هيثم ضمره
الحوار المتمدن-العدد: 8459 - 2025 / 9 / 8 - 09:17
المحور:
الادب والفن
تتوالى الفصول كما تتوالى الأعمار. المطر يبدأ قطرةً، ثم سبعًا، ثم إحدى عشرة، حتى ينهمر غزيرًا لا يُحصى، معلنًا انتهاء فصلٍ وبداية آخر. والأشجار بدورها تمطر أوراقًا صفراء، ورقةً بعد ورقة، كأنها تتخفف من ذاكرة الصيف وتتهيأ لرياح الشتاء.
وأنا أيضًا، منذ سنوات بدأتُ أمطُر؛ قطرةً على لحيتي، ثم ثلاثًا، ثم إحدى عشرة، حتى غزاها الشيب. فلا تتعجبي يا حبيبتي من بياضها؛ فهذه هي الحياة: انطفاء فصلٍ واستقبال آخر.
الشباب ولى بلا رجعة، وأعدّ خططي للتقاعد. العمر قصير، يمرّ كلمح البصر؛ أفراحه وأحزانه تمر كما تمرّ طائرات السوخوي فوق منزلي في أوكرانيا، صورًا عالقة في الذاكرة، بعضها جميل وبعضها قبيح.
أحاول اجترار الماضي والعودة إلى الأمكنة ذاتها، لكن بلا بهجة ولا شعور؛ كأنك تعودين إلى صالة عرسكِ بعد سنوات، وقد فرغت من الضيوف والموسيقى، الطاولات مهجورة والأضواء مطفأة بلا إيقاع.
ومع ذلك، في أقصى البرد تتكوّر بذور الربيع، وفي أعمق الشيب يظلّ القلب طفلًا يضحك. فالحياة يا حبيبتي لا تنتهي، بل تتجدّد.
#هيثم_ضمره (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟