▪︎ مازن صاحب
تعد الديمقراطية، وسيادة الدولة، والتنمية المستدامة من المفاهيم الأساسية التي تشكل جوهر النظام السياسي والاجتماعي في أي دولة. ومع ذلك، فإن العلاقة بين هذه المفاهيم تتسم بالتعقيد والتداخل، مما يستدعي تحليلًا دقيقًا لفهم كيفية تأثير كل منها على الآخر. في هذا السياق، تبرز أهمية الأداء المؤسسي كعنصر حاسم في تعزيز الديمقراطية، وضمان سيادة الدولة، وتحقيق التنمية المستدامة. لذلك يتكرر السؤال المحوري: هل المعضلة في مضمون الأفكار الديمقراطية وإنتاجها للسلطة، أم في أدوات التنفيذ؟ يحاول هذا المقال النظر في نهاية النفق المظلم لهذا السؤال. في مقالته "المساهمة في تحقيق الديمقراطية: أهمية النتائج"، المنشورة في مجلة الديمقراطية عدد نيسان 2025، يُبرز الدكتور فرانسيس فوكوياما أهمية الأداء المؤسسي في تعزيز الديمقراطية، مشيرا إلى أن "التسليم للمواطنين أمر بالغ الأهمية لإعادة بناء العقد الاجتماعي وبالتالي دعم الديمقراطية إلى جانب إحباط التراجع الديمقراطي". ويوضح أن تراجع الديمقراطية لا يرتبط فقط بتراجع الثقة السياسية، بل أيضا بتراجع الأداء الحكومي في تقديم الخدمات الأساسية مثل البنية التحتية، والأمن، والفرص الاقتصادية. ومن خلال تحليل حالات مثل هنغاريا، وتركيا، والبرازيل، والفلبين، تظهر المقالة كيف أن تراجع الأداء الحكومي يمكن أن يؤدي إلى تآكل دعم المواطنين للديمقراطية، مما يفتح المجال أمام البدائل السلطوية. يؤكد فوكوياما أن الشرعية الشعبية عنصر حاسم في استدامة الديمقراطية، إذ إن غياب الاعتراف الشعبي بالمؤسسات يؤدي إلى ضعف الأداء وزيادة احتمالات النزاعات الداخلية. الأداء ليس مجرد مسألة تقنية، بل قيمة أخلاقية وسياسية تعكس قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها تجاه المجتمع. وعليه، الديمقراطية التي تعتمد على الأداء والنتائج الملموسة تكتسب ثقة المواطنين وتعزز سيادة الدولة على المدى الطويل، ما يجعلها أكثر استقرارا وفعالية. تطرح المقالة إطارا لقياس فعالية الدولة من خلال الأداء المؤسسي والنتائج الملموسة، بما يتيح مقارنة التجارب الدولية وفهم أسباب نجاح أو فشل الديمقراطيات. فالدول التي تتمتع بمؤسسات قوية وقادرة على التنفيذ تحقق تنمية مستدامة، وتحد من الفقر، وتعزز جودة التعليم والخدمات الصحية، وهو ما يربط الديمقراطية بالتنمية المستدامة بشكل مباشر. كما يشدد فوكوياما على تفاعل المؤسسات والشرعية الشعبية، إذ إن المؤسسات القوية تزيد من اعتراف المواطنين بالدولة، بينما الاعتراف الشعبي يعزز قدرة هذه المؤسسات على العمل بفعالية. وبذلك تصبح الديمقراطية عملية متكاملة، تتطلب الأداء، والشرعية، والقدرة على الإنجاز لتحقيق السيادة والتنمية المستدامة. في تقرير "دليل الديمقراطية 2025" من مركز بروكينغز، يقدم إطارا عمليا لفهم العلاقة بين الديمقراطية، الأداء المؤسسي، وحماية المؤسسات. التقرير يؤكد أن الديمقراطية الفاعلة تتطلب مؤسسات مستقلة وفعالة، قادرة على تقديم نتائج ملموسة للمواطنين، بما يعكس قوة سيادة الدولة واستدامتها، ويشير إلى أن "حماية القضاء وحرية الإعلام يعكسان قدرة الدولة على التوصيل الفعلي للنتائج وضمان سيادتها الداخلية والخارجية". يربط تقرير بروكينغز بشكل مباشر بين الأداء المؤسسي والقدرة على الإنجاز، مؤكدا أن الدول التي تحقق نتائج ملموسة في الصحة، التعليم، والبنية التحتية تتمتع بسيادة فعلية قوية وشرعية شعبية مستدامة. ويلاحظ التقرير أن غياب الأداء يؤدي إلى فقدان الثقة بالمؤسسات وخلق فجوة بين الدولة والمجتمع، وهو ما يضعف سيادة الدولة حتى مع وجود دستور قانوني سليم.
كما يسلط التقرير الضوء على تكامل الأداء، المؤسسات، والمشاركة الشعبية، حيث يشدد على أن الأداء وحده دون مؤسسات قوية ومستقلة لا يضمن استدامة الديمقراطية، بينما الشرعية الشعبية بدون نتائج ملموسة تقلل من فعالية الدولة. ويربط التقرير أيضا مؤشرات التنمية المستدامة بالقدرة الديمقراطية، مؤكدا أن تقديم الخدمات وتحقيق رفاهية المواطنين يمثل مقياسًا عمليًا لنجاح الدولة في تحقيق السيادة والتنمية المستدامة. ضمن ذات المنظور، وبعنوان "ديمقراطية على أشلاء الدولة الوطنية وتدمير وعي الشعوب!" تقدم مقالة مجلة السياسة الدولية في العدد المنشور في 6-1-2025 بعدا نقديا حول تصدير الديمقراطية والنماذج المفروضة خارجيا، مؤكدة أن التدخلات الخارجية غالبا ما تضعف الشرعية الشعبية وتقلل من قدرة الدولة على تحقيق التنمية المستدامة. تعتبر المقالة أن "التدخلات الخارجية التي تفرض نموذجا ديمقراطيا غالبا ما تقوض الشرعية الشعبية وتضعف القدرة على التنمية المستدامة"، وتوضح أن الديمقراطية يجب أن تكون ملكية محلية، حيث تمكن المواطنين من المشاركة الفعلية في صنع القرار، ويكون لديهم الاعتراف بالمؤسسات التي تدير شؤونهم. ويشير التحليل إلى أن الأداء وحده، أو فرض نموذج جاهز من الخارج، غالبًا ما يؤدي إلى مؤسسات ضعيفة وخدمات محدودة، ما يعطل التنمية المستدامة ويضعف سيادة الدولة. تؤكد المقالة أيضًا أن النجاح الديمقراطي يرتبط بالتكامل بين الأداء، المؤسسات، والشرعية الشعبية. فالدول التي تجمع بين هذه العناصر تحقق رفاهية المواطنين وتقدم نتائج ملموسة، بينما أي خلل في أي عنصر يؤدي إلى ضعف التنمية والاستقرار السياسي. من خلال تحليل المقالات الثلاثة، يتضح أن هناك توافقا في الآراء حول أهمية الأداء المؤسسي في تعزيز الديمقراطية وضمان سيادة الدولة وتحقيق التنمية المستدامة. يشير فوكوياما إلى أن "التسليم للمواطنين أمر بالغ الأهمية لإعادة بناء العقد الاجتماعي وبالتالي دعم الديمقراطية"، كما يبرز تقرير بروكينغز أهمية "حماية القضاء، وحرية الإعلام، وتعزيز حكم القانون" كعناصر أساسية في تعزيز الديمقراطية وحمايتها من التراجع، وتشير مجلة السياسة الدولية إلى أن "التدخلات الخارجية التي تفرض نموذجا ديمقراطيا غالبا ما تقوض الشرعية الشعبية وتضعف القدرة على التنمية المستدامة". يظهر هذا التكامل أهمية الأداء المؤسسي والشرعية الشعبية في تعزيز الديمقراطية وضمان سيادة الدولة وتحقيق التنمية المستدامة، ويتضح من نتائج تطبيقات الديمقراطية في مختلف الدول، أن الأداء المؤسسي الفعال، والشرعية الشعبية، والمشاركة السياسية هي عناصر مترابطة تحدد فعالية الديمقراطية وسيادة الدولة. الدول التي تحقق توازنا بين هذه العناصر تقدم خدمات ملموسة، تحافظ على الاستقرار، وتعزز التنمية المستدامة، الفشل في أي عنصر يؤدي إلى ضعف السيادة وفقدان التنمية. في العودة إلى السؤال: هل الديمقراطية فاشلة كأفكار أم فشلت عند بعض الأحزاب والدول كتطبيقات؟ وفق ما عرض أعلاه، فإن الديمقراطية الفاعلة، من خلال سيادة الدولة ومترابطة عضويا بالتنمية المستدامة، إطار شامل يجمع بين المشاركة الشعبية، المساءلة، وحقوق الإنسان، وليس مجرد شكل سياسي أو انتخابات دورية. بروكينغز يؤكد هذا المعنى من زاوية عملية، موضحا أن الديمقراطية تتطلب حماية المؤسسات واستقلالها لضمان تحقيق النتائج الفعلية للمواطنين.
تظهر المشكلة الحقيقية عند انتقال الديمقراطية من المفهوم إلى التطبيق، إذ أن الأداء المؤسسي الضعيف يجعل الدولة عاجزة عن تقديم نتائج ملموسة للمواطنين، مثل الخدمات الأساسية، التعليم، الصحة، والبنية التحتية، فتفقد شرعيتها حتى لو كانت مؤسساتها ديمقراطية رسميا. كما أن السياسات الحزبية التي تركز على المكاسب السياسية الضيقة أو المصالح الخاصة على حساب خدمة المواطنين تؤدي إلى تراجع الديمقراطية الفعلية، حتى مع وجود انتخابات ومؤسسات رسمية. بالإضافة إلى ذلك، فإن غياب المساءلة الحقيقية، ومن دون مؤسسات قوية وقضاء مستقل وإعلام حر، تصبح الديمقراطية شكلا بلا مضمون، وهو ما يراه فوكوياما أساسا لاستدامة النظام الديمقراطي.
الاستنتاج الكلي، المبادئ الأساسية للديمقراطية صحيحة ومتماسكة نظريا، ولا تشوبها أخطاء جوهرية، والتحدي الحقيقي هو التطبيق. الديمقراطية تفشل عندما تكون المؤسسات ضعيفة، والسياسات الحزبية غير مسؤولة، والأداء الحكومي محدود. والحل الفعلي يكمن في تحسين الأداء المؤسسي وتقديم نتائج ملموسة للمواطنين، والعمل على تعزيز استقلالية المؤسسات وحماية القضاء والإعلام من أجل فرض مساءلة حقيقية على الأحزاب والسياسات الحكومية. عندها، تكون الدولة قادرة على دمج التنمية المستدامة في برامجها الحكومية لضمان شرعية مستمرة، وتحويل الديمقراطية من شكل رمزي إلى نظام فاعل وناجح.



#مازن_صاحب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوصلة الضجيج.. وغبار الأحداث!!
- الوعي المقدس والجنرال زمن!!
- ما بعد أيلول المقبل.. ثنائيات -الإمساك بالأرض- والانتخابات ا ...
- في كتاب جديد ... الدكتور الكروي يبحث تاريخ حزب الاستقلال الم ...
- مشاريع استراتيجية.. تنتهي بنموذج الاستعمار الصهيوني!!
- الحاجز.. سيادة دولة!!
- القطار الأمريكي وحاكمية ولاية الفقيه.. تحالفات مضطربة!!
- فلسفة السلطة.. الذكاء الاصطناعي وعمران الانسان!!
- فلسفة القوة وطبائع الاستبداد.. العراق أولا
- لعبة الأمم وتطبيقات القوة.. الاستعمار الجديد للشرق الأوسط!!
- العراق والاستقرار الاقليمي الهش.. فرضيات الانتخابات المقبلة! ...
- الحرب الإسرائيلية الإيرانية.. مفاوضات مفتوحة على خط النار!!
- إدارة الأزمات.. بيوت التفكير العراقية إلى أين؟؟
- الشرق الأوسط الجديد وردود الأفعال!!
- الترامبية.. مشروع أمريكي بلا غطاء!!
- ترامب.. نموذج صاخب!!
- عند الانتخابات يكرم المرء!!
- الدولة الحضارية الحديثة.. بناء دولة اولا!!
- الدكتور محمود الكروي.. كما عرفته
- سوريا وعفريت الانتقام!!


المزيد.....




- العدسة ترصد أمرا غريبا قام به مساعد كيم جونغ أون بعد مغادرته ...
- بعد إيطاليا.. واشنطن تُفعّل برمجية -غرافيت- الإسرائيلية للاخ ...
- ترامب يقول إن قواته هاجمت قاربا لتهريب المخدرات انطلق من فنز ...
- شهداء باستهداف الاحتلال نازحين ومجوّعين في غزة
- شهيد في نابلس والاحتلال يهدم منازل ويصادر أراضي بالضفة
- إسرائيل تبدأ تجنيد عشرات آلاف الجنود وتستعين بمتعاقدين مدنيي ...
- تحذيرات من تفشي الأوبئة جراء زلزال أفغانستان وتبدد الأمل بان ...
- -تخريب المدارس-.. خريطة تكشف تدمير إسرائيل الممنهج للبنية ال ...
- البرغوثي يناشد إندونيسيا مقاومة محاولات تهجير الفلسطينيين
- كيليان مورفي.. النجم الأيرلندي الذي غزا هوليود بموهبته الغام ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن صاحب - ما بين الأفكار والأداء.. فشل الديمقراطية!!