مازن صاحب
الحوار المتمدن-العدد: 8441 - 2025 / 8 / 21 - 22:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يواجه العراق في أيلول المقبل استحقاقا امنيا يتمثل في اعلان كل من واشنطن وبغداد الاتفاق على خطة لانسحاب قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة من الأراضي العراقية بحلول نهاية 2026، وتتضمن الخطة خروج مئات من قوات التحالف بحلول ايلول من عام 2025.
وتبرز ثنائيات الإمساك بالأرض ما بين ميول "ساخنة" لقيادات الفصائل الحزبية المسلحة في تمكين قوات الحشد الشعبي من ذلك ،مقابل خط مواز يعمل على تعزيز قدرات جهاز مكافحة الإرهاب واعتباره العمود الفقري لفعاليات السيطرة الأمنية لاسيما في تلك المناطق مثار الازمات التي تتواجد فيها الخلايا النائمة لتنظيم داعش الإرهابي ،منها مواقع حدودية لاسيما في مناطق غرب الموصل ، فضلا عن نقاط حدودية على مسارات القوات الامريكية في سوريا والأردن، التي شهدت احداث تصادم امني بين "قوات صديقة " تمثلت في فصائل من الحشد الشعبي وقوات أمريكية او قوات صديقة لها من قسد السورية او غيرها .
في هذا الإطار، جاءت زيارة الأمين العام لمجلس الامن القومي الإيراني علي لاريجاني للعراق ولبنان وتثبيت الخطوط الحمراء الإيرانية في المشهد المستقبلي وتوصيات تمكين الحشد الشعبي وحزب الله اللبناني في الصراع الإيراني الإسرائيلي، فيما تتواصل نشاطات ذات الفصائل في تعزيز تواجدها الانتخابي على طاولة تحويل الإطار التنسيقي ما بعد الانتخابات المقبلة الى الكتلة البرلمانية الأكبر في مجلي النواب المقبل.
ضمن هذا المنظور ، تتنافس قدرات الماكنة الانتخابية بين تحالف الاعمار والبناء برئاسة السيد محمد شياع السوداني مع دولة القانون برئاسة السيد نوري المالكي ، فيما تتجه التحليلات الانتخابية بان أي منها لن يستطيع تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر ولن يكون بإمكان أي منهما التوصل الى نسبة ثلثي أعضاء مجلس النواب لتسمية رئيس الجمهورية، مما يؤكد بشبه المطلق ان اعدادات مجلس النواب المقبل لن تخرج عن نمط المحاصصة المعمول به في الدورات السابقة لمجلس النواب مع متغير وحيد في قدرات كل من السوداني والمالكي على توحيد الكتل الشيعية الفائزة في تكوين الكتلة البرلمانية الأكبر من خلال تحالف تبدو اقرب للمالكي منه للسوداني في تحويل ذات أحزاب الفصائل المسلحة في الاطار التنسيقي بعد اعلان نتائج الى الكتلة الأكبر وموقع كل من الزعيمين فيه، فالخروج عن هذا التشكيل مرفوض كليا في توصيات لاريجاني خلال زيارته الأخيرة لبغداد بانتظار أي متغيرات يمكن ان تكون حتى الانتخابات في 11 تشرين الثاني المقبل .
على خط مواز، لا يبدو الواقع الأمني للفصائل الحزبية المسلحة اكثر تميزا عما يجري في الساحة الانتخابية ، وبعد حادثة " السيدية" واتهام بيان القائد العام للقوات المسلحة كتائب حزب الله مباشرة بالحادثة وردود الأفعال التي جاءت بعدها في تلك الاجتماعات المتسارعة داخل الاطار التنسيقي لاحتواء تطورات الموقف وإمكانية خروج السوداني كليا من بيت الطاعة للاطار التنسيقي، انتهى خلال زيارة لاريجاني الى إعادة تأكيد الالتزام بالأهداف الاستراتيجية وترك التنافس لصناديق الاقتراع على ان لا تكون الفصائل الحزبية المسلحة داخل الحسد او خارجة أدوات اثارة امنية خلال هذه المرحلة بما يخدم اطراف متنافسة للحصول على اعلى الفوائد من أخطاء هذه الفصائل، وترك موضوع حوكمة تشكيلاتها الى ما بعد الانتخابات المقبلة في حالة استمرار فشل مجلس النواب في تشريع قانوني الحشد الشعبي، مع الإبقاء على ذات المسافة ما بين الأهداف التي تقوم بها ضمن محور المقاومة الإسلامية ووحدة الساحات في المواجهة الإيرانية الإسرائيلية وبين ما يتكرر من شعار مرفوض كليا من طهران ما بعد حرب ال12 يوما بعنوان " العراق أولا ".
وعلى الرغم من عدم صدور اية بيانات عن اجتماعات لترتيب خروج القوات الامريكية من العراق في ايلول 2025، يشهد العراق مرحلة انتقالية حرجة على صعيد الأمن والسياسة، في المقارنة الأمنية، يعتبر جهاز مكافحة الإرهاب العراقي هو وحدة نخبة تأسست بدعم أمريكي، ومرت بتطورات كبيرة منذ تأسيسها. في السنوات الأخيرة، حصل الجهاز على دعم تدريبي ولوجستي من الناتو، مما عزز من قدراته في مكافحة الإرهاب. ومع اقتراب انسحاب القوات الأمريكية، يتوقع أن يتولى الناتو دورًا أكبر في تدريب وتطوير قدرات.
وفي ذات المقارنة، يعتبر الحشد الشعبي الذي يضم أكثر من 70 فصيلا، لكنه يمثل قوة أمنية كبيرة في العراق، لها علاقات نفوذ سياسي كبير داخل الإطار التنسيقي، ومع ذلك، يواجه الحشد تحديات تتعلق بالهيكلة والولاء السياسي. في نهاية تموز 2025، أقال السوداني قادة من الحشد الشعبي بعد اشتباكات مع الشرطة الفيدرالية، مما يبرز الحاجة إلى إصلاحات هيكلية وإدارية في هذه القوة.
في خط التهديدات المواز، تظهر تهديدات تنظيم داعش من خلال إعادة انتشار خلاياه النائمة، فعلى الرغم من خسارته للأراضي التي كان يسيطر عليها، لا يزال تنظيم داعش يشكل تهديدا كبيرا في العراق وسوريا، في 2025، أعاد التنظيم هيكلته ليعتمد على خلايا نائمة وفروع إقليمية، مما يزيد من صعوبة مكافحته. تشير التقارير إلى أن داعش ما زال يمتلك بين 3,000 و5,000 عنصر في العراق وسوريا، ويستغل الفراغات الأمنية لتنفيذ هجمات،كما أشار تقرير نشرته مؤخرا صحيفة اللوموند الفرنسية
وما بين هذه الخطوط المتوازية للإمكانيات والتهديدات، هناك التحديات السياسية والحوكمة المتوقعة، حيث تواجه الحكومة العراقية تحديات في دمج الحشد الشعبي بشكل كامل ضمن مؤسسات الدولة، تشير التقارير إلى أن بعض فصائل الحشد الشعبي، مثل كتائب حزب الله، تعمل بشكل مستقل عن القيادة العسكرية الرسمية، مما يعرقل جهود الإصلاح والتكامل، بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف من أن التشريعات الجديدة قد تمنح الحشد الشعبي استقلالية أكبر، مما يثير قلقا لدى الولايات المتحدة.
في ضوء، كلما تقدم، يبدو من الممكن استشراف سيناريوهات حتى الانتخابات المقبلة وفق الاتي:
اولا: يتولى جهاز مكافحة الإرهاب العراقي دورًا مركزيا في مكافحة الإرهاب، بدعم مستمر من الناتو، على ان يتم دمج الحشد الشعبي تدريجيا ضمن مؤسسات الدولة، مما يعزز من فعالية الجهود الأمنية، ومع ذلك، قد يواجه هذا السيناريو تحديات تتعلق بالولاء السياسي لبعض فصائل الحشد الشعبي.
ثانيا: استمرار التحديات الأمنية في توقعات مهمة عن استمرار تنظيم داعش في تنفيذ هجمات من خلال خلاياه النائمة، بينما يظل الحشد الشعبي قوة غير مندمجة بشكل كامل ضمن الدولة، قد يؤدي ذلك إلى استمرار التوترات الأمنية والسياسية، مما يعوق جهود الاستقرار.
ثالثا: الغاء قواعد الاشتباك التي تتمسك بها حتى الان فصائل حزبية مسلحة في حالة وقوع الصفحة الثانية من الحرب الإسرائيلية الإيرانية، مما يؤدي الى تفعيل مبدأ "وحدة الساحات" الذي إعادة تنظيمه لاريجاني خلال زيارته لكل من بغداد وبيروت، هذا يعني إعادة تشكيل سلطة الامر الواقع ربما بتأجيل الانتخابات البرلمانية الى موعد لاحق حتى تصمت طبول الحرب الإسرائيلية – الإيرانية .
كل ذلك يؤكد ان السباق الانتخابي يواجه استحقاقات امنية كبرى، مع اقتراب انسحاب القوات الأمريكية. ومع ذلك، من خلال تعزيز دور جهاز مكافحة الإرهاب، وتنفيذ إصلاحات في الحشد الشعبي، ومكافحة تهديدات داعش، يمكن للعراق أن يسير نحو استقرار أكبر وأمن مستدام في حالة توفر الحنكة والفطنة وقرار سياسي يعمل من اجل عراق واحد وطن الجميع.
#مازن_صاحب (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟