أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - هيثم ضمره - نحو بناء أكثر ذكاءً وخفة في العالم العربي














المزيد.....

نحو بناء أكثر ذكاءً وخفة في العالم العربي


هيثم ضمره

الحوار المتمدن-العدد: 8467 - 2025 / 9 / 16 - 21:21
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


بين الخرسانة والحجر، هل نفكر يوماً لماذا ندفع مبالغ طائلة مقابل منازل ثقيلة قد تكون أقل أماناً وأقل كفاءة؟ هذه التساؤلات أصبحت ضرورية في عصر نحتاج فيه للحلول الذكية والمستدامة، لا لبناء يستهلك المدخرات ويستهلك الموارد دون جدوى حقيقية.

في بلداننا العربية، بما فيها الأردن، يهيمن الطابع المعماري التقليدي على الخرسانة والحجر والبلوك، وتُعتبر الصبّات المسلحة رمزا للإنجاز. كثير من الأسر تحتفل عند اكتمال سقف المنزل، بينما تُنفق مبالغ هائلة قد تتجاوز 400 – 500 ألف دولار، يذهب قسم كبير منها على الصبّات والديكورات الخارجية دون تحسين الأداء الحراري أو الهيكلي للمنزل.

كنتُ في طفولتي أظنّ أنّ هذه هي الطريقة الوحيدة لبناء بيت صالح للسكن، لكن بعد هجرتي إلى منطقة القوقاز، وتحديداً أرمينيا، اكتشفت أن الأرمن يشيّدون بيوتهم من الحجر التقليدي الثقيل، حيث توضع حجارتان متقابلتان ويُملأ الفراغ بينهما بالإسمنت، وغالبًا بلا أعمدة خرسانية ظاهرة. أُعجبتُ بالفكرة وأدهشني أنها بلا أعمدة بعدما كنت أظن أن البيت بلا أعمدة لا يصلح.

لكن التاريخ أعاد تصوّري: ففي عام 1988 وقع زلزال سبيتاك (شمال أرمينيا، قرب غيومري) بقوة 6.8 درجات، وأسفر عن وفاة عشرات آلاف الأشخاص وإصابة وتشريد مئات الآلاف. حينها أدركت أن البناء الثقيل قد يكون خطراً على الأرواح، وأننا بحاجة إلى هياكل أخف وزناً وأكثر مرونة في مواجهة الكوارث الطبيعية.

رحلتي قادتني بعد ذلك إلى كندا، بلد البيوت الخشبية، حيث رأيت نموذجاً مختلفاً:
• جدران هيكلية خشبية معزولة بمواد حرارية وصوتية.
• أسقف هرمية مائلة تتعامل بكفاءة مع الأمطار والثلوج.
• سرعة التنفيذ وتكلفة أقل مقارنة بالبناء الحجري أو الخرساني.
• سهولة الصيانة والتعديل أو التوسعة.

نقلت هذه الفكرة – مع تعديلات مناسبة – إلى أرمينيا وبنيت بيتاً في مزرعتي بأقل التكاليف الممكنة وبأفضل مواصفات العزل، مستخدماً مواد محلية متوفرة.

البناء الذكي والهجين: ليست كل المواد خشبية

الفكرة ليست أن يكون البيت خشبياً بالكامل، بل أن يكون هيكله خفيفاً ويجمع بين عدة مواد:
• الجدران: يمكن أن تكون من البلوك أو الطوب مع طبقات عازلة، أو مواد حديثة خفيفة توفر العزل الحراري والصوتي.
• الأسقف: خشبية، معدنية، أو مزيج منهما، مع أسطح متخصصة مقاومة للمطر والثلوج والحرارة.
• مواد السقف الحديثة: القرميد التقليدي، القرميد المرن المصنوع من البازلت أو البلاستيك المقوى، الصفيح المعالج بشكل يشبه القرميد، وأشكال حديثة خفيفة وقوية.

كل هذه المواد متوفرة اليوم في الأسواق الروسية والقوقازية، وبعضها يمكن تطويره محلياً، بينما ما زالت بعض الدول العربية تعتمد على مواد بدائية أو تستوردها بشكل محدود.

لماذا نحتاج لتغيير ثقافة البناء؟
1. أمان أكبر: الهياكل الخفيفة أكثر مرونة ومقاومة للزلازل.
2. عزل ممتاز: حماية من الحرارة، البرد، المطر والصوت.
3. تكلفة أقل: توفير المال على المدى الطويل مقارنة بالبناء التقليدي.
4. تنفيذ أسرع وتعديل أسهل: يمكن توسعة البيت أو تعديل هيكله بسهولة.
5. استدامة: استخدام مواد عازلة حديثة يقلل استهلاك الطاقة ويخفف أثر البناء على البيئة.

ليس المطلوب تقليد الغرب حرفياً، بل اعتماد تقنيات هجينة وذكية تناسب بيئتنا العربية، من الأردن إلى أرمينيا وكندا، مع الاستفادة من المواد الحديثة والمتوفرة محلياً. البناء الذكي لا يعني فقط خشباً أو حديداً، بل دمج كل ما يوفر أماناً، عزلًا، ومرونة، بتكلفة أقل ووقت تنفيذ أسرع.

ولكي يتحقق هذا التحول على نطاق واسع، تحتاج الحكومات العربية إلى:
• تشجيع البحث والتطوير في مواد البناء المحلية الحديثة.
• تحديث قوانين البناء لتسمح باستخدام الهياكل الخفيفة والمواد البديلة.
• حملات توعية للمواطنين حول مزايا البناء الذكي من حيث الأمان والكلفة والاستدامة.

بهذه السياسات، يمكن أن نعيد تعريف “البيت العربي” ليصبح آمناً، عملياً، ومستداماً، دون أن يثقل كاهل المواطن بتكاليف باهظة أو أساليب تقليدية قد لا تكون مناسبة لعصرنا.



#هيثم_ضمره (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيرينا زاروتسكا… ملاك هرب من دخان الحرب ليموت في صمت القطار
- من «مبارزات الهواتف» في كندا إلى مأزق القانون الدولي
- الشركات العابرة للقارات… عندما تصبح أقوى من الحكومات: درس من ...
- بدأتُ أمطُر
- لغة المياو وصمت الأرنب
- من كندا إلى أرمينيا: بين حياة الاستهلاك وبناء الذات
- رحلة على العشب الكندي
- هل نصحو متأخرين؟
- كلاب لا تنبح وبشر بلا روح
- حبّوا معلميكم قبل أن يرحلوا
- على قارعة الطريق: بين الحرب والحياة
- تقرير: اللغة الروسية… فرصة جديدة أمام الشباب الأردني
- الوظيفة: عبودية العصر الحديث
- إغلاق السفارات… التضامن الصحيح يبدأ من فتح الأبواب
- يوم جولف… ويوم منسف
- الحياة الزوجية… القصة التي لا تُروى عن الرجال
- على الحدود الجورجية – الأرمينية
- الدبابة التي أنبتت قمحًا
- الأتمتة والعمال: الولايات المتحدة ترعى الاتجار الاقتصادي بال ...
- من الفطر إلى الفضلات: مفارقة المدن


المزيد.....




- مبابي يتسلم جائزة -الحذاء الذهبي- لأفضل هداف في أوروبا
- مبابي يتسلم الحذاء الذهبي وسط ثناء بيريز وتشابي ألونسو
- المصارف النيجيرية تكرس هيمنتها على المشهد المالي الأفريقي.. ...
- مبابي يتسلم الحذاء الذهبي لأفضل هدافي الدوريات الأوروبية لأو ...
- أسعار النفط ترتفع بعد تقارير عن خطط أميركية لتنفيذ ضربات عسك ...
- هدنة حذرة تكشف ميزان قوة جديدا بين الصين وأميركا
- فيفيان عليص لاعبة -المواي تاي- الفلسطينية المتوجة بالذهب تتح ...
- مصر ودورها المحوري في إعادة إعمار غزة: فرص اقتصادية واستقرار ...
- رويترز: شركات سعودية تخطط لاستثمارات بالمليارات في سوريا
- نوكيا تعيد اختراع نفسها بخوارزميات إنفيديا.. هل تنجح؟


المزيد.....

- الاقتصاد السوري: من احتكار الدولة إلى احتكار النخب تحولات هي ... / سالان مصطفى
- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - هيثم ضمره - نحو بناء أكثر ذكاءً وخفة في العالم العربي