أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - الغيرة الشريفة... فلسفة النقاء في زمن الابتذال














المزيد.....

الغيرة الشريفة... فلسفة النقاء في زمن الابتذال


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8496 - 2025 / 10 / 15 - 20:35
المحور: قضايا ثقافية
    


في زمنٍ تكدّست فيه الرغبات على أعتاب الشاشات، وتكاثرت فيه الوجوه المزيّفة خلف بريق العدسات، تبهتُ المعاني الأصيلة التي كانت تميّز الإنسان، وتُخلّد فيه القيم التي وُلد عليها. لم تعد الغيرة الشريفة مفهوماً نبيلاً يعبّر عن الوفاء والكرامة، بل تحوّلت في أذهان البعض إلى سجنٍ من الظنون، أو مظهرٍ من مظاهر التسلّط والجهل. أما الحقيقة، فهي أبعد ما تكون عن هذه التصوّرات المبتذلة.الغيرة التي أتحدث عنها ليست تلك التي تقتات من الشك وتُروّج للريبة، بل هي غيرة الوجدان على نقاء الصورة الإنسانية، على قدسية المرأة كرمزٍ للحياة والطهر، وكائنٍ لا يُقاس بجمالٍ مرئيّ أو مظهرٍ خارجيّ، بل بما تفيض به روحها من صدقٍ وصفاء. تلك الغيرة هي جوهر الشرف، وهي الامتداد الطبيعي لضميرٍ نقيّ لا يُساوم على القيم، ولا يلهث خلف الرغبات العابرة التي تسقط الرجال قبل أن تفتك بالنساء.لقد ابتُذلت المرأة في هذا العصر حتى كادت تُختصر في لون شفتيها أو زاوية صورتها، وابتُذلت الرجولة حين صار بعضهم يطارد الأنوثة كما يُطارد الظلّ، لا حبّاً في الجمال، بل رغبةً في الغلبة. أما الشرف، فليس شعاراً يُرفع عند الحاجة، ولا هو قيدٌ يُكبّل حرية المرأة، بل هو وعيٌ متكاملٌ بالإنسان كقيمةٍ متبادلة، ومسؤولية أخلاقية تفرضها الفطرة قبل القانون.الشرف ليس امتلاكاً، بل احترام. والغيرة ليست اتهاماً، بل حرصٌ على نقاء العلاقة بين الرجل والمرأة من دنس الاستعراض والتسليع. فالمرأة التي نجلّها هي الأم التي علمتنا معنى الكرامة، وهي الأخت التي تزرع فينا الوفاء، وهي الحبيبة التي تمنح للحياة طهراً لا يشوبه الزيف. ومن يكتب عن الجمال لا يحق له أن يبتذله، ومن يتغنّى بالأنوثة لا يليق به أن يطاردها.الغيرة الحقيقية لا تُهين، بل ترفع. إنها نوعٌ من الصلاة الصامتة التي يؤديها النبلاء في محراب الكرامة. هي أن تغار على المبدأ لا على الجسد، على السموّ لا على الصورة. الغيرة التي تحفظ حدود الطهارة في زمنٍ تمردت فيه الصور على المعاني.ومن المؤسف أن تتحول الكتابة عن الحب والجمال إلى وسيلةٍ للابتذال، بدل أن تكون ميداناً للسموّ والتعبير عن أرقى المشاعر. أما الكاتب النزيه فهو الذي يدرك أن قلمه مسؤول، وأن الجمال لا يُعبَّر عنه بالتهتك، بل بالاحترام. فالكلمة إن لم تصن الكرامة صارت خنجراً في خاصرة المعنى.إن الغيرة الشريفة لا تعني الانغلاق ولا الانعزال عن الحياة، بل هي أن يعيش المرء في قلب العالم دون أن يتسخ بروائحه، أن يكتب عن الحب دون أن يسقط في وحله، وأن يرى الجمال دون أن يستعبده. فكل رداءٍ جميلٌ إن لم يدنس المرء عرضه، كما قال الشاعر الحكيم، وكل قلبٍ نقيٍّ هو وطنٌ للشرف وإن عاش تحت خطوط الفقر والخذلان.هكذا تكون الغيرة فضيلةً لا تُستعار، والشرف ضوءاً لا يُطفأ، والإنسان – مهما انكسر – يظل كبيراً بمواقفه، نبيلاً بصمته، وشريفاً بقدر ما يحفظ لغيره قدسيته قبل أن يحمي نفسه من الزلل.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشرق الأوسط بين إعادة التوازن وتفكيك النفوذ الإيراني
- في ذكرى المجزرة..مدرسة بلاط الشهداء وجريمة إيران
- العراق.. حلم اللقاء المتحقق في مرايا النفط والسياسة
- عطرُ حضوركِ
- ريما… الجنون الذي أحببتُه بلا حدود
- اعذريني يا بنت الحرير-
- سامي آغا شامي الجيزاني.. ابن البصرة الذي كتب المنافي على جدا ...
- العراق.. جمهورية الجسور المكسورة
- حين بدأ الحب يتفتّت بصمت
- لماذا نجعل دائمًا من هزائمنا انتصارًا؟
- -الخنجر المتكرر… سردية الغدر عبر العصور-
- غزة: أنين الروح المحاصرة
- أنتخبهم… حتى يُباع الوطن في سوق الوهم
- البستان الذي ينام في الخراب
- ريما...
- حين يتكلّم الركام ويصمت العالم
- عندما تعزف طبول الحرب لحن الفلسفة
- إياد الطائي.. حين يترجّل المسرح عن صهوته
- -الأحلام التي لم تعشها البيوت المهجورة-
- أساطيل الحديد وأشباح البحر


المزيد.....




- نتنياهو يعلق على وصف ترامب له بأنه -ليس أسهل شخص يمكن التعام ...
- المغرب بلد أفريقي؟
- احتجاجات جيل زد 212 في المغرب: السجن بين 3 و15 عاما لـ17 شخص ...
- غزة:ما الذي يهدد اتفاق وقف الحرب؟
- إدريس اليزمي : حركة جيل زد 212 حريصة على التحرك السلمي وستسا ...
- حميميم وطرطوس.. البصمة العسكرية الروسية في سوريا
- الشرع في الكرملين: زيارة تاريخية تعيد رسم خريطة العلاقات الس ...
- غزة بعد الاتفاق مباشر.. القسام تسلم جثتي أسيرين وترامب يهدد ...
- لو ديبلومات: صراع نفوذ دولي على الصومال يقوض الرهان على استق ...
- -كتائب القسام- تصدر بيانا لتوضيح سبب عدم تسليم جميع رفات الر ...


المزيد.....

- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - الغيرة الشريفة... فلسفة النقاء في زمن الابتذال