أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد الطيب - أبو صابر المسكين على موائد الطهاة














المزيد.....

أبو صابر المسكين على موائد الطهاة


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8507 - 2025 / 10 / 26 - 09:48
المحور: كتابات ساخرة
    


ها هو الحمار ينسحب بهدوء من المشهد، كما ينسحب الغروب عن أرضٍ أنهكها العطش. لم يعد نهيقه يوقظ الصباحات الريفية، ولا تُرى خطواته المطمئنة في طرقات القرى كما كانت من قبل. اختفى الكائن الصبور الذي رافق الفلاحين في زرعهم وحصادهم، وصار وجوده اليوم نادراً كأننا نتحدث عن مخلوقٍ من زمنٍ طيبٍ مضى.
لم يكن الحمار مجرّد حيوانٍ بسيط، بل مخلوقاً فريداً في صبره واحتماله. لُقّب بـ “أبو صابر” لصبره اللامحدود وقدرته على التحمل دون شكوى. كان يحمل فوق ظهره أثقال الناس، ويسير في الحرّ والبرد بصمتٍ نبيلٍ لا يعرف التذمر، كأنه خُلق ليعلّم الإنسان معنى الرضا والوفاء. ومع مرور السنين، ومع تغيّر الحياة وتراجع القيم الريفية الأصيلة، تراجع الحمار بدوره، حتى خفت صوته وغاب حضوره عن الحقول والأزقة.
وما يوجع أكثر أن نهايته لم تكن نتيجة الإهمال فقط، بل بسبب الاستغلال المفرط للحومه. فقد تحوّل “أبو صابر” إلى وليمةٍ في حفلات شواء يتفنّن بها الطهاة بطبخه وتقديمه على أنه لحم حيوانٍ آخر. حتى في موته، لم يجد من يرحمه أو يعترف باسمه الحقيقي، فصار طعاماً يُباع خلسة دون شرف التسمية. وكأن هذا الكائن الذي خدم الناس بإخلاص لم يُكتب له أن ينعم بالراحة لا في حياته ولا بعد رحيله.
لقد رحل الحمار، لكن برحيله رحلت معه ملامح زمنٍ نقيّ، كانت الطيبة فيه مقياساً للإنسان، وكانت الكائنات تُعامل بالمحبة لا بالمنفعة. انقرض الحمار، نعم، لكن ما انقرض فعلاً هو الامتنان، والرحمة، وذاك الحس الإنساني الذي كان يرى في الحيوان رفيقاً لا وسيلة.
وربما سيأتي يوم نقف فيه أمام هيكله العظمي بجانب هياكل الديناصورات والحيوانات المنقرضة في متحف التاريخ الطبيعي، فننظر إليه بحنينٍ وخجل، ونقرأ في صمته عتاباً مؤلماً: "كم كنا قساة على الكائن الذي علّمنا الصبر... ثم رحل دون أن يشتكي."حتى كاتب هذا المقال لم ينصفه ويسخر منه ووضع هذه المقالة في خانة كتابات ساخرة . عجبي .!!!



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جامعة للبيع .. والرصانة في إجازة !
- ارتباك الإدارة العراقية بين تعليمات الوزارات وغياب الثوابت
- وأد الإبداع في المدارس العراقية
- ضمير المهنة وشرف الكلمة
- الوعود الزائفة… تجارة المواسم الانتخابية
- رماد الذاكرة
- قراءة نقدية في نص - رمزية العشق -
- أنا .. وأنتِ
- حين يخبو مصباح العمر
- كيف تصنع صحفيا ماهرا ..؟ !!
- خالد النبل والاخلاق
- تاريخ التحقيق الصحفي في العراق وكتابه .. النشأة والتطور
- ملاذ الأمين .. بين وهج الحرف وصدق الميدان
- قراءة
- شيخوخة
- ثلاثة أحلام ...
- ضفاف براءة وجسور محبة
- القطيعة بين الروح والجسد
- ياحاضرة الغياب ..
- سعد مبارك.. فنان العصور وبوصلة الذاكرة الجمالية


المزيد.....




- ورشة صغيرة بلوس أنجلوس تحفظ ذاكرة نجوم السينما في -القوالب ا ...
- عائدات الموسيقى على -يوتيوب- تبلغ مستوى غير مسبوق وتحقق 8 مل ...
- الرواية غير الرسمية لما يحدث في غزة
- صدور كتاب -أبواب السويداء والجليل- للكاتبتين رانية مرجية وبس ...
- الممثل التجاري الأميركي: المحادثات مع الصين مهدت للقاء بين ت ...
- الممثل التجاري الأميركي: المحادثات مع الصين مهدت للقاء بين ت ...
- هل تصدق ان فيلم الرعب يفيد صحتك؟
- العمود الثامن: لجنة الثقافة البرلمانية ونظرية «المادون»
- في الذكرى العشرين للأندلسيات… الصويرة تحلم أن تكون -زرياب ال ...
- أَصْدَاءٌ فِي صَحْرَاءْ


المزيد.....

- رسائل سياسية على قياس قبقاب ستي خدوج / د. خالد زغريت
- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد الطيب - أبو صابر المسكين على موائد الطهاة