هيثم ضمره
الحوار المتمدن-العدد: 8448 - 2025 / 8 / 28 - 12:43
المحور:
سيرة ذاتية
في بداية سنواتي الجامعية في جامعة فيلادلفيا، كنت شابًا في العشرين من عمري، أجلس على مقاعد الدراسة مرتبكًا أمام هيبة الأساتذة وضخامة القاعة. هناك درست عند الدكتورة فدوى نصيرات، التي كانت تُدرّس التربية الوطنية والحضارة الإنسانية. كان صوتها كالعصفور المغرّد، يحمل جمالًا وهيبةً في آنٍ واحد، حتى أن أقوى الطلاب وأضخمهم كانوا يصمتون لحظة دخولها القاعة.
في إحدى المحاضرات طلبت منا كتابة موضوع عن “الجاهة”. وكعادتي، كتبت المقال بروح ساخرة أحببتها منذ مراهقتي، حيث كنت – وأنا في عمر 18 – أرسل مقالات لصحيفة الغد وتُنشر لي أحيانًا. سلّمت المقال ولم أتوقع شيئًا يُذكر.
بعد أيام، دخلت الدكتورة القاعة وقالت بصوتها المهيب:
“وين هيثم ضمره؟”
تجمدت في مكاني، وظننت أنني ارتكبت خطأ كبيرًا. بعد المحاضرة استدعتني إلى مكتبها. جلست أمامها مترددًا، فسألتني:
“من كتب هذا المقال؟”
أجبتها: “أنا.”
ابتسمت وقالت:
“مقال رائع جدًا… لم أتوقع أن يكون بين طلابي من يكتب بهذه الطريقة.”
لم تكتفِ بالإعجاب، بل عرّفتني على أحد الأساتذة المهتمين بالكتابة لتشجعني أكثر، وقالت لي جملة بقيت عالقة في ذهني:
“عندك موهبة… لازم تستغلها.”
اليوم، بعد مرور السنوات، ما زلت أذكر الدكتورة فدوى نصيرات بكل وفاء، وأقول: رحمها الله رحمة واسعة، ورحم كل معلم ترك أثرًا في نفوس طلابه.
رسالتي لكل طالب:
قد لا تدرك اليوم قيمة معلمك، لكن سيأتي يوم تكتشف فيه أن المعلم ليس مجرد شخص يشرح مادة، بل أب وأم، وذاكرة، وصوت لا يُنسى.
حبّوا معلميكم… قبل أن يرحلوا، أو قبل أن ترحلوا أنتم عن مقاعدهم.
#هيثم_ضمره (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟