هيثم ضمره
الحوار المتمدن-العدد: 8492 - 2025 / 10 / 11 - 08:38
المحور:
المجتمع المدني
ما أعلنه وزير الداخلية حول تنظيم دور العزاء وجاهات الأفراح ليس مجرد قرار إداري، بل هو تحوّل ثقافي واجتماعي طال انتظاره.
فقد تحولت الجاهات – التي كانت في الماضي تمثل قيمة ومعنى – إلى طقوس شكلية فارغة.
في السابق، كانت الجاهة تُرسل عن العريس مجموعة من الوجهاء وأصحاب المكانة الاجتماعية ليعرّفوا بالعريس ويكفلوا اسمه وأخلاقه أمام أهل العروس.
أما اليوم، فغالبًا ما أصبحت الجاهة مناسبة لتناول الكنافة والتصفيق، بعد أن يكون الطرفان قد اتفقا مسبقًا على كل التفاصيل!
من هنا، فإن مثل هذه المبادرات الحكومية تكسر حاجز الخجل الاجتماعي لدى كثير من العائلات الأردنية، وتمنحها المبرر لتبني سلوك أكثر بساطة واتزانًا، تحت مظلة “مبادرة الدولة”.
لكن الإصلاح الاجتماعي لا يتوقف عند حدود الأعراس والعزاء، بل يجب أن يمتد ليشمل النمط الاستهلاكي الذي بات يرهق العائلات والمجتمع.
علينا أن نعيد النظر في طريقة عيشنا، وأن نعود إلى الأرض، نزرع ما نستطيع من احتياجات بيوتنا، ونربي الدواجن والحلال، ونقلل الاعتماد على المستورد.
لن تتضرر الدائرة الاقتصادية من ذلك، بل العكس هو الصحيح. حين يتحول المواطن من مستهلك إلى منتج، يصبح الفائض مخصصًا للتصدير، فتدخل العملة الصعبة إلى البلاد.
لدينا في الأردن أفضل أنواع الأغنام في العالم – الخاروف النعيمي، ولدينا منتجات فاخرة مشتقة منه مثل الجميد والسمن البلدي والأجبان.
تخيل لو أن كل بيت أردني يملك ثلاث أو أربع رؤوس من الحلال، ويصنع جميده أو سمنه بنفسه…
حينها ستتحول المنتجات التجارية الكبرى إلى صادرات وطنية بدلًا من استهلاكها المحلي.
وفي السياق نفسه، أتمنى من معالي وزير الداخلية النظر في أسعار تذاكر السفر إلى الأردن، لتشجيع السياحة وجذب الزوار.
لقد التقيت مرة بمسؤول في دولة سياحية قال بفخر:
“كل كيلوغرام من الوزن المجاني الذي نعطيه للسائح، يعود إلينا كيلو من منتجاتنا الوطنية التي يشتريها.”
هكذا تُفكّر الدول التي تسعى لاحتفاظها بعملتها الصعبة.
لدينا في الأردن أفضل معمول، وأجود الجميد، وأشهى السمن، وأذكى الحلويات، نستطيع – إذا أحسنا التسويق والإدارة – أن نحولها إلى أوراق خضراء ترفد اقتصادنا بالدولار واليورو.
ما نحتاجه فقط هو وعي جماعي جديد، ومبادرات شجاعة، تعيدنا إلى الجذور وتدفعنا نحو الإنتاج لا الاستهلاك.
#هيثم_ضمره (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟