هيثم ضمره
الحوار المتمدن-العدد: 8501 - 2025 / 10 / 20 - 09:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في السنوات الأخيرة، تحوّل اللجوء من باب نجاة إلى باب كذب عند البعض. نرى اليوم أناسًا يقطعون البحار والمحيطات، لا لأنهم مهددون فعلًا في أوطانهم، بل لأنهم يريدون حياة أسهل على حساب الشعوب التي تستقبلهم. يرمون أنفسهم على مطارات أوروبا وكندا، ثم يبدأون بتأليف القصص عن “الاضطهاد والمطاردة”، وهم يعلمون في قرارة أنفسهم أنهم لم يُطاردوا يومًا إلا من كسَلهم وطمعهم.
هؤلاء لاجئون زائفون، يخدعون الحكومات والشعوب التي فتحت لهم أبوابها، ويعيشون على المساعدات الحكومية التي تُدفع من ضرائب مواطنين يعملون ليل نهار.
تلك الضرائب ليست مالًا بلا صاحب. هي أموال مقدّسة، تُقتطع من جيوب الناس لتُصرف على التعليم والصحة والبنية التحتية، لا لتتحوّل إلى رواتب شهرية لناس قرّروا الكذب باسم الإنسانية.
أين الأخلاق في أن تأخذ مالًا ليس من حقك؟
أين الضمير حين تملأ استمارات الهجرة بكلماتٍ زائفة وتدّعي أنك مطارد أو مهدد؟
أين الشرف حين تعمل “بالأسود” وترسل الأموال إلى بلدك وأنت في الأصل تعيش على مساعدات من أموال غيرك؟
هذه ليست شطارة، بل سرقة… سرقة مقنّعة باسم اللجوء.
كندا مثلًا، عندما أعلنت عن تمديد معالجة بعض طلبات اللجوء حتى تسعٍ وتسعين شهرًا، لم تفعل ذلك عبثًا. إنها رسالة واضحة: من يأتي كاذبًا سيقضي عمره ينتظر دون إقامة، دون استقرار، دون نتيجة. الحكومة الكندية فهمت اللعبة، وأصبحت تعرف كيف تفرّق بين اللاجئ الحقيقي والمتحايل.
والأدهى من ذلك، أن بعض هؤلاء الكاذبين يشوّهون صورة أوطانهم وجالياتهم في الخارج. صار يُنظر إلى جنسيات بأكملها على أنها كاذبة أو مستغلة، بسبب قلة لا تعرف معنى الشرف ولا تحترم اسم بلدها.
لهذا، أنا أطالب الحكومات العربية أن تتحمّل مسؤوليتها أيضًا.
من يثبت أنه كذب في طلب اللجوء يجب أن يُحاسَب في بلده، لأن من يكذب على دولة أجنبية يسيء إلى سمعة وطنه قبل أي شيء. لا يصح أن يهرب الكاذب من وطنه مرتين: مرة من القانون، ومرة من الضمير.
اللجوء ليس سلعة، وليس طريقًا مختصرًا للثراء أو الراحة.
اللجوء الحقيقي هو وجع، وخوف، وفقد، ودموع.
أما اللجوء الكاذب فهو حيلة شيطانية، تسرق من قوت العاملين، وتشوه صورة اللاجئين الصادقين الذين فرّوا فعلاً من الخطر.
في النهاية، على كل إنسان أن يسأل نفسه:
هل أريد أن أبني حياتي على الكذب؟
هل أستحق أن أعيش بمالٍ لم أتعب فيه؟
الجواب عند الضمير،
ومن ضاع ضميره، خسر وطنه حتى لو حمل ألف جنسية.
#هيثم_ضمره (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟