هيثم ضمره
الحوار المتمدن-العدد: 8495 - 2025 / 10 / 14 - 07:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تشارك أرمينيا اليوم في قمة شرم الشيخ للسلام، في خطوة تعبّر عن نهجٍ ثابت لشعبٍ عرف معنى الألم والنضال. فالموقف الأرمني الداعم للقضايا العادلة ليس جديدًا، بل متأصّل في تاريخ هذا الشعب الذي وقف مرارًا إلى جانب الحق العربي، وقاتل كثيرٌ من أبنائه في صفوف الجيش العربي والمقاومة الفلسطينية.
الأرمن جزءٌ أصيل من نسيج أوطاننا العربية؛ كثيرٌ منهم ناطقون بالعربية، مندمجون في مجتمعاتها، دون أن يتخلّوا عن لغتهم الأم وثقافتهم العريقة. وعلى مدى أكثر من مئة عامٍ من التعايش بين العرب والأرمن، لم تشهد مجتمعاتنا أي صراعٍ يُذكر، بل كانت العلاقة دائمًا قائمة على الاحترام المتبادل والمصير المشترك.
إن موقف أرمينيا من فلسطين يعكس هذا العمق الإنساني؛ فهي من أوائل الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية، وتفتح أبوابها للعرب دون عنصرية أو تمييز، رغم محدودية إمكاناتها الاقتصادية. وقد لمستُ ذلك بنفسي خلال إقامتي في أرمينيا، إبّان الثورة المخملية التي أنهت إرث الاتحاد السوفييتي وأعادت للشعب صوته وكرامته.
ومن الإنصاف أن نستذكر أن الأرمن، خلال الحقبة السوفييتية، قدّموا أكثر من 300 ألف شهيد دفاعًا عن الاتحاد السوفييتي ضد النازية، وهو ما يعادل في الموروث العربي معنى الشهادة دفاعًا عن الأرض والعرض. كما لا يمكن أن ننسى الإبادة الأرمنية عام 1915، التي راح ضحيتها أكثر من مليون ونصف إنسان، جلّهم من الأطفال والنساء، في واحدة من أبشع جرائم التطهير العرقي في التاريخ الحديث.
لهذا يمكن القول إن القضية الأرمنية تشبه القضية الفلسطينية في جوهرها الإنساني والتاريخي؛ فكلا الشعبين ذاقا مرارة التهجير والاقتلاع، وتمسّكا بهويتهما وثقافتهما رغم الغربة والشتات.
اليوم يعيش نحو 8 ملايين أرمني خارج أرمينيا، مقابل 3 ملايين داخلها، تمامًا كما هو حال الفلسطينيين في الشتات، إلا أن الأرمن نجحوا في الحفاظ على دولتهم رغم خسارتهم لمساحات واسعة من أراضيهم عبر العصور.
إنها تجربة متكاملة من الصبر، والهوية، والكرامة… لذلك نقول:
الأرمن هم فلسطينيّو القوقاز، والقضية الأرمنية هي واحدة من أعظم القضايا الإنسانية التي تشبه في وجعها وعدالتها القضية الفلسطينية.
#هيثم_ضمره (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟