هيثم ضمره
الحوار المتمدن-العدد: 8447 - 2025 / 8 / 27 - 10:26
المحور:
الادب والفن
في رحلتي من أرمينيا إلى جورجيا، كنت أشاهد آثار الحرب في كل زاوية. دبابات مهجورة، وخراب صامت يتحدث أكثر من أي كلمات.
على قارعة الطريق، توقفت أمام عجوز تبيع ليمونة واحدة… لا يتجاوز ثمنها نصف دولار.
سألتها: “من أنتِ، ولماذا تبيعين هنا؟”
أجابت بهدوء وثقة: “زوجي غدا في الحرب، دفاعًا عن اتحادنا السوفييتي … وأنا أبيع لأعيش.”
واحدة فقط… ليمونة واحدة فقط. تقف على قارعة الطريق من أجلها، رغم أن قيمتها لا تتجاوز نصف دولار.
في مكان آخر، تبيع امرأة البيض والفطر، وكل ما يمكن أن يذكّر الناس بالعيش الطبيعي. لكن من جاء بها إلى الطريق؟ إنها الحرب. صواريخ بمليارات الدولارات تدمر كل شيء، تقتل العائلات، وتجبر العجائز الناجين على الوقوف مرة أخرى على نفس الطرقات، في مواجهة حياة صعبة وبسيطة في آن واحد.
لكن على الطرف الآخر من الحدود، في تبليسي الجميلة، الحياة لم تتوقف. الشباب يرقصون ويغنون في الشوارع، في المترو، وعلى قارعة الطريق نفسها. قلوبهم تصرخ بصوت خافت وعالٍ في الوقت نفسه:
“متى ستتوقف الحروب؟ خذوا الأرض… خذوا الحصاد… واتركوا لي قلمي.”
أودع هذه الرحلة وأنا أحمل بين يدي ذكريات متناقضة: الألم من الخراب، والأمل من الموسيقى والرقص. شعوب مزقتها الحروب لا تزال تغني، وتكتب، وتقاوم بصمت، بأدوات بسيطة… ليمونة، فطر، وابتسامة.
ومن أعالي الجبال، يعلو صوت يذكّرنا جميعًا:
كفى حروبًا… واسكبوا مزيدًا من الحب.
#هيثم_ضمره (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟