هيثم ضمره
الحوار المتمدن-العدد: 8446 - 2025 / 8 / 26 - 13:35
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
منذ آلاف السنين ارتبطت كلمة “العبودية” بالسلاسل والأغلال والأسواق التي يُباع فيها البشر كالسلع. لكن مع مرور الزمن تغيّرت الأشكال، وبقي الجوهر ذاته: إنسان يبيع عمره وجهده مقابل أن يحصل على الحد الأدنى من مقومات الحياة.
اليوم، في القرن الحادي والعشرين، لم تعد العبودية تُمارس عبر القيود الحديدية، بل عبر أنظمة عمل وحياة تُفرغ الإنسان من وقته وطاقته. الوظيفة، بمفهومها السائد، ليست سوى نسخة محدثة من العبودية.
أعمار تُستهلك بلا رحمة
متوسط عمر الإنسان في عالمنا المعاصر يقارب 60–70 سنة، لكن نصف هذا العمر يضيع داخل جدران المكاتب والمصانع والوظائف الروتينية. من الصباح حتى المساء، تتكرر الأيام بشكل آلي، ليكتشف المرء في نهاية حياته أن الجزء الأكبر من عمره لم يُعش لنفسه، بل استُهلك في خدمة متطلبات الحياة اليومية.
الحرية في البساطة
المفارقة أن ما يُسوّق لنا كـ”حرية” في العالم الحديث ليس سوى قيد جديد بشكل مختلف. الإنسان يلهث بين التزامات مادية وضغوط زمنية، فيفقد القدرة على التحكم بوقته. أما الحرية الحقيقية فقد نجدها في أنماط حياة بسيطة: فلاح يزرع أرضه، يربي دجاجًا وماشية، يعيش من إنتاج يديه، بلا مدير ولا نظام يضغط عليه.
في القرى الجبلية أو الأرياف، يمكن أن ترى نمط حياة مختلفًا تمامًا: بساطة، اكتفاء ذاتي، وقت للعائلة والطبيعة. هذه الحياة قد تبدو فقيرة ماديًا، لكنها غنية بالاستقلالية، وهو جوهر الحرية.
العبودية الجديدة: عقود وقروض
لم تعد القيود تُصنع من حديد، بل من أوراق رسمية: عقود عمل، قروض بنكية، التزامات شهرية، أنظمة استهلاكية. الإنسان يُحاصر من كل اتجاه حتى يظل يدور في دائرة لا تنتهي: يعمل ليدفع، ويدفع ليعمل.
الخلاصة
الوظيفة ليست شرًا مطلقًا، لكنها في صورتها الحالية تمثل قيدًا على حرية الإنسان.
الحرية الحقيقية لا تُقاس بكمية المال ولا بالألقاب الوظيفية، بل بقدرتك على أن تملك وقتك، وتعيش من إنتاجك، وتتحكم في مصيرك.
#هيثم_ضمره (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟